سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ماذا حصدت منه دولتا السودان وجنوب السودان؟ كلمتي للمغفلين بمناسبة ذكرى الانفصال
كأني بلسان مواطن دولة الجنوب البسيط «ضيعناك وضعنا وراك يا سودان»
الحرب الجنوبية الجنوبية محاولة أخرى لتفكيك الدولة الوليدة
[email protected] إستعرت عنوان هذه المادة من عنوان كتاب ذائع الصيت نشره الكاتب المصري الكبير محمد جلال كشك في ثمانينيات القرن الماضي وعنوانه «كلمتي للمغفلين»، قدم من خلاله حزمة رؤى سياسية وفكرية عن محاولات الهيمنة الامبريالية والصهيونية في الوطن العربي، وقد كان الكتاب بمثابة دراسة استشرافية قدمت ملمحا مهما للمآلات المستقبلية والتي بدأت في التحقق منذ ذاك الوقت حتى يوم الناس هذا. تمر غدا الاربعاء 9 يوليو 2014م. ذكرى انفصال دولة جنوب السودان عن الدولة الأم وقد جاء الانفصال كأحد الخيارين اللذين بنيت على أساسهما فكرة تقرير المصير لجنوب السودان والذي جاء في اتفاق مشاكوس الاطاري بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية في 2002م ثم بعد ذلك تم تضمين الفكرة ضمن اتفاقية السلام الشامل الموقعة في 9 يناير 2005م. وسريانها بعد ستة أشهر في يوليو 2005م. (2) برغم أن تقرير مصير الجنوب كان أمراً مستحقاً في مصفوفة اتفاقية السلام الشامل والذي انتهى بالانفصال، إلا أن ثمة ملاحظات لو تم تداركها في الوقت المناسب وخلال الفترة الانتقالية لكان الأمر مختلفاً .. وهذه الملاحظات الجديرة بالذكر ألخصها دونما اخلال في النقاط التالية: ثمة تراخي قد حدث من كل الأطراف تجاه جعل الوحدة خيارا جاذبا وهذا هو الشرط الذي تم تسببه اعتماد فكرة تقرير مصير جنوب السودان من أساسها.. وبرغم محاولات تمت من هنا وهناك لجعل الوحدة خيارا جاذبا إلا أن ذلك التراخي لم يكن متناسباً مع سرعة الزمن المتسابق إذ انتهت الفترة الانتقالية دونما أن تتم أي مشروعات مادية أو معنوية لتعزيز الثقة المفقودة تاريخيا بين الشمال والجنوب وكل ما طرح كان مجرد أماني وأغنيات هنا وهناك لم تصمد أمام مخطط الانفصال الذي أهداه السودانيون بسبب تراخيهم في جعل الوحدة خيارا جاذبا للقوى المستهدفة للسودان في طبق من ذهب. كانت الحكومة السودانية أكثر سخاء في السماح لدعاة الانفصال في الشمال والجنوب باعطائهم كامل الحرية للتعبير عن أشواقهم ومبرراتهم للانفصال برغم ان هؤلاء الانفصاليين تجاوزوا المحددات القانونية للتعبير حتى أصبح المواطن العادي يحس بحديثهم عن الانفصال قد أصبح واقعا لا محالة. كانت حكومة الجنوب بقيادة النائب الأول الأسبق الفريق أول سلفا كير ميارديت الأكثر تراخيا في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين بجنوب السودان أو حتى للمواطنين النازحين بولايات شمال السودان مما عزز الاعتقاد لدى المواطنين الجنوبيين بأن خيار الانفصال هو الأفضل لهم ، وبعد وقوعه عضوا بنان الندم. لم تقم الأحزاب السياسية المشكلة لحكومة الوحدة الوطنية على المستوى الاتحادي أو المستوى الولائي أو على مستوى حكومة جنوب السودان بأية مبادرات لتعزيز خيار الوحدة ، بل ظل طرفاها الكبيران المؤتمر الوطني والحركة الشعبية طوال الفترة الانتقالية في حالة تشاكس مستمر مما أدى للكثير من المشاكل التي عجلت بالانفصال وأصبحت عالقة حتى الآن لم يتم حسمها حتى بعد أن اصبح السودان دولتين. (3) بدا واضحا أن المواطن الجنوب سوداني قد سيق بلا وعي كامل نحو صناديق الاقتراع حول خياري الوحدة والانفصال فاختار الانفصال نتيجة عمليات اغرائية ترهيبية معلومة بدأت منذ قرابة الأربعة أشهر من الاستفتاء عندما تم تهجير المواطنين الجنوبيين بالعاصمة والولايات إلى الجنوب لغرض التسجيل وبغرض ابعادهم عن أي مؤثرات ومحفزات تجعلهم يصوتون لخيار الوحدة. ولكن يبدو الآن لسان حال مواطن الجنوب السودان البسيط يقول «ضيعناك يا سودان وضعنا وراك» ، إذ ان المحصلة بعد تمام ثلاث سنوات من الانفصال أن المعاناة الاقتصادية التي ضربت دولتي السودان وجنوبه سببها الأساسي الانفصال ، وهذا ما جعل الرئيس السوداني المشير عمر البشير يصرح قبل عدة أشهر بأن بعض الاتصالات من بعض القوى الجنوبية قد تمت معهم للدخول في الوحدة مجدداً..وبالطبع فإن هذه الاتصالات مؤشر مبكر لعض أهل الجنوبلبنان الندم نتيجة اختيارهم لخيار الانفصال وبالطبع فإن أي سوداني غيور على وطنه سيقول نعم للوحدة مجددا ولكن بأسس ورؤى جديدة ، ذلك ان اتفاقية السلام الشامل عند توقيعها اعطت الجنوب ما أراد كاملا وقدم الشمال الكثير من التنازلات في سبيل أن تتوقف الحرب التي كانت لها آثار اقتصادية وسياسية ونفسية واجتماعية خطيرة شملت الانسان والحيوان الأراضي والبيئة والبنيات التحتية واقعدت بالسودان وحرمته من النمو برغم توفر أسبابه وعوامله. (4) بتقديري أن خطيئة انفصال جنوب السودان عن السودان يتساوى في جريرتها انفصاليو الشمال والجنوب ولا بد من الاعتذار لشعبي السودان وجنوب السودان عنها. وهذه الخطيئة ينبغي تحميلها للانفصاليين دون سواهم ذلك لأنهم هم الذين استخدموا كل الوسائل والمنابر المشروعة وغير المشروعة لتحقيقه، ثم ألقوا باللائمة على اتفاقية السلام الشامل الموقعة في نيفاشا باعتبارها هي السبب في وقوع الانفصال ، والشاهد كما ذكرت آنفا أنها أوقفت الحرب وقللت من آثارها التي امتدت حتى الآن كما أن هذه الاتفاقية حسمت جدلية علاقة الدين بالدولة وحسمت جدلية شكل الدولة ونظام الحكم كما وضعت اطارا لتقاسم السلطة والثروة والموارد بين المركز و الولايات والمحليات ، وكل ذلك تم اقراره في وثيقة دستور السودان الانتقالي لسنة 2005م. وتم تطبيقه وانفاذه الآن في السودان. (5) من عواقب الانفصال التي القت بظلالها السالبة على دولة جنوب السودان الوليدة انه أوجد للوجود «الحرب الجنوبية الجنوبية» والتي تهدف محصلتها النهائية كما أراد مستهدفو دولة جنوب السودان تفكيك الدولة الوليدة للاستئثار بمواردها النفطية وغير النفطية المهولة ... وقد بدأت ملامح ذلك الاستهداف بوضوح منذ بواكير انفصال الجنوب حيث كانت ملامح ذلك متجسدة في الآتي: استحواذ قبيلة بعينها على مفاصل القيادة والسياسة والعسكرية بهدف الاستحواذ على الثروات والمهولة للدولة الوليدة. بروز جماعات متنفذة داخل قيادة الدولة أدى لخلق مراكز قوى ونفوذ اقتصادي من خلال تجنيب عائدات النفط لمصلحتها. إفساح الطريق أمام تدخلات أجنبية (لأفراد ومجموعات ومنظمات ودول ) للدخول في استثمارات ضخمة وتحقيق عائدات أرباح مهولة. غض الطرف عن أي محاولة لتحقيق الأساسيات الضرورية لحياة المواطن الجنوب سوداني مما جعله يعض بنان الندم على تأشيره لخيار الانفصال ...مما أغرى بعضهم للعودة للسودان مجددا وتوفيق أوضاعهم كأجانب أو بالهجرة لدول الجوار رالافريقي والعربي أو الذهاب للمهاجر البعيدة أوروبا واستراليا وأمريكا وكندا.