منذ ما يسمى بالربيع العربي الذي حدث في تونس ومصر وليبيا وخلع الرؤساء الثلاثة في تلك الدول الأمور لم تستقر حتى الآن، وسنكتب عن مصر الشقيقة بإعتبارها دولة مركزية وتمثل قلب الوطن العربي وأكبر الأقطار العربية من حيث السكان والجيش بالنسبة لباقي الأقطار العربية الأخرى. ومنذ خلع الرئيس حسني مبارك من السلطة وقيام انتخابات وفاز بها التيار الإسلامي الذي وجد اعتراضاً من كل قوى اليسار وبأن الاخوان المسلمين غير مؤهلين لتولي السلطة لأنه يجعل مصلحة جماعة الأخوان فوق مصلحة الشعب والوطن، بل أن تلك التيارات اليسارية طالبت من الرئيس مرسي بأن يكون رئيساً للمصريين وليس للجماعة، ولكن تنظيم الاخوان الذي له مرشد تآمر الجماعة بتوجهاته وقراراته بأن يكون مرجعية للرئيس مرسي وما حدث بعد ذلك من صراع الجماعة مع القضاء والمطالبة بتطهير القضاء، وكذلك وضع الدستور وغيرها من قضايا الخلاف ما بين الجماعة وقوى التجمع التي رأت في الجماعة بأنها تريد أخونه الدولة أي بمعنى أن تتمكن جماعة الأخوان من كل مفاصل الدولة حتى أن هذه المسألة كانت ستصل الجيش والشرطة ويفقد الجيش قوميته بإعتباره جيش قومي لكل المصريين بجميع إنتمائهم العرقية والدينية أي مسلمين وأقباط، فعزل الرئيس مرسي قائد الجيش طنطاوي وأحاله إلى المعاش رغم إنحيازه لثورة الجماهير ولم يصطدم بالشعب إلى أن جاء قائد الجيش الجديد السيسي الذي بدوره إنحاز إلى الجماهير وأزاح الرئيس مرسي من السلطة ، وهذا الخلع لم يرضي جماعة الأخوان بإعتبار أن مرسي جاء من خلال صناديق الإقتراع ولم يأت به الجيش وله جماهيريته الكبيرة في الشارع المصري والدلالة على ذلك جماهير الاخوان في ميدان رابعة العدوية وأغلب اقاليم الجمهورية بالمطالبة بعودة مرسي وعودة الديمقراطية التي قضى عليها الجيش بإعتبار أن ما قام به هو إنقلاب على السلطة الشرعية. فهل تأتي الرياح بما شتهي السفن كما يقول المثل ويعود مرسي مرة أخرى للحكم؟ اننا نجد أن المجتمع الدولي وعلى رأسه أمريكا تطالب بعودته فهل تقبل التيارات السياسية الأخرى بتلك العودة، كما عاد الرئيس نميري بعد أن أنقلب عليه الحزب الشيوعي بما يسمى بما يسمى انقلاب هاشم العطا وتسيل الدماء كما سالت دماء الشيوعيين في الخرطوم بانقلاب للتيار الإسلامي من داخل الجيش وقد يؤدي ذلك إلى إنقسام الجيش الذي تعتمد عليه البلاد في الدفاع عنها وتعم الفوضى لأن الجيش هو صمام الأمان للبلاد، وهذا السيناريو مستبعد، ولكن محتمل لعودة مرسي للسلطة لأن والله أعلم بأنه لن يعوده بسلطة الجماهير إلا ويحدث عصيان مدني يشل مرافق الدولة وعلى كل حال الأخوان يريدون حلاً سلمياً يجنب البلاد العنف وما يحدث في سوريا لا يريده المصريون ليحدث في بلادهم. أي أن مصر يتجاذبها تيارات أخواني مستبعد عن السلطة وليبرالي استولى على السلطة بواسطة الجيش بلا تفاهم بينهما وكل واحد يريد أن يقضي على الآخر، وقد إنحاز السيسي إلى التيار العلماني، فمن المحللين من يعتبره مؤامرة من أمريكا واسرائيل للقضاء على جماعة الأخوان المسلمين المرتبطة مع منظمة حماس في قطاع غزة وهل ما حدث في مصر سيؤثر على التيارات الإسلامية في كل من تونس وليبيا، فالتيارات غير الإسلامية تطالب بأن لا يكون الدين واحد من أركان الدولة بل شيء أسمى بإعتباره دولة إسلامية وهل يقبل الأخوان بذلك ويفصلوا الدين عن السياسة رغم أن الفكر الاخواني قائم في أساسه على الدين وهل تصبح مصر مثل تركيا في عهد كمال أتاتورك الذي حارب الدين وحارب كل المظاهر الدينية بل منع الآذان؟ فإلى متى سيستمر هذا الصراع وهل يلجأ الأخوان إلى العنف الذي بدوره يؤدي إلى العنف المقابل وفي هذه الحالة لن يكون هناك استقراراً في البلاد الذي هو أساس التنمية والتقدم فقد أتهم الأخوان بأنهم لجأوا إلى القروض الخارجية ولم يستطيعوا السيطرة على الأمن فهل تصل حكومة عدلي منصور المؤقتة ليحل كل المشاكل في الفترة الانتقالية إلى حين تحدث انتخابات جديدة يعزل عنها الاخوان باعتباره حزب قائم على أساس ديني، ويكتب ذلك في الدستور و إلى ذلك الحين هل يتوقف الاخوان في المطالبة بعودة مرسي مرة أخرى فهل إذا عاد ستهدأ الأمور وكذلك إذا لم يعد ايضاً ستهدأ الأمور أم أنها الفوضى التي لن يستفيد منها أحد سواء خسائر للعباد والبلاد ومازال السؤال قائماً إلى أين تتجه مصر أرض الكنانة هذا هو ما يخبئه القدر لمصر.. فنسأل الله اللطف لأن القدر بيد الله أو كما يقول المثل الأقدار تعمي الأبصار فماهو قدرك يامصر تكون أو لا تكون في لقد أصبح الموضوع على المحك كما يقول المثل ايضاً ونصبح جميعاً من النادمين على خلع الرئيس المخلوع الأول حسني مبارك ولا نقول المخلوع الثاني مرسي وربنا يرسي الأمور على بر الأمان ولا تغرق السفينة بمن فيها فإنها تحتاج إلى ربان ماهر. وبالله التوفيق