الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موعد في القاهرة
«موعد في القاهرة» هو عنوان كتاب الأستاذ حسن أحمد حسن والذي تنشره «الوطن» حصرياً في حلقات. إتفاقيات السلام من الداخل أخفقت في وضع حد للحرب الأهلية بقلم حسن احمد حسن الحلقة 18
نشر في الوطن يوم 12 - 11 - 2013

الكتاب تكمن أهميته في أنه يحوي مشاهدات الكاتب حول الكثير من القضايا الوطنية التي تتشابك فيها حركة السياسة وإيقاع ا لمجتمع وحراك الاقتصاد والتي تتلاقى كلها لأنها في النهاية تعكس نسيج الحياة السودانية بكل تفاصيلها.
والكاتب الأستاذ حسن أحمد حسن من الصحفيين والكتاب الذين صقلتهم الصحافة السودانية وأهلتهم الصحافة العربية والأجنبية إذ كانت له كتابات ومعالجات صحفية راتبة في عدد من كبريات الصحف.
و«موعد في القاهرة» تقوم فكرته المركزية على تطورات عقد التسعينات من القرن الماضي بكل تفاصيلها الدقيقة.. وهو العقد الذي تشكلت فيها ملامح أوضاع سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية في السودان وفي غير السودان لكنها ألقت بظلالها على كل السودانيين في داخل السودان في خارجه في دول الاغتراب القريبة وفي دول المهاجر البعيدة.
تظل وحدة السودان هى خيارنا الاول فى اطار السودان الجديد القائم على نقض المظالم وتحقيق العدالة والمساواة وفقاً للمباديء التالية:
السودان قطر متعدد الاعراق والديانات والثقافات ولابد من تاكيد الاعتراف بهذا التعدد والعمل على التوفيق بين مظاهر هذا التنوع والتعدد بتأسيس الدولة على حق المواطنة واحترام المعتقدات والتقاليد وعدم التميز بين المواطنين بسبب الدين او العرق او الجنس او الثقافة.
يكفل القانون المساواة فى الحقوق السياسية والاجتماعية لكل السودانيين.
الالتزام بنظام حكم لامركزى يتم الاتفاق عليه فى الاجتماع الموسع القادم لقوى المعارضة السودانية وفقاً للخيارات التالية:
الفيدرالية.
الكونفيدرالية.
تاكيد وضمان القسمة العادلة للثروة مع اعطاء الاولوية للمناطق الاكثر تضرراً وتخلفاً.
تعتبر المواثيق والعهود الدولية والاقليمية المعنية بحقوق الانسان جزاءاً اساسياً فى الدستور الدائم لحكم السودان الجديد، ويبطل اى قانون يصدر مخالفاً لذلك ويعتبر غير دستورى. حول علاقة الدين والدولة وارتباطهما بالوحدة الوطنية، ولتامين السلام العادل والوحدة فى السودان يتم الالتزام بعدم استغلال الدين فى السياسة وبنصوص اعلان نيروبي.
اجازه حق تقرير المصير لجنوب السودان على ان يمارس فى مناخ من الحريه والديمقراطية والشرعية وبعد فتره انتقالية يتفق على تفاصيلها فى مؤتمر المعارضة السودانية الموسع.
نلتزم بتامين اجراء الاستفتاء لتقرير المصير فى جنوب السودان بعد الفترة الانتقالية دون استبعاد اى خيار يرتضونه ونلتزم بأحترام نتائج الاستفتاء.
نلتزم بالعمل سوياً خلال الفتره الانتقالية لبناء جسور الثقة عبر تأمين تنفيذ كافة التدابير الواردة فى المواثيق والاعلانات التى اجمعت عليها قوى المعارضة حتى ياتى حق تقرير المصير تعزيزاً للوحدة السودان وسلامة اراضية.
يُحكم السودان فى الفترة الانتقالية كدولة موحدة لامركزية عبر ترتيبات فيدرالية وكونفيدرالية وتحدد درجة الامركزية وفق طبيعة الاقاليم والمصلحه الوطنية العامة فى الاجتماع الموسع المقبل لقوى المعارضة السودانية.
تعتبر التدابير الواردة فى اعلان نيروبى اساساً للقوانين التى تحكم الفترة الانتقالية بحيث تضمن قيام الدولة على اساس المواطنة لصيانة الوحدة الوطنية وتأمين السلام العادل وعدم استغلال الدين فى السياسة.
يؤيد الطرفان جهود دول الايقاد لوقف الحرب وإحلال السلام والاستقرار والديمقراطية فى السودان ويعلنان تأيدهما ومساندتهما الكاملة لإعلان المباديء الصادر فى نيروبى فى 20 مايو 1994م وإعلان القمة الصادر فى 4/1/1995م الذى يشدد على ان حل القضية السودانية هى مسؤولية الشعب السودانى باكمله وينيط بالامم المتحدة دوراً فى مراقبة السعى لاقرار السلام فى السودان.
يدعو الطرفان لعقد مؤتمر سياسى دستورى تحت اشراف دولى تشارك فيه كل القوى السياسية السودانية لاقرار الترتيبات الإنتقالية واجراء الانتخابات العامة فى البلاد وفق اطار زمنى يتفق عليه.
11-يكّون الطرفان لجنة مشتركة لوضع استراتيجية متكاملة لاسقاط النظام الديكتاتورى يتكامل فيها النضال الشعبى المسلح مع العمل السياسى المدنى الرامى لانجاح الانتفاضة الشعبية، وتشمل برامج قابلة للتنفيذ وفق اطار زمنى محدد، ويتم تحديد سبل توفير الامكانيات اللازمة لتنفيذ هذه البرامج، وان تقوم اللجنة بعرض مشروعها على الاجتماع الموسع للمعارضة السودانية بهدف اعطاء الفرصة لاشراك كافة الفصائل فى التنفذ وفق قدراتها وتاهليها لذلك.
12- يعمل الطرفان على معالجة القصور والشلل الحالى الذى يعانى منه التجمع الوطنى الديمقراطى بالخارج بحيث تتم معالجة علة البنيوية والمؤسسية ويصبح قادراً على مواكبة التطورات والمبادرات الاقليمية والدولية المرتبطة بالقضية السودانية.
قراءة مشتركة للموقف السياسي في السودان
اسمرا – 6/6/1999م
1. مشاكل السودان الوطنية كثيرة. منها ما هو متعلق بطبيعة التخلف الاقتصادي والاجتماعي. ومنها ما هو موروث من عهد الاستعمار. ومنها ما سببه القصور السياسي بعد الاستقلال. وكان للنظم الاستبدادية العسكرية نصيب الأسد في طول المدة وفي سوء العمل. لقد عمقت تلك النظم وعقدت مشاكل البلاد. لاسيما في عهد نظام «الإنقاذ» الذي استولى على السلطة في 30 يونيو 1989م. هذا النظام بلغ رقما قياسيا في إفساد البلاد لأنه:
 فرض حكما أحاديا استبداديا ادعى له قدسية إلهية تصنف معارضها كافرا ومارقا وخائنا. وحافظ على ذلك التسلط بإرادة الحزب الواحد المتحكم وبعصا الدولة البوليسية. قام الحكم على استئصال الرأي الآخر وفرض على معارضيه مقاومته بكل الوسائل الممكنة.
 عمق الحرب الأهلية الموروثة وعقدها وصنفها حربا دينية يخوضها جهادا في سبيل الله.
 وتخلى عن علاقات حسن الجوار الإقليمي المعهودة باتخاذ سياسة توسعية لنشر الأيديولوجية الرسمية مستعينا بحركات تعمل على تقويض نظم الحكم في البلدان المجاورة بالقوة.
 وربط السودان بشبكات الاحتجاج الإرهابية الدولية فصار السوداني متهما بموجب جوازه وجنسيته.
2. اتحدت القوة السياسية السودانية في رفض ومقاومة هذا التسلط. وكونت التجمع الوطني الديمقراطي وعاءا جامعا لمعارضة ومقاومة نظام «الإنقاذ» وتجسيد الشرعية الشعبية في مواجهته.
واجه التجمع نظام «الإنقاذ « في الداخل بمعارضة مدنية سميت الجهاد المدني نظمت التصدي لقهر السلطة، والصمود أمام بطشها، وتعرية النظام وعزله في حملة واسعة ومستمرة ومشدودة لتحقيق الانتفاضة الشعبية.
وواجهت المقاومة النظام بالقوة المسلحة التي قادها الجيش الشعبي لتحرير السودان وواصلها متحالفا مع فصائل التجمع الوطني الديمقراطي الأخرى. مما وسع نطاق الحرب، وزاد من استنزاف النظام المتسلط، في حملة مستمرة ومتصاعدة ومتعددة الجبهات لتقويض النظام وهزيمته.
لقد استطاعت المعارضة السودانية المجسدة للشرعية الشعبية ان تعزل نظام الخرطوم بالآتي :
 حملة فكرية أبطلت دعايته الإسلامية وأظهرتها كمجرد مبررات لممارسة السلطة الغاشمة. وكشفت عدوانه على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية فأوقعت عليه الادانات الدولية.
 حملة سياسية وحدت كل القوى السياسية والنقابية غير المنخرطة في الجبهة الإسلامية القومية ضد نظام الخرطوم.
 بل أفلحت في إقناع قوى كانت تؤيد النظام للتحول إلى معارضته.
 حملة دبلوماسية عزلت النظام إقليميا ودوليا وجعلته نظاما طريدا.
3. منذ عام 1996م أدرك نظام الخرطوم إخفاق اطروحاته السياسية وأدرك جدية وفاعلية معا رضيها ورافضيها.
لذلك لجأ النظام إلى تعديل أساليبه متحركا في ثلاثة محاور:
 تخلى تدريجيا عن سياسته الجهادية مركزا على طلب السلام مبرما اتفاقيات السلام من الداخل – 1997م.
 تخلى عن الأطروحة الأحادية محولا موقفه إلى دستور التوالي –1998م.
 غير الخطاب الإقليمي التوسعي إلى تطلع لحسن الجوار مستعينا بظروف حرب القرن الأفريقي، وحرب البحيرات – 1998م.
4. مرونة النظام المستحدثة لم تجد استجابة تذكر بل :
 أخفقت اتفاقيات السلام من الداخل في وضع حد للحرب الأهلية. وحتى الفصائل التي دخلت طرفا فيه تخلت عنها واستأنف بعضها الاقتتال بينه وبين النظام وبينه وبين الفصائل الأخرى.
 دستور التوالي وقوانينه لم تحقق إلا ديمقراطية زائفة، وتعددية شكلية مستظلة بأحكام القهر واجهزة الدولة البوليسية المعادية لحقوق الإنسان ولحرياته الأساسية.
 الخطاب الإقليمي والدولي المرن حقق بعض النجاح بدليل استمالة بعض الدول الأوروبية إليه. وموقف لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة المخفف من النظام في اجتماعها الخامس والخمسون. وموقف صندوق النقد الدولي الأخير الأكثر إيجابية من النظام (2/6/1999م) ولكنه لم يحقق قبولا عاما للنظام لعدم صدقية النظام، وازدواج معاييره وتناقض توجهاته الخارجية بين مؤشر حميد وآخر خبيث.
5. واصلت القوى المجسدة للشرعية الشعبية نشاطها ضد النظام. واصلت التعبئة في اتجاه الانتفاضة الشعبية داخليا. وواصلت استنزاف النظام عسكريا في جبهات القتال الأربع.
6. ان المواجهات السياسية والعسكرية في البلاد. واخفاقات النظام الاقتصادية والإدارية والأمنية تراكمت لتؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح وهدم كبير للبنيات الأساسية وتقويض للنظم الاجتماعية مما خلق مأساة إنسانية لم يعرف السودان لها مثيلا. نزح المواطنون داخليا من مناطق العمليات لمناطق اكثر أمنا. ولجأ آخرون لخارج الوطن فصار جزء كبير من سكان السودان لاجئين يعيشون في سودان الشتات على حسنات الآخرين.
أما الذين ثابروا على البقاء في الوطن فقد شهدوا حالة من الفقر والظلم الاجتماعي والمجاعات وانتشار الأوبئة والأمراض فريدة في العالم.
تخلت الدولة السودانية عن كل واجبات الرعاية الاجتماعية المعهودة. بل عجزت الدولة عن توفير الأمن فانتشر السلاح غير المرخص واشتعلت الحروب القبلية.
لم يعد إخفاق سياسات واطروحات النظام مكان خلاف حتى داخل النظام نفسه. الخلاف الآن هو حول من يتحمل مسئولية الإخفاق؟
أطراف النظام المتنازعة تتبادل الاتهامات حول المسئولية عن الفشل.
المأساة الإنسانية السودانية في قمتها وتفردها المأساوي والنظام الذي ادعى انه جاء للإنقاذ يقف عاجزا فاشلا ومنقسما على نفسه ومدانا على أفعاله وطنيا، وإقليميا، ودوليا.
7. تراكم المأساة الإنسانية وعجز النظام وانقسامه على نفسه عرض السودان للتمزق وشجع على قيام مبادرات لإيجاد حل سياسي بأي ثمن بل شجع أطرافا من النظام على تخفيف الأعباء ولو بتمزيق أوصال الوطن.
هنالك في الساحة الآن أربع مبادرات وطنية ودولية دفعتها المأساة الإنسانية للتفكير في إيجاد تسويات ثنائية وجزئية تسلم بالتمزق وتسعى لتقنينه الأسرة الدولية كما تمثلها بعض شركاء الإيقاد، والمنظمات التطوعية كما تمثلها الأربع الكبار ( اكسفام، وانقاذ الأطفال، وكير وأطباء بلا حدود )، والهيئات الدينية المسيحية كما تمثلها القيادات الكنسية البريطانية، ومجلة الرقيب المسيحي العلمي، وغيرها ضاقت ذرعا بالمأساة الإنسانية في السودان فاندفعت تتجاوز السودانيين وتخاطب مجلس الأمن لفرض السلام على السودان بشروط يراها المجلس على نحو ما حدث في بلدان أخرى حركت المأساة الإنسانية فيها الأسرة الدولية لفرض السلام.
8. كان الحل السياسي للنزاعات السودانية أحد وسائل التجمع الوطني الديمقراطي لتحقيق تطلعات الشعب السوداني المشروعة. هذا المبدأ نصت عليه قرارات مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية في يونيو 1995. جاء فيها:
«حل النزاع الراهن بالوسائل السلمية عبر تسوية عادلة ودائمة ولتحقيق هذه الغاية فان التجمع الوطني الديمقراطي يدعم إعلان المبادئ الصادر عن مجموعة الإيقاد كأساس عملي للتسوية العادلة الدائمة».(انظر في كتيب التنظيم والإدارة صفحة 26).
9. لقد دخلت أغلبية شرائح التجمع الوطني الديمقراطي في الداخل في حوار بشأن الحل السياسي.
والحركة الشعبية لتحرير السودان دخلت في مفاوضات ثنائية بوساطة الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر في أديس أبابا وفي نيروبي. ودخلت في مفاوضات بوساطة نيجيرية في ابوجا لعدة حلقات.
لكن كل تلك الحوارات لم تتجاوز «حوار الطرشان» لان النظام كان يريد ضم الرأي الآخر إليه. وكان يريد تسليم الحركة الشعبية باطروحاته للسلام والحل السياسي.
فشلت كل المفاوضات لأن النظام أصر على الإبقاء على ثوابته بينما الحت المعارضة التي تجسد الشرعية الشعبية على الالتزام بأهداف الشعب السوداني في السلام العادل والديمقراطية وسائر الأهداف المشروعة.
10. منذ عام 1993م دخلت دول الإيقاد من جيران السودان في القرن الأفريقي وبطلب من نظام الخرطوم وسيطا لإيجاد حل سياسي للنزاع المسلح في السودان.
الوساطات قبل الإيقاد كانت عقيمة مهما صحبها من النوايا الحسنة. لكن وساطة الإيقاد كانت اكثر جدوى وأتت بثلاثة عناصر جديدة في أدب الوساطة لحل النزاعات السودانية. هي :
‌أ- الدول المعنية : دول الإيقاد. دول جوار جيوسياسي للسودان تتأثر بما يجري فيه وتؤثر عليه سياسيا وأمنيا.
‌ب- وضعت حدا لحوار الطرشان لاقتراحها إعلان المبادئ في عام 1994. الإعلان الذي نص على نبذ الحرب كوسيلة لتسوية النزاع. ونص على تعددية التكوين السوداني ثقافيا ودينيا واثنيا.
ونص على بناء السودان الموحد على أسس جديدة ومحددة تكفل العدالة لكل مواطنيه.
فان استحال ذلك فان المبادئ أوجبت إعطاء الطرف المتظلم حق تقرير المصير.
‌ج- قننت اهتمام الأسرة الدولية بحل النزاعات السودانية سلميا عن طريق صيغة مشاركة لأصدقاء الإيقاد تحولت فيما بعد لمنبر شركاء الإيقاد. ان هذه العوامل الثلاثة التي أدخلتها مبادرة الإيقاد في أدب الوساطة لحل النزاع السوداني عوامل هامة سوف تلازم خيار الحل السياسي للنزاع السوداني في كل أطواره.
لقد مضى على مبادرة الإيقاد وإعلان المبادئ الذي أتت به ستة أعوام حفلت بالتطورات والمستجدات في الساحة الوطنية السودانية، والساحة الإقليمية، والساحة الدولية.
هذه التطورات توجب مراجعة مبادرة الإيقاد في خمسة مجالات:
‌أ- هنالك الآن دول أخرى من جيران السودان خاصة مصر وليبيا وقد أظهرتا حرصا مشروعا للمشاركة في الشأن السوداني. وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى ابلغ وفد التجمع رسميا ان وزير الخارجية السوداني قد خاطبه للتوسط في إنهاء النزاع السوداني سلميا. أفاده وفد التجمع بقبول الوساطة المصرية. والأخ العقيد معمر القذافي طرح على عدد من فصائل التجمع مبادرة مماثلة. لذلك لزم توسيع هيئة الوساطة لتشمل دول الايقاد ومصر وليبيا. وذلك لتوحيد المبادرات. وتسمى هذه المجموعة الايقاد الموسع. وتكون للمجموعة رئاسة مشتركة (مصر وكينيا) اتباعا للتقليد في الظروف المماثلة. وهذا معناه تناوب البلدين على رئاسة اجتماعات الايقاد الموسع وتقسيم مهام المتابعة بينهما.
‌ب- مراجعتها لتشمل كافة أطراف النزاع في السودان تجنبا لحل ثنائي وجزئي وتطلعا لحل شامل.
‌ج- تطوير نص المبادئ المعلنة ليكون اكثر ضبطا واكثر إحاطة فيحدد معالم اتفاقية السلام العادل المنشودة، ويحدد أسس الحكم الديمقراطي التعددي المطلوب ويحدد خيارات الاستفتاء الثلاثة، ويضيف الالتزام بحسن الجوار، ويتناول الإشارة لتجاوزات الماضي، ويحدد مهام المرحلة الانتقالية على نحو ما ورد في مذكرة التجمع الوطني الديمقراطي في 29/12/1998م.
‌د- تحديد واضح لدور وسطاء الإيقاد من حيث انهم يقومون بتسهيل التفاوض ومراقبته ومتابعة نتائجه وتحديد آلية لذلك.
‌ه- هنالك دول أخرى من غير جيران السودان أفريقية وعربية وإسلامية أبدت اهتماما بالشان السوداني. هذه الدول ينبغي السماح بانضمامها لمنبر شركاء الإيقاد.
لا شك ان النظام السوداني يتأمل ما يفعل إزاء اخفاقاته وانقسامه؟ ويتأمل ما يجب عمله لاستغلال البترول السوداني بعد ان وظف في ذلك مالا طائلا ولكنه علم علم اليقين ان أمن البترول لا تحققه أجهزة بل يحققه اتفاق سياسي يضع حدا للحرب الأهلية ويحقق الاستقرار. وهنالك تطورات إقليمية أوجبتها حرب القرن الأفريقي وحرب البحيرات هذه التطورات تتيح للنظام فرص تطبيع ولكنه تطبيع مشروط بحل الأزمات والنزاعات السودانية الداخلية التي سوف تفرض نفسها على أمن الحدود ان لم تحل!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.