بالصورة والفيديو.. بعد أن علنت خطبتها.. شاهد تصريحات وئام شوقي السابقة عن الزواج: (أنا رافضة المؤسسة كلها وما بعرس راجل) وساخرون: (البنات الكانوا بباروها وبسمعوا كلامها طمنونا عليكم)    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    شاهد بالفيديو.. السيدة المصرية التي عانقت جارتها السودانية لحظة وداعها تنهار بالبكاء بعد فراقها وتصرح: (السودانيين ناس بتوع دين وعوضتني فقد أمي وسوف أسافر الخرطوم وألحق بها قريباً)    شاهد بالفيديو.. التيكتوكر السودانية خديجة أمريكا تظهر بإطلالة ملفتة وتزعم أنها "هندية" الجنسية    البرهان : لن نضع السلاح إلا باستئصال التمرد والعدوان الغاشم    وفد عسكري أوغندي قرب جوبا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    مجاعة تهدد آلاف السودانيين في الفاشر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    لدى مخاطبته حفل تكريم رجل الاعمال شكينيبة بادي يشيد بجامعة النيل الازرق في دعم الاستقرار    شغل مؤسس    عثمان ميرغني يكتب: لا وقت للدموع..    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    تيك توك يحذف 16.5 مليون فيديو في 5 دول عربية خلال 3 أشهر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    الشان لا ترحم الأخطاء    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرنو.. قبيلة العلماء والدعاة أحفاد ملوك دولة كانم (1/3)
هل هم قبائل باران الصحراوية أي الرجال المحاربون أم برابرة أو إنسان الحجر؟ دور دولة كانم في نشر الإسلام بإفريقيا وكيف استمرت دولتهم أكثر من (9) قرون لماذا أطلق عليهم الأسرة السيفية..؟
نشر في الوطن يوم 29 - 05 - 2014

يعتقدالدكتور أحمد إبراهيم دياب في مقدمته لكتاب (الإعلام بالأعلام) إن الزحف البشري القادم إلى السودان من غرب أفريقيا قديما وحديثا كان ولا يزال أقوى وأنشط من الزحف البشري القادم إلى السودان من جهة مصر أو الحجاز أو اليمن لاعتبارات تمازج الأعراق والأجناس بالدماء الحامية والزنجية والسامية فكان نتاجها هذا العنصر الذي يمثل قومية واحدة هي القومية السودانية التي تكونت من القبائل النوبية والنيلية والنوباوية والحامية النيلية والزنجية والعربية والبربرية والتي انصهرت فيها الديانات السودانية والمصرية القديمة والإفريقية والمسيحية والإسلام، فخلّفت العادات والتقاليد التي نسير عليها ونسميها الثقافة السودانية، والتي نفتخر بها فلا هي بعربية ولا هي بأفريقية، بل سودانية تشكل نسيجا وحدها فالسودان له منظومته الفريدة، أي أنه بعيد بخلقه وقيمه وتراثه وثقافته عن الاثنين، وجامع للاثنين معا وذلك منذ بدء التأريخ وليس وليد الاستعمار أو الحركة الوطنية والاستقلال فالسوداني يتخلق بأخلاق وقيم واحدة هي قيم وأخلاق القومية السودانية إن القومية السودانية روح وجوهر، بقدرما هي شكل وتعبير، هي صورة متعددة الجوانب لا تستبين بالتجزئة والتشتت، وهي أفق واسع الأرجاء لا تنتهي في ظلمات التحيز السياسي والعصبية القبلية الضيقة (هذه الكلمات هي التي تدفعنا إلى أن نغوص في أعماق التأريخ لنستعرض تأريخ القبائل السودانية وللبرنو تأريخ موغل في القدم ارتبط بنشر الإسلام والدعوة وإقامة دولة استمرت أكثر من (9) قرون متتالية كما إن للبرنو إسهامات وطنية ودعوية واجتماعية على طول البلاد وعرضها لذلك نجد أنفسنا مضطرين أن نقف لهم إجلالا لنفرد هذه المساحة شاكرين أصحاب الجهد الأوفر الذين أخذنا المعلومات من مخطوطاتهم أو كتاباتهم ومن ساعدنا بالمعلومة شفاهة فلهم الشكر جميعا
أصل البرنو
يقول المؤرخون: إن البرنو ينتمون إلى أصول بربرية انحدرت إلى السودان الأوسط من الشمال والشرق وباختلاطهم مع العناصر الإفريقية ضاعت ألوانهم البيضاء وانقلبت إلى سمرة، ذكر كلمة برنو أو بورنو أول مرة في الكتابات التأريخية على يد المؤرخ ابن سعيد (1282م) وعنى بها سكان المنطقة الممتدة من جبال العوينات شرقا بين مثلث الحدود السودانية الليبية المصرية إلى الواحات الواقعة في أقصى جنوب ليبيا والمناطق الشرقية والجنوبية والشرقية إلى جبال التبيستي إلى بحيرة تشاد والمناطق الغربية لها والجنوبية المتاخمة لمناطق قبائل الهوسا أما كانم دولة البرنو التي أسسوها فتدل كما ذهب المقريزي والشواهد الحالية على أنها كرسي أو بلاد حكم البرنو
فمن هم البرنو إذن؟
يشير الأستاذ أحمد عبد الله آدم مؤلف كتاب (قبائل السودان أنموزج التمازج والتعايش) إلى أن أصول البرنو من العرب العاربة وعند انهيار سد مارب ظعنوا ككثير من قبائل حمير فتفرقوا أيدي سبأ يؤكد أنهم ينتسبون إلى سيف بن ذي يزن الحميري بدليل تمسك مايات البرنو بهذا النسب واحتفاظهم به في وثائقهم ومثال لذلك رسالة الماي عثمان بن إدريس (1392م إلى 1424م) في شكواه لعرب خزام إلى برقوق سلطان مصر المملوكي فقال في شكواه (ونحن بنو سيف بن ذي يزن والد قبيلتنا) لذلك يسمون بالسيفيين أو الأسرة السيفية وهي التي حكمت إمبراطورية البرنو الإسلامية لفترة تزيد عن (9) قرون متتالية وذهب الكثير من المؤرخين أن العرب اليمنيين عبروا إلى أفريقيا قبل الإسلام بقرون طويلة فقد أشارالمؤرخ (بليني) الذي أرخ للمنطقة قبل الإسلام بستة قرون إلى هجرات العرب الأولى والمصاهرات التي تمت بينهم والسكان الأصليين كما أكد المؤرخون الأغريق والرومان فضلا عن اليعقوبي في كتابه البلدان وابن حوقل في كتابه صور الأرض والمسعودي في كتابيه مروج الذهب والأشراف والتنبيه فكلهم اتفقوا على أن عرب الجنوب وغيرهم من أعراب الجزيرة العربية قد سكنوا فيما بين النيل والبحر الأحمر قبل الإسلام فكانت سلطنة البرنو أول نتاج للمزيج العربي الزنجي حيث قاموا بتأسيس مملكة إسلامية بغرب أفريقيا وأجمع المؤرخون على أن هجرة القبائل العربية إلى حزام السافنا كانت أقوى عوامل انتشار الأسلام وتذكر بعض المصادر أن أسلاف البرنو غادروا بلادهم اليمن بعد أن تعرضت إلى غزو بحسب ابن خلدون الذي يشير إلى أن بعضهم كان ضمن جيش موسى بن النضير وطارق بن زياد حيث شاركوا في فتح الأندلس وبعد ضياعها عادوا إلى أفريقيا تونس تحديدا ثم عبروا إلى بحيرة تشاد وبعد التمازج والمصاهرة مع أجناس أخرى استطاعوا أن يؤسسوا أول مملكة إسلامية ووحدت كل القبائل في المنطقة الواقعة ما بين البحر والمحيط بالمغرب وقدامس وطرابلس وبرقة وغيرها من المناطق الشاسعة (المجلد السادس من تأريخ ابن خلدون) وقد استطاع البرنو إحداث تغييرات جذرية وجوهرية في عقيدة الزنوج وثقافاتهم حيث صار الأسلام هو المحور الأساس في حياة الناس بإبطال المعتقدات الوثنية القديمة وحل محلها سلوك جديد، يذكر البروفيسور يوسف فضل في حديثه عن الفونج الذين أسسوا مملكة الفونج في سنار من الأرجح أنهم من بني أمية لكن البعض نسبهم إلى البرنو ويستشهد بما ذكره المؤرخ (بروس) في تأريخه أن كثيرا من المجموعات الجهينية وخزام وكنانة وفزارة جاءوا عبر هجرات متتابعة ووجدوا الترحيب من سلاطين البرنو فعاشوا في دولتهم الإسلامية تلك الدولة التي تحدث عنها ابن بطوطة في تأريخه مؤكدا (أنهم- أي البرنو- في حكمهم أبعد الناس عن الظلم، والسلطان عندهم لا يسامح في أي ظلم وقع على شخص واشتهروا بعدم التعرض لأموال الميتين في بلادهم ويغالون في مواظبتهم على الصلوات الخمس والتزامهم بها في جماعة ويدينون بالمذهب المالكي ويغلب عليهم التسامح) ويؤرخ الدكتورعبد الباقي محمد أحمد كبير لتأريخ البرنو سنعود إليه لاحقا، أما كلمة برنو وكما أثبتت دراسات المقاربة اللسانية بالمر تعود إلى الجذور كلمة ( Bar) والتي يعني إنسان في لغات القبائل القديمة الجرامنت( Garmantes) التي سكنت في الواحات الجنوبية للصحراء الكبرى (جنوب ليبيا وشمال تشاد وشمال شرق النيجر) كجرمة وزويلة ومنها تم جاءت تسمية بركو أو بوركو (كوو أو كاوو تعني حجر أو جبل) أي إنسان الحجر نسبة إلى الجبال في المنطقة وتعود إليها تسمية الهوسا بري بري لسكان كانم وبالتحديد حاليا الكانوري في إقليم برنو في نيجيريا ومنها أيضا مدينة برداي و بري أو بيريا/بيليا نسبة إلى البدايات في فادا، وهذا الشرح كما هو واضح ينافي أصول سكان كانم كما هو متداول في كتب التأريخ (وخصوصا المدرسية) والءقاويل الشعبية والتي تعيدها إلى أصول حميرية يمنية هاجرت مع القائد سيف بن ذي يزن واستقرت في المنطقة بعد أن أخضعت القبائل الأصلية، ولكن هذه الفرضية قد تم رفضها ضمنيا من قبل ابن خلدون الذي ذكر في مقدمته استحالة تقبل العقل القصص الميثالوجية المتعلقة بنزوح هذه القبائل من منطقة بعيدة كاليمن لأن مثل هذا النزوح يتطلب قدرة عسكرية هائلة من أجل قطع هذه المسافات الشاسعة واستحالة تقدمهم الأسطوري من غير مقابلة أو الاحتكاك بجيوش كبيرة في الجزيرة العربية ومصر والنوبة وغيرها، هذه الفرضية تم رفضها من قبل دراسات مقاربة عديدة قام بها علماء من مختلف التخصصات الإنسانية، المخطوطات الأغريقية والمصرية والفينيقية والمروية (النوبة) القديمة تشير إلى وجود حضارة قوية في هذه المنطقة قبل قدوم العرب والتي كانت مزدهرة تجاريا وعسكريا، وتستخدم بعض هذه المخطوطات القديمة مصطلحات كالبليميز Bleymes (أو برنو النوبة) نسبة لسكان هذه الحضارة، وحسب هذه المخطوطات يبدو أن المسيحية انتشرت وبشكل محدود في هذه المنطقة عن طريق النوبة في جنوب مصر وشمال السودان في أوساط نبلاء وحكام البرنو وكانت المسيحية ممزوجة بالعقائد الوثنية لسكان المنطقة والتي كانت مبنية على عبادة ما يعتقدون أنه ابن إله المصريين (أمون) ويسمونه بغورزيل Gurzil (انظر كتابات البكري في هذا الشأن)، والمقريزي يذكر في كتاباته أن إحدى الواحات الموجودة في فزان كانت تسمى بواحة أم عيسى قبل الفتح الإسلامي بقيادة عقبة بن نافع وتعرف حاليا بواحة قصور كوار أو بيلما (بيلا بالكانوري والكانمبو تعني منطقة، وما ربما إلى كلمة أم إشارة إلى مريم أم عيسى)، وما زالت الآثار الإغريقية والفينيقية باقية وشاهدة حتى الآن على تعامل سكان كانم مع هذه الحضارات القديمة تجاريا وثقافيا، فمثلا نجد كلمات إغريقية الأصل اندست في لغات أهل المنطقة من القوران والكانمبو/الكانوري كلمة نغيلا أو نغال أو غال تعني جيد ومنها أيضا انحدرت من الأغريقية كلمة أنغيل أو أنجيل كما في الإنجليزية إشارة إلى الملاك أو إلى الحسن الملائكي على سبيل الاستعارة أما التأثيرات الفينيقية فتتمثل بالرموز المستخدمة حاليا من قبل قبائل كانم على الجمال والأبقار والأغنام فهي تشبه الحروف الفينيقية القديمة، ونفس هذه الرموز تستخدم من قبل قبائل الأمازيغ ولقد تم تحويلها إلى حروف للغتهم كما هو الحال في المغرب حيث اعترفت الحكومة بها كلغة رسمية بجانب العربية، أما الدراسات الأركيولوجية المحدودة فتشير إلى أن حضارة هذه المنطقة كانت تعرف لدى الحضارات المجاورة با»لجرامانت» Gramantes وكانت عاصمتهم جرمة وكانت مزدهرة وتقع في الواحات الجنوبية في ليبيا الحالية حيث يسكن النبلاء في بيوت سميت بالقصور، أما الدراسات الجينية عبر تحليل الحمض النووي فتشير إلى اشتراك سكان المنطقة في الكثير من الجينات الحمضية مع قبائل الأمازيغ في شمال أفريقيا والسكان الأصليين لجزر الكناري (الغوانش Guanches)، إلا أنهم أجبروا تدريجيا على النزوح جنوبا إلى مناطق جبال تيبيستي والمناطق المحاذية لبحيرة تشاد وبحر الغزال، وقد واجهوا في تمددهم جنوبا حروبا مع القبائل الأصلية كالقاروان Garawan و التروقلوديت Troglodytes - المؤرخ الإغريقي هيرودتس (ربما يعود أصل كلمة قوران إلى هذه القبائل ومن ثم تم تعريبها إلى قرعان، وليس كما ذهب خطاءً إلى نسبتها قسرا إلى أسماء عوائل عربية (القرعان) في الجزيرة العربية أو الشام) والساو غيرهم ولقد امتزجوا بهذه القبائل وتأثروا بلغاتها، للتوسع انظر ولقد تمت فتح منطقة جرمه على يد القائد عقبة بن نافع الذي عين فيها زبير بن قيس البلوي (من قبيلة البيليا) ويبدو أنه اعتنق السلام قبل أن تفتح هذه المنطقة، أما كلمة زغاوة فقد ذكرت ولأول مرة على ما يبدو على يد المؤرخ اليعقوبي (891-92م (وكل الدلائل التي نتجت من مقاربة كتابات اليعقوبي مع كتابات أخرى تشير إلى أنه عنى بكلمة «الزغاوه» نفس قبائل البرنو الذين كانوا يحكمون منطقة كانم، ولقد ذكر اليعقوبي أنهم كانوا يسمون ملكهم ب»الكاراكارا»، ولقد كانوا على حروب مستعرة مع ممالك مالي في الغرب وممالك الداجو في «ودّاي»، وربما استقر جزء من هؤلاء الجنود هناك وأسسوا ممالك السونقاي في غرب أفريقيا، وكل الدراسات اللغوية تشير إلى تشابه قبائل «السونغاي» الذين حكموا ممالك مالي في الغرب لغوياً وثقافياً مع سكان كانم، أما في الشرق فقد اختلطوا مع قبائل الداجو وغيرها من القبائل الدارفورية وفي ودّاي التأريخية وربما لهذا السبب اكتسبوا السحنة الزنجية التي أصبحت غالبة على الكثير منهم على خلاف أغلبية سكان كانم الحالية وشمال تشاد وشرق النيجر حيث تغلب عليهم السنحة الحامية، ما عدا بعض قبائل الكانمبو في منطقة البحيرة وأغلبية قبائل الكانوري في بورنو حيث يغلب عليهم أيضا السحنة الزنجية وذلك بسبب الاختلاط بالقبائل الأخرى، أما البلالا، فتشير الروايات التأريخية إلى انشقاقهم ومن ثم تمردهم على الملك «دونامة(الرجل القوي كما في لغة الكانبمو والكانوري) دبلماي إثر خلافات في بين الأمراء في الحكم ويعزو بعض الباحثين ذلك أيضا إلى اعتبار السلام دين المملكة الرسمي مما أدى إلى سخط بعض الأمراء ممن قرروا البقاء على دياتنهم الوثنية القديمة ويعزو آخرون السبب إلى رغبة نبلاء البلالا من حكام كانم غزو منطقة بحيرتي فيتري الغنية بالموارد وإخضاع الكوكا بعد هزيمة وفرار ملكهم إلى ناحية الشرق، وكما ذكرت سابقا، يعدّ بعض المؤرخين أن اتخاذ الإسلام كان عاملا مهما في اشتعال الكثير من الثورات في مملكة كانم ومنها كما ذكرت ثورة البلالا وأيضا التحالفات العديدة التي أبرموها ثورة التوبو (أي سكان الجبال من أهل كانم من التيدا والبديات وغيرهم) في الشمال ضد التعديلات التي أدخلها الملك دونامة ولقد تمكن البلالا بعد فترة من استيلائهم على حكم كانم بعد هزيمة السلطان داؤود (1377-85) ولكن سرعان ما فقدوها بعدما أن هزموا على يد إرديس اللاوما (أو عبد الله كما في لغة الكانوري والكانبمو) والذي استطاع بعد عقد تحالفات مهمة مع القبائل الموجودة في غرب بحيرة تشاد (برنو وديفا، نيجيريا والنيجر حاليا) على توحيد مملكة من جديد، ولقد استقر جزء من البلالا في منطقة لاك تشاد ويعرفوا حاليا ب»النغيوم» ويتكلمون لغة الكانمبو الذين تربطهم الديّة المشتركة لحد اليوم، وما زال البلالا في منطقة «ياو» يستخدمون أسماء ومصطلحات كانمية قديمة ك»دونامة» و «كجالة» أو «كشالة» للعمدة، أما عند «الكانمبو» فكلمة «كانبمو» يدل على جميع القبائل التي تتكلم بلغة الكانمبو والتي تسكن في كانم الحالية وإقليم البحيرة وشمال إقليم شاري باغيرمي (ماساكوري) وشرق النيجر والتي تعترف بسلطان كانم في ماو سلطةً شرعيةً أو رمزية عليا ويشمل هذا التصنيف أيضا قبائل القوران في شمال ماو ومنطقة نوكو ويسمون « كانوما» أي إنسان أو سكان كانم، فهناك مثلا قبائل ليست من القبائل الأصلية في المنطقة ولكنها تسمى كانبمو مثلا قبيلة «البدي» التي هاجرت من موطنها الأصلي في نيجيريا واستقرت منذ مئات السنين في مدينة «نغوري» وتخومها، و»الكوري» من البوداما الذين يستخدمون الكانبمو لغة أولى، ويشمل هذا التصنيف»الكورادا» من التنجر والتوري نسبة إلى الطوارق )وبعض القبائل العربية التي امتزجت وتصاهرت مع سكان المنطقة الأصليين والتي اتخذت الكانمبو لغة أم، يبدو من هذه المقاربات العديدة أن الإثنيات الحالية كالكانمبو والقوران والزغاوة والبلالا ينتمون إلى نفس الأصول البرنوية ولقد اختلفت لغاتها وسنحاتها وثقافتها بسبب الامتزاج مع قبائل أخرى والحروب الطويلة أثناء توسعهم والتنقلات الرعوية وغيرها من الأسباب، بعض الملاحظات الطوارق (وهم من الأمازيغ ويسمون أنفسهم «أيماجاغان») في النيجر مثلا يسمون الكانبمو والكانوري «أزاغان» وهي كلمة قريبة من كلمة زغاوة، ويسمون كل من تحدث بالدازاغا (لغة القوران) ب»أكرادان» وهي قريبة من كلمة «كريدة» كما يستعملها عرب تشاد إشارة إلى قبيلة «الكرا»، ويستحدمون أيضا كلمة «توبو» على سكان الجبال في الصحراء التشادية والليبية والنيجرية ، وعند الهوسا تعبير «بيري بيري» يطلق على كل سكان كانم، ولكن حاليا أصبحت محصورة في الكانوري بسبب عامل الدولة الحديثة (نيجيريا)، يمكن أن نستنتج من هذا أن كلمة زغاوه مرادفة لكمة برنو (ومشتقاتها بيري بيري، براونه، براون، بيريا (بيليا) الخ..)، أما
المصطلحات فيبدو أن لها غاية وظيفية مهمة في التفريق بين سكان كانم على أساس اللغة أو المنطقة التي يسكنوها ولا يمت بصلة بالعرق، أما كلمة قوران أو قرعان فتستخدم من القبائل العربية التشادية للإشارة إلى جميع القبائل التي تتحدث بالدازاغا أو اليتداغا كالدازا والكارا والتيدا وغيرهم من دون استثناء وأحيانا يشمل بعض الكانبمو والبديات ممكن يتكلمون نفس اللغة، أما لدى القبائل الجنوبية فكل شخص من الصحراء هو في الأساس قوران ، ويستثنون أحيانا الكانبمو بسبب طول عهدم بالتجارة في الجنوب.
كلمة خاتمة:
ربما ستزول كل هذه الحساسيات القبلية والكراهية لدى البعض منا بعد أن نصل عبر الأبحاث العلمية إلى أدلة تثبت خرافة التشدد والتعصب للقبيلة، فكل الدراسات الحديثة تبثت خرافة نقاء العرق، فليس هناك إنسان إلا وامتزجت دماؤه بأعراق وبمجموعات إنسانية أخرى مما يدل على وحدة الإنسانية مهما امتزجت إثنيا وعرقيا واختلفت ثقافيا ولغويا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.