فجأة ،وأنا أطالع صفحات جريدة (آخر لحظة) بتاريخ 3/2/2013م، فاجئني خبر مؤلم ،وهو رحيل الصديق الأخ العمدة محمد أحمد الحردلو ،سليل أبو سن ،وحفيد الشاعر الزعيم الحردلو ،وقد هزني هذا الخبر ،وهكذا حال الدنيا إلى زوال وإلى رحيل ،وهكذا«ما كان فقده فقداً لأهله ،ولكنه بنيان قوم تهدما» ..وحينما يرحل أمثال هذا الرجل الفريد ،قد ترحل التقاليد والعادات الحميدة ،وهو بقية السلف الصالح من طيبة الذكر الإدارة الإهلية ،لقد تعرفت به منذ زمان طويل ،حيث كان تستهوينا البطانة وشعرها وأدبها ،وكانت تجمعنا قبيلة الإدارة الإهلية ،ذلك الحكم العرفي الأهلي الذي يدار به السودان وكنا نرى في آل أبو سن، وقبائل الشكرية تاريخ ممتد في الزعامة الأهلية وفي دنيا الشعر منذ تاريخ الحردلو في تلك الأيام التي خلت ،ولكن هذا وذاك كان امتداده في أمثال العمدة الحردلو وسعيت له في بادية الصباغ ولألتقي به ،وكنت أكتب في الصحافة عن إعجابي بشعراء البطانة، وكان لقاءً طيباً جمعني بالشيخ أحمد عوض الكريم والصادق ود آمنة في مجلس العمدة العامر وآل الحردلو . وأبو سن زعامة وقيادة ضاربة في أعماق التاريخ ومنذ العهد التركي ما قبل المهدية ،فقد كان جدهم أول مدير لمديرية الخرطوم في ذلك التاريخ ،إذ هي زعامة أصيلة ممتدة ،وكذلك كان الحردلو الكبير شيخ شعراء السودان وأمتدّ شعره الرصين إلى خارج السودان . إن قبيلة الإدارة الأهلية التي كنت أحد عمومها ،ومحبتي بالشعر هي التي دفعتني للسفر لأرض الصباغ والبطانة لألتقي بالعمدة - عليه الرحمة والرضوان - ثم امتدت القبيلة الطيبة حتى جاء العمدة الحردلو نائباً في البرلمان بالجمعية التأسيسية في عهد الديمقراطية ،وحينما فاز العمدة جاءت قبائل الشكرية والبطانة في شكل وفود وجماعات، لكنها وكان من ضمن تلك الوفود وفد الجعليين الذين جاءوا من القضارف وهم تجارها وعمارها جاءوا للتهنئة وهم يحملون النحاس والرصاص لبدوي في أرض البطانة مبشراً بفوز العمدة وانفراد الجعليين بمنزله خاصة وجاء العمدة ليقف بينهم يقدم الشاعر العاقب ،ووقف العاقب بصوته القوي قائلاً: أهلا يا التقال بلحيل وليكم قيمة.. انتو ونحن بيناتنا المودة قديمة.. انتو علوج لقاكم في الملاقي هجيمة.. ونحن حيازة الجبار معانا قديمة.. هكذا خاطب الشاعر الجعليين بهذا الشعر الرصين ثم كان الترابط أقوي حينما جاء اللواء عبداله أحمد الحردلو مديراً للشرطة بولاية نهر النيل ،وازدادت ا لصلة أكثر بآل الحردلو والشكرية.. ومن هنا من نهر عطبرة ودامر المجذوب وأرض الجعليين أكرر عزائي للأخ اللواء عبدالله وأخوانه وإلى أبناء العمدة وجميع الشكرية وآل أبو سن بالقضارف والصباغ ورفاع وإلى سعادة رئيس القضاء ود أبو سن ،وإلى الأخ عوض الكريم وأخوانه وآل محمد حمد أبو سن بالقضارف أتقدم بالعزاء في الفقيد العزيز سائلين الله أن يسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء، والسلام.