فجر امس رحل بهدوء الرجل الذى كان ضجة اسلامية باذخة تمشى على قدمين رجلا كان قويا جدا فى مواجهة اعداء العقيدة بدرجة لاتحتمل فيها مواقفه تفسيرين حادا كالسيف راسخ كجبل لايتزحزح عن قناعاته ابدا ولا يتلجلج فى قول كلمة الحق ولا يحاول تزيينها او تخفيف وقعها على السامع بل يطلقها هكذا واضحة جلية بكل ما تحمل الحقيقة من مرارة . بحكم القرابة كنت قريبا الى حد ما من هذا الرجل واسرته الكريمة بعد ان اشتد عليه المرض ورغم ذلك ظل هو يس الذى يعرفه الاسلاميون جيدا ، قويا شامخا لايخشى شيئا ورغم محنة المفاصلة التى فتت فى عضد الحركة الاسلامية ظل يس وفيا وقويا لما يعتقد انه الحق وانه الاصل ورغم انه كان يمتلك بعض الملاحظات التى لم يستحى فى مواجهة الشيخ حسن الترابى بها الا انه ومن باب الوفاء والمرؤة آثر ان يقف مع الشيخ ولاينفض مع المنفضين ولان الجميع يعرفه ويعرف سابق جهاده فقد ظل محل احترام وتقدير من الجميع ( منفصلين ومفصولين ومتفاصلين واصحاب الاعراف السياسية ) ففى كل المناسبات حزينها وسارها كانت اطياف الاسلاميين تلتقى فى داره او دياره مهنئة او معزية وكثيرا ما ترى البشير والترابى فى مناساباته الاجتماعية او من ينوب عنهما. يس عمر الامام من الرعيل الاول الذى حمل الامانة فى احلك الظروف يوم كانت اشواق الاسلاميين سامية جدا وراقية جدا وخالصة جدا قبل ان تناوشهم الدنيا ويغويهم المال والسلطان يوم كان المنتمى للحركة الاسلامية يلاقى الامرين من تضييق السلطات وقصور الفهم العام حينها خاصة الصوفية الذين كانوا ينظرون اليهم شذرا اما اهل اليسار فكانوا يعتبرونهم خطرا داهماوكارثة يتوجب منعها باى ثمن فلقوا مالقوا من حرب معلنة وخفية واضطر بعضهم لان يتقى بعض الشئ الا يس فقد كان مجاهرا وواضحا لايخشى فى الحق لومة لائم حتى لقبه بعضهم فى الثمانينيات بصعلوك الجبهة الاسلامية القومية فقد كان شديدا على خصومها مستعدا لضربهم تحت الحزام ومستخدما كل ادواتهم لذا كان فى مواجهة نقد فى الديوم حيث شفى صدور قوم كثر . يس تعرض فى السنوات الاخيرة لابتلاءات صحية كثيرة حيث اجريت له سلسلة من العمليات الجراحية قابلها بصبر عجيب ، صبر لايملكه الا الاقوياء امثاله لم اره يشتكى بل كان يتحمل الآمه بايمان نحسبه تام ويقين كبير ورضا يملأ جوانحه باستمرار، ولعل هذه الصفات هى التى اهلته ليكون واحدا من القيادات التاريخية التى يشار اليها بالبنان وليت الاخ محمد حاتم يسمح بان يقوم التلفزيون القومى باعادة تلك الحلقات الشهيرة التى سجلها الاستاذ حسين خوجلى مع الفقيد الراحل ابودجانة حتى يستعيد الناس ذكريات الزمن الجميل وتتعرف الاجيال الجديدة عن نوع من القادة فريد ، الا رحم الله عمنا يس وجعل الجنة مثواه وبارك فى ذريته والعزاء موصول لكل من قال لا اله الا الله محمد رسول .