[email protected] على الرغم من ان انهيار دولة جنوب السودان ليس احتمالا واردا لعدة اعتبارات اولها ان ادارة الرئيس اوباما تعتبر دولة الجنوب من انجازاتها الخاصة في افريقيا وان انهيار هذه الدولة سيكلف اوباما والحزب الديمقراطي غاليا ، والسبب الثاني ان هذه الدولة لاتحظى بالرعاية الامريكية فقط بل هناك ايضا النرويج ودول اخرى تمنحها الدعم والرعاية، والسبب الثالث هو ان هذه الدولة وجدت لتبقى كنموزج للدولة التي تحظى برعاية الغرب ولكي تتم مقارنتها قريبا بالسودان حتى يرى شعب السودان الفرص التي ضيعتها عليه حكومته بسبب عدائها للغرب تماما مثلما حدث ايام الحرب البارد عندما تعهدت امريكا ومؤسسات التمويل الغربية بالرعاية الدول التي عرفت فيما بعد ب (النمور الاسيوية) مثل كوريا الجنوبية وسنقافورة وتايوان وماليزيا والفلبين حتى يتضح الفرق بينها وبين الدول المتحالفة مع المحور السوفيتي مثل كوريا الشمالية و فيتنام الشمالية وكمبوديا وبورما ولاوس . الاهتمام الغربي بدولة الجنوب يتجلى ايضا في الضغوط التي تمارس عليها من قبل الدول والمنظمات الغربية من اجل احترام حقوق الانسان و محاربة الفساد وهو الامر الذي جعل سلفا كير يرفع الحصانة عن اثنين من الوزراء بتهمة اختلاس اموال لان التنمية لايمكن ان تتحقق في ظل الفساد وفي الغرب يؤمنون بالحكمة الفائلة ( مع الفساد الكل خاسرون ).وهناك ظاهرة اخرى تتندر بها بعض صحفنا وهي محاولات نائب رئيس دولة الجنوب منافسة الرئيس سلفا كير في الإنتخابات القادمة هذه المناورات التي يمارسها رياك مشار تجد الدعم والمساندة من الدول الغربية الصديقة لدولة الجنوب والهدف منها منع هذه الدولة الوليدة من الانزلاق باتجاه تجارب زمبابوي وارتريا حتى لو ادى ذلك الي انقسام حزب الحركة الشعبية الي حزبين لان بعض اصدقاء الجنوب لديهم اعتقاد بان انقسا م الحركة من شانه ان يقلل من تدخل الجيش الشعبي في السياسة ويساهم في مسالة التداول السلمي للسلطة لان احزاب الجنوب ضعيفة وغير قادرة على انتاج تجربة ديموقراطية ناجحة. مع ذلك من الممكن طرح السؤال ، ماذا سيكسب السودان من انهيار دولة الجنوب ؟ يمكن تلخيص الاجابة على هذا السؤال بالقول ان السودان هو اول واكبر الخاسرين لو ان هذه الدولة انهارت . وذلك لاسباب كثيرة منها ان عدم وجود سلطة علي طول الفي كيلومتر من الحدود سيعقد الوضع الامني في السودان اكثر بكثير من وجود دولة قوية معادية حيث ان الدولة يمكن لجم عدوانها بواسطة المنظمات الاقليمية والدولية ولكن في ظل عدم وجود الدولة رأينا كيف عانى المجتمع الدولي كله من ظاهرة القرصنة قبالة السواحل الصومالية . وان السودان سيجد نفسه مضطرا لحراسة هذه الحدود يصورة تمنع دخول الجماعات المسلحة في حالة حروب الكر والفر وتمنع تسرب السلاح وتمنع التجارة المحرمة دوليا التي تنشأ في مناطق الهشاشة الامنية مثل الاتجار بالبشر والمخدرات ويمكن تخيل حجم واردات الاسلحة المطلوبة لمواجهة هذا الوضع و حجم القوات الواجب حشدها والمؤن المطلوب تشوينها وما يتطلبه ذلك من موارد مالية ، وما يصيب العملية الانتاجية على طول تلك الحدود التي هي مصدر اغلب ثروات السودان نتيجة لعمليات النزوح بسبب العمليات العسكرية . وستكون هناك ارتال من اللاجئين وما يلازمهم من منظمات اممية ودولية وما يحملونه من اوبئة وامراض وانحرافات سلوكية ، كل هذه الاثار السالبة متوقعة حتى لو تمكن السودان من الوصول الي اتفاقيات سلام مع الحركة الشعبية – شمال وحركات دارفور اما في حالة استمرار النزاع في دارفور وكردفان والنيل الازرق فان الامور ستكون اسوأ بكثير حيث ان حركات دارفور والحركة الشعبية- شمال ستسيطر على المناطق الحدودية تماما بحكم امكاناتها وتجربتها وستسيطر على الحركات التي تنشأ من انهيار دولة الجنوب وربما تسيطر على ابار النفط على نحو مافعلت حركة «يونيتا»في انجولا عندما سيطرت على مناجم الماس وسخرت مواردها لدعم آلتها الحربية . انهيار دولة الجنوب سيجعل السودان يعاني كما عانت باكستان من انهيار افغانستان وكما حدث لاثيوبيا وكينيا من انهيار الصومال وكما عانت الجزائر من انهيار الاوضاع في مالي لذا فان من مصلحة السودان ان تبقى دولة جنوب السودان متماسكة و ممسكة بزمام الامور في اطار حدودها الاقليمية لان اي وضع غير ذلك سيسبب للسودان من الاضرار ما قد يفوق قدرته على تجاوزه ويجعل وجود السودان نفسه في خطر . وبعبارة اخرى ان السودان ودولة جنوب السودان يجمعهما مصير مشترك حتى بعد الانفصال . لذا فمن الافضل للقيادات السياسية في البلدين البحث في كيفية العيش المشترك الذي قد ينتهي بهما الي نوع من انواع الكنفدرالية .