في حقبة زمنية سلفت اكثر حساسية في تاريخ تلقبات نضال الامة العربية، كانت الجهود كلها تتمور بشكل اساسي حول صلب قضيتين مركزيتن، القضية الفلسطينية كهدف استراتيجي يستلزم وضع حد لها، والقضية الاخري الوحدة العربية كأداءة حاسمة مرتبطة بالهدف المحوري لحل القضية التي باتت محط اهتمام وتركيز وحق لا يعلو عليه حق. القوميون العرب عرافي الوحدة ومنظيرها لم يجدوا غيرها من وسائل لتوثيق عري النضال ليلهج لسانه بحي علي القتال، لاسترداد ارض الاقصي المغتصبة، وتعولهم في ذلك ينصب في الاساس، علي مدي المقدرات الكبيرة التي تحظي بها الاقطار العربية وذاكرتهم لا تفارق بيت الحكمة الذي يقول ( ان اتأبي الرماح اذا اجتمعنا تكسراً اذا افترقن تكسرت آحادا) فالاقطار العربية في حقيقة الامر مشروع لقوة جبارة يمكنها اذا ما اجتمعت بكامل مقدراتها في معين وحدوي، ان تقهر المستحيل، ويصعب لاي قوة في الارض، سواء كانت اسرائيل او غيرها ان تقف في وجهها، فالمال يتدفق بفحش في جانب من الوطن الكبير، والرجال وجل مقدر من الكفاءات تتزاحم في حلقة الفقر المتنامي وقصر ذات اليد، وانبساط يصعب لمن يريد احصاؤه من ارض بكر علي الجانب الآخر، كل هذه الامور وغيرها شعارات خضبت يد القوميين العرب المغلولة التي ظلوا يلوحون بها ردحا من الزمان دون ان يحققوا شئ، حتي تآكلت هممهم وصعب عليهم الوصول، وانتهوا بحقيقة ساخره تحت ظل محاولات كثيرة من الاجتماعات والقمم والمشاورات (ان العرب اتفقوا على ان لا يتفقوا). تري ما السبب؟ لا جهد ولا معاناة في معرفة السبب هو ان المال الفاحش والفقر المدقع لا يجتمعان ولو علي سور بيت واحد، ناهيك عن جمعهما في وطن تتعاكس مكوناته الدينية والاجتماعية، فالدول الخليجية الغنية اتجهت غربا صوب شبيهاتها الاروبيات ونقلت بجانب البناء والمعمار، جانب كبير من قيم التحضر والرقي الجاذب والاستهلاك المترف، اهم مظاهر لحياة عنوانها الدعة والرفاهية. من حق هذه الدول ان تفعل ذلك طالما واجبها اسعاد مواطنيها المسئوولة عنهم، وافضل لها ولبقية المحيط الاقليمي الذي يمثلمه مجموع الاقطار العربية الاخري. اذا باتت قطر والامارات، نقطة لا تخطئها رؤوس الاموال العالمية وضمان للاستثمارات المالية والسياحية، وبني تحتية مؤسسة علي مواصفات عالية الجودة لا تضاهيها اخري في العالم علي الاطلاق. دعنا نظر للمنشآت الرياضية وحدها التي ظلت تستوعب المنافسات الرياضية العالمية، علي مستوي كل الالعاب دون استثناء اذ شاهدنا كبري الاندية الاروبية لكرة القدم تاتي مدينة دبي الاماراتية من غير تردد لاداء تجاربها الرياضية ومبارياتها الودية، ولم تجد مكان مناسب وجاذب افضل من دبي، حيث الدفْ واعتدال درجات الحرارة والبني الالرياضية الجيدة التي لا تقل عن مثيلاتها في بلدانهم الاروبية. والاهم في هذا التوجه كله نجاح قطر في استضافة كاس العالم، كسابقة تنفرد بها قطر في عموم ما يسمي بالعالم النامي، فهذه الخطوة لم تأت من فراغ او مجاملة انما قناعة تاكدت بشكل جلي للفيفا ان قطر قادرة على استيعاب هذا المحفل العالمي ولا ينقصها ما يمكن القدح فيه، وهي بهذا الطفرة المميزة اتاحة فرصة نادرة لهذه البقعة من العالم المتعطشة لمثل هذه المناسبات العالمية ان ترتوي منها حتي الثمالة، وقبل الفين واثنين وعشرين موعد المونديال العربي هل من عودة للحلم القديم؟. [email protected]