رأى المفكر الإسلامي، البروفيسور حسن مكي، أن الاشتراكية والرأسمالية فقدت بريقها بالمنطقة العربية، مثلما فقد الخطاب الإسلامي بالسودان بريقه في ظل تنامي القبلية والجهوية، موضحاً أن البلاد غير مرشحة لثورة، لكنها "أقرب إلى تغيير مثالي وهادئ". وذهب مكي خلال ندوة مركز التنوير المعرفي بعنوان: "السودان في ظل المتغيرات الإقليمية"، إلى أن البعد الخارجي مهم جداً لقراءة الأحداث، وأن أي محاولة لعدم فهم ما يجري في العالمين الإسلامي والعربي بعيداً عن تحدي إسرائيل، يعتبر فهماً منقوصاً. وأكد مكي، وهو مدير جامعة أفريقيا بالخرطوم، أن الأيديولوجيات التي كانت تقود الناس نحو الغرب من الاشتراكية والرأسمالية أفلست، وشعر الناس بأن الخلاص لا يأتي من هذا الباب، ما فتح الفرصة الآن للإسلاميين تحت ظلال مصطلحات الحرية والديمقراطية. وتساءل: "هل يستطيع الإسلاميون الاستجابة لهذه التحديات العميقة.. تحدي إسرائيل، تحدي الداخل ومطلوبات النهضة". خصوصية سودانية وفي محاولة لإسقاط هذه المتغيّرات على الحالة السودانية، يقول حسن مكي، إن الحالة لا تقرأ منذ أن حرق بوعزيزي نفسه، لأن السودان مثل مصر وتونس كانت له معركته بخصوصياتها وصياغاتها التاريخية والاجتماعية والروحية والفكرية. وأشار إلى صياغ التحرير الذي قاده الثلاثي الإمام عبدالرحمن والسيد علي الميرغني والزعيم إسماعيل الأزهري، وهو ما يمكن أن نسميه صياغ الإشارة بمعنى أنه لم يكن فيها حظ للجماهير، وإنما كانت تتحرك بإشارة الزعيم. ورجّح مكي أن يكون السودان أقرب إلى تغيير مثالي وهادئ، مما حدث في جواره العربي، معللاً ذلك بأن السودانيين ونخبهم استنفدوا طاقاتهم في الجهوية وثورات سابقة كأكتوبر وأبريل. وقال: "لا أعتبر أن السودان مرشح لثورات شعبية، لأن المسار العام السوداني أصبح خائفاً لاستشراء الجهوية والعرقية"، وزاد: "لكن هذا لا يقصر من التغيير لأن التغيير سنة قائمة ومطلوباته موجودة". وأفاد بوجود فرصة ذهبية للسودان بإحداث تغيير دون دفع الثمن، لأن الثمن أصلاً قد دفع، مقترحاً ابتدار حوار عميق حول "الجمهورية الثانية". الخطاب الإسلامي وأكد البروفيسور حسن مكي، أن الخطاب الإسلامي فقد بريقه الآن وما عاد يمتلك القدرة على مخاطبة الوعي الجديد وسط المثقفين وطلاب النهضة، لأن هناك شعوراً الآن في السودان بالجهوية والمناطقية. وأكد أن إسرائيل والكنيسة كسبتا المعركة السياسية في السودان بانفصال الجنوب. بيد أن الرجل يرى أن تلك الجهات ستخسر المعركة الحضارية في جنوب السودان، لأن الجنوب الآن يتجه بأشواقه إلى الشمال كما النيل يتجه شمالاً، وكذلك البترول ويتكلمون اللغة العربية باعتبارها اللغة الجامعة بين القبائل. وأضاف: "في تقديري سيواجهون بحزام الثقافة الإسلامية ليس فقط من الشمال بل من أثيوبيا وهي تتجه الآن إلى الثقافة الإسلامية بقوة، ومن حزام الثقافة الإسلامية من كينيا وشمال يوغندا".