مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    ماذا بعد انتخاب رئيس تشاد؟    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    500 عربة قتالية بجنودها علي مشارف الفاشر لدحر عصابات التمرد.. أكثر من 100 من المكونات القبلية والعشائرية تواثقت    مبعوث أمريكا إلى السودان: سنستخدم العقوبات بنظام " أسلوب في صندوق كبير"    قيادي بالمؤتمر الشعبي يعلّق على"اتّفاق جوبا" ويحذّر    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطاط تاج السر حسن
أحد مؤسسي الحركة التشكيليّة في الإمارات التجديد والابتكار والإضافة مسؤولية فنية، وعبرها تتجدد حيوية التشكيل بالخط العربي رؤيتي الفنية..محورها الابتكار وإضفاء حالة معاصرة من التجديد البصري للتكوين بالخط واللون حوار/محمد غبريس
نشر في الوطن يوم 29 - 11 - 2012

قليلون هم الذين تصدروا الأسماء في مجال الخط العربي، متكئين على معرفة وإتقان عاليين، وملمين بتاريخ هذا الفن الرفيع وأدواته وأنواعه وأساليبه، وتاج السر هو من الذين حملوا على عاتقهم أمانة الخط وخاضوا معه تجربة بحثية طويلة، وسعوا إلى تطويره بما يتلاءم مع الحياة العصرية كما حصل في الهندسة والعمارة والموسيقى وغيرها..
فيما يكمن سرّ تجربة تاج الإبداعية، كما أشار الدكتور إياد الحسيني،عميد الكلية العلمية للتصميم بمسقط، حسب ما جاء في الكتيب الخاص بمعرض «جوهر الكلام» الذي نظمته ندوة الثقافة والعلوم بدبي مؤخرا، أنه يعد صياغة أعماله الفنية بصورة مستمرة، بما يتناسب مع الذاكرة البصرية الحديثة، موضحا أنه بذلك يريد أن يؤكد حياة الخط العربي المستمرة وروحه المتدفقة بقوة توالداتها التي لا تنتهي.
نقرأ في سيرة تاج السر حسن أنه ولد في مروي بالسودان عام 1954، وتخرّج في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في الخرطوم عام 1977، ثم نال ماجستير الكلية المركزية للفنون والتصميم في لندن بالمملكة المتحدة عام1983، فيما عمل بعد ذلك خطاطاً ورساما ومصمماً ومخرجا فنيا مع العديد من المؤسسات الإعلامية والأكاديمية من بينها وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو أحد مؤسسي لجماعة الخط في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية بالشارقة مع بداية عام 1989م، وعضو مؤسس، وعضو هيئة تحرير مجلة «حروف عربية» دبي. وقد فاز حديثا بالمركز الثاني/قسم الخط العربي في جائزة البردة بدورتها الثامنة التي تنظمه وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في الدولة، وهي الجائزة الخامسة عشر له في مسيرة حافلة بالعطاء والنجاح والابتكارات والتجديد في الخطوط العربية.
أولا نريد أن تحدثنا عن علاقتك بقلم الخط «القصب الخشبي» الذي ظل ملازما لك منذ كان عمرك خمس سنوات، مع تسليط الضوء على بعض النواحي من تجربتك الفنية من حيث الانطلاقة والاحتراف والتأثيرات؟
كل أثر مكتوب أو مرسوم هو نتاج الأداة التي تحركها اليد، وتنوع أشكال الخط وتعدده في الأساليب والأنماط هو أبلغ مثال على تأثير القلم (أداة الكتاب) في ناتج الخط، حتى إن الكتابات والخطوط قديما عرفت بأسماء الأقلام مثل قلم الثلث، وقلم الطومار، وقلم الرياسي..وهكذا. لقد كنت محظوظا إذ جاءت بدايات تعلمي الكتابة وأنا في عمر الخامسة بقلم الخط (القصب)، الذي كان ولا يزال أداة الكتابة الرئيسة على اللوح الخشبي في التعليم التقليدي الذي يسبق تعليم المدارس النظامية في السودان والذي يعرف ب (تعليم الخلاوي). هذا القلم الخشبي هو شبيه قلم الخطاط العربي إلى يومنا هذا، وعندما أشرت إلى معرفتي الباكرة بجمال الخط بهذا القلم، كنت أدلل على انطباع صورة الخط عندي حتى في تحولاتها اللاحقة باستخدام أقلام وأدوات ومواد الخطاط أو الفنان المحترف.
الخط والرسم كلاهما ممارسة يدوية ينطلق فيهما تفعيل الذاكرة البصرية واستحضارها في حال التشكيل الأيقوني والزخرفي والكتابي، وتضاعيف هذا التشكيل أو تكثيفه في متكوّن الصورة. ومثل كل الخطاطين السودانيين، درست الرسم والفنون الجميلة كتدريب أساسي عند التحاقي بكلية الفنون الجميلة في الخرطوم عام 1973. وهذه الدراسة الشاملة، المختلفة عن نظيراتها في نشأة الخطاط العربي، هي التي طبعتني تشكيلياً وخطاطاً. فبينما يتم التركيز في دراسة الخط العربي على الإتباع والتقليد، تنفتح دراسة الفنون الجميلة على التجديد والابتكار والإبداع، وقد كان من حسن الصدف أن تعرفت باكرا على غايات الفنون الإبداعية مع الإلمام بمحركات التشكيل وإجادة الصنعة.
ما الطريقة التي تعتمد عليها في الكتابة خصوصا أن تجربتك الجمالية لا تتوقف عن حدود الصنعة، وإنما تتكئ على التجديد والابتكار والحرية؟
يمثل الخط عندي نوعا خاصا من الرسم، ولهذا أنا أستمتع وأحتفي بحرية وتلقائية وسلاسة الأثر عند استخدامي أدوات ومواد الخط والرسم والتلوين، وأستعين على ذلك بمحاورة خزين ضخم من الصور والتكوينات الخطية التراثية التاريخية، وبإدراك دائم وواعٍ بأن هذا الخزين المتعدد ما كان له أن يتكوّن ويظل معينَ إلهام لو أن سَلَفاً من الخطاطين الفنانين قد توقفوا عند الانبهار به أو تكراره. وعليه ندرك أن التجديد والابتكار والإضافة مسؤولية فنية، وعبرها تتجدد حيوية التشكيل بالخط العربي.
إجادة الخط بأساليبه التقليدية المتعددة والإبتكارية، شبيهٌ إلى حدّ ما بإجادة العزف على آلات موسيقية عديدة، وهنا - في تقديري - مكمن الحيوية النغمية والخطية واللونية.
لا أتوقف عند طريقة واحدة، وإنما أسعى للتجريب الدائم بملاحظة تفاعل التأثيرات المختلفة للأدوات مع المواد اللونية الفنية والخامات التي هي السطوح الورقية والقماشية وغيرها. هذا من الجانب التطبيقي المادي التقني. أما على صعيد المضمون الفني، فقد تشكلت تجربتي الفنية عبر القراءة التأملية للنصوص الدينية والأدبية الرائعة، في مسعى خاص للاحتفاء بها في هيئة صورة خطية تشكيلية وكنوع من التناص التأويلي البصري.
المتابع لتجربتك الفنية الغنية يجد أن أعمالك تتجدد باستمرار في هيئاتها التكوينية الخطية وفي المعالجات اللونية. كيف تفسر ذلك؟ وما الرؤية الفنية التي تحكم أعمالك؟
تتجدد الهيئات التكوينية في أعمالي، إذ إن كل عمل هو احتفاء بنص معين وحالة تأملية خاصة، لا تتكرر بالنظر لتعدد النصوص واختلاف مضامينها الإنسانية.أما رؤيتي الفنية فمحورها الابتكار والإضافة، وإضفاء حالة معاصرة من التجديد البصري للتكوين بالخط واللون. وأستطيع القول بأنني، وعبر الاشتغال المستمر بالمواد والخامات الفنية المتعددة، توصّلت إلى أسلوبية خاصة تميز أعمالي، وإلى ملاحظات خاصة في مزاوجة الطاقة الحركية لقلم الخط مع متغيّر تأثيرات الطبقات اللونية التي تحدثها (الفرشاة) على السطوح المختلفة.
هل توضح لنا أهمية اختيار النصوص التي تنوي رسمها، خصوصا أن أعمالك تتلألأ بالمعاني القرآنية والشعر واللغة والحكمة الإنسانية؟ وكيف تقرأ تأثير الألوان في ذلك؟
ورثت، مثل غيري من الخطاطين، الانشغال بجرافيكية التشكيل الخطي للنصوص المختارة، والتي تكون في غالبها نصوصاً عميقة في أنسنتها، جميلة في معانيها. واشتغالي الاحترافي بفنون الجرافيك والكتاب على وجه الخصوص لأكثر من ثلاثة عقود، طبع محبتي لهذا البديع من النصوص، ولذلك فأنا موزّعٌ بين حب القراءة والممارسة التشكيلية.أما بالنسبة لاختياراتي اللونية، فهي اختيارات تتحرك وتتشكّل ما بين الذاتي والموضوعي، فحين يكون (الصوت) الخارج من لغة النص يمثل الزمان عندي فقد يستدعي حالة لونية محددة، تكون المادة الخطية واللونية رهينة بالمكان وشروطه ومصادفاته وتجلياته.
--
(سيرة الموتى ، أحاديث القبور ) فى قصص الكاتبة هند مالك عبدالله
كوة الضوء فى ممرات الهطول السرى للروح
خروج الروح ، هل هو ذلك الذى نعنيه حين نصف الموت ؟ ..فى النثارات التى نقوم بتشظيتها وتفتيتها من داخل نصوص قصص الكاتبة هند مالك عبدالله (خريجة كلية العلوم – فيزياء بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا ) ، ينتصب هذا السؤال صريحا من غير مواربة ، صورة تتناسل منها عشرات الصور تدين بوجودها لصورة واحدة هناك فى عمق الذاكرة راسخة نوعا ما ، ومتأصلة بلاخوف أو تردد من تقبلها (كقدر لامفر منه ) ، فى قصصها يمشى الموت ويتكلم ، ويتفرد القاموس (القبر ، الدفن ، خروج الروح ، كوة الضوء ، الكفن ) ، ليكون اللافت للنظر وبشكل مادى ودنيوى كثيف (أنها تعنى الموت : الرحيل والذهاب حيث يلقى المرء حتفه وكذلك حين عودته من هناك حيا ) ، ولاتستبق القراءة النص :
ممرات الهطول السرى :
(في ممرات هطولها السري الدائم ..اتخذ الحنين كوة مسرباً للضوء..تخرج منها الروح كل ليلة .. لتلتقي روحه والحنين سيد الحضور ..ثم تعود من ذات الطريق ..).
إستخدمت الكاتبة عبارة (ممرات الهطول السرى ) كتركيب مفعم بالبلاغى الموجز فى شعرية موحية ، الهطول لايأتى إلا بعد التكون وإكتمال التشيؤ ، الإندفاق والإندفاع المقُتحم ، خارج إرادة وقدرة الكائن ، فعل القسر الماورائى ، والهطول هنا يتجذر فى الثقافة الشعبية (المدائح ) بإندفاق المدد ، بتواصل (الفوق ، التحت ) ، فى اللامرئى بالإنشغال الدائم للقلب والعقل (الحضور المشوش لكل الحواس ) والمستحوذ على الفكرة تماما ، لكأنما :
(الرجل الجالس جوار قبري يبكيني بحرقة وأنا أؤكد لجيراني المتهامسون إنني لم أره من قبل , سمعناه فجأة يقول : «إنه لما رآني أزف الي زوجي- بثوبي الابيض- أحبني « واليوم أيضا رآني وانا أزف الي الأرض - في ذات الثوب- لم يتمالك نفسه وأنه اليوم فقط قرر أن يبوح ).
إقتران اللون الأبيض (بثوب الزفاف وثوب الكفن ) ، فى لمحة خاطفة ، ومن زاوية تخترق مسار حلزونى يضيق شيئا فشيئا كما الرؤية هنا (هل يبدو الزواج – الحب الإستحواذى - بدنيويته الفظة ضربا من ضروب الموت ؟..) ، لينشأ الموقف المبطن من الزواج كعلاقة بين رجل وإمرأة ، وتبدو غرائبية الصورة هنا ، التنكر لذلك الذى يجلس جوار القبر بقولها (لم أره من قبل ) ، لتكون الرؤية هنا هى المعرفة والإدراك ، فى عالم الأرواح لايصلح الجسد أن (يكون كل مانتذكره من تفاصيل حياة عشناها يوما !!) :-
(حارس المقبرة حدثني عنك بدهشة .. وكيف أنك تأتيني كل يوم مثقل الخطى ..ترقد بجواري ..تحادثني برأس مطرق وكأنك تحكي عن خيبة ..ثم تبدأ في البكاء وحين تفرغ ..تلملم خطوك وتعود لقبرك والإبتسامة تعلو وجهك ..زالت دهشته حين أخبرته إنك كنت تتمنى لو دفنت بجوارك لكنني فضلت أن أبتعد حذر الملل !!).
ونحكى عن الخيبة
البكاء بهدف التخفف من أثقال الداخل وربما التطهر ، تكمن غرابة هذه اللحظة فى أن الكاتبة – بجرأة متناهية فى الدقة – قامت بنقل مشاهد حياة يومية واقعية تعكس مرارة الحياة المشتركة بين (أثنين ، زوجين ) وبهذا التحديد نفسه ، لتكون العبارة الموجزة (أبتعد حذر الملل ) ، بكائية الذات المنكفئة على خيباتها ، المباهج التى لم يضاء ليلها والأفراح التى لم تأتى ، وطعم الملح فى الحلق :-
(الطريق إلي قبرك كان خاليا إلا من بعض الأغصان الجافة المتكسرة ..خطوي بها كان واضحا جدا..من غيرتي أزلتها حتي لا تتبع خطو حنيني إليك أخري..).
وتستمر السجالات المحتدمة مابين الأنا والهو فى (لقاءات الموتى ) التى تموضع العالم فى شكل مقبرة فسيحة هائلة العمق ومائجة بالحركة ، وتستحضر فى إستدعاء إستعارى مبطن فكرة عن (عن الظلمات والأعماق السحيقة للمحيط : النفس البشرية فى أحلك ظروف تواجدها ) فى الشرط اللا إنسانى ، لتستنهض الكتابة بالإنقلاب على المفهوم هنا ، همة الفرد للجد فى البحث عن (طريق للخروج : لأن الطريق جاف ولاشىء هنا سوى الأنقاض : صوت الأغصان المتكسرة فى شتاء العمر ، فى النهايات التقويضية لكل شىء ، حين لايفصل بينك وبين العدم شىء ، فتندغم فيه ، وتتلاشى :-
(وكنت كلما أختبأت في إحدى زوايا قلبه - خوفا - يجدني .. يضمني إليه ..يطمأنني بأنه معي
ثم بدأ يمل..
وأساني قلبي بأنه أيضاً ..قلب بشر ).
الملل : إرتباط مرهق
والحكمة هنا : قلب الآدمى (يتغير ، يمل ) ، وتُشرع أشرعة الخيال نحو العمق فى الظلمات اللامتناهية ، حيث الذى (لايتبدل ولاتغيره الحوادث ) ، لتكون نهاية الحياة الدنيا ، بداية من نوع أخر ليس بها ملل ، والملل هنا هو القرينة التى تمنع وقوع النص فى الماورائى والعرفانى لأنه (الصفة التى تلازم تلك الحياة المشتركة غير السعيدة ) ، قدر إمرأة وحياتها أن تحيا فى (شروط وجود لاتتكافىء وحاجياتها الإنسانية : لم تقترن بمن تحب ) ، ولم تلتقى الذى فى خيالها بصورته الملونة بألوانها هى مع ذلك الذى نسميه (زوجا فى الواقع المعيش ) بالألوان الباهتة التى تليق بالحضور فى القبر حيث (الغبرة ، القترة ) ، بإعادة إنتاج (قاموس عقابى قاسى ) تحركه تلك الكلمات المفتاحية ، ومايجب أن أذكره هنا ، أن هذه النصوص ليست قصة قصيرة جدا واحدة ، هى ثيمة متكررة ومنتشرة فى نصوص عديدة للكاتبة هند مالك ، وهى هنا :-
(جاثية علي ركبتيها كانت تبحث عنه بين الجثث المتراكمة والدمع يغطي وجهها .. لوهلة ظن الباحثين عن موتاهم حولها أنها تبكي فراقه..حتي همهمت : أين تضع المال..أنا وأطفالك سنموت جوعا !!..).
وتبدو الجثث (الرخيصة ووافرة العدد ) فى إشارة لأن الموت كحالة كلية تم إستئناسها وقبولها مع اليومى ، جثث متراكمة وباحثين بينها عن ذويهم ، ولا تتقاطع الخطوط مابين الواقعى والماورائى هنا وإنما تتوازى ، الموت الإحتفالى الموغل فى أخر طبقات الإعتياد فى الوعى والإدراك ، العبث الفطولى ، والمفارقة التى لاتبعث على شىء سوى (ذم الشفاه فى إبتسامة باهتة ترتسم ميتة أيضا ) ، ولا يختلف الحال حين أكون :
(في طريقي إلى الوجود .. نظرت جيدا في الماء..عدلت من جلستي ..فضلت ألا أصرخ بصوت حاد حين يشق الهواء رئتي فاجأتهم بكوني أنثي .. استقبلوني بصمت مهيب ...غطت أمي وجهها ..جميع من بالغرفة أداروا ظهورهم إلا أبي ابتسم لي ثم سقط مغشيا عليه!!».
وهى بداية الشعور بمجىء الموت ، منذ لحظة الميلاد ، فى البيئة التى تقدس ميلاد (الولد ، الذكر ) ، حينما تشيح الأم بوجهها عن وجه مولودتها ، بالمفارقة التى عكست الموقف فى تبسم الأب ، لأن الأم هى فى الأساس أنثى ، والتشظى على مستوى المفهوم الذى غلفته الكاتبة فى أكثر من مناسبة جاء هنا بارزا ، ليكون موقفا إرتجاجيا صاخبا وعنيف ، حيث تكون المقبرة هى منصة إطلاق المفهوم الإنقلابى الجديد ، الكتابة من داخل رمزية الموت ، العدم ، فى الإزاحة النهائية المؤجلة لحياة لاتمثل|ها |نا | هم ، ليكون الموت الواقعى هنا ، بتجلياته الخارجية – التى لم تفرض كعلامة فقط وإنما كصورة متناسلة ومتبرعمة – هو مركز ثقل تفكير الكاتبة هند مالك النقدى شديد الكثافة والبرود ، حينما لايكون هناك مفرا من تدفق نزيف ذاكرة الموت فى دائرية كارثية لاتتوقف:-
(في موعد الأرواح كانت تلتقيه ,, حدثتني عن سرها بعد أن أقسمت ألا أبوح به .. تشعر بالخجل حين تحكي عنه .. حبيبها الغائب منذ خمسون خريفا ).
وتمتد (الخمسون خريفا ) فى الأبد ولاتكف عن (مراسلة الموتى ) تلك اللغة التى لاتنشط بلاغتها اللاهبة مثل سوط رقيق اللسان على الذاكرة ، جلد الذات والإعتذار ، الإنكفاء والتنصل من كل شىء ، لنقول بأننا نرفض كل شىء هنا وهناك ، بأن نستمر فى ممارسة (فعل الموت ) لإثباته كصيغة بديلة لواقع نعيشه ولانجد أنفسنا فيه ، هكذا أو بماتورده القراءات حينما نمسك باطراف (الضمنى ، الإيحائى ) ، فى نفس الدائرية :-
(أروقة الروح حين اجتاحها هو .. تغيرت ملامحها ..ملأتها فوضي روحه.. كنت كلما مشيت فيها أبحث عن تفاصيلي القديمة .. تعثرت بروحه وتهت فيها أكثر ..) ...
وعندما تتزاحم الأوراح وتصطدم ببعضها البعض ، لن يكون هنالك شيئا ليقال سوى : أين هو الحد الفاصل مابين الموت والحياة .. حيث الإسم الفردى الواحد والقبر المفرد ؟..لتكون القاصة هند مالك عبدالله ، بكل هذا الصبر الذى يشابه (دأب القابلة وصبر عامل المشرحة ) ، قد أتاحت للقصة القصيرة جدا أن تتمدد مع تخييلها المرهف والعميق فى (الكليات الكونية ) التى سافرت عبرها نحو التخوم لذلك الماورائى فى (العدم ) لتبرز خطابها النقدى الواعى : العلاقة بين المرأة والرجل تموت حينما يولد فى داخلها الملل ويهرب المرء (من صاحبته وبنيه ) .. وحينما لايكون هناك مفرا من الإستمرار فيها دون رجعة ، كتابة قصصية أنيقة حفلت بالكثير من اللحظات الإبداعية المتنَورة ، ولكم كنت أتطلع لأن أتوسع فى عرض المزيد من قصص الكاتبة هند مالك عبدالله وهى نصوص نشرت على شبكة الأنترنت فى أندية القصة ، وسيأتى يوما تنشر فيه مكتملة .
محمد حسن رابح المجمر
--
مشروع ترميم الأهرامات السودانية سينتهي بعد سبع سنوات
قالت الهيئة السودانية للآثار إن المشروع السوداني القطري لترميم الآثار سينطلق مطلع 2013م بعد تحديد 28 بعثة للعمل في ترميم الآثار بولايتي الشمالية ونهر النيل، بينما يتولى فريق سوداني قطري ترميم 100 هرم بمنطقة البجراوية. وأوضح مدير الهيئة السودانية للآثار، عبدالرحمن علي محمد، أن مشروع الترميم سينتهي العمل فيه بعد سبع سنوات.وأضاف لوكالة السودان للأنباء أنه سيتم تأهيل متحف السودان القومي وتحديث مبانيه وطريقة العرض ليواكب التطور الذي تشهده المتاحف العالمية، بجانب إنشاء متحف بمنطقة النقعة ومركز للمعلومات في المواقع الآثرية التي تخضع للمشروع لتقديم المعلومات المطلوبة للسياح. وأشار إلى أن منشآت وآليات المشروع السوداني القطري ستؤول للهيئة القومية للآثار بعد نهاية العمل
الكشك الروماني
مشروع لتعلية الكشك الروماني وفق دراسة ألمانية لحمايته من مياه السيول وأكد مدير هيئة الآثار أنهم يجرون مشاورات مع اللجان المختصة لإدخال مشروع تعلية الكشك الروماني الذي خضع لدراسة ألمانية لرفعه عن مستوى الأرض وحمايته من المياه والسيول التي تغمر المنطقة في فصل الخريف. وأقر بضعف قانون حماية الآثار في بعض الفقرات، فيما يتعلق بالعقوبات لعصابات تهريب وسرقة الآثار، مؤكداً أن هناك لجنة تدرس خطوات تعديل القانون. وبدأت جهود التعاون بين قطر والسودان منذ زيارة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، ونائب رئيس هيئة قطر للمتاحف الشيخ حسن بن محمد بن علي آل ثاني، ومدير عام هيئة متاحف قطر عبدالله النجار، لعدة مناطق أثرية بالسودان من بينها النقعة والمصورات ومواقع المدافن والمعابد الملكية بالبجراوية في فبراير 2011.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.