٭ ظلت بلادنا منذ الإستقلال تعيش في سلسلة من الأزمات السياسية والإقتصادية والإجتماعية المتلاحقة، وهذا الواقع لم يأت من فراغ ولكنه نتاج طبيعي وموضوعي للحالة التي تشكل فيها، ومنها الواقع السياسي متمثلاً في الأحزاب السياسية التقليدية (الأمة والوطني الإتحادي) والتي تأسست على خليط من الرؤى الطائفية الغالبة ومجموعات من المثقفين الوطنيين وكذلك الأحزاب اليسارية واليمينية التي يمثلها آنذاك الحزب الشيوعي السوداني وحركة الأخوان المسلمين والتي تأسست على رؤى أيدلوجية. هذا الواقع أفرز قاعدة هشة للبناء السياسي المستقبلي للحركة السياسية السودانية والتي ظللنا ندفع ثمنه في عدم الإستقرار السياسي من خلال الحلقة الشريرة للحكم التي عاشها السودان منذ الإستقلال. ٭ فشلت القوى السياسية في تأسيس مشروع ديمقراطي سوداني مستدام للحكم يؤكد التداول السلمي للسلطة ويؤمن على التوافق الوطني بما يحقق إتفاقاً قومياً على الثوابت الوطنية الأساسية في الحكم مما دفع بالبلاد إلى حافة هاوية التقسيم والتشرزم، رغم ذلك ظل الفشل وغياب الوعي هما السمة البارزة والمستدامة في العقل الجمعي لمعظم قيادات تلك القوى السياسية التي لم تستفد من تجارب الماضي ولم تحسب أن هناك وطناً ينزف وشعباً يعاني، وأن عودة الوعي أصبحت ضرورة يفرضها هذا الحال المائل والواقع الماثل للوطن. ٭ التطور الطبيعي لحركة المجتمع في السودان وفي العالم حولنا كان من المفترض أن ينعكس على عقلية العاملين في الفعل السياسي بالسودان إيجاباً بما يعيد النظر في أساس ذلك البناء الهش وإستبداله بقواعد جديدة من الفعل السياسي الذي يواكب ما هو حادث من تقدم في المجتمع السوداني والإقليمي والعالمي، ومن حراك سياسي ضاغط على ساحة الوطن، ولكن أن يظل هذا «البيات الشتوي» المنغلق في عقلية قيادات الكثير من القوى السياسية هو أمر محير وضد حركة الوعي والتاريخ. ٭ أبرز ملامح الأزمة السودانية تتضح في: - الأزمة السياسية «أزمة الحكم». - الأزمة الإقتصادية. - الأزمة الإجتماعية. ولكل من هذه الملامح ظروفه وأسبابه ولكن هذا لا يبني إدمان الفشل في الوصول إلى حلول تساعد في حل عقد الأزمة السودانية التي ظلت عصيبة لأكثر من نصف قرن من تجربتنا السياسية. نواصل