في يوم الجمعة من كل أسبوع أكون حريصا ومغرما جدا بقراءة صفحات التراث والتوثيق والفنون والتجارب الإنسانية المختلفة باعتبار ان يوم الجمعة للراحة الذهنية والخلود من عيط وعاط وساس ويسوس وهي أيضا بداية لأسبوع قادم وأكون ا كثر حرصا على تقليب الصفحات التي تهتم بذلك وجريدة السوداني الأكثر استحواذاً على الاطلاع وبالذات ملخصها الثقافي والذي يشرف عليه أستاذي الفاضل الجنرال / أحمد طه ويسهم أيضاً بمساهمات متنوعة وما يحويه من قضايا متعددة والتي يشارك فيها جمع من الأدباء والمبدعين . ولقد استوقفتني التحقيق الجرئ في جمعة 23 أغسطس 2013م ذلك التحقيق الذي أجرائه صديقي الرائع جداً ودوما / محجوب حسون مراسل السوداني من نيالا ، ولقد توطدت بيننا الصلات الطيبة و الأخوية لسنوات عديدة عبر المنتديات واللقاءات العملية عندما كنت اعمل هنالك ، استطلع فيه عدد من العاملين وهم يمارسون تجارة الفرش الأرضي في نواحي من السوق ولقد أجبرتهم الظروف التي تعيشها الولاية على ذلك فصارت لهم مهنة حيث قامت السلطات المحلية وفي حملة نظافة السوق وتوسيع مواعين مصاريف المياه حيث تم قطع بعض الأشجار وجميل أن تظل تلك الشجرة التاريخية التي تتوسط السوق وجوار المطافئ والتي يرجع تاريخ زراعتها عام 1967م (حسبما جاء في الاستطلاع ) وبكل المقاييس أصبحت هذه الشجرة واحدة من رموز المدينة التجارية وهي تتوسط السوق الكبير وتعتبر مكتبة شعبية عريقة حيث يفرش عدد من الباعة الكتب والمجلات الفنية والأدبية والدينية والعديد من العناوين المختلفة ، وكنت دوما أزورها بحثا عن بعض الكتب والإصدارات القديمة بالإضافة إلى بعض الأغراض التجارية الصغيرة و الشئ بالأخر يذكر أيضا وكنت شاهداً على ذلك عندما اتصل بى من الضعين رجل البيئة الأول والمدافع القوي عن الغابات والأشجار الأستاذ الراحل/ محمود عيسي مادبو وأخبرني بأن هنالك حدثاً جلل في المدينة وأنه سوف يصل بكرة ويأتي بأى وسيلة لنيالا لمتابعة هذا الأمر وعند حضوره عليه رحمة الله سألني (عملت شنو ) ولم أرد وواصل لابد من فتح بلاغ وعاجل لدى الجهة المختصة ثم ذهبنا سويا إلى شارع الكنغو حيث ترقد ميتة تبلديه كرم الدين العريقة والتي زرعت منذ عهد بعيد ولأهل هذا الحي ذكريات وحكاوي في ظل هذه التبلديه والتي قطعت دون معرفة الأسباب وقام عليه رحمة الله بتصويرها كمستند يقدم مع البلاغ !! وكدليل على الجريمة الكبرى بالفعل تم تحرير بلاغ بذلك ولا ادري ماذا حدث بعد عودتي للخرطوم ، و بعد إنتهاء عملي من هنالك ورحيل الأستاذ مادبو في رحلة اللاعودة وهو يحمل في حقائبه العديد من القضايا التي تتعلق بقطع الأشجار والغابات والبيئة في معظم مدن ولاية جنوب دارفور وفى مقدمتها الضعين ونيالا !! ومالا أنساه أيضا شيخ العرب والعارف بأحياء نيالا وشوارعها وفرقانها وأهلها وقبائلها المغفور له عثمان محمد احمد الصديق ( عثمان لوكندة ) كما كان يحلو لأهله بنيالا مناداته بذلك لارتباطه بالكوندة دارفور التي شيدها وزخرفها وأبدع في بنائها خاله المهندس المعماري الراحل/ إبراهيم خليل ويرجع تاريخها إلى عام 1963م وهي بفعل الميراث وقضاياه قد أصبحت في ذمة التاريخ أيضا وتحولت إلى منفعة أخرى حيث كتبت عنها كثيرا والأشجار والطيور التي تعيش فيها وتحديدا شجرة النبق الهندية المميزة والتي يبحر عم عثمان عليه رحمة الله في الحديث عنها باعتبارها واحدة من رموز اللوكنده كغرفة رجل البيئة مادبو والذي كان يقيم فيها لفترات طويلة ، وأتصفح الملحق الأسبوعي لجريدة السوداني وأعانق مساهمات الأستاذ / وليم زكريا بشارة والذي يكثر الحديث والمساهمة عن عاداتنا وتقاليدنا السودانية السمحة والعلائق الحميمة التي تربط المسلمين والمسيحيين في العديد من مدن السودان و ام درمان تحديدا وإحيائها العريقة القديمة والتي تجاور فيها الناس بقبائلهم ودياناتهم المختلفة والأستاذ / بشارة مخزون ثر ومتنوع من الإبداع الفني و الأدبي والمجتمعي ، و تراودني دائما الأفكار حول هذا الرجل الموسوعة والمتطلع دوماً للتوثيق ولماذا لا تطبع مساهماته في كتيبات وتحفظ لهذا الإرث الإنساني حقه المشبع بالمواطنة والانتماء للوطن والخوف من الزوال والنسيان وتشويه التاريخ والعديد من الكتاب الذين ساهموا ومازالوا يساهمون في حفظ هذا التراث القومي .. والدعوة موجهة لكل المبدعين والحادبين على تواصل الأجيال وهم كُثر في أن يحفظوا للأجيال القادمة هذا التراث القيم . ولكننا مازلنا ننظر لبعض المساهمات والكتابات والمؤلفات المختلفة بعين قاصرة تخطئ المقصود عمداً ومازلت أتذكر الحملة التي قادها نفر من القوم وكأنهم يعيشون في كوكب أخر وقد نسوا أنفسهم وتراثهم حيث شنوا حملة دون معترك على المؤلف القامة الراحل الأستاذ / الطيب محمد الطيب وكتابه ( الانداية ) ذلك الأستاذ/ الموسوعة في الأدب الشعبي السوداني والذي طوره ووثقه بمجهوده الشخصي وبمعاونة بعض من الجهات التي تفهمت ذلك الأديب والطيب صالح الأديب و الروائي السوداني و العالمي وروايته ( موسم الهجرة إلى الشمال ) وعبد العزيز بركة ساكن و مؤلفه الشعبي والتوثيقي لروايته ( الجنقو مسامير الأرض) وغيرها من مؤلفاته و الكثيرين من المبدعين السودانيين الذين ساهموا ومازالوا يساهمون بإبداعاتهم المتنوعة في التعريف بثقافة وفنون وتراث السودان . أخر سطر : * المبدعة زحل ادم موسى والتي شاهدها الناس عبر برنامج نجوم الغد وأغاني وأغاني لم تنل حظها من الشهرة بالرغم من تجربتها الغنائية التي بدأتها بمدينة نيالا البحير عبر عدد من الفرق الإبداعية والفنية بالمدينة وهى تشكل دوماً حضوراً فنياً ، بالمناسبة هي على أعتاب التخرج من كلية الموسيقى من جامعة السودان ولها العديد من المساهمات الفنية المتنوعة في مجال الإبداع الدارفورى .. ( ولا شنو يا دكتور ترنين ) . * وداعاً ماما أمينة .. سيذكرك أطفالنا كلما تغنوا بالحب والوفاء للوطن الواسع الكبير فأنت في كل نبض من مشاريعنا الإنسانية الخلاقة و التي تسعى لتأسيس مجتمع معافى يحمل رسائل المواطنة . إلي أن نلتقي... يبقي الود بيننا