لا يختلف اثنان بأن للصحافة اهمية كبيرة جداً باعتبارها أداة لصياغة الرأي العام ، وهي سلطة تراقب باسم المواطن والحكومة معاً وبالتالي هي الناطق الرسمي باسم المواطن ومهمتها الأساسية كشف الحقائق والبحث عنها، وتساهم الصحافة مساهمة فعالة كمرآة تعكس الرأي وإثارة الإشكاليات وكشف السلبيات وتثمين الإيجابيات، وما تخطه أقلام الصحفيين من اشارات من شأنها أن تحث المسؤولين على إصلاح ما يمكن إصلاحه خاصة وانه في الفترة الاخيرة انخرط الكثير للمطالبة بالاصلاح ولكن ليس الاصلاح الذي ننشده، فما نريده اصلاح من القمة الى القاعدة، فالرأي السليم الذي يقوم على نقد هادف ليس بالأمر الهين وهو مغنم عظيم لانه ينبثق من المعايشة الحقيقية ومن تزاحم الأفكار التي هي ذات بعد فني وهو ملكة لا تتوفر لدى الجميع بل أناسها غير عاديين وهم وحدهم من يستطيعون البوح بما يفيد، وبالتالي المساهمة في إنارة السبل لمعالجة القضايا المصيرية، إذ من بين هذه الثنايا تكمن الأسرار فرب صيحة ناقة تائهة دلت سائقها على مطيته، ورب كلمة طيبة قلبت موازين القوى ، ولعل صحافتنا تستقطب كُتاباً متميزين في مختلف فنون الكتابة الصحفية ، سياسية كانت أم اقتصادية يستنبطون من خلال ما يعانيه الوطن من جراح وآلام وما يمكن ان يضمد هذه الجراح. والمساهمة بالكتابة فيما يئن من شدة ألمه المواطن، وليس بالضرورة أن يكون الرأي السليم المخالف لبعض السياسات ضد الدولة ولا الرأي المؤيد لسياساتها معها وإنما هي تبصره، قد لا يتاح للمقربين من السلطة ان يوصلوها فما عجز عنه المساعدون والمستشارون من اكتشافه أو ايصاله للجهات المعنية فإن الصحافة الهادفة الصادقة تستطيع أن توصله للجهات المعنية بالأمر مهما بلغت التضحيات أو درجة المخاطرة لأن هذه رسالة الصحافة الصادقة المستنيرة التي تقول (للاعور انت اعور) دون محاباة أو تكليف، ولأن الصحافة تتميز بمتابعتها الحثيثة للنبض السياسي ، الثقافي ، الاقتصادي ، الاجتماعي ، الرياضي مما يمكنها بالالمام بكل معاناة المواطن وبالتالي الدفاع عن حقوق الإنسان ومشاكسة كل ما ينتهك كرامة وحرية الإنسانية لأن حملة الأقلام هم ضمائر مجتمعاتهم وبمثابة الناطقين الرسميين الصادعين بالحق، ودور الصحافة لم يقف فقط على النقد وإبداء الرأي وانما يمتد للتنبيه بما يمكن عمله من مشاريع من شأنها تساهم في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصاديه في البلد، ونجد ان ما تناولته الصحف في الفترة الاخيرة من قضايا اقتصادية وسياسية وما تم كشفه من فساد مالي وإداري عبر أروقة الصحف المختلفة أكيد أدى الى احداث بعض التغيرات وإن لم تكن تغيرات جذرية.. ولكن المهم في الامر ان الصحافة اوصلت للمختصين رأيها في كل الاشكاليات التي يعاني منها الوطن والمواطن وحتى وإن لم يتم الانتباه لذلك على الاقل ليعرف هؤلاء بأن هنالك من يراقب كل حركاتهم وسكناتهم.. فكثير من الكتابات استطاعت أن تهز مراكز القرار وتجعلهم يتخبطون فيما اقدموا عليه دون انتباه. فالبحث عن الحقيقة على صهوة مهنة المتاعب بين براثن البيروقراطية والدكتاتورية ليس بالامر السهل فالتضحيات جسام والعائد فقط تقديم خدمة صحفية نزيهة للعامة، اما العائد على الصعيد الشخصي لا شيء فكون الصحفي يصدع بالقضايا من مقصلة الرتابة ويبعثها من رماد اللامبالاة ليأتي بها دون خفاء ومعها العديد من مقترحات الحلول فقط من اجل خدمة الوطن والمواطن، فهذا أجدر بأن يقدر ويقيم لا أن يزج في غياهب السجون أو يحرم من الكتابة التي فيها يمارس كينونته في الوجود ، فمن يمارس الكتابة ، لا مفر له من الاستمرار في غوايتها حتى لا يفقد معناه ككائن حي فالكتابة الصحفية متنفس ينعشنا في أمكنة ملوثة تحاول انتهاك إنسانيتنا وحريتنا ، فليبقى الصحفيون يكتبون لأن بكتاباتهم هذه يغرسون نبتاً يحمي بيئتنا الانسانية من المهان والتلوث وتبقى الكتابة الظل الوارف الذي يرتاح معه المتلقي ليفرج عن همه وهو يحدوه أمل العودة لواقع معافى من كل أمراض الضمير القاتلة وتوهان السلطة الجائرة. فالكتابة أيضاً يرتاح عندها الصحفي ويحس معها بالحياة التي تعطيه من دفئها ما ينعشه فلماذا الكبت وتكميم الافواه ولماذا منع الصحفيين عن الكتابة ألم تكن ابواب المحاكم مفتوحة لكل انواع القضايا. فيا سادتي الظروف السياسية الراهنة التي يعيشها وطننا الحبيب تقتضي اطلاق الحريات وعدم تقييدها وإنما مراقبتها وأيضاً الاهتمام بالمشاكل السياسية ، الاجتماعية ، الاقتصادية والثقافية ووضعها تحت المجهر إسهاماً في تنوير الأمة وإلمامها بما يحيط بها من خطوب ومحن، وعلى الآخذين بزمام الأمور الاسترشاد بالأفكار وجعلها مصابيح تنير لهم الطريق ، فالصحافة ان كانت هي قوة تقرير وتغيير مباشرين لكنها أداة رقابية وكشف وتنوير ومن خلالها يتم التعرف على الحقائق والإشارة إلى ما يعيق عملية التطور والصعوبات لإنجاح المسيرة التنموية والكشف عن الحلول للمشاكل السياسية والاقتصادية واستثمارها لفائدة الشأن العام، فيا هؤلاء ان اغلاق الصحف او منع الصحفيين عن الكتابة لن يوقف مسيرة الصحافة ولن يمنع الصحفيين عن الكتابة فالآن أصبحت كل المنابر متاحة داخلياً وخارجياً اذا كان عبر صفحات التواصل الاجتماعي او عبر القنوات الفضائية والندوات التي تعقد خارج أرض الوطن، فلذلك كتابة عبر الصحف السيارة بأسلوب صحفي يحمل كل معاني مهنة الصحافة المبنية على القيم والاخلاق أحسن من كتابات يكتبها هؤلاء الممنوعون عن الكتابة بصفحات التواصل الاجتماعي وبعض الصحف الالكترونية وخير لنا أن يكون ما يكتب وينشر تحت أعين الاجهزه الرقابية بحيث يمكن التعديل او الحذف لا أن يضيع الوقت في متابعة الشبكة العنكبوتية، ونفي كل ما يكتب أو اللجوء لقطع خدمة الانترنت أو حجب بعض المواقع الالكترونية لأن هذا يؤكد ما ينشر ويؤدي لإعلام سلبي.