[email protected] ضحايا كثر سقطوا منذ تفجر الاوضاع في سوريا قبل عامين ونيف تقدر بعض الاحصاءآت ان اعدادهم تجاوزت المائة الف قبل استخدام السلاح الكيميائ في الحادي والعشرين من اغسطس الماضي . ولعل ابرز الذين سقطوا في المستنقع السوري هو الرئيس الامريكي باراك اوباما نفسه. تسببت الازمة السورية في تعرية الرئيس اوباما تماما ولم يعد من بين المحللين والخبراء من يشك في ان ضعف اوباما واحد من اسباب تفاقم ازمات كثير داخل وخارج الولاياتالمتحدة ولكن اكثرها ترجيديا هي الازمة السورية . عندما جاء هذا لرئيس للحكم قيل حوالي خمس سنوات تفاءل كثيرون ان امريكا سوف تتغير الي الاحسن وسيتبع ذلك تغير الي الاحسن في جميع انحاء العالم بعد ان اصبحت امريكا هي القطب الاوحد بعد انهيار الكتلة السوفيتية . ولكن باراك اوباما خيب امآل حلفاء امريكا و اصدقائها ، فالرجل قطع وعودا اثناء حملته الانتخابية بايجاد حل للقضية الفلسطينية على اساس حل الدولتين وتصفية معتقل «قوانتيناموا» سيء السمعة والانسحاب من العراق وافغانستان واصلاح النظام الاقتصادي العالمي وكثير من الالتزامات الداخلية . ودشن موقفه من العالم العربي والاسلامي بخطابه الشهير في جامعة القاهرة . ولكن طوال فترته الاولى لم يستطع فعل شيء في ما يلي القضية الفلسطينية ولم يجفف « قوانتناموا» وهرب هروبا مذلا من العراق وترك البلد غارقا في الفوضى ومع اقتراب موعد الانسحاب من افغانستان اصبح المشهد هناك اكثر دموية ، اما سياسته تجاه العالم الاسلامي فقد لخصها الرئيس الامريكي الاسبق « كلينتون « بعد احداث القنصلية الامريكية في بنغازي بقوله: ان اوباما رئيس هاو . لقد تبخرت جميع وعود اوباما تجاه العلم العربي والاسلامي بواستطة جملة واحدة اطلقتها الدعاية الصهيونية ملخصها : اوباما اشتراكي ومسلم يخفي اسلامه . لكن كما اشرنا فان الازمة السورية هي التي قضت على اوباما تماما اولا لانه فشل في استصدار اي قرار من مجلس الامن يدين المذابح في سوريا اذ تحطمت كل محاولاته امام الفيتو الروسي الصيني المزدوج ، لقد وصفه احد الكتاب في صحيفة واشنطن بوست بانه اي اوباما يجيد الوقوف امام كميرات التلفزة ويتقن تنميق العبارات ولكنه يجهل تماما المناورات السياسية وممارسة الضغوط على طاولة المفاوضات وعندما يواجه موقفا متعنتا من الرئيس الروسي فلادمير بوتن يكتفي بتقطيب حاجبيه ويصمت ، و كان بعد كل هذيمة ينالها في مجلس الامن يذهب الي وسائل الاعلام ويطلق الوعود والتهديدات ويتحدث عن ان السلاح الكيميائ خط احمر دون ان يطلب من القادة العسكريين تزويده بما يجب فعله لو ان سوريا استخدمت ذلك السلاح فعلا . وعندما جاءت لحظة الحقيقة واتسخدمت سوريا السلاح الكيميائ في الحادي والعشرين من اغسطس الماضي ولم يكن امام اوباما بد من تنفيذ تهديداته خرج الي العالم بحديث لم يسبقه عليه احد فكان اول شخص يشرح لعدوه ويطمئنه بانه سيضربه ضربة محددة لن تتسبب في مقتله . وعندما ساله القادة عن احداث اليوم التالي وبعبارة اخرى ماذا سيفعل لو ان سوريا هاجمت الاردن او اسرائيل او ان حزب الله رد بمهاجمة اسرائيل او قامت ايران بضرب بعض حلفاء امريكا في الخليج او اغلقت مضيق هرمز لم يجد الرجل ما يجيب به وبدا مثل تلميذ تفاجأ بامتحان الرياضيات ، وقرر الاحتماء بالكونجرس وطلب التفويض في امر هو من صميم صلاحياته . صحيح ان ذلك كان انسب المخارج حتى يتمكن القادة العسكريون من ترتيب امورهم ولكنه في نفس الوقت يعني تخليا للرئيس عن صلاحياته والاقرار بانه اصغر من ان يتحمل هذه المسؤولية والاهم من ذلك فقدانه لورقة المناورة الوحيدة التي يقال انه يريد بواستطها ان يعقد صفقة مع روسياوايران يتم من خلالها ترحيل المخزون السوري من الاسلحة الكيميائية الي ايران وتدميره هناك لان اوباما الذي بنى كل امجاده السياسية على العداء للحرب لايريد ان يختم حياته في البيت الابيض بحرب جديدة ولكن الرياح اتت بغير ما تشتهيه سفن اوباما .وسيبدأ الكونقرس اعتبارا من التاسع من هذا الشهر في رسم الخطط وتحديد الضربة العسكرية ومداها الزمني وسوف لن تكون الضربة كما شرحها جون مكين زعيم الاغلبية الجمهورية في الكونقرس محدودة بل ستشمل ضمان اسقاط النظام وربما تشمل ايضا توجيه ضربة عسكرية للبرنامج النووي الايراني وتوجيه ضربة الي حزب الله لان اصدقاء اسرائيل في الكونقرس يرون ان الوقت مناسب لحسم هذه الملفات العالقة حيث ان الوقت ليس في صالح اسرائيل . الطبقة الحاكمة في الولاياتالمتحدة واوباما ليس من ضمن افرادها تدرك بان قوتها الاقتصادية تعتمد كليا على قوتها العسكرية وان اي شكوك تصيب مصداقيتها كقوة عظمى تعني انهيارها الاقتصادي وتعرف انها ستجد من يتحمل نفقات الضربة العسكرية على سوريا تماما كما يدفع العراق الان نفقات ضربه . لقد كاد اوباما ان يصيب مصداقيتها في مقتل ، اما الان وقد قام طوعا بتسليم صلاحياته للكونقرس فاغلب الظن انه سيكون اخر رئيس من خارج ال WASP .