مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    نتنياهو يتهم مصر باحتجاز سكان غزة "رهائن" برفضها التعاون    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    بالفيديو.. شاهد أول ظهور لنجم السوشيال ميديا الراحل جوان الخطيب على مواقع التواصل قبل 10 سنوات.. كان من عشاق الفنان أحمد الصادق وظهر وهو يغني بصوت جميل    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    الدفعة الثانية من "رأس الحكمة".. مصر تتسلم 14 مليار دولار    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    صندل: الحرب بين الشعب السوداني الثائر، والمنتفض دوماً، وميليشيات المؤتمر الوطني، وجيش الفلول    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موعد في القاهرة
«موعد في القاهرة» هو عنوان كتاب الأستاذ حسن أحمد حسن والذي تنشره «الوطن» حصرياً في حلقات. إتفاقيات السلام من الداخل أخفقت في وضع حد للحرب الأهلية بقلم حسن احمد حسن الحلقة 18
نشر في الوطن يوم 12 - 11 - 2013

الكتاب تكمن أهميته في أنه يحوي مشاهدات الكاتب حول الكثير من القضايا الوطنية التي تتشابك فيها حركة السياسة وإيقاع ا لمجتمع وحراك الاقتصاد والتي تتلاقى كلها لأنها في النهاية تعكس نسيج الحياة السودانية بكل تفاصيلها.
والكاتب الأستاذ حسن أحمد حسن من الصحفيين والكتاب الذين صقلتهم الصحافة السودانية وأهلتهم الصحافة العربية والأجنبية إذ كانت له كتابات ومعالجات صحفية راتبة في عدد من كبريات الصحف.
و«موعد في القاهرة» تقوم فكرته المركزية على تطورات عقد التسعينات من القرن الماضي بكل تفاصيلها الدقيقة.. وهو العقد الذي تشكلت فيها ملامح أوضاع سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية في السودان وفي غير السودان لكنها ألقت بظلالها على كل السودانيين في داخل السودان في خارجه في دول الاغتراب القريبة وفي دول المهاجر البعيدة.
تظل وحدة السودان هى خيارنا الاول فى اطار السودان الجديد القائم على نقض المظالم وتحقيق العدالة والمساواة وفقاً للمباديء التالية:
السودان قطر متعدد الاعراق والديانات والثقافات ولابد من تاكيد الاعتراف بهذا التعدد والعمل على التوفيق بين مظاهر هذا التنوع والتعدد بتأسيس الدولة على حق المواطنة واحترام المعتقدات والتقاليد وعدم التميز بين المواطنين بسبب الدين او العرق او الجنس او الثقافة.
يكفل القانون المساواة فى الحقوق السياسية والاجتماعية لكل السودانيين.
الالتزام بنظام حكم لامركزى يتم الاتفاق عليه فى الاجتماع الموسع القادم لقوى المعارضة السودانية وفقاً للخيارات التالية:
الفيدرالية.
الكونفيدرالية.
تاكيد وضمان القسمة العادلة للثروة مع اعطاء الاولوية للمناطق الاكثر تضرراً وتخلفاً.
تعتبر المواثيق والعهود الدولية والاقليمية المعنية بحقوق الانسان جزاءاً اساسياً فى الدستور الدائم لحكم السودان الجديد، ويبطل اى قانون يصدر مخالفاً لذلك ويعتبر غير دستورى. حول علاقة الدين والدولة وارتباطهما بالوحدة الوطنية، ولتامين السلام العادل والوحدة فى السودان يتم الالتزام بعدم استغلال الدين فى السياسة وبنصوص اعلان نيروبي.
اجازه حق تقرير المصير لجنوب السودان على ان يمارس فى مناخ من الحريه والديمقراطية والشرعية وبعد فتره انتقالية يتفق على تفاصيلها فى مؤتمر المعارضة السودانية الموسع.
نلتزم بتامين اجراء الاستفتاء لتقرير المصير فى جنوب السودان بعد الفترة الانتقالية دون استبعاد اى خيار يرتضونه ونلتزم بأحترام نتائج الاستفتاء.
نلتزم بالعمل سوياً خلال الفتره الانتقالية لبناء جسور الثقة عبر تأمين تنفيذ كافة التدابير الواردة فى المواثيق والاعلانات التى اجمعت عليها قوى المعارضة حتى ياتى حق تقرير المصير تعزيزاً للوحدة السودان وسلامة اراضية.
يُحكم السودان فى الفترة الانتقالية كدولة موحدة لامركزية عبر ترتيبات فيدرالية وكونفيدرالية وتحدد درجة الامركزية وفق طبيعة الاقاليم والمصلحه الوطنية العامة فى الاجتماع الموسع المقبل لقوى المعارضة السودانية.
تعتبر التدابير الواردة فى اعلان نيروبى اساساً للقوانين التى تحكم الفترة الانتقالية بحيث تضمن قيام الدولة على اساس المواطنة لصيانة الوحدة الوطنية وتأمين السلام العادل وعدم استغلال الدين فى السياسة.
يؤيد الطرفان جهود دول الايقاد لوقف الحرب وإحلال السلام والاستقرار والديمقراطية فى السودان ويعلنان تأيدهما ومساندتهما الكاملة لإعلان المباديء الصادر فى نيروبى فى 20 مايو 1994م وإعلان القمة الصادر فى 4/1/1995م الذى يشدد على ان حل القضية السودانية هى مسؤولية الشعب السودانى باكمله وينيط بالامم المتحدة دوراً فى مراقبة السعى لاقرار السلام فى السودان.
يدعو الطرفان لعقد مؤتمر سياسى دستورى تحت اشراف دولى تشارك فيه كل القوى السياسية السودانية لاقرار الترتيبات الإنتقالية واجراء الانتخابات العامة فى البلاد وفق اطار زمنى يتفق عليه.
11-يكّون الطرفان لجنة مشتركة لوضع استراتيجية متكاملة لاسقاط النظام الديكتاتورى يتكامل فيها النضال الشعبى المسلح مع العمل السياسى المدنى الرامى لانجاح الانتفاضة الشعبية، وتشمل برامج قابلة للتنفيذ وفق اطار زمنى محدد، ويتم تحديد سبل توفير الامكانيات اللازمة لتنفيذ هذه البرامج، وان تقوم اللجنة بعرض مشروعها على الاجتماع الموسع للمعارضة السودانية بهدف اعطاء الفرصة لاشراك كافة الفصائل فى التنفذ وفق قدراتها وتاهليها لذلك.
12- يعمل الطرفان على معالجة القصور والشلل الحالى الذى يعانى منه التجمع الوطنى الديمقراطى بالخارج بحيث تتم معالجة علة البنيوية والمؤسسية ويصبح قادراً على مواكبة التطورات والمبادرات الاقليمية والدولية المرتبطة بالقضية السودانية.
قراءة مشتركة للموقف السياسي في السودان
اسمرا – 6/6/1999م
1. مشاكل السودان الوطنية كثيرة. منها ما هو متعلق بطبيعة التخلف الاقتصادي والاجتماعي. ومنها ما هو موروث من عهد الاستعمار. ومنها ما سببه القصور السياسي بعد الاستقلال. وكان للنظم الاستبدادية العسكرية نصيب الأسد في طول المدة وفي سوء العمل. لقد عمقت تلك النظم وعقدت مشاكل البلاد. لاسيما في عهد نظام «الإنقاذ» الذي استولى على السلطة في 30 يونيو 1989م. هذا النظام بلغ رقما قياسيا في إفساد البلاد لأنه:
 فرض حكما أحاديا استبداديا ادعى له قدسية إلهية تصنف معارضها كافرا ومارقا وخائنا. وحافظ على ذلك التسلط بإرادة الحزب الواحد المتحكم وبعصا الدولة البوليسية. قام الحكم على استئصال الرأي الآخر وفرض على معارضيه مقاومته بكل الوسائل الممكنة.
 عمق الحرب الأهلية الموروثة وعقدها وصنفها حربا دينية يخوضها جهادا في سبيل الله.
 وتخلى عن علاقات حسن الجوار الإقليمي المعهودة باتخاذ سياسة توسعية لنشر الأيديولوجية الرسمية مستعينا بحركات تعمل على تقويض نظم الحكم في البلدان المجاورة بالقوة.
 وربط السودان بشبكات الاحتجاج الإرهابية الدولية فصار السوداني متهما بموجب جوازه وجنسيته.
2. اتحدت القوة السياسية السودانية في رفض ومقاومة هذا التسلط. وكونت التجمع الوطني الديمقراطي وعاءا جامعا لمعارضة ومقاومة نظام «الإنقاذ» وتجسيد الشرعية الشعبية في مواجهته.
واجه التجمع نظام «الإنقاذ « في الداخل بمعارضة مدنية سميت الجهاد المدني نظمت التصدي لقهر السلطة، والصمود أمام بطشها، وتعرية النظام وعزله في حملة واسعة ومستمرة ومشدودة لتحقيق الانتفاضة الشعبية.
وواجهت المقاومة النظام بالقوة المسلحة التي قادها الجيش الشعبي لتحرير السودان وواصلها متحالفا مع فصائل التجمع الوطني الديمقراطي الأخرى. مما وسع نطاق الحرب، وزاد من استنزاف النظام المتسلط، في حملة مستمرة ومتصاعدة ومتعددة الجبهات لتقويض النظام وهزيمته.
لقد استطاعت المعارضة السودانية المجسدة للشرعية الشعبية ان تعزل نظام الخرطوم بالآتي :
 حملة فكرية أبطلت دعايته الإسلامية وأظهرتها كمجرد مبررات لممارسة السلطة الغاشمة. وكشفت عدوانه على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية فأوقعت عليه الادانات الدولية.
 حملة سياسية وحدت كل القوى السياسية والنقابية غير المنخرطة في الجبهة الإسلامية القومية ضد نظام الخرطوم.
 بل أفلحت في إقناع قوى كانت تؤيد النظام للتحول إلى معارضته.
 حملة دبلوماسية عزلت النظام إقليميا ودوليا وجعلته نظاما طريدا.
3. منذ عام 1996م أدرك نظام الخرطوم إخفاق اطروحاته السياسية وأدرك جدية وفاعلية معا رضيها ورافضيها.
لذلك لجأ النظام إلى تعديل أساليبه متحركا في ثلاثة محاور:
 تخلى تدريجيا عن سياسته الجهادية مركزا على طلب السلام مبرما اتفاقيات السلام من الداخل – 1997م.
 تخلى عن الأطروحة الأحادية محولا موقفه إلى دستور التوالي –1998م.
 غير الخطاب الإقليمي التوسعي إلى تطلع لحسن الجوار مستعينا بظروف حرب القرن الأفريقي، وحرب البحيرات – 1998م.
4. مرونة النظام المستحدثة لم تجد استجابة تذكر بل :
 أخفقت اتفاقيات السلام من الداخل في وضع حد للحرب الأهلية. وحتى الفصائل التي دخلت طرفا فيه تخلت عنها واستأنف بعضها الاقتتال بينه وبين النظام وبينه وبين الفصائل الأخرى.
 دستور التوالي وقوانينه لم تحقق إلا ديمقراطية زائفة، وتعددية شكلية مستظلة بأحكام القهر واجهزة الدولة البوليسية المعادية لحقوق الإنسان ولحرياته الأساسية.
 الخطاب الإقليمي والدولي المرن حقق بعض النجاح بدليل استمالة بعض الدول الأوروبية إليه. وموقف لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة المخفف من النظام في اجتماعها الخامس والخمسون. وموقف صندوق النقد الدولي الأخير الأكثر إيجابية من النظام (2/6/1999م) ولكنه لم يحقق قبولا عاما للنظام لعدم صدقية النظام، وازدواج معاييره وتناقض توجهاته الخارجية بين مؤشر حميد وآخر خبيث.
5. واصلت القوى المجسدة للشرعية الشعبية نشاطها ضد النظام. واصلت التعبئة في اتجاه الانتفاضة الشعبية داخليا. وواصلت استنزاف النظام عسكريا في جبهات القتال الأربع.
6. ان المواجهات السياسية والعسكرية في البلاد. واخفاقات النظام الاقتصادية والإدارية والأمنية تراكمت لتؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح وهدم كبير للبنيات الأساسية وتقويض للنظم الاجتماعية مما خلق مأساة إنسانية لم يعرف السودان لها مثيلا. نزح المواطنون داخليا من مناطق العمليات لمناطق اكثر أمنا. ولجأ آخرون لخارج الوطن فصار جزء كبير من سكان السودان لاجئين يعيشون في سودان الشتات على حسنات الآخرين.
أما الذين ثابروا على البقاء في الوطن فقد شهدوا حالة من الفقر والظلم الاجتماعي والمجاعات وانتشار الأوبئة والأمراض فريدة في العالم.
تخلت الدولة السودانية عن كل واجبات الرعاية الاجتماعية المعهودة. بل عجزت الدولة عن توفير الأمن فانتشر السلاح غير المرخص واشتعلت الحروب القبلية.
لم يعد إخفاق سياسات واطروحات النظام مكان خلاف حتى داخل النظام نفسه. الخلاف الآن هو حول من يتحمل مسئولية الإخفاق؟
أطراف النظام المتنازعة تتبادل الاتهامات حول المسئولية عن الفشل.
المأساة الإنسانية السودانية في قمتها وتفردها المأساوي والنظام الذي ادعى انه جاء للإنقاذ يقف عاجزا فاشلا ومنقسما على نفسه ومدانا على أفعاله وطنيا، وإقليميا، ودوليا.
7. تراكم المأساة الإنسانية وعجز النظام وانقسامه على نفسه عرض السودان للتمزق وشجع على قيام مبادرات لإيجاد حل سياسي بأي ثمن بل شجع أطرافا من النظام على تخفيف الأعباء ولو بتمزيق أوصال الوطن.
هنالك في الساحة الآن أربع مبادرات وطنية ودولية دفعتها المأساة الإنسانية للتفكير في إيجاد تسويات ثنائية وجزئية تسلم بالتمزق وتسعى لتقنينه الأسرة الدولية كما تمثلها بعض شركاء الإيقاد، والمنظمات التطوعية كما تمثلها الأربع الكبار ( اكسفام، وانقاذ الأطفال، وكير وأطباء بلا حدود )، والهيئات الدينية المسيحية كما تمثلها القيادات الكنسية البريطانية، ومجلة الرقيب المسيحي العلمي، وغيرها ضاقت ذرعا بالمأساة الإنسانية في السودان فاندفعت تتجاوز السودانيين وتخاطب مجلس الأمن لفرض السلام على السودان بشروط يراها المجلس على نحو ما حدث في بلدان أخرى حركت المأساة الإنسانية فيها الأسرة الدولية لفرض السلام.
8. كان الحل السياسي للنزاعات السودانية أحد وسائل التجمع الوطني الديمقراطي لتحقيق تطلعات الشعب السوداني المشروعة. هذا المبدأ نصت عليه قرارات مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية في يونيو 1995. جاء فيها:
«حل النزاع الراهن بالوسائل السلمية عبر تسوية عادلة ودائمة ولتحقيق هذه الغاية فان التجمع الوطني الديمقراطي يدعم إعلان المبادئ الصادر عن مجموعة الإيقاد كأساس عملي للتسوية العادلة الدائمة».(انظر في كتيب التنظيم والإدارة صفحة 26).
9. لقد دخلت أغلبية شرائح التجمع الوطني الديمقراطي في الداخل في حوار بشأن الحل السياسي.
والحركة الشعبية لتحرير السودان دخلت في مفاوضات ثنائية بوساطة الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر في أديس أبابا وفي نيروبي. ودخلت في مفاوضات بوساطة نيجيرية في ابوجا لعدة حلقات.
لكن كل تلك الحوارات لم تتجاوز «حوار الطرشان» لان النظام كان يريد ضم الرأي الآخر إليه. وكان يريد تسليم الحركة الشعبية باطروحاته للسلام والحل السياسي.
فشلت كل المفاوضات لأن النظام أصر على الإبقاء على ثوابته بينما الحت المعارضة التي تجسد الشرعية الشعبية على الالتزام بأهداف الشعب السوداني في السلام العادل والديمقراطية وسائر الأهداف المشروعة.
10. منذ عام 1993م دخلت دول الإيقاد من جيران السودان في القرن الأفريقي وبطلب من نظام الخرطوم وسيطا لإيجاد حل سياسي للنزاع المسلح في السودان.
الوساطات قبل الإيقاد كانت عقيمة مهما صحبها من النوايا الحسنة. لكن وساطة الإيقاد كانت اكثر جدوى وأتت بثلاثة عناصر جديدة في أدب الوساطة لحل النزاعات السودانية. هي :
‌أ- الدول المعنية : دول الإيقاد. دول جوار جيوسياسي للسودان تتأثر بما يجري فيه وتؤثر عليه سياسيا وأمنيا.
‌ب- وضعت حدا لحوار الطرشان لاقتراحها إعلان المبادئ في عام 1994. الإعلان الذي نص على نبذ الحرب كوسيلة لتسوية النزاع. ونص على تعددية التكوين السوداني ثقافيا ودينيا واثنيا.
ونص على بناء السودان الموحد على أسس جديدة ومحددة تكفل العدالة لكل مواطنيه.
فان استحال ذلك فان المبادئ أوجبت إعطاء الطرف المتظلم حق تقرير المصير.
‌ج- قننت اهتمام الأسرة الدولية بحل النزاعات السودانية سلميا عن طريق صيغة مشاركة لأصدقاء الإيقاد تحولت فيما بعد لمنبر شركاء الإيقاد. ان هذه العوامل الثلاثة التي أدخلتها مبادرة الإيقاد في أدب الوساطة لحل النزاع السوداني عوامل هامة سوف تلازم خيار الحل السياسي للنزاع السوداني في كل أطواره.
لقد مضى على مبادرة الإيقاد وإعلان المبادئ الذي أتت به ستة أعوام حفلت بالتطورات والمستجدات في الساحة الوطنية السودانية، والساحة الإقليمية، والساحة الدولية.
هذه التطورات توجب مراجعة مبادرة الإيقاد في خمسة مجالات:
‌أ- هنالك الآن دول أخرى من جيران السودان خاصة مصر وليبيا وقد أظهرتا حرصا مشروعا للمشاركة في الشأن السوداني. وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى ابلغ وفد التجمع رسميا ان وزير الخارجية السوداني قد خاطبه للتوسط في إنهاء النزاع السوداني سلميا. أفاده وفد التجمع بقبول الوساطة المصرية. والأخ العقيد معمر القذافي طرح على عدد من فصائل التجمع مبادرة مماثلة. لذلك لزم توسيع هيئة الوساطة لتشمل دول الايقاد ومصر وليبيا. وذلك لتوحيد المبادرات. وتسمى هذه المجموعة الايقاد الموسع. وتكون للمجموعة رئاسة مشتركة (مصر وكينيا) اتباعا للتقليد في الظروف المماثلة. وهذا معناه تناوب البلدين على رئاسة اجتماعات الايقاد الموسع وتقسيم مهام المتابعة بينهما.
‌ب- مراجعتها لتشمل كافة أطراف النزاع في السودان تجنبا لحل ثنائي وجزئي وتطلعا لحل شامل.
‌ج- تطوير نص المبادئ المعلنة ليكون اكثر ضبطا واكثر إحاطة فيحدد معالم اتفاقية السلام العادل المنشودة، ويحدد أسس الحكم الديمقراطي التعددي المطلوب ويحدد خيارات الاستفتاء الثلاثة، ويضيف الالتزام بحسن الجوار، ويتناول الإشارة لتجاوزات الماضي، ويحدد مهام المرحلة الانتقالية على نحو ما ورد في مذكرة التجمع الوطني الديمقراطي في 29/12/1998م.
‌د- تحديد واضح لدور وسطاء الإيقاد من حيث انهم يقومون بتسهيل التفاوض ومراقبته ومتابعة نتائجه وتحديد آلية لذلك.
‌ه- هنالك دول أخرى من غير جيران السودان أفريقية وعربية وإسلامية أبدت اهتماما بالشان السوداني. هذه الدول ينبغي السماح بانضمامها لمنبر شركاء الإيقاد.
لا شك ان النظام السوداني يتأمل ما يفعل إزاء اخفاقاته وانقسامه؟ ويتأمل ما يجب عمله لاستغلال البترول السوداني بعد ان وظف في ذلك مالا طائلا ولكنه علم علم اليقين ان أمن البترول لا تحققه أجهزة بل يحققه اتفاق سياسي يضع حدا للحرب الأهلية ويحقق الاستقرار. وهنالك تطورات إقليمية أوجبتها حرب القرن الأفريقي وحرب البحيرات هذه التطورات تتيح للنظام فرص تطبيع ولكنه تطبيع مشروط بحل الأزمات والنزاعات السودانية الداخلية التي سوف تفرض نفسها على أمن الحدود ان لم تحل!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.