طالعتنا الصحف الصادرة صباح الأربعاء الماضى بخبر مضمونه أن رئيس البرلمان السودانى أصدر قراراً يقضى بسحب كلمة القبيلة من مضابط الأوراق الثبوتية ومعاينات التوظيف لكل الوظائف الحكومية والإستعاضه عنها بكلمة سودانى .. ومبتداً نقول حسناً فعل رئيس البرلمان وهذه نقطة تحسب لصالحة .. فأن تاتى بعض القرارات متأخرة خيرٌ من ألا تأتى .. والسؤال هنا ماالذى يمكن أن يفعله هذا القرار ؟ وما عمق الجراح التى أفرزتها القبلية فى بلادنا ؟ وهل يمكن أن تضمد مثل هذه القرارات جراحاً غائرة وربما متيقحة بفعل الإهمال وطول الزمن ؟ هى أسئلة تصعب الإجاية عليها فى الوقت الراهن .. لأن التمكين كان على حساب الهوية السودانية وعلى حساب الكفأة تسلقت القبلية فأستشرت كالسرطان فى مفاصل الخدمة المدنية ومنها إلى الجهاز التنفيذى ، فتراجعت القومية او قل الحس القومى وعلا صوت الجهوية والتعصب القبلى ولم يعد الناس يهتمون بمن هو الأفضل بقدر إهتمامهم بتمثيلهم القبلى فى المناصب التنفيذية فصارت كل قبيلة ذات وزن تدفع بمرشحيها حتى ولو لم يكونو يفقهون شيئاً .. وبدأ نوع آخر من التفاخر يطفو على السطح لم نكن نعهده .. حيث صارت الصحف صبيحة كل تعيين تحمل إعلاناً للقبيلة الفلانية وهى تهنئى إبنها فلان بإختياره لمنصب كذا .. كل هذه الإفرازات السالبة جعلت الوضع فى السودان على فوهة بركان قابل للإنفجار فى اي لحظة .. رغم أنه انفجر فى بعض المناطق فعلياً ومايحدث الآن ليس إلا إفرازاً سالباً لعلو النعرات القبيلة والصراعات الجهوية .. فالتعصب القبلى دعوة للفناء والموت المجانى لأن القاتل خاسر والمقتول خاسر ، و بالتأكيد هى جراح لن أكون متشائمة وأقول أنها خرجت عن السيطرة ، لكنها تحتاج إلى جرأة من الجهاز التنفيذى تماثل جرأة رئيس البرلمان ليخرج من التشكيل الوزارى والولاة والمعتمدين والمستشارين كل من دخل وفق وزن جهوى او ترضية قبلية ولا يبقى إلا ذوو الكفأة والإنتماء القومى ومن هنا فقط يمكن أن تبدأ خطوة إيجابية لتنظيف الجرج المتقيح .. صحيح أن العلاج سيكون مؤلماً وقاسياً .. وهذا هو ثمن الصحة والعافية فالمسكنات والمهدئات قد تمنح المريض وقتاً بلا ألم لكنها بالتأكيد لن تعالج وسيأتى يوم تفقد هى مفعولها وساعتها يكون قد فات الآوان ..!! أتمنى الأ يكون الآوان قد فات على مثل هذه القرارات التى دفع ثمنها كثير من العقول والكفاءات السودانية التى استبعدت فى كثير من المواقع فى الجهاز التنفيذى او الخدمة المدنية بفعل الإنتماء القبلى .. ولم يخسروا هم شيئاً لأن أرض الله واسعة والأرزاق بيده تعالى .. لكن خسر السودان .. خسر قوميته التى كانت تميزه .. خسر حب ابنائة الذين فقدوا الثقة فى بلد جرى حبها فى دمائهم لأن سلامهم الجمهورى وتحية علمهم يقول مطلعها .. نحن جند الله جند الوطن .. ولم يقل جند القبيلة ، فالسودان كان بمليون ميله المربع سابقاً ومساحته الحالية التى لم استطع حفظها حتى الآن قبيلة واحدة الكل فيها يغنى .. أنا سوداني .. أنا .. وفى أقصى الشمال الى أقصى الجنوب يردد الجميع .. ديل أهلي .. وكان ماجيت من زى ديل واسفاي وامأساتي وازلي .. كان هذا هو السودان ( ياهو دا السودان ) قومى الهوي والهوية رغم تعدد الأجناس والقبائل .. نأمل أن يكون قرار رئيس البرلمان إنتباهة فى زمن الغفلة تعيد شيئاً من حتى وتحقن ماتبقى من دماء .. كما نأمل أن يكون هذا القرار خطوة أولى من الجهاز التشريعى تتبعها خطوات من الجهاز التنفيذى .. وأهم من إصدار القرار وضعه موضع التنفيذ ومتابعته حتى لاتذروه رياح التجاهل او النسيان . نبض الرود أيها الناس نحن من نفر عمروا الأرض أينما قطنوا