طلبت المفوضية القومية للإنتخابات من الأحزاب السياسية المسجلة الإستعداد للإنتخابات القادمة في العام 5102م أي بعد عامين من الآن وهي فترة ليست بالطويلة من أجل الإعداد والإستعداد للإنتخابات.. ولكن أسئلة مهمة لابد أن تجد الإجابة على أرض الواقع السياسي قبل الدخول الى عملية انتخابية قادمة. ٭ إذا كان المقصود من الإنتخابات هو تكرار التجربة السابقة بكل أخطائها وتمرير أجندة الحزب الحاكم «المؤتمر الوطني» بالإيحاء بأن هناك عملية ديمقراطية وتداول سلمي للسلطة.. هذا يعني من خلال المعطيات الماثلة إدخال البلاد في حلقة جديدة من تعميق الصراع السياسي وربما الخروج به الى متاهات العنف وعدم الإستقرار. ٭ الإنتخابات بالضرورة تحتاج لمناخ ديمقراطي حقيقي وظروف موضوعية تجعل منها انتخابات تلبي مطلوبات المواطن السوداني في الإختيار الحُر والنزيه بعيداً عن أية ضغوطات سياسية أو أمنية أو إقتصادية حتى يكون خياره وأختياره لمن يمثله معبراً عن رغبته الصادقة.. ٭ واقع الحال السياسي يشير الى أن ظروف البلاد الحالية لا تسمح بقيام انتخابات ذات مرجعية ديمقراطية تعبر عن الرغبة الحقيقية لخيارات المواطن السوداني.. البلاد تعاني من واقع سياسي تعيس وعدم إستقرار في معظم أطراف البلاد وأزمة إقتصادية محبطة للمواطن.. هذه المعطيات لن تكون في صالح قيام انتخابات نزيهة.. اللهم إلا إذا أردناها انتخابات شكلية تكون نتائجها محسومة سلفاً لإستمرار الحزب الحاكم. ٭ لا أعتقد أن قيادات حزب المؤتمر الوطني الحاكم تجهل حقيقة أنه من مصلحة حزبها ومجمل الحراك السياسي يتطلب من هذا الحزب إعادة النظرة في رؤيته السياسية والخروج بها من جلباب الإنتهازية السياسية الحزبية الضيقة الى رحاب المصلحة الوطنية العليا، لأن المسألة لم تعد مصلحة الحزب أو جماعة بل مستقبل وطن يكون أو لا يكون وهذا يعني بالواضح على المؤتمر الوطني إن كان جاداً في تحول ديمقراطي حقيقي أن يعمل لإرساء قيم المنظومة الديمقراطية من إتاحة فرص متساوية لكل القوى السياسية وفك قبضته عن الأجهزة المنوط بها إجراء العملية الإنتخابية حتى تتوفر لها الإستقلالية للقيام بدورها بحرية ونزاهة. إن قيام انتخابات حُرة في ظل ظروف البلاد الراهنة يتطلب وجود حكومة قومية محايدة للإشراف عليها بداية من العمل على وجود مناخ سياسي ملائم ومستقر وقوانين سليمة تتيح الفرص المتساوية للجميع، أما إذا كان هناك إصرار على ما عليه وفرض سياسة التعالي والأمر الواقع فإن البلاد لن تشهد استقراراً حسب ما هو متاح من معطيات على الساحة السياسية.