في زيارة غير متوقعة حط الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رحاله في مطار الخرطوم الدولي والتقى الرئيس البشير في بيت الضيافة باحثاً معه العلاقات المشتركة ومطمئناً على صحته بعد العملية التي أجراها الرئيس مؤخراً ,والزيارة كانت غير متوقعة بحسابات التعكير الذي يظلل سماء العلاقات السودانية المصرية عقب الإطاحة بالرئيس المصري المعزول محمد مرسي وهو الإخواني ومرشحهم الفائز في الإنتخابات الأخيرة ومن هذه النقجة تحديداً جاءت الخلافات حيث تعتبر النخبة المصرية ووسائل الإعلام القريبة من النظام القائم أن السودان سيمثل إمتداد للاخوان وداعما لهم بحكم الخلفية الفكرية للحاكمين في السودان مقروناً ذلك بمسألة التحالفات الدولية والإقليمية التي تتقاطع فيها مصالح البلدين خصوصاً أن علاقة السودان المتميزة مع قطر تشكل قلقاً للقاهرة إنطلاقاً من دعم الدوحة المطلق والمعلن لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة في مصر والتي تعتبرها الحكومة المصرية خارجة عن القانون فيما تدعمها الدوحة بإعتبار أنها تمثل الشرعية وتدعم ذلك بالخط الإعلامي الموجه عبر قناة الجزيرة. القفز فوق الحواجز الساعتان اللتان قضاهما المشير السيسي في الخرطوم يمكن القول انهما مثلتا قفزاً فوق الحواجز وأزالتا عقبات وهواجس متبادلة وفي الجانب المصري تبدو هذه الهواجس أكثر وضوحاً وتبدى ذلك في اللغة النازعة الى التنفير والتجريم في الخطاب الإعلامي المصري تجاه السودان والحكومة السودانية على وجه الخصوص ولذلك من المتوقع أن تزيل هذه الزيارة كثير من الحواجز وترتفع بالعلاقة من خلافات المراحل والشكوك والمخاطر المتوهمة الى مرحلة الإستراتيجية والنظر الى أعلى من أجل مصلحة الشعبين يمكن أن تتطور العلاقات السودانية المصرية اذا وجدت الرغبة والإرادة السياسية الناجزة وفق مخاطبات مباشرة للقضايا والملفات العالقة بين البلدين والعمل على تجاوزالخلافات فيها وصولاً الى طرح كل طرف رؤيته ومايريد من الطرف الأخر ارتفاعا بسقف التعامل الى التعاون والمصالح لا الأذى الذي يخشاه أي طرف من الأخر. ملفات مهمة من الملفات المهمة التي رجح مناقشتها في إجتماع الرئيسين البشير والسيسي ملف سد النهضة مع أثيوبيا الذي مثل صداعاً دائماً لمصر خصوصاً ولأن تسريبات إعلامية سبقت زيارة السيسي للخرطوم اشارت الى أنه وجد صدوداً من الجانب الأثيوبي وعدم ترحيب بمناقشة هذا الملف في إطار ثنائي وهو مايجعل السيسي يحتاج الى السودان وهناك ايضاً ملف حلايب وهو من القضايا التي أثارها الإعلام المصري جنباً الى جنب مع أزمة سد النهضة لإتهام الرئيس السابق مرسي بالضعف والتفريط في المصالح المصرية مايجعل السيسي مواجه بفاتورة باهظة ان هو ابدى تنازلات في هذه الملفات دون التهيئة الإعلامية اللازمة ورغم ان السودان يعلم ان حلايب ارضه لكنه يميل الى الحلول الوفاقية وطرح أكثر من مرة خيار جعلها منطقة تكامل ثم هناك التحالفات الإقليمية مع الخليج والدول الأفريقية الخرطوم تحتاج القاهرة لملف الخليج والقاهرة تحتاج الخرطوم لملف افريقيا وإدخالها الى القارة من جديد وقد لعب السودان دوراً إيجابياً في إعادة عضوية مصر بالإتحاد الافريقي وكذلك من المحتمل مناقشة وجود المعارضة السودانية المسلحة السلمية وفتح مكاتبها في القاهرة واذا وصل البلدان الى تفاهم بشأن هذه الملفات سيكون هذا دفعا كبيراً للتعاون المشترك. ترحيب وتطابق موقف عقب لقائه بالسيسي وصف البشير علاقات السودان مع مصر بالتاريخية، وقال نرحب بالزيارة التي نعلم أن السيسي رغم مشاغله في مصر والأحداث الدائرة فيها في هذه المرحلة كان مصرا على زيارة الخرطوم. والزيارة جاءت في الاتجاه الصحيح لتمتين العلاقات بين البلدين،والعلاقات بيننا ليست جغرافية فقط، وإنما اجتماعية واقتصادية وسياسيةوقد بحثنا العلاقات السودانية المصرية وتطرقنا للقضايا الإقليمية، وبكل أسف فإن المنطقة الإقليمية تغلي بالصراعات والأحداث، والآراء بيننا ومصر متطابقة حول ما يحدث في المنطقة. تطوير العلاقات الرئيس السيسي قال إن زيارته تأتي في إطار امتداد علاقات سياسية جديدة بين البلدين، مشيرا إلى أن حكومته لا تزال تعتبر السودان جزءا من مصر وقال في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس البشير بمطار الخرطوم، أن الزيارة تعبر عن حجم العلاقات بين البلدين وعندنا أشياء كثيرة سنعمل عليها لتطوير العلاقات بين القاهرةوالخرطوم، بل هناك مواقف داخل المنطقة تحتاج إلى تنسيق. مغزى سياسي المحلل السياسي تاج السر مكي قال أن زيارة السيسي لها مغزى سياسي لأنه لا يوجد تلاعب في العلاقات المصرية السودانية مهما اعتراها من شوائب، مشيرا إلى وجود مغزى كبير للزيارة وإن لم يبح به الرئيسان. وذهب الى أن صيغة التحالفات الجديدة غير التقليدية فرضت على السيسي التحرك بإيجابية نحو السودان والاتحاد الأفريقي مع قبول سوداني ، لافتا إلى واقع جديد يفرض على السودان إما الوقوف مع طرف من الأطراف أو الحياد الإيجابي الذي اختاره بالفعل. ولا يستبعد مكي رغبة السيسي في الانتقال بعلاقاته مع السودان لتشمل دولة قطر التي تناصبه العداء بينما تتواءم رؤيتها مع الخرطوم، مشيرا إلى أنه رغم المشاكل المعقدة بين القاهرةوالدوحة فإنه يمكن إصلاح ذلك عبر السودان. رغبة مشتركة السفير عبد المحمود عبد الحليم وكيل وزارة الخارجية بالإنابة والمرشح سفيراً للسودان بالقاهرة قال أن زيارة الرئيس المصرى الفريق عبد الفتاح السيسى للبلاد جاءت فى إطار سلسلة من التطورات الإيجابية فى علاقات البلدين عقب المستجدات الأخيرة فى مصر. والمباحثات تعكس الرغبة المشتركة للبلدين فى تعزيز العلاقات الثنائية فى كافة المجالات مشيرا الى أن هذه المعاني والكلمات والتي أدلى بها الرئيسان أكدت وجوب تعزيز المصالح المشتركة لشعبى السودان ومصر وتنسيق جهودهما المشتركة على الساحات الدولية والإقليمية وهذا الزخم سيتواصل من خلال الحراك الذى تشهده علاقات البلدين خلال الفترة المقبلة والمتصلة بانعقاد لجنة الصناعة والتجارة فى الخرطوم وايضا لجنة الجمارك بجانب التشغيل التجريبى للمعابر البرية بين البلدين والمفضى بدوره الى ازدهار التجارة وحركة الاقتصاد بين السودان ومصر ,وسيسبق هذا الحراك اجتماعات اللجنة العليا السودانية المصرية المشتركة فى القاهرة مبينا أن مبادرة الرئيس المصرى بزيارة السودان تعكس اهتمام مصر فى علاقاتها مع السودان وهو التزام أكده السودان خلال هذه الزيارة.