عنوان هذا الكتاب النادر هو «موسوعة الدراما السودانية» - الشخصيات وهو «الجزء الأول»، اذن هو موسوعة بذل فيها مؤلفها- الاستاذ عبدالله ميرغني الميري- جهداً جهيداً حتى جاءت بهذا المستوى الاستيعابي البديع قدمه المؤلف في شكل رائع على الاخص قد صممه الفنان بدر الدين محمد النور «053» صفحة ولهذا جاء غلافه بصورة خلابة. والكتاب الموسوعة اصدرته مؤسسة أروقة للثقافة والعلوم، لذا فانه ولحسن الحظ- ان صدره بكلمة رائعة أمينها العام الاستاذ السموأل خلف الله وزير الثقافة الآن.. الذي كتب قائلاً: «المسرح السوداني.. والدراما السودانية وأهلها من الكاتبين والممثلين والمخرجين «نسيج وحده في خارطة الفن السوداني، وجدان هذا الشعب يتنفس بنفسه ويحكي عن آلامه وآماله وتطلعاته». واضاف السموأل خلف الله: «تاريخ عريق وتليد، خطه رجال ونساء بأحرف من نور على صفحات من ذهب.. والأستاذ الناقد عبدالله الميري.. يحفظ هذا الارث ويوثقه.. ويسعى سعياً حثيثاً وبفكر ثاقب وقلب يملأه حب الوطن وقلم ومعين لا تكدره الدلاء.. وعلاقات حميمة مع أهل هذا الفن يسعى بين الدور والمؤسسات بخطى صابرة وعزيمة مثابرة، وهو يعلم ان الطريق ليس مفروشاً بالورود وان العقبة كؤود.. ولكن عزم الرجال لا محالة طائل شَّم الجبال، فكان لابد لنا في مؤسسة أروقة للثقافة والعلوم ان نشد من عضده ونؤازره، ونحن على ثقة لا يخالجها شك من ان سفره هذا لا يستطيع ان يتخطاه أحد وان كل من يكتب بعده سيكون عالة عليه- وبالله التوفيق-» اقول: هذه الموسوعة تستحق حقاً هذه التقدمة البليغة التي كتبها هذا الشاب المثقف الذي أصبح الآن زير الثقافة.. على ذات الطريق جاءت كلمات الدكتور سعد يوسف عبيد عميد كلية الموسيقى والدراما.. يحدثنا في مقدمته كيف كان يرى أهمية وضخامة هذا العمل الذي اداه الأستاذ عبدالله الميري قال: لم يمر زمن طويل منذ ان التقاني الكاتب والناقد والمسرحي الاستاذ عبدالله الميري ليطرح علىَّ لأول مرة فكرة اعداده لمعجم يوثق للشخصيات المسرحية والدرامية السودانية. ولكنه فاجأني بمسودة للجزء الأول الذي يحوى أكثر من مائتي شخصية ورغما عن اشفاقي على الميري لعلمي ان العمل كبير وغير مسبوق فان الفكرة لم تدهشني لمعرفتي بالاستاذ عبدالله الميري ومدى اصراره وقدراته. ويقترب بنا الدكتور سعد يوسف عبيد من شخصية مؤلف الموسوعة ليقول: عبدالله الميري يتميز دون غيره من المسرحيين بالاهتمام بالتوثيق للدراما والمسرح يكتب النقد الراتب في الصحف عن العروض المسرحية ويصدر الكتب وتستمع اليه في الاذاعة أو تشاهده في التلفزيون وهو يدلي بآرائه الشجاعة حول قضايا الفنون المسرحية والدرامية الشائكة، وفي كل ذلك نحس بأن جهداً توثيقياً كبيراً بذله الميري قبل ان يكتب أو يتكلم حتى عندما قدر ان يختار موضوعات لبحث تخرجه اختار التوثيق وهو موضوع عسير قليل المصادر لكنه اقتحمه بشجاعته المعهودة. وصحيح ما يقوله الدكتور سعد يوسف من ان جهد الاستاذ عبدالله الميري التوثيقي هذا يجيء والحركة المسرحية والدرامية تكاد تفقد ذاكراتها. حيث مضى الكثير من صناعها الى ربهم - عليهم الرحمة - دون ان يتركوا للأجيال اللاحقة مذكراتهم أو حتى سيرهم الذاتية التي لم يهتم أحد بتسجيلها على الورق، وابتعد البعض الآخر عن مجال الفنون المسرحية والدرامية ونشأت اجيال جديدة لا تكاد تعرف عن صناع تلك الحركة وروادها إلاّ النذر اليسير.. في هذا الزمن جاء عمل الاستاذ عبدالله الميري محاولاً سد هذه الثغرة التي تزداد اتساعاً يوماً بعد يوم. ويحدث مؤلف (موسوعة الدراما السودانية) قراءه عن المشاق التي تطلبها اعداد موسوعته هذه فتقرأ له: «ان مسألة التوثيق للحياة الفنية والمسرحية والدرامية أمر شاق وطريق محفوف بالصعاب لاسباب عديدة أقلها ايمانا بعدم جدوى الذاكرة البدوية للحركة المسرحية والدرامية. تلك الذاكرة «الشفاهية» المسكونة بالانكفاء الذاتي خصوصاً وأن أهم مرحلة من معظم تراثنا الفني الابداعي المسرحي والدرامي تعرض للابادة لعدم الوعي بأهمية التوثيق وحيويته، وبقيت معظم المعلومات عن عقد كامل من عمر المسرح والدراما بشتى ضروبها.. حبيسة في صور رجال بعضهم قد قضى نحبه. وحاولت جاهداً أن أسد شيئاً من الفجوة باعتبار ان المسرح ومبدعي ومبدعات المسرح من أهم مرتكزات الثقافة التي اسهمت في عمليتي التنوير والوعي الاجتماعي من خلال القيم الفكرية والجمالية، ولا أدعي الكمال ولكن آمل في أجر المحاولة لايماني الأكيد بأن عملية التوثيق والارشفة تهدف في النهاية الى توصيل المعلومات الموثقة الى طالبيها انبثاقاً من ظاهرة الثورة المعلوماتية التي يتسم بها العصر الحديث، وأمة بلا ذاكرة أمة بلا تاريخ. الموسوعة في هذا الجزء الأول سجلت لنا سيرة «813» مسرحياً درامياً.. كثير منهم لا يكاد أبناء جيلنا الراهن يعرفون حتى اسماءهم.. وكثير منهم ايضاً نعرف أسماءهم واحجامهم الفنية منذ عشرات السنين ولكن دون ان نعرف شيئاً عن سيرهم الذاتية. من هؤلاء مثلا الدرامي الشهير «أحمد عاطف» كان لقبه الشائع هو «عميد الخشبة» خاصة وسط صناع الدراما والمسرح، ونعرف الآن من الموسوعة ان اسمه الحقيقي هو (أحمد المصطفى سعيد) النشأة حي المسالمة، رائد مسرحي له العديد من الاسهامات على مستوى الاذاعة والتلفزيون والمسرح.. وتمضي الترجمة الى تفاصيل أخرى كثيرة، لكننا نعرف أيضاً ان أحمد عاطف له الفضل في تحويل قسم الدراما الى ادارة الانتاج الدرامي فصار قسماً منفصلاً بذاته في التلفزيون، وأن من أميز ما قدم على خشبة المسرح: * البيت المسكون- اخراج: أحمد عاطف * دقات الطبول: اخراج: أحمد عاطف * هو وهي: اخراج: أحمد عاطف * عروس في المطار: «تمثيل» سنعود ان شاء الله الى هذه الموسوعة لوقفات مع الدراميين الذين أسسوا الدراما السودانية ونهضوا بها في تشامخ.. والى لقاء..