[email protected] جاءت ثورة الإنقاذ في العام 1989م ومن المؤكد أن أي انقلاب عسكري يستهدف السلطة تكون له أسباب قوية تدفعه لذلك في تلك الفترة كانت الأوضاع السياسية والاقتصادية متردية في البلاد تسير من سئ إلى سوء لم تسفر الانتخابات التي جرت في العام 6891م عن فوز أي من الأحزاب الكبيرة بأغلبية تمكنها من تشكيل حكومة بمفردها لذلك كان الإئتلاف الذي جمع بين متناقضات تلك الأحزاب في حكومة واحدة كان كل حزب يسعى لتحقيق أجندته الخاصة به على حساب الأحزاب المؤتلفة معه. أدت كثرة المناورات الحزبية إلى اضعاف التجربة الديقراطية وكان هناك بطء في اتخاذ القرارات السياسية وقد تأخر تشكيل الحكومة بسبب «الوزارات» في حقائب مجلس الوزراء، ومن هنا كان الطريق ممهداً أمام الإنقاذ لإستلام السلطة. أشار البيان الاول للانقاذ إلى جملة مبررات رئيسية دفعت بهم إلى التحرك في 30 يونيو 1989م مثل الأوضاع التي تعيشها القوات المسلحة «فقد فشلت حكومات الأحزاب السياسية في تجهيز القوات المسلحة لمواجهة التمرد كما فشلت ايضاً في تحقيق السلام» كما جاء في البيان.. ولكن وبعد حوالي ربع قرن من الزمان فان التمرد لا يزال موجوداً في جنوب كردفان ، النيل الأزرق، دارفور. اما الجنوب فقد انفصل بموجب اتفاق نيفاشا دون تحقيق السلام ايضاً. تطرق البيان ايضاً إلى تدهور الوضع الاقتصادي ازدياد حدة التضحم، ارتفاع الأسعار «استحالة حصول المواطنين على ضروياتهم، أما لإنعدامها أو لإرتفاع أسعارها مما جعل كثير من أبناء الوطن يعيشون على حافة المجاعة، ولا تعيق لنا فالوضع الاقتصادي الذي أدى إلى تحرك الانقاذ قل حوالي ربع قرن من السنوات لا يزال كما هو بل انه يزداد سوءاً كل يوم. ويضيف البيان الأول للانقاذ «أدى التدهور الاقتصادي إلى خراب المؤسسات العامة وإنهيار الخدمات الصحية والتعليمية وتعطيل الإنتاج» وهذا ما هو موجود الآن. يضيف البيان «عم الفساد كل مرافق الدولة مع استشراء الفساد والتهريب والسوق الاسود وثراء الطبقات الاجتماعية من الطفيليين». كما أشار البيان ايضاً إلى «التشريد تحت مظلة الصالح العام مما أدى إلى انهيار الخدمة المدنية» وكأنما الانقاذ هنا تتبنى نفس سياسات الأحزاب ومن المؤكد أن ما أشار إليه البيان الأول للانقاذ من أمراض اقتصادية مزمنة تنتهك البلاد لا زالت موجودة وبصورة أكبر، هل استطاعت الحكومة معالجة تلك المشاكل أم أن الأمر هو مجرد أحلام لا تتحقق في الواقع؟ يشير البيان ايضاً إلى «أصبح الولاء الحزبي والمحسوبية والفساد سبباً في تقدم الفاشلين في قيادة الخدمة المدنية وافساد العمل الإداري وضياع هيبة الحكم وسلطات الدولة ومصالح القطاع العام» كما أشار إلى أن السودان «أصبح في عزلة تامة». كل تلك الأسباب أدت إلى تحرك العميد الركن عمر حسن أحمد البشير آنذاك لانقاذ البلاد كما يقول وليس طمعاً في السلطة. إذا كانت الانقاذ وبعد 23 عاماً لم تستطع تحقيق أهدافها التي أعلنتها.. ألا يدعو ذلك للدهشة ومراجعة النفس لإجراءات إصلاحية جذرية لتحقيق تلك الأهداف أم أن الأمر برمته بتطبق عليه المثل الشهير اللي «خارج البر عوام».