الخلافات التي فجَّرها القيادي بالتحرير والعدالة تاج الدين بشير نيام، كان يمكن أن تكون أمراً طبيعياً لو أن الظروف التي تمر بها السلطة الانتقالية في الوقت الراهن طبيعية، وكان يمكن أن يكون الأمر عادياً لو أن ظروف السودان الحالية عادية، فبإلقاء نظرة فاحصة تأخذ في الاعتبار الصراع المحموم والانقسام الحاصل داخل حركات دارفور والحراك المختلف هنا في الأطراف المكونة للمؤسسات السياسية التي أبدت الرغبة في خوض الحوار الوطني بالداخل واختلافاتها في ذلك مؤخراً، نجد أن ما ذهب إليه الثائر نيام يستحق كل هذه ردود الأفعال الواسعة وسط المتابعين والمهتمين داخل وخارج السلطة الانتقالية لإقليم دارفور، إثر تقديمه لاستقالته للسيد رئيس الجمهورية في خطوة أوضحت مدى الانحدار الذي تسير إليه الأمور داخل الحركة أو كما يراه بعض المراقبين. وقدم نيام استقالته عن منصبه كوزير لوزارة اعادة الإعمار والتنمية محتجاً على بعض التداخل الازدواجي بحسب ما فُهم من استقالته التي رفض قبولها، سائقاً العديد من المبررات التي تحول وتواصله في الوزارة بهذا المنوال. ولتوضيح الحقائق حول ما أثاره نيام والتي إن كانت من الصحة بمكان، فإنه حينها تكون الدوحة في مأزق زوال حقيقي، ولكن القيادي بالتحرير والعدالة وعضو الامانة العامة للحركة الأستاذ موسى شريف إبراهيم باري فند ل«الإنتباهة» كل ما ساقه السيد تاج الدين بشير نيام وأكد أن نيام أراد أن يخلط الأوراق ولا ندري لصالح من يكون هذا الخلط، مؤكداً أن خلفية نيام الخلافية تؤكد منذ بدايات منبر الدوحة أنه يريد أن يجعل من نفسه فقط محور الاهتمام وأن كل ما ذهب إليه يأتي في هذا السياق، نافياً ان تكون الحركة تعاني من صراعات داخلية قد تعصف بوحدتها وتماسكها. وحول وضعية بشير نيام في أنه من المؤسسين للحركة يقول باري إن نيام لم يكن من المكونين للجبهة المتحدة ولكننا آويناهم و تنازلنا لهم من بعد عن الرئاسة لمدة ستة شهور فقط فترة انتقالية ولم يكونوا موجودين في الميدان، فتاج الدين كان في العلاقات الخارجية ويضيف باري أن المؤسسين الحقيقيين هم جبريل تيك، والامين العام خليل عبدالله، والرئيس شريف آدم نصر، والمنسق العام حسن خميس، والامين المالي اسماعيل علي شايبو، والاعلام موسى شريف باري.. ويضيف كان من المفترض أن تنتقل الرئاسة للاصلاح والتنمية بعد ستة شهور، ولكنهم كانوا يتهربون من انعقاد المؤتمر العام ومن تسليم الرئاسة. ويتطرق باري لكواليس الدوحة ويقول إن تاج الدين كان يشغل كل المناصب وتجده دوماً متدخلاً في رئاسة كل اللجان ولا يسمح لغيره بالاقتراب. ويؤكد في العام 2004 قمنا بتكوين الحركة الوطنية للاصلاح والتنمية بقيادة القائد جبريل عبدالكريم «تك»، وقمنا بالتنسيق مع القائد يس يوسف رئيس الجبهة الثورية وخميس عبدالله حركة جيش التحرير والقائد آدم بخيت وآدم شوقار، وكنا في تنسيق تام مع هذه المجموعة، وفي العام 2007 حاول الانشقاق من العدل والمساواة عبدالله بندة وشنت العدل والمساواة هجوماً عليه أكثر من مرة إلى ان تم تدمير آلياته وفي نفس الوقت كان بحر أبوقردة في مصر وتاج الدين نيام لم يكن موجوداً، ويقول موسى باري، بسبب أبوقردة ونيام وبندة دخلنا ثلاث عشرة معركة مع العدل والمساواة بعد تكوين الجبهة المتحدة للمقاومة التي ضمت فصيلي الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية وحركة بحر ادريس العدل والمساواة القيادة الجماعية. وحول الحوار الوطني الجاري وانعكاسات ذلك على الاوضاع في دارفور وتأثيراته على الأوضاع داخل السلطة الإنتقالية، يقول موسى إنهم يؤمنون تماماً على الحوار الجامع لكل الحركات المسلحة والاحزاب، مضيفاً أن مجموعة «7+7» التي تم تشكيلها وافقنا عليها للاتصال بالحركات المسلحة للدخول في الحوار الوطني وأن رئيس الحركة تجاني السيسي يقود بنفسه بعض جهودها. ويقول ان السلطة الاقليمية رسمت طابعاً جيداً لأهل دارفور وعملت على حل الكثير من سوء التفاهم بين مكونات الاقليم. وعن جهودهم في دخول قوات دبجو في السلام، أكد ان جهودهم ستظل ماضية في هذا الاطار وأكد أن السلطة قد أنجزت الكثير من المطالب داعياً المانحين إلى الإيفاء بوعودهم. وحول ما ذهب إليه البعض من أن القضية في دارفور عبارة عن صراعات مصالح وان قيادات الحركات يقاتلون لأجل الوظيفة والمصلحة الشخصية، يقول موسى هذا الحديث غير صحيح وانهم حينما جلسوا مع الحكومة بعد عشر سنوات كان نتاج لقناعات بان الحرب غير مفيدة، وليس هناك صراع نفوذ داخل الحركة، ويتم معالجة سوء التفاهم في إطار المؤسسية، مضيفاً أما إذا كان المقصود بذلك الصراع الذي يقوده الأخ نيام فهذا شيء شخصي ولم يكن له علاقة بالمؤسسية، والسلطة الآن تقاد عبر المؤسسية ونيام لا يعنينا كثيراً. وحول ظهور الجماعة الشبابية للإصلاح داخل الحركة الشيء الذي يعارض كل ما ساقه، يقول موسى شريف أؤكد تماماً أن هناك مؤسسية وكان على هؤلاء الشباب أن يطرحوا تلك الافكار داخل المؤسسة، ويضيف أنهم قد رفعوا من قبل بعض التصورات عن المرتبات وتم قبولها كما تم توظيف الكثيرين في إطار البرنامج الاصلاحي، وأن القيادة تولي أمر الشورى الكثير من الاهتمام. وحول ما أن وظائف السلطة غير متفق بشأنها داخل الحركة، ما جعل نيام يصدح بهذه الحقيقة ومن معاناته من ازدواجية تتم داخل السلطة، يقول القيادي بالتحرير والعدالة لا أتفق مع هذا القول ولا توجد ازدواجية، فهناك صندوقان في السلطة أحدهما لإعادة الاعمار والاخر للتعويضات، وهي عبارة عن مؤسسات تقوم باستقبال الدعومات، أما وزارة اعادة الاعمار فمهمتها التخطيط وليس الصرف، ونيام يعرف ذلك وهو أقرب شخص للسيسي لكنه لم يستطع تقديم أي نجاحات ملموسة في خلال الثلاث سنين وظل يتدخل في شؤون لا تخص وزارته، وكان هذا التدخل هو ما دفع بعض الشباب للانضمام للجبهة الثورية كإسماعيل رحمة وعبدالله مرسال وعلي كاربينو، والسبب في ذلك نيام وتدخله غير المحمود في القضايا التي لا تعنيه. وأكد موسى أنهم و شركاؤهم في الحكومة يمكنهم تنزيل الاتفاقية رغم صعوبة الوضع الاقتصادي، وقال ان السلطة الاقليمية هي القاعدة الأساسية لتنزيل الاتفاقيات لارض الواقع، ويؤكد أن الرئيس حريص على إنزال الاتفاقية ومنح القادمين وزاراتهم إذا تم توقيع مزيد من الاتفاقيات مع التيارات الاخرى ونتحسب لذلك، بل إننا قمنا بدعوة إخوتنا الذين لم ينضموا إلينا والمسألة عندنا ليست مسألة مناصب وانما أمر إنسان دارفور، أضف لذلك أن منبر الدوحة هو المنبر الأساسي الذي يطرح فيه هذا الأمر، وعلى الحركات الإسراع بالانضمام إلينا وانها لم يتجاوزها الزمن كما يقول البعض، وإننا في إطار السلام صادقين لإنفاذه حتى نهايته.