ارتبطت القباب في أذهان الناس بالصوفية، رغم ذلك فهي تعد قيمة تأريخية إسلامية بالإضافة إلى أنها باتت مقصداً للزوار والسياح.. فخلاف جماعة أنصار السنة فإن المتصوفة يحرصون على تشييد القباب وزيارتها، وارتبطت عندهم بالمناسبات الدينية.. ورغم الجدل الكثيف والخلافات التي تنشب بين الحين والآخر ما بين الصوفية وأنصار السنة، إلا إن القباب حافظت على وجودها إذ ارتبط وجودها عند الكثيرين بالحضارة الإسلامية وتطورها، على إن غالبية البلدان الإسلامية تحرص على تبيان الشكل الجمالي والروحي للقباب.. زيارة متواصلة المجتمع السوداني أو الغالبية منه لا ترى حرجاً في زيارة القباب وقبور الصالحين، المسألة قد تبدو أكثر وضوحاً في الريف، وهذا لا ينفي وجود مظاهر مشابهة هنا في الخرطوم أو في المدن القريبة منها.. فانتصار عبد الرحمن وجدناها داخل قبة الشيخ قريب الله حيث قالت إنها تحرص على زيارتها كل جمعة، وأنها تقرأ على روحه الفاتحة ثم تدعو بما تشاء.. بجانب ذلك فانتصار تكون في غاية السعادة حينما تتاح لها فرصة المشاركة في الاحتفالات التي تقام مثل الحولية السنوية لوفاة الشيخ قريب الله وكذلك الاحتفال بالمولد النبوي وكل احتفالات السمانية.. وذكرت انتصار أنها تداوم على زيارة مسجد الشيخ قريب الله وأنها تحضر دوماً حلقات الذكر.. مدائح نبوية على الجانب الآخر وفي صورة مشابهة التقينا في مسجد وقبة الشيخ الطيب بن البشير «راجل أم مرحى»- التقينا بحليمة عبد الله إذ ذكرت أنها تقوم بزيارة القبة كل جمعة، وتسجل حضورها في كل مناسبة دينية «أزور ضريح الشيخ الطيب وكل الذين دفنوا بجواره».. وقطعت حليمة بأنها تحضر كذلك من أجل سماع المديح النبوي «وأحضر كذلك كل المناسبات السنوية.. والأعياد الدينية».. اصطحاب الأبناء مدينة إبراهيم كانت على بعد خطوات من حليمة عبد الله، مدينة ورغم وجودها لحظة إدلائها بإفادتها في قبة الشيخ الطيب إلا أنها أوضحت أنها تحرص على زيارة كل مشايخ الطرق الصوفية.. ما تقوم به مدينة الآن من زيارات للقباب والأضرحة، تعلمته من والدها قبل وفاته حيث كان يحرص على اصطحابها معه «وأنا بدوري أحرص الآن على اصطحاب ابنائي».. تعتقد مدينة أن زيارة القباب والأضرحة تتيح لها فرصة الاستماع للمديح النبوي والذكر وسماع «دقات» النوبة.. مؤشر لأسلوب العمارة محمد الأنور الشيخ إدريس، مسجد الشيخ قريب الله بود نوباوي قال «تعد القبة صرحاً إسلامياً بارزاً ورمزاً دينياً يستمد من أشرف القباب على الإطلاق قبة النبي- صلى الله عليه وسلم- وتأسياً بها، هذه القبة الخضراء والتي هام بها الشعراء والمداح شوقاً وحباً لها، وما من مسجد عريق إلا وتوجد فيه قبة أو ضريح والمسجد الذي فيه قبة لأحد الصالحين هو أشبه المساجد بمسجد سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كما إن القباب الموجودة في العالم الإسلامي تكسب المنطقة التي بها الطابع والصفة والعراقة الإسلامية وهي مؤشر لأسلوب العمارة الإسلامية السائدة.. وقال إن مشروعيتها في القرآن الكريم أن مسألة بناء القباب والأضرحة مؤصلة فقهياً في الإسلام بل وجوبها لمن يستحق ذلك من الأولياء والصالحين ومن أقوى الأدلة المسألة التي جاء بها القرآن الكريم في قصة أصحاب الكهف فقال بعضهم نبني عليهم بنياناً «أي ضريح» وقال آخرون لنتخذن عليهم مسجداً، والسياق يدل على أن الأول قول المشركين والثاني قول الموحدين والآية طرحت القولين دون استنكار، ولو كان فيهما شيء من الباطل لكان من المناسب أن تشير إليه الآية وتدل عليه بطلاقة بقرينة ما، بينما جاء قول الموحدين قاطعاً «لنتخذن» نابعاً من رؤية إيمانية فليس المطلوب عندهم مجرد البناء وإنما المطلوب هو المسجد.. عبد الرحمن حسن حامد رئيس دائرة الفتوى قال: إن زيارة القبور أمر مرغوب فيه شرعاً لم يرد نهياً عنه بل ورد الترغيب فيه لقوله- صلى الله عليه وسلم- «كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم بالآخرة» فهذا الأصل في زيارة القبور ويزاد على ذلك في المزور من ترجي البركة كما قال الإمام بن الحاج مدخل أول في آداب زيارة القبور إذا كان الميت ممن ترجى بركته فقد زار النبي- صلى الله عليه وسلم- قبر أمه آمنة وعندما دفن عبد الله بن مسعود جعل على قبره حجراً ليعرف به قبر أخيه وليدفن حوله موتاي بل كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يزور شهداء أحد كل عام، وأن بعض المسائل المختلف حولها في الآونة الأخيرة مع بعض المتشددين التكفيريين وهو اختلاف أهواء ونحن في السودان عرفنا الأضرحة منذ أن عرفنا الإسلام بل هذه الأضرحة حفظت تأريخ الإسلام في البلد المسلم والمؤرخون يعرفون زمن دخول الإسلام بالقباب.. وبالنسبة لزيارة الأضرحة طالب بمراعاة بعض الضوابط الشرعية مثل عدم اختلاط النساء بالرجال وعدم إيذاء الأخرين ومن قالوا: إن القباب بدع فإن النبي- صلى الله عليه وسلم- زارها بل كان يزورها باستمرار وما زال الناس يزورون قبور الصالحين, وذكر أن مواطن البركة يستجاب فيها الدعاء وأما نقل التراب فمكروه لما نص عليه الإمام مالك. ومن يقوم بحرق وهدم القباب تلك جماعات تكفيرية تقوم وبإيعاز من المخابرات بالمساس بالأضرحة وما ذلك إلا لإيقاد الفتنة وإشاعتها في البلاد الإسلامية فليس الغرض نشر وتصحيح الدين الإسلامي لكن بهدف الفتنة وهؤلاء لهم شبهة يريدونها ويحاولون فرض مذهبهم بالقوة..! وقال علي عطا المنان- جماعة أنصار السنة المحمدية وإمام مسجد الحارة الأولى: إن زيارة القباب والأضرحة هي شرع من بناء الأصل، ونقول: إن بناء القباب لا يجوز على الإطلاق والأدلة على ذلك ما أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائن عن عائشة لما اشتكى النبي ذكرت له أم حبيبة وأم سلمة كنيسة رأتاها بأرض الحبشة فيها تصاوير إذا مات فيهم الرجل الصالح بنو على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله وكذلك ما رواه الإمام أحمد والطبراني والبزار من رؤية عبد الله بن مسعود أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «إن من شر الناس أن تدركهم الساعة وهم أحياء ومن يتخذ القبور مساجد، وقال طلب البركة فهذا من جنس عبادات أهل الوثنية لأن البركة استغلال عند الله ومن الله لقوله تعالى «تبارك الذي بيده الملك» ولذلك فالبركة لا تقصد عند الأموات ولكن تطلب من عند الله تعالى وكما قال إن القبة الخضراء الإجابة عنها في أمور أن قبة النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يأمر ببنائها ولا في عهده ولا عهد الخلفاء الراشدين وإنما بنيت في العصور المتأخرة ولذلك من بناها في رايه على غير دليل وقد صح أنه عن البناء من النبي- صلى الله عليه وسلم- من غير حديث، إن مظاهر الذهاب إلى القباب هي من دين الوثنية ولم تعرف في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم..