كان للحاجة دار السلام بنات ثلاث توفي زوجها ووالدهن الى رحمة الله بعد أن تركهن صغيرات حيث كانت أكبرهن في السابعة من عمرها توفي تاركاً اليها تربيتهن ورعايتهن، فكافحت وناضلت واجتهدت في ذلك مستعينة بدخول قليلة تحصل عليها من منتجات مزرعة صغيرة تركها اليها وعدد بسيط من اأنعام الأغنام فأتجهت إليها الحاجة أم البنات الثلاث الصغار اليافعات، شدت الأحزمة وأقبلت على زراعة تلك المساحة الزراعية الصغيرة ورعاية تلك العددية القليلة من الأغنام مقتنعة بما تحصل عليه من افرازات استثماراتها الإنتاجية لكي تعيش وتربي بناتها الأيتام وكان لها ذلك حيث استمر حالها عليه وكانت دار السلام تتلقى المساعدة الممكنة من جيرانها المزارعين الذين يمدونها بيد العون عند بداية الزراعة ومتابعتها الى أن تفرز إنتاجها فتهم لحصادها أيضاً بمساعدة الجيران من المزارعين الطيبين القائمين في مختلف أقاليم هذا السودان الكبير، كما كانت تسمى وقتها وولاياته اليوم، حيث كانت دار السلام وبناتها باقيات في احداهما بريف مدن الشمالية، لقد صمدت الحاجة طويلاً الى أن ترعرعن وكبرن حيث ادخلتهن المدارس وبقين بينها وبين الزراعة والإستثمار في مساحة أرضهن التي تركها لهن المرحوم والدهن وحافظت عليها والدتهن تزرعها وتحصدها من موسم تلو الآخر وراعية لغنيماتها.. كبرن البنات وسارن بين الدراسة والزراعة كما أسلفت ونجحن بتفوق في المدارس وفي اتساع استثمار أرضهن وعديدية ثروتهن الحيوانية فأصبحت الأرض تأتي بالكثير من الإنتاج المتنوع من حبوب وخضروات غزيرة في كل موسم وتعددت وتنوعت ثرواتهن الحيوانية فبقين على ذلك متقدمات ومتطورات في جميع المنتجات الزاعية والثروة الحيوانية اللصيقة بها.. وهكذا أصبح الناس من المزارعين حولهن ينظرون اليهن والى والدتهن الحاجة دار السلام بنظرة الإعجاب والثناء عليها وعليهن لما بذلن من مجهودات مقدرة في مسار حياتهن التربوية الإجتماعية والدراسية التعليمية والإنتاجية الزراعية الإستثمارية المتطورة، صمدت الحاجة وبناتها أمام ذلك الموقف أو المواقف التي لاقتهن نتيجة لفقدان الوالد الراعي المبكر، صمدن ونجحن كما ذكرت واثبتن جدارتهن الشىء الذي جعل الكل يثني عليهن ويتمنى أن يحذوا حذوهن.. ليس فقط لمن يفقدن فقد لا قدر الله.. بل الجميع يجب أن يجاهد ويجتهد في الإنجاز في كل المجالات الحياتية.. ولنعود للحاجة دار السلام وبناتها كبرت البنات وتزوجت من تزوجت وواصلن تعليمهن العالي وبرغم هذا لم يتركن أو يهملن مزرعتهن وأنعامهن، حيث سارت واصبحت في توسع وازدهار تقدمت مزرعتهن التي يشرفن عليها بأنفسهن برغم المسؤوليات الواجبة د.. واصلن جهدهن في استثمارها ونموها وكثافة منتجاتها المساهمة في إعاشتهن وتوفير سبل وسائل الأمن الغذائي لهن ولغيرهن من محتاجين في عامة البلاد. اما الحاجة فقد خلدت للراحة والإستجمام ورعاية احفادها من بناتها بعد ما بذلت جهوداً مثمرة أمد الله في أيامها.. ويواصلن البنات الثلاث في تنشيط مزرعتهن ورعاية أغنامهن ومواشيهن التي هي الأخرى قد تضاعفت وتوسعت بشكل متقدم في العدة والإعداد.. وأن يحق لنا بالمطالبة بمساعدتهن من قبل الجهات المعنية بشؤون الزراعة والثروة الحيوانية وهن - أي بنات حاجة دار السلام - واضح انهن قد قدمن الكثير المفيد في مجالهن الزراعي ذلك، إن كان يحق لنا ذلك فهو مطلبنا تجاههن وأمثالهن من المجتهدين في المجالات الزراعية والثروة الحيوانية من أجل كثافة وجودة منتجاتها الموفرة للأمن الغذائي والداعم لإقتصاد البلاد يجب مساعدتهن وهن وغيرهن من المزارعين المجتهدين متواجدين كل في موقعه القائم بولايته هذا، من ناحية ومن أخرى فلنعرج على بعض شباب وأبناء المزارعين الذين تركوا مواقعهم وأراضيهم الزراعية للأجانب المغتربين من بعض الدول الأفريقية للإشراف عليها وزراعتها بالأُجرة وبقوا متسكعين في أسواق وشوارع ولاية الخرطوم هذه، فراشة أو عارضين لسلع هامشية لا تسوى شيئاً مقابل ما يحصلون عليه من مزارعهم إذا ما هم عادوا اليها وساروا في دروب بنات الحاجة.