بالرغم.. من سكني على بُعد حوالي «المائتين» متر جنوب مبنى الأمانة العامة لديوان الزكاة، بضاحية جبرة منذ العام 2000، إلا أني لم أدخل هذا المبنى طيلة هذه السنوات.. إلا في عهد الأمين الحالي الرجل الصالح ابن الرجل الصالح.. خلقاً وأخلاقاً أدباً وتواضعاً الشيخ محمد عبد الرازق من بيت ديني وتقوى وورع وصلاح. وكما هو معلوم، إن قبيلة الصحافيين هؤلاء هم فئة «متمردة» جداً ولا «تعافر» أبواب المسؤولين.. أو تطرقها.. إلا عندما استضاف مركز (عنقرة للخدمات الصحافية) قبل أسابيع الأمين العام لديوان الزكاة.. بنادي النفط بشارع النيل «أحسست» أن الرجل لديه رغبة شديدة في اشراك الرأي العام.. أن ساعدوني في تحمل هذه المسؤولية الشاقة والكبيرة والتي «ناءت» من حملها الجبال وأشفقن منها فحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً. نعم.. شعيرة الزكاة أصبحت الهاجس الكبير والمشغولية لصناع القرار.. وأصبحت كذلك تأخذ الكثير من اهتمامات الأجهزة الإعلامية المختلفة وعلى رأسها الإعلام المقروء.. الصحافة والصحافيين. وقد كتب الكثير من كُتاب الأعمدة وكُتاب الرأي وأقسام التحقيقيات أن كيف يستطيع هذا الديوان أن «يوصل» هذه «الزكوات» إلى مستحقيها. الأغنياء كُثر.. والذين يجب عليهم استخراج الزكاة أكثر من عدد الحصى كذلك مستحقيها.. وعلى رأسهم الفقراء باعتبار الفقر في السودان قد شكَّل نسباً مئوية فاقت التصور.. ضرب كل مناحي الحياة، وبالتالي هذا الأمر يحتاج لإدارة قوية صادقة وأمينة وارادة ايضاً، وهمة عالية. كيف العمل على استخراج هذه الزكاة من الأغنياء وجمعها وتوظيفها حتى تصل لمستحقيها في المدن والقرى والأحياء والفرقان البعيدة منها والقريبة؟.. وما هي الآلية الفاعلة والقاعدية التي تستطيع أن تتمرد افقياً للوصول لذلك من فقراء ومساكين وأسر متعففة.. و.. و... جميعها تحتاج «لكوادر» لها إيمان حقيقي واستعداد فقهي وديني، لأن الأمر أمر دين. والزكاة هي إحدى أركان الإسلام، بل أهمها على الإطلاق. فلذلك حرصت تماماً، بل طلبت ذلك من الاخوان في ديوان الزكاة أن أكون «مرافقاً» لهم في رحلتهم «الزكوية» وقافلتهم المتجهة للولاية الشمالية مسقط رأسي. وفعلاً.. كان التجمع داخل مبنى ديوان الزكاة الساعة الخامسة والنصف صباحاً، وما أن رُفع آذان الصبح.. «الصلاة خير من النوم»،حتى كان التحرك بالضبط الساعة السادسة والربع صباحاً. القافلة تقودها الوزير الشابة الأستاذة مشاعر الدولَّب وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي أخت الشهيدين «أنس وأمين» الأستاذ إبراهيم آدم وزير الدولة بوزارة الرعاية والضمان الاجتماعي الأستاذ محمد عبد الرازق مختار الأمين العام لديوان الزكاة ( وبعض )نوابه.. ومساعديه).. وكان شباب مكتب الإعلام والعلاقات العامة بالديوان حضوراً مميزاً.. ونشاطاً وخفة حركة لا تخطئها عين معاوية.. أيمن.. بشرى حفظهم الله. وكان التحرك بالبص الجميع داخل بص واحد.. تركوا عرباتهم الخاصة وركبوا البص.. وكان يمكن جداً.. أن يركبوا الطائرة والوصول في ثلث ساعة، لكنهم فضلوا السير بالبر.. وتحمل أربع ساعات وتزيد من وعثاء السفر ورهقه. نعم.. تركوا كل هذا وسافروا ب «البص» ووزارة الرعاية الاجتماعية وصناديقها ذات الإيرادات العالية.. تستطيع أن تؤجر طائرة خاصة.. ذهاباً وإياباً. لكنهم فضلوا السفر إلى الولاية الشمالية عبر طريق «شريان الشمال» الممتد والمتمدر والمتعرج. وهذه رمزية ودلالة تحمل أكثر من معنى ومعانٍ. وإيثار بلسان حال أموال الطائرات والسفر المريح أولى به هؤلاء الفقراء والمساكين.. المهم: وصلنا الملتقى حوالي الساعة العاشرة والنصف صباحاً.. وجدنا حكومة الولاية الشمالية وأجهزتها التنفيذية والتشريعية وبعض منظمات المجتمع المدني حضوراً واستقبالاً للوفد، تناولنا وجبة الافطار باستراحة سد مروي بالدبة، حيث كان هناك الدكتور إبراهيم الخضر، والي الولاية الشمالية الفائز بالتزكية في استقبال الوفد وتناول الجميع وجبة الافطار. غداً نواصل...