حينما يكتب قلمي عن أحد أساطين الصحافة السودانية ومايسترو القلم، وأحد فرسان الكلمة الحرة النزيهة إنما يكتب عن فجر الصحافة وفجر تاريخها الوطني، فالصحافة منذ الأذل لعبت دوراً وطنياً إبان الحركة الوطنية وقيام مؤتمر الخريجين الذي زلزل الأرض تحت أقدام المستعمرين، كما أن الصحافة السودانية لعبت دوراً كبيراً في عالم ودنيا السياسة فلا سياسة بلا صحافة ولا صحافة بلا سياسة.. واليوم أحكي بالقلم عن نافذة صحفية وطنية وهذه النافذة لعبت دوراً وطنياً كبيراً في عالم السياسة ودنيا الصحافة السودانية . إنها نافذة النزاهة والصدق والأمانة والكلمة الحرة هي نافذة عملاق وعميد الصحافة السودانية الأستاذ عبد العزيز حسن أمد الله في أيامه صاحب إمتياز جريدة (الزمان) ورئيس تحريرها في ذلك الزمان الجميل بصحافته ودهاقنته، والجميل بنزاهة الكلمة الحرة، والجميل بفرسان الكلمة، والنبيل بشرف إحترام الخصومة السياسية، وحينما كان وقتها سلطان الكلمة الحرة سيف الحمى المسلول في وجه أي فساد إن وجد هذا الفساد لم يكن هنالك فساد، بل كان هنالك فرسان من فرسان السياسة وفرسان من فرسان الصحافة السودانية، فكان في مقدمتهم الأستاذ عبد العزيز حسن الذي صال وجال بقلمه في الساحة الصحفية والساحة السياسية وكانت ميزة قلمه فكرة الحر المتفتح «كالزهور فتحت» والمتميز بقلمه الوطني وعبقريته الفذة.. عاش وقتها بيننا بقلمه الحر لم يطوي قلمه التاريخ وهو صاحب جريدة (الزمان) ورئيس تحريرها.. ظلّ وحيد زمانه ونادر عصره وأوانه فقد عمل أولاً مديراً لوكالة الأنباء المصرية في السودان، وكان قد شغل منصب رئيس تحرير (الصوت) سابقاً، بينما كان زميله سليمان نجيب رئيس تحرير صحيفة (الجزيرة) التي كانت تصدر في ود مدني، وكان الأستاذ سليمان يأخذ أكبر مرتب بين كل رؤساء التحرير بحكم أن جريدة (الجزيرة) تابعة لمشروع الجزيرة حيث القطن الذهب الأبيض، أما الأستاذ الجليل عبدالعزيز حسن فقد شق طريقه نحو المجد الصحفي، فأسس صحيفة (الزمان) التي لعبت دوراً وطنياً في الحياة السياسية، وكان رئيس تحريرها، فهو من الأقلام البارعة المميزة التي عملت قبل ذلك بصحيفة (الرأي العام) مع الأستاذ إسماعيل العتباني وزامله الأستاذ يحيى محمد عبد القادر والأستاذ صالح عرابي صاحب صحيفة (التلغراف)، كما زامله الأستاذ محمد أحمد السلمابي والأستاذ محمد الخليفة طه الريفي والأستاذ حسن نجيلة والأستاذ أحمد مختار والأستاذ بشير البكري والأستاذ يوسف التني رئيس تحرير صحيفة (الأمة) ولفيف من قادة الرأي المستقل زاملوا الأستاذ عبد العزيز حسن في العمل الصحفي، فكان بينهم نجماً ساطعاً وقمراً إكتمل بدره فكان لا يهادن في قول كلمة الحق ولا يجامل في قول الحقيقة وزامله الأستاذ عبد الله رجب صاحب صحيفة (الصراحة) وكان الأستاذ عبد العزيز حسن من الأقلام المميزة التي شاركت بقلمها في تحرير صحيفة (الصراحة)، وكما ذكر ظلت صحيفة (الزمان) تشق طريقها نحو المجد الصحفي والمجد السياسي كانت من بين الصحف المقروءة فهي مدرسة فكرية وسياسية قائمة بذاتها ومدى علمي بصحيفة (الزمان) إنها كانت من الصحف النادرة المميزة نافست العديد من الصحف من ناحية المواد الصحفية التي كان يتم نشرها بالصحيفة وكانت لها جماهير ورواد وقراء وعشاق، فالكلمة الحرة دائماً هي عشيقة القارئ والقلم الحر دائماً وأبداً هو محبوب عند القارئ ما إنكسر لها قلم أمام سطوة المال أو السلطان بل ظلت الكلمة الحرة ديدن الصحيفة ولم ينكسر لها قلم أمام جبروت السلطة فلو سألنا التاريخ الزمني لصحيفة (الزمان) لأفاض بالحديث عن تاريخها الوطني وعن الفكر الحر الأصيل الذي كانت الصحيفة تتميز به، فالأستاذ عبد العزيز حسن هو من رواد الصحافة السودانية بلا جدال وهو يعتبر الآن شيخ الصحفيين في بلادنا، وكان صاحب رسالة صحفية سامية وبفضل إمتياز قلمه وجدت صحيفة (الزمان) موقعاً صحيحاً من التاريخ وموقعاً مرموقاً كذلك من عامة الصحف وجدت رواجاً شعبياً . وكانت صحيفة (الزمان) مفتوحة صفحاتها لكل الأقلام بلا تميز ولكل الأفكار والآراء المختلفة، فكانت منبراً حراً تكتب ما يؤمن أنه الحق وتنور الناس بالحقيقة وبهذا لا يلبس الكاتب ثوباً ليس ثوبه، فالكاتب الصحفي من أمثال الأستاذ عبد العزيز حسن أمد الله في أيامه ومتعه بالصحة والعافية يصبح رئيس تحرير صحيفة ويخوض معارك صحفية لا يخوضها سوى الزعماء السياسيين، كان ذلك هو الأستاذ عبد العزيز الذي كان القراء يشيرون الى قلمه وصحيفته بكل فخر وإعتزاز وما سطره قلمي هي كلمة وفاء في حق أستاذنا الجليل عبد العزيز، فالوفاء لأهل الوفاء فقد عاصرنا وعشنا ونحن بالمدارس الأولية وقتها في ذلك الزمان النبيل بنبلاء أقلامه ونبلاء أمجاده من الصحفيين وفي طليعتهم عميدهم الأستاذ عبد العزيز حسن نادر عصره وآوانه ولقمان وحكيم زمانه صاحب القلم المستنير والرأي الحر والقلم النزيه والكلمة الصادقة، مارس عمله الصحفي بأمانة المهنة وصدق الكلمة، فإن كان هناك يوبيل فضي يقام للصحافة أو حتى يوبيل فضي لمؤتمر الخريجين فيجب على القائمين بذلك تكريم أول إمبراطور الصحافة السودانية أستاذ أجيال الصحافة عبد العزيز حسن «أبا عثمان»، ففي تكريمه تكريم للصحافة وللسياسة وللأقلام الحرة النزيهة حتى تعرف أجيالنا الجديدة أن الأستاذ عبد العزيز كان صاحب مدرسة صحفية مميزة ما هادنت ولا إستكانت للسلطة ولا غازلتها ولم تلاطفها أبداً، ظلّ أميراً للقلم بدولة الصحافة بل كان زعيم الأغلبية ببرلمان دولة القلم السيال والكلمة الحرة والمجد الصحفي .