سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
معاوية أبو قرون جديرون بالذكر والإحترام
من بف نفسك يا « القطار» وحكايات يحكيها محمد المكى ابراهيم
« قطر الغرب» وتفاصيل الحياة والاشياء السودانية
متى تعود للقطار سيرته الأولى لتعود للسودان سنوات الزمن الجميل
القطار فى السودان أهميته الاقتصادية والتجارية معروفة للكافة فهو أرخص وسائل النقل الأخرى واكثر أمناً... والقطار قيمته الاجتماعية والتواصيلية لاينكرها إلا منْ لم يركب القطار فالقطار مكان كبقية الامكنة له عبقه وعبيره وقد تبارى الشعراء والأدباء والكتاب والمثقفون فى تصوير مشاهده فالعلامة البروفسير عبدالله الطيب رحمة الله تعالى عليه كتب كتاب « من نافذة القطار» وكتب الشاعر محمد عوض الكريم القرشى رحمة الله تعالى عليه قصيدة « القطار المرّ» التى غناها الفنان عثمان الشفيع رحمة الله تعالى عليه وكتب الشاعر والكاتب الدرامى هاشم صديق مسلسل « قطر الهم» للاذاعة السودانية حيث غنى الفنان ابوعركى البخيت غناءً درامياً تزامنت إيقاعاته الموسيقية مع « دق عجلات القطار على السكة حديد»: قطر ماشى وعمى الزين وكيل سنفور وقد كان بطل المسلسل الممثل المقتدر حسن عبد المجيد رحمة الله تعالى عليه والذى مازال رنين صوته يرن على آذان منْ استمعوا للمسلسل: « حفظنا السكة محطة محطة وحتى الناظر وجرسو النائم... ود النيل ود سجمان جبل جارى ... والرويان» وفى الاغنيات السودانية غنى الفنان الكبير فضل المولى زنقار أغنية « من بف نفسك يالقطار» والتى رددها من بعده عدد من الفنانين الكبار والفنانين الشباب... وفى الاغنيات الشعبية او ماتعرف باغانى البنات نسمع اغنيات عن القطار « مثل قطر الخميس الفات الليلة ياحليلو» و « القطر الشال معاوية اتكسر زاوية زاوية»... وكتب البروفسير عبدالله على ابراهيم مسرحية بعنوان السكة حديد قربت المسافات. قطار الغرب وقطار حلفا: أعادت هيئة سكك حديد السودان قطار الخرطومحلفاالخرطوم قبل عدة أشهر وأهميته تكمن علاوة الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية أنه يمثل احدى قنوات التواصل مع الشقيقة جمهورية مصر العربية أقال الله عنها عثراتها وأخرجها من راهنها المأساوى الماثل، حيث يقدم قطار الخرطومحلفاالخرطوم خدمة توصيل المسافرين الى مصر عن الطريق النهرى حلفااسوانحلفا ليركبوا من حلفا او أسوان... ولاهمية القطار بالنسبة لسكان وادحلفا وما جاورها يتبادر لذهن سؤال مهم وهو بأى أشواق استقبل اهل حلفا عودة القطار القادم للخرطوم اذ انه يمثل له شريان حياة وقناة تواصل مع الاهل فى بقية آنحاء السودان ومصر. هذه الحلقة أخصصها على غير العادة للقطار كمكان افتراضى له عبيره وله عبقه وبصورة أخص أتناول قصيدة « قطار الغرب التى صاغ كلماتها فى اسلوب شعرى يصلح ليقدم فى شكل فلم او عمل درامى الشاعر الدبلوماسى محمد المكى ابراهيم رد الله تعالى غربته. شجوى ادعوه قطار الغرب القصيدة يبدأ ودالمكى بايقاعات درامية بالغة التصوير: عفواً عفواً يا أجدادى شعراء الشعب يامنْ نظموا عقد الكلمات بشكة سهم أنا اعلم ان الشعر يواتيكم عفو الخاطر عفو الخاطر ويواصل على ذات المنوال الايقاعى الدرامى ويركز فى تصوير المشهد بالقول: وسبقتونى فى هذا الفن وداع الاحباب خضتم أنهار الدمع وراء إحبتكم باركتم بالدعوات مسار أحبتكم من اسكلة الخرطوم الى الجبلين الى الرجاف ويدخل الشاعر الدبلوماسى وبلغة دبلوماسية فى معترك السياسة مبرراً المعاناة وقسوة الحياة فيقول: قاسيتم يا أشياخى قاسيتم كل السودان يقاسى ياشعراء الشعب فدعونى اسمعكم شجوى شجوى ادعوه قطار الغرب تفاصيل الاشياء والناس وبذات الايقاعات الشعرية الدرامية يقدم الشاعر الدبلوماسى محمد المكى ابراهيم توصيفاً دقيقاً لتفاصيل الاشياء والناس فيقول: اللافتة البيضاء عليها الاسم باللون الابيض باللغتين عليها الاسم « ويقصد لافتة محطة السكة حديد بالابيض» ويواصل: هذا بلدى والناس لهم ريح طيب بسمات وتحايا ووداع متلهب كل الركاب لهم أحباب هذى امرة تبكى هذا رجل يخفى دمع العينين باكمام الجلباب ويقدم مشهداً واقعياً مألوفاً يعرفه كل الذين يودعون أهلهم بمحطات السكة حديد « سلم للاهل ولاتقطع منا الجواب» وإرتج قطار الغرب تمطى فى القضبان ووصايا لاهثة تأتى واشارات ودخان وزغاريد فهناك عريس فى الركبان هانحن تركنا عاصمة الاقليم من العاصمة الى الهامش: ويصور ود المكى مسيرة القطار التى بدأت من عاصمة اقليم كردفان « الابيض» ودخولها الى الهامش بالقول: ودخلنا وادى الصبر كل الاشياء هنا لامعة تعلوها كل الاشياء لها ألوان القبر الصبر الصبر الصبر الكوخ المائل لايهوى والشجر الذاوى ليس يموت والناس لهم أعمار الحوت الى ان يقول: وقطار الغرب يدمدم فى إرزام تتساقط أغشية الصبر المترهل حين يجئ الوان الجدة فى وديان الصبر تضئ والريح الناشط فى القيعان يمر ساس يسوس: مازال الشاعر الدبلوماسى محمد المكى ابراهيم يواصل توصيفه للقطار... فحدثنا عن ماذا فى خارج القطار... وهاهو يدخل بنا فى مشاهده الدرامية الى داخل القطار فيصور تفاصيل كل مايجرى فيه بدقة متناهية فيقول: ساعات الأكل تعارفنا الصمت الجاثم فى الحجرات إنزاح وتبادلنا تساءل فضوليين تحدثنا فى ساس يسوس وتخذلقنا عن جهد الانسان الضائع فغرسنا فى كل آنحاء الارض مزارع جئنا بالجرارات حرثنا هذى الارض الممتدة كالتاريخ حبلى بالشبع بالخصب المخضل والناس هنا خيرات الأرض تناديهم لا أذن تصيخ دعنا منهم وتدارسنا تحديد النسل درجات القطار والتفاوت الطبيعى: ويدخل بنا الى داخل القطار بدرجاتها الاربع المعروفة وارسل رسالة مهمة عن التفاوت الطبيعى بين هذه الدرجات الاربع ومن يركبون فيها فيقول واصفاً لها: وتجولنا عبر الدرجات عربات شائخة تتارجح بالركاب ومقاصير للنوم بها أغراب الأولى خشخش فيها الصمت والرابعة العجفاء بها إعياء قسمة السلطة والثروة: فى احاديث « ساس يسوس» بالقطار وكل ما مرّ باراضى السودان الواسعة وما اكثرها كان يتحدث الناس كثيراً عن عدالة قسمة السلطة والثروة وفيدرالية الخدمات باعتبار ان ارض المليون ميل مربع – بالطبع قبل إنفصال الجنوب السودانى- من الصعب إدارتها مركزياً فلابد من تفكيك هذه المركزية القابضة.. ذلك لأن المحصلة فى كل ذلك هى: هذى الارض الممتدة كالتاريخ حبلى بالشبع بالخصب المخضل والناس خيرات الارض تناديهم وهاهى السلطة الحاكمة الآن قد استجابت لحديث فدلة الخدمات وعدالة قسمة السلطة والثروة ولكن تطبيقاتها على الواقع تحتاج لبعض الاصلاحات والمراجعات. كوستى ... أناس بلا وداع: مدينة كوستى شانها شأن المدن السودانية الكبيرة القطار عندها له دلالات مادية ومعنوية والنازلون من القطار عندها لايجدون الحظ فى الاستقبال والوداع حيث يصف المشهد ود المكى بالقول: ( كوستى وآذان ينصرفون بلا توديع) مابين النيلين وجزيرة القطن: وفى دقه متناهية يصور ود المكى دخول قطار الغرب القادم من مدينة الابيض الى منطقة الجزيرة المروية ويلخص حركة الناس وطباعهم وحبهم الغريزى لتطوير حياتهم وجمعهم للثروات الحلال وتأثير مشروع الجزيرة على حياتهم فيقول: هانحن دخلنا مابين النيلين الناس هنا جنس آخر فقراء وثرثارون ولهجتهم فى لين القطن والباعة ملحاحون وحلافون ولهم آذان تسمع رنة قرش فى المريخ هذا نوع فى كل آنحاء القطر تراه جنس رحال منذ بدايات التاريخ ارض الذهب البيضاء بهم ضاقت فانبثوا فى كل متاهات السودان الشئ المفرح ان لهم آذان وعيون تعرف لون اللص الرابض للقطعان وسواعد حين يجد الجد تطيح * * * * * * قطار الشوق متين ترحل: تلك هى مسيرة القطار التى صورها الشاعر الدبلوماسى محمد المكى ابراهيم من مدينة الابيض الى مدينة الخرطوم والتى وصفها لما فيها من عمران وبنايات شامخة بوصف « هذى ليست احدى مدن السودان» ... هذه المسيرة قطعاً تذكرنا وتحسنا على تداول تلك الاغنية العطبراوية « الاتبراوية» الشهيرة: « قطار الشوق متين ترحل تودينا نشوف بلداً حنان أهلها» فالقطار مسيرة حياة اجتماعية واقتصادية من عبير مكانها الافتراضى ننسج نسيج وطن متماسك قربت مسافاته السكة حديد... متى سيعود للسكة حديد مجدها وللقطار سيرته الاولى لتعود للسودان أزمانه الجميلة.