يسعد الإنسان حينما يتلقى بصديق عزيز بعد مضي ثلث قرن من الزمان وأعود بكم سيداتي إلى ثورة مايو 1969م بقيادة جعفر محمد نميري حينما قامت ونحن في قرى نهر عطبرة، فرحنا وقلنا تغيير الحكم رحمة وفعلاً كانت تتحكم فينا الطائفية والعايز يترشح للبرلمان يجب أن ينال رضاء سدي ويهتفون له مرشح السيد، نؤيد نؤيد مرشح السيد وبل إن يقدم للجماهير برنامجه الانتخابي يقدم لهم صورة السيد ملصقة بالعربة وعليها مرشح السيد وانطلقنا مع مايو كانت لنا في نهر عطبرة قضية ملحة وهي تأثير خزان القربة على سكان ما بعد الخزان الذين لم تقوم دراسات لأحوالهم وتدمر حالهم وانهارت الجزر والجروف والهدام شال نخيلاً مما جعلهم ينادون بغضبهم شعراً ونثراً وقال عكير الدامر شعراً: يا حليل أتبرا كانت زمان مليانة.. دائماً خضرة باسمة ودافقة خير اطيانة بعد موجنه سندس ولها ضل نديانة.. أمست نار بتشوي السايمة والعيانة وديان المعيشة اتقفلن بنيانه.. حتى الطير نزح فارق شدرنا وابانا الخل النفوس من البلد قنعانة،، شفنا المضرة تقرش في العضام جيعانة يا حاكم المديرية وبطل ميدانه.. ملك الخوف رعيتك فارقت اوطانه والقصيدة طويلة وغيرها تصور الحالة المتردية في قرى نهر عطبرة وكوّنا لجنة لقضية نهر عطبرة كانت تجتمع بدار العمال بعطبرة وذات يوم ونحن في اجتماع دخل علينا شاب يفيض ذكاء وحكمة وجلس بيننا دون إذن بعد التحيات قدم نفسه عبد السلام محمد خير من هيئة التوعية بنظام مايو يدعو إلى لجان لتطوير القرى بادءاً بالقرية ثم المجلس والمنطقة ويتدرج تطوير القرى إلى أن يصل للجنة المركزية في الخرطوم وقال لنا إن خدمة قضيتكم من خلال هذا التنظيم وأعجبنا كلامه وكنا لجان تطوير القرى بمنطقة قرى نهر عطبرة وتوصلنا من خلالها نحن القيادات إلى لجنة تطوير المديرية ثم تدرجنا حتى وصلنا إلى اللجنة المركزية للتطوير، والتقينا مع أعضاءها من كل أنحاء السودان ممثلين لقراهم ومدنهم، وانعقد مؤتمر العام للجنة المركزية وظل كل مديرية تقدم قضاياها في تلخيص، ولكنني صعدت للمنصة لأطرح مشكلة مواطني نهر عطبرة وبدأت فيها نثراً وتقدم أحد أبناء حلفا المهجرين بنقطة نظام قائلاً العمدة الخزان كان نعمة على مهاجري حلفا ونقمة على سكان نهر عطبرة من أدارها أنه كان نعمة علينا ونحن الذين تهرجنا من الوطن ثم إن المتحدث العمدة يطرح قضية فرعية كان يمكن أن تكون ضمن مطالب المديرية، وهنا ظهر عبد السلام محمد خير قائد التنظيم بحصافته وكتب لي مذكرة عاجلة أن أطرح القضية شعراً، حتى يستجيبوا له وبدأت في الطرح شعراً مما جعل المؤتمرين يصفقون ويؤيدون القضية التي برزت معالمها كقضية ملحة مما حدا بالرئيس النميري أن يزور منطقة نهر عطبرة ميدانيا ليرى الحال بنفسه وفعلاً عملنا له لقاءً داخل قرية الدبورة شرق نهر عطبرة بقيادة محافظ المديرية السيد حسين شرفي الذي قدم القضية وقدم كتاباً بالأرقام للنميري، ومنذ ذلك التاريخ برزت قضية نهر عطبرة كقضية ذات أسس. هذا هو عبد السلام محمد خير المهندس للجان تطوير القرى ومنذ مايو إلى نهايتها ظللنا نلتقي به في كل المحافل وتمضي السنوات وتنتهي مايو وتعقبها حكومات وظل عبد السلام نراه في قلمه محللاً سياسياً ثم إعلامياً في التلفزيون ولم نلتق منذ ذلك التاريخ إلا في ما يكتبه قلمه الفياض ولكنني اليوم فجأة ألتقي به في جريدة آخر لحظة الساعة الخامسة مساء وهو يحمل مؤلفه وكتابه جاء بنسخة منه من المطبعة ليقدمه للأستاذ عبد العظيم مدير جريدة آخر لحظة وكان لقاءً تاريخياً بيننا استعرض معي الشخصيات الصالحة التي عاشت في تلك الفترة في نظام تطوير القرى وتذكر معي المرحوم محمد مصطفى أبو مرنة نابغة السياسة والمجتمع وتعرض معي إلى شخصيات ذكرهم بالصدق هذا هو عبد السلام الذين ينساهم في كل الحوال واليوم هو محاضر في إحدى الجامعات سلام عليه وتقديراً.