في خطاب السيد الصادق المهدي بميدان الخليفة السبت الذي وجهه لجموع مريديه ومحبيه الذين تقاطروا من داخل العاصمة والاقاليم وإكتظ بهم المكان وما حوله لحد الظن بأن في الامر غير خطاب عادي جاء ليكمل جملة خطابات ألقاها الصادق المهدي مؤخراً لتبعث رسائل محددة مضمونها واحد هو الجهاد المدني وسلمية التعبير ونبذ العنف وأخذ الحوار كمنهج يخط لخارطة طريق تخرج البلاد من مأذق الحكم وخطب ما تشهده من تحديات ربما تخفي بين جنباتها نذر مزيد من التشظي والانقسامات في ظل ضيق أفق الحوار مع من هم علي الاطراف يرفعون البندقية ومعارضة الداخل التي تجادل بالكلمة والحوار السلمي. خطاب السبت بميدان الخليفة جاء مقتضباً بمقارنة التجهيزات والدعوة الكبيرة التي سبقته، خطاب قصد منه التركيز علي نقاط بعينها، مضامينه لم تقتصر علي الشأن الداخلي والوضع السياسي القائم كما كان متوقعاً، أنما تعداه وتعرض للشأن الاقليمي وما تموج به المنطقة من حولنا من تغيرات جزرية ذات صلة بإعتبار ما سيكون من تغير شبيه مرجو ومتمني في مشهدنا السياسي، إستهل الخطاب بنداءات عشر بدأت بنداء أبا البقعة والقلعة التأريخية وما تعنيه من رمزية في الصمود ومقارعة الظلم، ونداءها علي هذه النحو الاستدعائي يعطي إشارات تعتب لمرحلة متقدمة في مسار صراع المعارضة، ولم يغفل الخطاب الجبهة الثورية وكان نداؤها.. نعم أن لها مطالب مشروعة ويجب تحقيقها ولكن ليس بالعنف وحمل السلاح لأن ذلك والكلام للصاددق المهدي لن يسقط النظام واذا ما اسقطه يأتي بآخر اشد إستقطاباً ويمارس أشد ما مارسه سابقه، ونداء اخر لقطر وما حدث فيها من نقلة غير تقليدية كسرت قاعدة الحكم لمدي الحياة وتمني الخطاب أن تعمم وتصبح نهج في تقليب السلطلة وتداولها، ودعوتها لإنشاء صندوق للدعم الاقتصادي والتنموي في الدول التي تحتاج لذلك تأتي وحسب صياغ الخطاب لتأكيد شموليته وإسماعه للكل، وأيضاً تعرض للشأن المصري وما يحدث هناك من إستقطاب مقيت وحشد وتجيش علي شفا الهاوية، وناشد الخطاب كل الاطراف بالتعقل لكي لا تضيع الثورة في خضم ما يجري، إلأ أنه إستبعد ذلك طالما الازهر والجيش في الحياد،وآخر النداءات العشر وجهت للرئيس الايراني المنتخب بأن يكون علي قدر التحديات خاصة الجوار الايراني الملتهبة واتهام إيران دائماً بأنها أحد المواقد التي تلهب صراعات ما حولها،الملاحظ أن انتقاء هذه الاحداث قصد منه أن تكون مصدر إلهام وقوة دفع في مسارالتغير الديمقراطي بالسلم ومقارعة الفكر بالفكر . تردد ذكر طائر العنقاء الطائر الخرافي الذي أوشك أن يكون رمزاً لحزب الامة من شدة تشيبه صمودهم به، جاء ذكره أكثر من مرة بين ثنايا الخطاب، وبأن العنقاء لا تصاد كررها السيد الصادق أكثر من مرة مما يتأكد جلياً أن المعارضة بصدد أن تخطو خطوة نوعية لنقل الصراع سلمياً للساحات والميادين بل حزب الامة عزم فعلياً علي ذلك واعلن في نهاية الخطاب أن هذا هو حاله والماعاجبو الباب يفوت جمل علي حد تعبيرالخطاب، ولاطفاء هذا اللهيب توجه الخطاب لرئيس الجمهورية وتذكيره بأن لا يستمع للذين ينفون وجود المعاضة، بل هنلك معارضة من داخل النظام نفسه، إلا ما حال ودإبراهيم وقوش واصفهما الخطاب بأنهما من أشد مؤيدي النظام بالاشارة لمآلهما، الخطاب حمل في طياته كثير الاشارات والايماءات وبأن الصبر قد نفد بعد ربع قرن من الاخفاقات بسبب التمكين الذي امحق كل شي وابدل كل شئ وقسم كل شئ واضاع كل شئ.... وبعد وقفة في نهاية الخطاب ختمه السيد الصادق بكلمة أرحل .. إرحل هذه الكلمة تعتبر بيت القصيد في مجمل ما صيغ وذكر بل هي في حد ذاتها خطاب كامله.