في أبشع حادثة مأساوية تشهدها القضارف في الساعات الأولى من صباح أمس لقى اثنا عشر حاجا مصرعهم (عفصا) بالأقدام إثر تدافعهم نحو بوابة الدخول للظفر بفرصة من حصة الولاية البالغة (737) فرصة التي منحتها الهيئة العامة للحج والعمرة لحجاج القضارف لأداء شعيرة الحج هذا العام ، أكثر من (6) آلاف متقدم للحج من مختلف أنحاء الولاية كانوا يتزاحمون منذ ليلة أمس الأول أمام بوابة صغيرة في مدخل مدرسة القضارف القديمة وهو الموقع الذي حددته إدارة الحج والعمرة بالقضارف لاستئناف إجراءات التقديم للراغبين في الحج ما أدى هذا الزحام لوفاة عشر نساء وطفلة ورجل (ماتوا) بسبب الاختناق على إثر انهيار بوابة المبني حيث انهال كل هذا العدد المهول على رؤوس النساء من كبار السن وخلف ما لا يقل عن (20) من المصابين من الرجال والنساء نقلوا على إثره لحوادث مستشفى القضارف وغادروها بعد تلقي العلاج . الموقف الرسمي كشف محمد عبد الفضيل السني وزير الرعاية الاجتماعية بولاية القضارف في حديث ( للرأي العام ) تفاصيل حادثة حجاج القضارف قائلا: إن الوزارة حددت الساعة السادسة من صباح أمس موعدا لبداية التقديم للحج وعملت على تهيئة الموقع لاستقبال المتقدمين ونصبت خياما بحجم كبير داخل فناء المدرسة لراحتهم الى جانب مستلزمات أخرى لكنها تفاجأت بحضور أعداد مهولة من المواطنين منذ ليلة أمس كانوا يحيطون بالمدرسة .. وعند الساعة الرابعة صباحا بدأ الناس يزحفون نحو بوابة المدرسة وتسبب هذا التزاحم في كسر البوابة وارتمي الجميع فوق بعضهم البعض حيث أدى ذلك لوفاة (12) شخصا وإصابة آخرين بجروح وكسور وكان الحادث قد سبق بداية إجراءات التقديم بساعتين وفي زمن وجيز جدا قبل حضورنا للموقع بدقائق بعد أن تم اخطارنا بتدهور الموقف ، لكن يبدو أن السيف سبق العذل رغم كل التحوطات الكبيرة والدقيقة التي وضعناها لتلافي أية مشكلة قد تحدث بسبب الكثافة العددية للمتقدمين للحج مبينا أنه تم تعليق إجراءات الحج لمدة أسبوع على أن يبدأ التقديم عبر المحليات ويتم الفرز بالقرعة ، وعزا مركزة التقديم للحج في القضارف باستثناء الفاو لقلة المتقدمين للحج من هذه المناطق. فيما أوضح مبارك الشفيع مدير إدارة الحج والعمرة بالقضارف إن الإدارة كانت بداخل المدرسة قبل وقوع الحادث ترتب لبداية إجراءات التقديم لتفاجأ باندفاع الحجاج لداخل المبنى عنوة بعد دفعهم لباب المدرسة وهذا أدى لسقوط ضحايا جلهم من النساء لقين ربهن بعد دهسهن بالأرجل في مشهد مأساوي ومبكِ ومضى بأن الحج والعمرة فضلت البدء مبكرا خشية هذا الزحام وحتى لا نضيع حقوق المبكرين ، ولكن يبدو أن ضخامة عدد المتقدمين وتسرعهم تسبب في وقوع هذا الحادث البشع منوها الى أنه جرت محاولات من قبل الإدارة والشرطة التي كانت موجودة في الموقع الا أننا فقدنا السيطرة عليه وأنهار جزء من سور المدرسة على رؤوس نساء أودى بحياتهن في الحال . الشرطة .. تفقد السيطرة وحاولت الشرطة السيطرة على الموقف لتجنب الخسائر في الأرواح لكن تدافع المواطنين ورغبتهم في الحصول على فرصة الحج حد من أداء دورها خشية وقوع ضحايا بين المتقدمين حيث أطلقت أعيرة نارية في الهواء لإزاحة المتجمهرين أمام البوابة لكن كثافتهم اقتلعت الباب المؤدي الى داخل المبنى وتسبب ذلك في هرج ومرج كبيرين سقط من جرائه عدد من المواطنين على الأرض وتعرضوا (للعفص والدهس) حيث أسلمت اثنتا عشرة امرأة الروح الى بارئها. وقال مدير شرطة الولاية اللواء إبراهيم عثمان إننا كنا مطمئنين لإجراءاتنا تماما لتوفير أقصى درجات التأمين للمواطنين حيث كان موقف الشرطة سليما وحضاريا وحاولت قدر استطاعتها احتواء الموقف لكن ضخامة عدد المتقدمين الذي فاق ال (7) آلاف حاج حال دون ذلك .. ورغم ذلك حاولنا ضبط وتهدئة الموقف لكن (كسر الباب) بالقوة هو الذي فاقم المشكلة . شهود عيان ذكر شهود عيان للصحيفة إن المشكلة كانت سوء تنظيم وترتيب في عملية الدخول كان يمكن تجاوز ما حدث لو كان هناك مسئول في الموقع الذي ترك للشرطة وبعض الموظفين الصغار ، منوهين الى أن تكريس كل إجراءات التقديم للحج في مدينة القضارف به مشقة وعنت للقادمين من خارج القضارف وكان من الأفضل أن تكون هناك لجان بالمحليات لتخفيف الضغط على القضارف.. وقال أحد الحجاج إنهم كانوا يخشون نفاد استمارات الحج كما حدث في الموسم السابق الذي تم فيه قبل باب التقديم بعد ساعات من فتحه لذا تجمهر الناس من كل المناطق و(باتوا) ليلتهم خارج أسوار المدرسة للحصول على فرصة الحج حيث كانت الرغبة كبيرة لاداء فريضة الحج . واكتفت شاهدة عيان كانت تساعد شقيقتها المصابة في الحادث بقولها (حكومة مافي يا ولدي ، لو كانت في ما كان دا حصل ولا كان خلطوا النسوان مع الرجال) ولم تزد عن ذلك ، في المقابل أوضح شهود عيان آخرون بأن الذي جرى أمام أعينهم لا يمكن وصفه ، فهناك حجاج وفدوا للموقع من الساعة العاشرة مساء وظلوا في انتظار بداية الإجراءات مع توافد أعداد كبيرة جدا وأضحت تزحف ناحية البوابة الرئيسية ولم تستطع الشرطة إيقافهم فحدث ضغط شديد على جانب النساء فانهار سور المدرسة مما أدى لوفاة هذا العدد وكان المنظر مذهلا لا يمكن احتماله وتم سحب الجثث من تحت الأنقاض. برلماني سابق يحمل حكومة الولاية المسئولية من جهته حمّل الأمين عبد اللطيف عضو المجلس التشريعي بولاية القضارف السابق حكومة الولاية مسئولية هذا الحادث الذي خلف قتلى وجرحى بالعشرات قائلا : إن المشكلة كانت تنظيمية بحتة وتحتاج لعقول تحمل فكرا وفهما متقدما وكان يجب وضع تدابير احترازية مسبقة نظرا لقلة و محدودية الفرص المتاحة لولاية القضارف في حج هذا العام .. مبينا أن الحجاج كانوا متوقعين عدم ايجاد فرصة للحج على غرار ما حدث في العام السابق الذي نفدت فيه فرص الحج في ظرف ثلاث ساعات من التقديم لذلك تدافعوا في هذا العام مبكرا لنيل فرصتهم في الحج والفرصة نفسها ربما تكون غير سهلة حسب تجربة العام السابق الذي نفدت فيه الفرصة خلال ثلاث ساعات والدليل على ذلك ان الحجاج حضروا قبل يوم من التقديم والتقييم العام كان يؤشر لوقوع مثل هذه الكارثة حيث لم يكن هناك من المسئولين من يجنب وقوع الحادثة. وأرجع الأمين عبد اللطيف وقوع الحادث لسوء التنظيم من جانب إدارة الحج والعمرة وحتى الشرطة لم تستطع حسم الموقف مع ان التنظيم كان يفترض أن يتم بطرق مختلفة خصوصا ان المركز قال إن فرص التقديم متاحة ل 15 يوما ، أو كان الأحرى أن يخضع التقديم لعملية القرعة لتلافي مثل هذه المشكلات التي كشفت بؤس التخطيط والتنسيق والتنظيم ، مشيرا الى أن الوفيات التي شهدتها القضارف بسبب التقديم للحج لم تشهد المملكة العربية السعودية مثيلا لها في العام السابق لا في رمي الجمرات أو في بقية المشاعر الأخرى ، السعودية التي احتضنت خمسة ملايين حاج ، فما بال ولاية مثل القضارف يفشل مسئولوها في تنظيم إجراءات خمسة أو ستة آلاف حاج فقط !! وجه الأمين عبد اللطيف اتهامات حادة لحكومة الولاية قائلا إنها فشلت تماما في إدارة ملفي الزكاة والحج حيث كان أداؤها فيهما دون المستوى خاصة في هذا الموسم ، مضيفا أن حكومة الولاية عودتنا على اللا مبالاة ولا تعترف بالخطأ عملا بمقولة (غلطان المرحوم).