يعتبر الأستاذ تاج الدين بشير نيام عراب اتفاقية الدوحة وأكثر من يعرف خباياها بإعتباره كبير المفاوضين من جانب حركة التحرير والعدالة، كما انه ملم بملف المانحين، إلا أن الاتفاقية التي قسمت مفاصل سلطتها على وزارات ومفوضيات، وجاء على رأس كل وزارة ومفوضية شخصيات قليلة الخبرة خصمت من صلاحيات الوزارات الأساسية، مثل وزارة إعادة الإعمار والبنى التحتية التي تعتبر قلب الاتفاقية النابض، إذ أن الإستقرار والعودة الطوعية مبنية في الأساس على ما تقدمه الوزارة، لكن تداخل الصلاحيات وسياسة الخيار والفقوس قسمت ظهر بعير الوثيقة ودفعت بها إلى أتون الخلافات وصولا إلى درجة الاستقالة التي هي الأولى من نوعها، إذ لم نسمع بوزير استقال. ويرى المراقبون بأن خروج نيام من منظومة الاتفاقية تدفع بها إلى الهاوية، لذلك جاءت استقالته لتضع أول أسفين في مسيرة اتفاقية الدوحة وحركة التحرير والعدالة على السواء لأن الاتفاقية صارت بقدرة قادر ضيعه خاصة للسيد تجاني السيسي، وذلك نتيجة لسوء الإدارة وإنعدام التنسيق داخل السلطة وتداخل الإختصاصات بوزارتها وكان الوزير المستقيل نيام أبدى جملة من الملاحظات حول أداء السلطة في الفترة الماضية، ولكن السلطة متمثلة في رئيسها تجاني السيسي لم تهتم مما آثار استياء الأستاذ نيام، فقدم استقالته بعد أن أعياه السبل لاصلاح ما يمكن إصلاحه، لأن رئيس السلطة الدكتور تجاني السيسي إستأثر بمقاليد الحكم وعمل على تقليص صلاحيات وزارة الأستاذ نيام رغم أن السيسي يعلم تمام العلم بما جاء في الرسوم الجمهوري رقم 46 لسنة«2011م» الصادر يوم 82/21/1102م حيث ورد في الملحق رقم (2) مهام واختصاصات الوزارات بسلطة دارفور الإقليمية ومنها مهام واختصاصات وزارة إعادة الإعمار والتنمية والبنى التحتية التي يقودها الأستاذ نيام، ومن أهم مهام وزارته وضع السياسات والخطط والبرامج للوزارة والإشراف على رصد وتحديد الإحتياجات التنموية القصيرة والمتوسطة وطويلة المدى لإعادة الإعمار والتنمية والبنى التحتية ومتابعة وتقييم برامج إعادة الإعمار والتنمية والبنى التحتية بدارفور ووضع الخطط والبرامج لتطوير البنى التحتية بدارفور بالتنسيق مع الجهات الإتحادية والولائية وتشجيع الإستثمار في مجالات البنى التحتية بدارفور وتقديم المساندة الفنية لولايات دارفور في المسائل المتعلقة بمشاريع البنى التحتية وتشجيع القطاع الخاص المحلي للمساهمة في تنمية وتطوير البنى التحتية والمساهمة في وضع السياسات والخطط للتنمية العمرانية والإسكان بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة، لكن الدكتور السيسي وزع مهام الوزارة إلى مفوضيات ووزارات أخرى مما خلق وضعاً معيباً وبعيد كل البعد عن الجوانب الادارية لذلك جاءت الاستقالة المتسببة تشير إلى خلل كبير في الاتفاقية، حيث لم تنفذ الترتيبات الأمنية مع استمرار سوء إدارة السلطة وتداخل الإختصاصات وتضارب المهام مما جعلت وزارة نيام تأتي في مؤخرة الوزارات من حيث الدعم إذ تم دعمها بمبلغ (86) الف جنيه طوال عمرها المديد والوزارة ليست بها سوى عربتان واحدة للوزير والثانية للأمين العام رغم أن السيسي ما كان له أن يجلس على كرسيه لولا نيام إذ هو من قاد المفاوضات التي أفضت إلى سلام دارفور، وهو الذي ذهب إلى أديس أبابا لإقناع الدكتور السيسي بأن يلحق بركب السلام، رغم رفض مجموعات مؤثرة مثل مجموعة الوالي الحالي حيدر جالو كوما ومجموعة الوزير يس ومجموعة هاشم حماد ومجموعة وزير الدولة مختار كلها كانت رافضة مبدأ الإستعانة بالدكتور تجاني السيسي مع ذلك نجح نيام في إقناعهم جميعاً وتنازلوا له بالرئاسة ليس لماضٍ نضالي عرف به وإنما تقديراً لتاريخه السياسي إذ كان حاكماً لاقليم دارفور قبل الانقاذ كما أن لنيام فضل لا ينكره إلا مكابر حينما كان كبير المفاوضين أثناء مجريات اتفاق الدوحة، لكن السيسي ظل يكيد للرجل منذ إنعقاد مؤتمر المانحين، حيث حرمه حتى من تقديم إحدى الورقتان فقدم هو ورقتي السلطة ودجام وبعد أن مد حبال الصبر وفشل وطالب حتى بح صوته بكل هدوء وضع استقالته في منضدة رئيس الجمهورية ورئيس السلطة الاقليمية الدكتور تجاني السيسى وباستقالته ستفقد السلطة رجلاً له وزنه وحنكته وقدرته الكبيرة على الإقناع فهو أحد مهندسي وثيقة الدوحة، مما يقود إلى انهيار السلطة الاقليمية، إذا كانت لديها بقية روح لأن نيام ليس كأي وزير آخر فهو ذو تأثير كبير على مجمل مجريات الأمور في السلطة، ويشهد للرجل انه ظل يعمل على تنفيذ الاتفاقية بكل بنودها، خاصة إبان إنعقاد مؤتمر المانحين وجولته لولايات دارفور الخمس تحضيراً لمؤتمر المانحين الذي عقد العام الماضي بالدوحة، ونيام من مؤسسي حركة العدل والمساواة وظل عضواً وقيادياً في حركة العدل والمساواة لفترة طويلة جداً وكان نائباً لكبير لكن من يخبر الدكتور السيسي أن العمل في سلطته قائم على تقسيم الأدوار وهو- أي -السيسي الذي عمل في منظمات الأممالمتحدة من يخبره بأن صلاحيات وزرائه فرض عليه أن أراد النظام والعدل وهو الذي عمل في المنظمات الدولية التي عرفت بالنظام أن استقالة نيام المسببة والتي أشار إلى أن السلطة تكرس الفردانية وتقرب البعض وتجرد صلاحيات البعض الآخر مما جعل نيام يقود مفاوضات مكوكية لوضع الأمور في نصابها معيداً تجربته في قيادة مفوضات الدوحة والمفاوضات التي قادها نيام تركزت على نقاط مهمة كانت تنقذ سفينة السلطة الغارقة في بحر الخلافات والمشاكسات ونيام الذي همشه السيسي الذي قاتل الحكومة لرفع التهميش هو من قبع في سجون الحركة الشعبية لأكثر من ثلاثة عشر عاماً من 1984حتى 1997م وهو مدير منظمة الدعوة الإسلامية مكتب تشاد حتى عام 2003م وله فضل صياغة اتفاقية أبوجا ثم الدوحة فرجل بهذا التاريخ فضلا عن تاريخه النضالي وقواعده المليونية وقوته في الميدان لا يمكن أن يكون صحبة راكب ولا يمكن أن يكون ممثلا ثانوياً كتمومة جرتق في عرس السلطة الاقليمية ونيام ما كان يريد أن ينتصر لنفسه لأنه ممكن أن يصمت بحثاً عن مكاسب وإمتيازات منصبه الوزاري لكنه رجل ثوري حارب اخوته في الحركة الإسلامية حينما شعر بالتهميش للاقليم الذي ينتمي إليه دارفور لكن السيسي الذي لا يعرف قدر الرجال أراد أن يركنه في زوايا النسيان بتجريده من صلاحيات وزارته ومنح تلك الوزارات للمغترب «شطة» وجزء من صلاحياته منحها لهاشم حماد لعله يريد أن يقدم له قرابين التقارب لذك كان من الطبيعي أن يضع استقالته في منضدة ر ئيس السلطة وادراج رئاسة الجمهورية ليلقم السيسي حجراً ويضع حداً للعلبة استمرت طويلا مستفيداً من الأدب الجم والصبر الذي يتمتع به الأستاذ نيام حتى فاض به السيل الزبي فكانت الاستقالة التي حكمت على اتفاقية الدوحة بالفناء الواقع يقول إن السيسي رجل خلافي واختلافاته مع قواعده والأمين العام للحركة وقبل ذلك حينما خرج بتصريحات صحفية يشير إلى أن علي محمود محمد وزير المالية وابن دارفور الوفي يعاكسه رغم ما قدمه علي محمود له وللسلطة الاقليمية لكن ماذا نقول لرجل ينكر الجميل ويعض الأيادي التي تمد له بالخير وفي البال خلافاته الجديدة مع اللواء تاج السر وآخرين .. سنفتح ملف الرجل الخلافي الذي يجلس في كرسي الحكم ويعتبر الرجل الرابع في الدولة السودانية لنؤكد أن السيسي لا يريد مصلحة دارفور وإنما يحمل في جوانحه ضغائن وأهداف بعيدة كل البعد عن مرامي السلام.. «نواصل»