انتقدني احد الشباب ساخرا من اصراري على الكتابة عن الحل السياسي والاتفاق القومي وقال لي الم تقتنع بعد بان هؤلاء الناس غير جادين في مسألة الحوار الوطني واضاف متحديا اين نتائج الاتفاقات السابقة بما فيها اتفاق نيفاشا المشهود دوليا واقليميا الشاب واصل نقده لما نكتب واخذ يضرب الامثال وهو يقول اين نتائج اتفاق القاهرة مع التجمع الوطني الديمقراطي واين نتائج اتفاق ابوجا لتحقبق السلام في دارفور واين اتفاق التراضي الوطني مع حزب الامة القومي وقال لي انكم بكتاباتكم هذه تخدمون الحكومة وتمكنون لها اكثر ذكرتني هذه الهجمة الشبابية بهجمة مماثلة تعرضت لها في بداية عهد الانقاذ عندما اتهمني سياسي معارض بان كتاباتي تسهم في اطالة عمر الانقاذ وطلب مني التوقف عن الكتابة وسيدفع لي المقابل الذي آخذه من الجريدة في ذلك الوقت وطبعا رفضت طلبه ليس لاني غير مقتنع بكلامه وانما لاقتناعي بان مهمة الصحفي تنويرية وليست تعبوية والكتابة الصحفية رسالة اخلاقية ووطنية وليست سلعة تباع وتشترى ولعلها فرصة نوضح فيها ضمن سياق هذا الجدل حول دور الصحفي المهني والاخلاقي خاصة بعد طغيان صحافة الرأي في الآونة الاخيرة على صحافة الخبر رغم اهمية كل انماط التحرير الصحفي فان الكتابة في الصحف وحدها لاتجعل الكاتب صحفيا مع كامل احترامي لكل الكتاب الذين اصبحوا يثرون الساحة الصحفية وتحول بعضهم الى كتاب شباك نعود لموضوعنا الاساسي فقد قصدت ان اقول انني صحفي قبل ان اصبح كاتبا ولابد من التفريق بين الصحافي الملتزم بخط حزبي وهذا من حقه وبين الصحافي الذي يجتهد في ان يكون محايدا ولكن ليس بصورة سلبية وانما هو حياد ايجابي يسعى من خلاله الصحافي خدمة قضايا الوطن والمواطنين هذا لايجعلنا ننصب انفسنا اوصياء على الاخرين ولكننا بقدر الامكان نحاول الادلاء بآرائنا في القضايا المطروحة ولا ندعي قدرة على التغيير وان هدفنا لذلك من اجل دفع عمليات الاصلاح السياسي والدستوري والاقتصادي والثقافي ونحمد الله ان شعبنا بوعيه السياسي وخبرته العملية لايحتاج الى اوصياء وانه لايقبل الظلم والقهر والخداع والتضليل مع ذلك نعترف بعجزنا وتقصيرنا ومع ذلك لن نيأس ولن نحبط ولن نكسر اقلامنا.