[email protected] جاءت الإنقاذ في العام 9891م بعد تجربة حكم ديمقراطي فاشلة استمرت فقط لثلاثة أعوام شهدت فيها البلاد فوضى عارمة وكأنى بالأحزاب السياسية خاصة التاريخية منها لم تتعظ من فترة مايو التي استمرت لستة عشر عاماً وربما تكون تلك الأحزاب قد ظنت أن تجربة نميري ستكون آخر التجارب العسكرية فعاست في الأرض فساداً وقد إستغلت المعارضة السياسية المتمثلة في الجبهة الإسلامية القومية تلك الفوضى لتزيد من الطين بلة فجاءت الإنقاذ وليداً شرعياً للحركة الإسلامية. واجهت الإنقاذ من ضمن ما واجهت ثورات الأطراف في الشرق والغرب والجنوب وبعد مفاوضات مضنية تم توقيع اتفاق نيفاشا في العام 5002م، وقد أدى ذلك الإتفاق فيما بعد الى انفصال الجنوب 1102م لم تُحسن الحكومة إدارة المفاوضات إذ أنها تنازلت عن كل شىء مقابل لا شىء وتركت الكثير من القضايا وهي معلقة ودون حسم مثل الحدود والبترول ..الخ فيما قد يؤدي الى قيام حرب بين الدولتين وبدلاً من أن تحارب الحكومة قوات متمردة فإنها ستحارب قوات دولة معادية تمتد حدودها معها الى أكثر من الفي كيلو متر وتجد تلك الدولة المحاربة الدعم من دول الغرب والتي ستمدها بالمال والعتاد والسلاح. توهمت الحكومة أن انفصال الجنوب سيحقق السلام ويريحها من عبء كبير ولكنها تركت قوات الحركة الشعبية في جنوب كردفان والنيل الأزرق ولا يقل عدد تلك القوات عن الخمسين الف جندي وستدفع الحكومة الثمن غالياً في حالة بقاء هذه القوات العسكرية في أراضيها. في مشكلة دارفور عمدت الحكومة الى تفتيت الحركات المقاتلة ولكنها واجهت مشكلة التفاوض مع حركات هلامية لا تملك قدرات قتالية وكأن بالحكومة تترك الفيل للتفاوض مع ظله... إن عدم حسم قضية دارفور ربما ستكون من تداعياته مطالبة الإقليم بالإنفصال إسوة بنيفاشا خصوصاً وأنه يمتلك ثروات ضخمة من بترول ومعادن.. وثروات حيوانية. لم تحسن الحكومة إدارة التعامل مع تدني مستويات المعيشة ومشاكل الفقر الذي تمددت أطرافه في كل البلاد وكل الطبقات عدا قلة قليلة تتمتع بثراء فاحش كما لم تتعامل الحكومة مع مشاكل العطالة إذ أن الآلاف من الخريجين لا يجدون العمل المناسب لهم. ما لم يحدث تداول سلمي للسلطة فإن مستقبل البلاد يبدو شديد العتمة لأن العنف لا يولد غير العنف، فدول الربيع العربي لا تشهد استقراراً سياسياً يكفي أن تشاهد ما يحدث الآن في مصر أو ليبيا واليمن وسوريا لتدرك فوضى الشارع السياسي فالأطراف التي قاتلت القذافي في ليبيا مثلاً لا تزال تحتفظ بسلاحها وتأخذ القانون بيدها وترفض تسليم أسلحتها.. لدى الحكومة فرصة ذهبية لاقرار دستور ديمقراطي يحل كل مشاكل البلاد تشترك جميع القوى السياسية في وضعه واقراره تجرى بعده انتخابات نزيهة وديمقراطية تأتي بكل الوان الطيف السياسي وذلك بإقرار مبدأ التمثيل النسبي. سيجلس بعدها الفرقاء السياسيين ويعملون بيد واحدة للخروج بالبلاد الى بر الأمان من أزماتها السياسية المتعددة