[email protected] بصراحة هل تؤيد أن يستقيل المسؤول عندما يصدر منه الخطأ أو عندما يقع خطأ في دائرة إختصاصه؟ سؤال يصلح لموضوع في استطلاع للرأي العام، فقد كثر الحديث عن ثقافة الإستقالة التي تكاد تنعدم في مجتمع بلاد العجائب، الوضع الذي أظهر مفردة الكنكشة في الصحافة السودانية وهي اللفظة التي تنم عن غيظ دفين تجاه من يتمسكون بمناصبهم رغم الإخفاق. عن نفسي أنا ضد فكرة الإستقالة التي قد تعني الهروب، كما انني مناهض لسياسة الكنكشة ومؤيد لثقافة الإقالة وهي أن تصدر الجهات المسؤولة عن تعيينك قراراً يقضي بحرمانك عن مزاولة العمل إذا دعت الضرورة التي يجب أن تتوصل لها لجنة مختصة، وقد تابعت بإعجاب شديد وإحترام موقف مسؤول الحج والعمرة بولاية القضارف الذي فضل حجب اسمه أو انه سقط من ذاكرتي عند كتابة المقال المهم فقد رفض هذا المسؤول التنحي وتقديم استقالته عندما وقعت حادثة التدافع وسقوط الحائط الذي تسبب في موت عدد من الضحايا الذين نحتسبهم عند الله شهداء وبرر، الرجل تمسكه بموقفه بأن الإستقالة أدب غربي وافد لا يقتدي به وكلامه صحيح وعين العقل من زاويتين الاولى عند النظر للفائدة التي سيجنيها أهل الضحايا من استقالته فهي لا تعني لهم شيئاً فلن تعيد حبيباً ولن ترجع بالزمن مرة بل العكس صحيح، فمن زاوية أخرى أكثر أهمية ربما يكون نفس المسؤول هو الشخص المناسب عند تطبيق نفس الإجراءات في المرة القادمة لكي يتلافى الخطأ إلا إذا كان وراء الخطأ شبهة الإصرار عليه، وهذا معدوم بالضرورة في هذه الحالة. ايضاً ربما يكون الخطأ الذي حدث بعيد كل البعد عن أن يكون مصدراً للحكم علي الأداء بميزان النجاح والفشل. أخبروني مثلاً ماذا يعني أن يستقيل وزير النقل في عهد مبارك أو مرسي لا أدري والذي وقعت في عهده حادثة دهس القطار لطلاب المدرسة ، وهو خطأ فردي أو ربما جماعي في هيئة السكة الحديد أو انه سوء تقدير من سائق الحافلة المدرسية، لا أقول هذا استخفافاً بنتيجة الحادث التي تألم لها الجميع، ولكن هل هذه الحادثة من الممكن أن تتسبب في وصم وزير النقل بالفشل؟ وماذا كان بوسعه أن يفعل لتفادي هذه الحادثة ؟ فالقطار يجب أن يمر وحافلة الطلاب يجب أن تمر إلا إذا كان الأمر تعبيراً عن حزنه الشديد لهذه الفاجعة ، يجب أن تكون الإستقالة أو الإقالة بأسباب مباشرة لها علاقة بالتقييم المباشر لأداء الفرد حيث يكون الخطأ دليلاً على سوء القصد في التخطيط أو التنفيذ وفي حالة صاحب القضارف هذا ربما كان الأمر يحتاج إلى اقالة وليس استقالة إذا رأى القائمون على الأمر ربما بقليل من التخطيط يمكن تفاديه وربما كانت أفيد من حيث المدلولات بأن هنالك جهات تراقب أداء المسؤول وتحاسبه عليه، اما الذي يحدث في بلاد العجائب لا هو إقالة ولا هو استقالة ، فكلما في الأمر تحويل من مكان لمكان آخر ربما كان أكثر حساسية وسخونة من المكان الأول والأمثلة على ذلك كثيرة . غالباً ما يتم التلويح بالإستقالة بحيث لا تكون مقصودة لذاتها وإنما تقليداً أعمي للخواجات وإظهاراً للرقي أو هروباً من المسؤولية أو استجداءً للعطف، فكلها مشاهدة ولها من الأمثلة الكثير. على الذين يصدعون رؤوسنا منادين باستقالة فلان وعلان أن يوزنوا الأمر بميزان العقل وأن تكون المطالبة في أمور تفضي بالدليل القاطع إلى فشل المسؤول وعدم أحقيته بالإستمرار. ودمتم