سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عندما تتحول الصحف لحلبات مصارعة..! الفاتح السيد: الأمين العام لاتحاد الصحفيين نحاسب كل من يحاول الانتصار لذاته
الهندي عز الدين : هذا الصحفي سألني لماذا لم تشتري عربة لرئيس تحريرك كما اشتريت للبلابل..؟
اليوم.. أصبحت الصحافة صنعة عالمية، كغيرها من الصناعات مدرة الربح، وصار كبار الناشرين في العالم يسعون لكسب ود القاريء بتقديم خدمة صحفية غاية في التميز والموضوعية، حتى يشعرالقاريء المستهدف بأن إصدارته تحترم عقله ومستوى تفكيره، إضافة إلى ذلك فإن المؤسسات الصحفية تجري دراسات بين الفينة والأخرى لتصل لما يحتاجه القاريء ويرغبه حتى تكتسب المزيد من القراء، بحيث لم تعد الصحف كومة من الأوراق المكدسة بالصور والمحشوة بالعبارات الرنانة فقط، فمسألة إنتاج صحيفة تروق أكبر عدداً من القراء باتت هي الغاية. وسط هذا الكم الضخم من التنافس بين المؤسسات الإعلامية في العالم برزت الصحافة السودانية في الآونة الأخيرة بثوب غريب، وبحسب خبراء فإنها تعيش أوضاعاً صعبة، بحيث تتقاذفها أمواج التعتيم الرسمي على المعلومات، والأوضاع السياسية المحتقنة، كثرة الإصدارات التي تتنافس على كم محدود من المعلومات، والازدياد المطرد لعدد العاملين في الحقل الصحفي وضعف التدريب والكفاءة، مما أفرز ظواهر في طريقها للرسوخ كمدارس صحفية، وهي ظاهرة الملاسنات الشخصية بين الكتاب أو... حرب الأقلام. مدرسة: قطع رئيس تحرير صحيفة (السوداني) ضياء الدين بلال الصراعات التي تنحى صوب البذاءات والإساءات تعد مدرسة لها وجودها التأريخي في الصحافة السودانية ولها نماذج أيضاً في الراهن وبالطبع هي مدرسة غير محبزة، أما جانب الاختلافات في الآراء فهو أمر مقبول ويحفظ مبدأ الاحترام المتبادل بين الجميع. يجزم الكاتب الصحفي ورئيس هيئة تحرير وناشر صحيفة (المجهر السياسي) الهندي عزالدين الذي يعتبر الطرف الأساسي دائماً في معظم المعارك الصحفية في إفادته ل(الوطن) بقوله:»لا أدخل في معارك (شخصية) مع الزملاء في الوسط الصحفي إلا مضطراً، ويردف:»غالباً لا أكون الباديء، فالبادئ أظلم»، ويضيف الهندي: وكثيراً ما تكون هذه المعارك تداعيات لقضايا عامة يختلف حولها الصحفيون والكتاب عبر كتاباتهم ثم ينحرف خط المنافحة والمدافعة بالمنطق عند البعض باتجاه شخصنة القضايا، وأردف:»قبل أسابيع مثلاً دخلت في نقاش عبر مجموعة بالتطبيق الهاتفي (واتساب) يضم معظم رؤوساء التحرير حول قضايا (الناشرين) و(الصحفيين) حول من يظلم من؟، وقمت بتقديم رأيي بصراحة ووضوح مسنوداً بأدلة وأمثلة وتجارب شخصية، وقد أشاد عضو المجموعة الأستاذ العبيد مروح الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات بالإفادة أنه استفاد من المعلومات الواردة فيها كأمين عام، ولكن للأسف دخل في النقاش بحدة أحد الزملاء من رؤوساء التحرير (المحدثين)، وأخذ يكيل الشتائم والاتهامات للناشرين بأنهم (لصوص) و(بلطجية)، ثم وجّه لي سؤال مباشر لماذا لم تشتري سيارة لرئيس التحرير في صحيفتك؟ كما اشتريت ل(البلابل)؟، فماذا تتوقعون مني في هذه الحالة، واجبته بأن الصحيفة التي تعمل بها أنا من أسسها ورغم ذلك لم تشتري لي سيارة، والناشرون غير ملزمين بشراء السيارات للصحفيين، وإنما مسؤوليتهم تتوقف عند تقديم مرتبات مناسبة للأداء، وحوافز ومكافآت حسب امكانيات كل صحيفة، فوجئت بردة فعل هذا الزميل رغم أنه قبل عدة أيام من هذه المحادثة كانت علاقته معي (سمن على عسل)، ولا خلاف أو مشكلات بيننا فما الذي استجد؟؟. ما دفعني لرواية هذا الخلاف هو رغبتي في التأكيد على أن هذه المعارك في كثير من الأحيان تصنعها أو تنفخ في نيراها (جهات) اعتبارية، أو مجموعات يحركها (الحسد) وتدفعها الغيرة لتسخين المعارك، ويضيف الهندي:»أنا لا أكون سعيداً بهذه المعارك، ولكننا نعيش في وسط تعيش فيه ذئاب وثعالب وثعابين، مثلما فيه نبلاء وحكماء ومحترمين يحبون للآخرين الخير»، فإن لم تكن لي (أنياب) لافترسوني في كثير من المعارك سواء على صفحات الصحف أو مواقع الانترنت، وهذه ليست مصادفات، بل هي (حملات) منظمة لاغتيال شخصيتي، مارسها ضدي شيوعيون ولا دينيون وعبثيون وإسلاميون أيضاً، كلهم تجمعهم الغيرة القاتلة لأصحابها، والحسد، وأمراض النفس، ويمضي عزالدين في حديثه :» منذ عشر سنوات وأقلام عديدة و(كي بوردات) كثيرة جداً أصحابها في لندن أو القاهرة أو امريكا أو دول الخليج لا (شغل لهم ولا شغلة) إلا ما يكتبه الهندي عزالدين، وأنا لا آبه لهم، جلدي صار (تخين) وكلما خرجت من معركة تقدمت في عملي ومهنتي، فشلوا في اغتيال شخصيتي، وفشل آخرون هنا في تعويق مسيرتي وذلك بفضل الله ورعايته، ومن جانب آخر أنا أؤمن بأن في الأدب العربي ضرب من ضروب الشعر والإبداع في البلاغة اسمه (الهجاء) وبرز فيه شاعر كبير اسمه الحطيئة هجا نفسه، وأمه وأبيه، فإذا كان الهجاء لا يستهدف أسرار شخصية وأُسر وعائلات فلا بأس من مخاشنات لطيفة ساخرة ومعيرة، ولكن قلائل في وسطنا يفهمها ويعرف دروبها.
نص القانون: يؤكد الأمين العام لمجلس الصحافة العبيد أحمد مروح أن الملاسنات في الشأن الخاص ممنوعة بنص القانون ، واستناداً على ميثاق الشرف الصحفي بين الصحفيين الذي يحرم التنابز والغمز واللمز وحتى الإشارات المبطنة التي من السهل فهمها خاصة بين العاملين في الوسط الصحفي، وهي المادة 26 من قانون الصحافة والمطبوعات المتعلقة بواجبات الصحفي وتشمل (9) بنود واجب الالتزام بها، وللأسف أغلب الصحفيين لم يطلعوا على مثل هذه الأشياء، ومن أهم بنودها توخي الصدق، وعدم نشر المعلومات المتعلقة بالأمن القومي، وعدم التأثير على العدالة ، والالتزام بقيم السلوك المهني وقواعده المضمنة في ميثاق الشرف الصحفي المعتمد من قبل الاتحاد العام للصحفيين، وهو أمر واجب الالتزام به وفقاً للقانون. ويضيف مروح بقوله: عندما نشهد حملات متبادلة بين الصحفيين نخضعها لتقييم لأن الموضوع متعلق بالأخلاق العامة، جزء منها نحاول التدخل فيه بطبيعة علاقتنا مع الصحفيين ، عبر النصح وبشكل ودي، وكثيراً ما تنجح هذه الطريقة، وجزء نضطر التدخل فيه بالقانون، وهنالك صحف تم تعليق صدروها ليوم أو يومين بسبب حملات متبادلة بين الناشرين فيها أو رؤساء التحرير ، فالقول بأن المجلس لا يتدخل أمر غير صحيح، فالقانون يعطينا فقط حق النصح وأقصى عقوبة تكون تعليق صدور الصحيفة ليومين، ولكننا لا نغفل أيّ سلوك كهذا، فالإجراءات التي تتم من قبل المجلس طويلة وبالتالي لا يرى الصحفيون مواقفنا تجاه الملاسنات بين الكتاب، فعندما يتفاقم الأمر نحيله الى لجنة خاصة وتجتمع تلك اللجنة مرة كل اسبوع ، وتستدعي اللجنة رئيس التحرير وربما يتغيب لأيّ سبب كان ونضطر لتأجيل الأمر للاسبوع القادم، ومن ثم تكون الحملة متواصلة أو توقفت ونسيها الجميع. ٭ أنواع: الكاتب الصحفي والخبير الإعلامي فيصل محمد صالح يشير في حديثه ل(الوطن) الى أن هنالك نوعين من المعارك الصحفية، نوع يكون حول قضايا عامة وهذه تعتبر ايجابية مطلوبة، ينتج عنها أفكار ومعلومات جديدة وتثير إعجاب القراء، لأن كل كاتب يجتهد في اختيار المعلومات واللغة، والمعارك حول القضايا العامة مطلوبة، وفي تأريخ الصحافة السودانية هنالك معارك شهيرة كتلك التي دارت بين النور عثمان أبكر وصلاح أحمد إبراهيم حول الهوية وماتزال مرجعاً، ونقاشات بين أبو آمنة حامد وطه حسين الكب حول عبدالله الطيب، وبين وزير الري السابق مرتضى أحمد إبراهيم وبعض الكتاب انتجت أدباً. وهنالك المعارك ذات الطابع الشخصي التي تتعدى الهم العام إلى شؤون لا تهم القراء وإنما تهم الكتاب وتكون لغتها متدنية وتحمل إسفاف ومهاترات وأشياء شخصية وشتائم، وهذه تعد مضرة وغير مطلوبة وتترك انطباع سيء لدى القاريء، وتحول الصحف من ممتلكات عامة الى أوراق شخصية يصبح مبرراً غير مقبول ولا يجعل من الصحيفة محترمة في إطار المحافظة على قيم المهنة وتقاليدها ، ويضيف فيصل بأن القاريء يترفع عن قراءة مثل هكذا مواجهات، لذا فإن الزعم بأن مثل هذه المعارك تزيد من انتشار الصحيفة زعم مردود على لا تغره الأرقام، والكثير من الأسماء التي كانت ملأ السمع والبصر سقطت سقوطاً مدوياً وتراجعت صحفها حينما صنفها الشارع السوداني بأنها خميرة عكننة ولقبها بملكة البذاءات والشتائم وإثارة القلاقل والكراهية بين الزملاء. لجنه مختصة: أوضح الأمين العام لاتحاد الصحفيين الفاتح السيد في حديثه ل(الوطن) بأن هنالك لجنة داخل الاتحاد اختصاصها مسائلة ومحاسبة الصحفيين على ضوء مبادرة الصحافة الاخلاقية التي اطلقها الاتحاد الدولي للصحفيين عام 2007م، وتختص بالتنظيم الذاتي وتقضي بضرورة أن يحاسب الصحفيون أنفسهم وفقاً للائحة محاسبة الصحفيين، اللجنة المختصة نفذت كم استدعاء من قبل، حيث مثل أمامها (الهندي عزالدين، مزمل ابوالقاسم، ضياء الدين بلال وآخرون)، وأدت دورها عبر لفت نظر لكل منهم، ولم تستعمل أيّة عقوبات غير الانذار في حالة (فاطمة الصادق) من ناحية أخلاقية وقيمية، ويضيف السيد: مطلوب من الصحفيين أن يطوروا هذا الجانب، لأن ما يحدث من مواجهات غير منطقية يتم فيها الانتصار للذات، في حين أن الصحيفة ملك للمجتمع، ويعتبر الكاتب قائد للرأي العام، وينبغي أن يقدم لغه تحترم الآخرين، خاصة وأنه يعمل بمهنة مقدسة ولها وضعية خاصة، قضية الملاسنات الشخصية بين الكتاب قد تصبح ثقافة يقلدها آخرون وهو أمر مرفوض منطقاً وأخلاقاً مهنية.