مدينة الفاشر العاصمة التاريخية لدارفور وعاصمة ولاية شمال دارفور الآن من المدن الحبيبة إلى نفسي وإلى نفس كل من زارها... مدينة مرحابة أهلها (متسامحون متكافلون مضيافون) يدخلها المرء لأول مرة غريباً بلا صديق ويخرج منها قريباً من كل أهلها بلا استثناء.. ومدينة الفاشر فيها معالم وأماكن وأشياء لا يمكن لمن زارها أن يتجاوزها.. ومنها (آبار حجر قدو).. ما سر هذه التسمية؟ وماذا تعني (حجر قدو)، وأين تقع داخل مدينة الفاشر؟ ولماذا هي على لسان كل أهل الفاشر؟ (ذاكرة 8 قيقا) تحاول استرجاع بعض المعلومات عن آبار (حجر قدو)... عودة للتاريخ: حين انتهت زيارتي الأولى لمدينة الفاشر في أحد أيام العام 6891م قال مودعي: حتماً ستعود إلينا طالما أنك قد شربت من (ماء حجر قدو) لم أفهم ماذا يقصد مودعي، وغادرت إلى الخرطوم ولم أعر عبارته إهتماماً كثيراً... ثم عدت إلى الفاشر في نهاية نفس العام وقابلني صديقي مبتسماً وقال لي: ألم أقل لك إنك حتماً ستعود طالما شربت من (حجر قدو).. وخلال فترة إقامتي بمدينة الفاشر هذه المرة حدثني صديقي عن (آبار حجر قدو) والتي اكتشفت أنها على لسان كل أهل الفاشر. تاريخ (حجر قدو): قال لي صديقي إن هذه الآبار يعود تاريخ إنشائها لأيام السلطان علي دينار آخر سلاطين سلطنة الفور التي بسطت حكمها لما يزيد عن الخمسمائة سنة انتهت باستشهاده في العام 6191م.. وتقع هذه الآبار بوسط مدينة الفاشر وتقع إلى الشمال الشرقي مباشرة من ميدان النقعة الذي هو أيضاً يمثل أحد المعالم الشهيرة بمدينة فاشر السلطان، وعلى الأطراف الشمالية الغربية لسوق مدينة الفاشر الكبير، وتعتمد عليها المدينة في مد أجزاء واسعة منها في مياه (السقيا والشرب) وطعمها (حلومر) أي (عذب) تختلط به بعض الملوحة. قصة التسمية: يستدرك صديقي حين سألته بسؤال: ولكن ما سر تسمية هذه الآبار ب(حجر قدو)؟ أجابني صديقي قائلاً: بحسب الراجح من الروايات فقد برزت الحاجة إلى حفر هذه الآبار على أيام السلطان علي دينار لحاجة الناس للمياه والتي فيها بعض الشح وقتها وقد واجهت العمال الذين يقومون بحفرها صعوبات نتيجة الصخور لدرجة أن الناس قد أشفقوا على حفاري هذه الآبار نتيجة الرهق والمشقة التي لحقت بهم.. وفي يوم من أيام الحفر استطاع الحفارون من (دق الصخور فأخرجت ماءً عذباً تختلط به بعض الملوحة)، فتناقل الناس الخبر السار في أنحاء مدينة الفاشر حيث خرج بعض الناس يتصايحون في المدينة مرددين، (الحجر قدو)، (الحجر قدو) وبمرور الزمن أصبح اسم هذه الآبار وإلى يوم الناس هذا (حجر قدو). المقولة الشعبية المتداولة: يردد أهل مدينة الفاشر مقولة شعبية ومتداولة على نطاق واسع من يشرب من آبار (حجر قدو) لابد أن يعود إلى مدينة الفاشر ثانية.. وما أن يعود إليها إلا يقولوا له - كما قال لي صديقي عند عودتي إليها ثانية - ها أنت قد عدت إلى فاشر السلطان لأنك شربت ماء آبار (حجر قدو). عبق المكان: ولعلّ موقع آبار (حجر قدو) بوسط مدينة الفاشر قد أضفى بعض التميز فموقع آبار (حجر قدو) على مرمى حجر من سوق ملجة الفاشر وعلى مقربة من القهوة الشهيرة (قهوة البنابر) والتي ازيلت واحتلت مكانها بناية عالية، كما تحيط بها مجموعة من المقاهي والمطاعم والبقالات والبنوك والشركات والمكان يعج بالكثير من الأنشطة التجارية والرياضية والاجتماعية والثقافية وهو ملتقى لكل الناس لموقعه على مقربة من التجمع الرئيسي لمواصلات مدينة الفاشر وخطوطها الداخلية.