ظل أداء الهيئة العامة للحج والعمرة محل انتقاد وجدل كبير منذ أمد بعيد على مستوى المركز والولايات، وذلك بسبب الاخفاقات المتلاحقة التي ظلت تلازم مسيرة الهيئة الى أن صدر قراراً من رئيس الجمهورية المشير عمر البشير بحلها، فجعلها إدارة تابعة لوزارة الدعوة والإرشاد وبالمقابل لم تجري الجهات المعنية تغيرات موازية لقرار رئيس الجمهورية الذي كانت له دلالات واضحة فتحولت الحج والعمرة من هيئات إلى إدارات. أي تغيير في الأسماء فقط دون تغيير مصاحب وموازٍ للشخوص، وفجعت ولاية القضارف في الساعة الثالثة من صباح يوم أمس باستشهاد (12) مواطناً، وذلك بسبب التدافع والتزاحم للتقديم لاجراءات الحج للعام 1434ه الذي صاحبته اخفاقات واضحة من الجهات المنظمة للحج التي حددت بوابة واحدة للدخول لأكثر من أربعة ألف شخص الأمر الذي أدى لتزاحم نتجت عنه الحادثة. محلك سرك: من أكثر الأشياء التي ظلت محل حيرة وسخرية لدى المواطنين أن الفرص المجانية للحج للأمراء والمفوجين ظلت تستحوذ عليها مجموعة محددة من العاملين بوزارة الدعوة والارشاد والمقربين بالحزب الحاكم والعاملين بإدارة الحج والعمرة، فظلت عصية المنال لدى عامة الناس أو الشخصيات التي قدمت للوطن في مختلف شتى ضروب الحياة وظلت إدارة الحج والعمرة (محلك سرك) فمنذ مغادرة مولانا حمد عبد الرحمن الأزرق المدير الأسبق للحج والعمرة بالولاية فقدت ولاية القضارف موقعها الريادي في هذا المجال، فقد كان مولانا حمد رئيساً لكافة القطاع وصاحب تجربة وخبرة ثرة في هذا المجال، وقد كانت الولاية في عهده تنال فرص مقدرة من الحج في العام لكن تضاءلت حصة الولاية من النسبة العامة للحج المخصصة للبلاد شيئاً فشيئاً بعد مغادرة مولانا حمد وصارت هذه النسبة لا تتناسب مع حجم سكان الولاية البالغ عددهم (1.8) مليون نسمة ولا تتناسب مع حجم النشاط الاقتصادي الموجود بالولاية الأمر الذي يعني تلقائياً ارتفاع وتيرة الراغبين في أداء شعيرة الحج. مخالفات مالية: وبحسب مصادر موثوقة تحدثت ل(الوطن) فقد ضبطت السلطات المختصة بوزارة المالية مخالفات مالية بالإدارة العامة للارشاد والاوقاف التي تتبع لها إدارة الحج والعمرة وأثارت القضية جدلاً واسعاً بالولاية في إدارة يقتضي منها أن تسير بأدب الدين الحنيف وتوجيهاته في هذا الخصوص. تفاصيل ما حدث: ويقول والي القضارف الضو الماحي في تصريحات صحفية إن الترتيبات للحج بالولاية كانت طيبة،لكن كان هنالك تدافعاً كبيراً من المواطنين غير مسبوق وأدى لوقوع الحادث ووفاة (12) مواطناً وعبر الوالي عن أسفه العميق للحادث ووصفها بالقضاء والقدر، وكشف الوالي عن اجتماع للجنة الأمن بالولاية برئاسته تم بموجبه تحديد اجراءات وضوابط للتقديم بالمحليات وقام الوالي بجولة لأسر الضحايا برفقة أعضاء حكومته. ومن جانبه، أوضح مدير عام وزارة الرعاية والارشاد نصر الدين دفع الله عبد الحي أن الفرص المتاحة للولاية هذا العام بلغت (736) فرصة حج مقارنة بعدد (765) للعام الماضي، وأشار إلى أن إجراءات التقديم قد بدأت بمدينة الفاو لحجاج تلك المنطقة ومدينة القضارف لبقية حجاج الولاية ورأي أن التدافع والتزاحم أدى للحادث وأعلن المدير العام عن تدابير جديدة اتخذت بتقسيم الولاية الى قطاعات ومنح أي محلية حصتها من كوتة الحج على أن تمنح الفرص بنظام القرعة للمتقدمين. تجارب راسخة: ومن المفارقات نجد أن الولايات المجاورة ظلت لديها تجارب راسخة في مجال الحج والعمرة فولاية الجزيرة التي حظيت هذا العام بعدد ألفين فرصة مقارنة بولاية القضارف التي منحت (700) فرصة نجد أن الأولى أفلحت في عملية التنظيم، وذلك بتحديد عدد (12) باب للتقديم بحسب تصريحات مدير الحج والعمرة بالجزيرة. في انتظار التحقيق: ويشدد الكثير من المواطنين الذين استطلعتهم الصحيفة على ضرورة إجراء تحقيقات عاجلة في الحادثة التي أدت لوفاة عدد (12) مواطناً ومحاسبة المسؤولين من التقصير وحملوا وزارة الرعاية والارشاد مسئولية الحادث لجهة تحديدها موقع واحد للتقديم بالولاية.