الواقع الحالي للسودان أصبح يتطلب نفرة ضمير حي من أجل فعل وطني مشترك لإخراج الوطن من هذا المأزق التاريخي وهو كذلك بالفعل لأنه لم يحدث أن مرّ السودان في تاريخه الحديث بمثل هذا الواقع الذي يهدد كيان وجوده كوطن بسبب صراعات سياسية ومكاسب حزيبة رخيصة لا معنى لها إذا ما قورنت بما يحدث بالسودان من مخاطر التمزق السياسي والإجتماعي خارطة السودان الواقعية اليوم تبدو مشوهة وكريهة تظل فيها أزمة إقتصادية تزداد عمقاً كل يوم وتترك آثارها في كل منزل وتنعكس على كل مواطن في متطلبات حياته اليومية من مأكل ومشرب وتعليم وصحة واستقرار نفسي وتزداد الصورة تشويهاً فيما نرى أطراف الوطن مهددة بسبب النزاعات والصراعات المسلحة التي يموت فيها أبناء الوطن بعد أن فشلت النخب السياسية والانظمة الحاكمة من احتواء هذه الصراعات التي هي عبارة عن ردود أفعال خاطئة ارتكبتها تلك الانظمة في حق هذه المناطق خلال مسيرة الحكم الوطني والنقل السياسي غير المسؤول. تتواصل مشاهدة هذه الصورة الشائهة حين نرى الصراعات السياسية تصل سقف الحرب وكأني بالذين يحكمون السودان لايحسون أو لايرون أو لا ينظرون بعيون زرقاء اليمامة للشجر المتحرك والخطر القادم .. حزب المؤتمر الوطني الحاكم والقابض على زمام أمور الحكم ومفاصل الدولة والسلطة يواجه مسؤولية تاريخية لأنه جزء من إشكالية الصورة الحالية للوطن ويجب على هذا الحزب الحاكم أن يضع مصلحة ما تبقى من السودان في موقع متقدم من أجندته بمعنى أنه مطالب بالكثير من التنازلات السياسية من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه وحين اتحدث عن التنازلات لا أعنى ما يمس سيادة الوطن أو ثوابته الوطنية المتفق عليها ، ولكن أعني أن يتخلى هذا الحزب عن قناعات التعالي السياسي واحتقار القوة السياسية الأخرى وأن يقبل بالجلوس من أجل الوطن في مائدة حوار وطني حقيقي تتوفر فيه بيئة الثقة وإحترام الآخر ويجلس الجميع حكومة ومعارضة بملابس الإحرام وخلع جلباب الحزبية الضيق بغرض الوصول لأهداف مشتركة تشكل القاسم المشترك الأكبر للمشروع الوطني من أجل وضع البلاد من جديد على طريق مسيرة قادم أفضل بدلاً من هذا الطريق الذي حتماً سيؤدي للسقوط للهاوية ونكون جميعاً من النادمين تتبعنا لعنة التاريخ والاجيال القادمة أن ضرورة التعامل مع الذهن السياسي الحالي يفترض في وجود آلية تهئ المناخ والمسرح لمرحلة تاريخية جديدة في حكم السودان، وهذه الآلية دون شك هي مرحلة حكم إنتقالي بواسطة حكومة إنتقالية تتمثل فيها وترضى عنها كل القوى السياسية الفاعلة في الساحة السودانية وتستهدف انجاز وإنقاذ ما يتفق عليه من ثوابت وطنية تنقل البلاد الى بر الأمان. يا أهل الحكم اتقوا الله في هذا الوطن وأعلموا أن الوقت لن يمهلنا أكثر من ذلك لفعل شئ إيجابى من أجل هذا الوطن ونفس الدعوة نقدمها لقادة المعارضة للإرتفاع لمستوى المسؤولية الوطنية حتى يتلاقى الجميع من أجل إنقاذ السودان.