لأول مرة في تاريخ الكرة السودانية تحقق الأندية الأربعة المشاركة في البطولتين الأفريقيتين "دوري الأندية الأبطال والكنفدرالية، نتائج إيجابية خارج الأرض. ولعلها أيضاً من الحالات النادرة في كرة القدم أن تلعب أربع مباريات لأربعة فرق من بلد واحد خارج الأرض وبعيداً عن الجمهور. إنجاز أم صدفة الهلال السوداني وورفيقه الأهلي شندي حققا الانتصار في أفريقيا الوسطى وموزمبيق، بينما عاد المريخ والأمل عطبرة بتعادل إيجابي من زيمبابوي. ؛؛؛ نتائج فرقنا المشاركة في البطولات الأفريقية هل هي صدفة مثل كثير من الصدف في تاريخنا الكروي أم أنها نتيجة لظروف موضوعية ؛؛؛ وهي نتائج وضعت الكرة السودانية تحت المجهر وقدمت عدداً من التساؤلات منها هل هي صدفة مثل كثير من الصدف التي يحكي عنها تاريخنا الكروي من خلال البطولات المتباعدة التي تحققت سواء كان على مستوى المنتخبات الوطنية والأندية؟ أم أنها نتيجة لظروف موضوعية. مع العلم أن النتائج المذكورة تحققت في جولة الذهاب والمنافسة في بدايتها، بمعنى أن مباريات الإياب قد تحمل عناوين أخرى تنسف كل القراءات والتحليلات انطلاقاً من القاعدة التي تقول (كرة القدم مجنونة). التساؤل المطروح عن دور الصدفة في هذا الحدث لوجود ظروف مماثلة منها الفوز ببطولة أفريقيا للأمم عام 1970 والفوز على مستوى الأندية بكأس الكؤوس الأفريقية (المريخ) عام 1989 والوصول لنهائيات الأندية أبطال الدوري (الهلال) عامي 1987و1992 والوصول لنهائيات العالم للناشئين عام 1990. طموحات وتفاؤل المتابع لهذا السرد التاريخي يلحظ الفارق الكبير في السنوات من الآن وآخر بطولة حققتها الكرة السودانية، وسيجد أننا مازلنا نبحث عن طريق يقودنا لمنصات التتويج على مستوى المنتخب الوطني والأندية. ؛؛؛ قوة الدوري الممتاز يمكن أن نلحظها في مستوى المنتخب الوطني الذي نجح في الوصول لنهائيات أمم أفريقيا مرتين بلاعبين من الدوري المحلي ؛؛؛ الصورة قد لا تبدو بالقتامة والسواد الذي يتحدث عنه البعض خاصة الذين فقدوا الثقة في أن يكون لنا وجود مع المنتخبات والأندية القوية، لأننا إذا تتبعنا مسيرة الأندية والمنتخبات الوطنية منذ انطلاقة تجربة الدوري الممتاز سيلحظ النقلة النوعية التي حدثت في المفاهيم أولاً وانعكاس ذلك على المستويات بالدرجة التي أصبح معها الحديث الآن عن قوة المنافسة المحلية. فقد تطور الطموح بصورة ملحوظة لدى الأندية والاتحاد المسؤول عن إدارة النشاط الكروي في السودان. الأندية السودانية بما فيها التي صعدت حديثاً للدوري الممتاز لم يتوقف سقف طموحها عند الصعود والبقاء فقط، ولكنها صارت تعمل وتسعى من أجل التواجد ضمن الأربعة الكبار. ومن هذه التسمية (الأربعة الكبار) نلحظ بداية التغيير في المفاهيم، فقد كان التركيز على القمة (الهلال والمريخ) باعتبارهما الممثلان للكرة السودانية في البطولتين الأفريقيتين. قوة المنافسة المحلية الآن أصبح التمثيل الأفريقي بأربعة فرق ليرفع ذلك من معدل التنافس بين الأندية، وهاهو فريق أهلي شندي الصاعد الموسم الماضي للدوري الممتاز يحجز في أول موسم له مقعداً في المشاركة الخارجية ويذهب أبعد من ذلك بتحقيق إنجاز غير مسبوق بالفوز في المباراة الأولى خارج الأرض وبعيداً عن الجمهور. كل هذه المؤشرات تأتي في صالح منافسة الدوري الممتاز لتصنفه كبطولة قوية وجاذبة والدليل الأعداد الكبيرة من اللاعبين المحترفين والمدربين الأجانب المنتشرين في الأندية المختلفة. وقوة الدوري الممتاز يمكن أن نلحظها بجانب الأندية في مستوى المنتخبات الوطنية وعلى رأسها المنتخب الوطني الأول الذي نجح في العام 2008 الوصول لنهائيات أمم أفريقيا والتي أقيمت بغانا بلاعبين من الدوري المحلي وبإعداد ضعيف للغاية وإمكانيات وقدارت مالية متواضعة. وجاء الوصول لنهائيات غانا بعد غياب لأكثر من ثلاثين عاماً ورغم الخروج من الأدوار الأولى وبرصيد نظيف من النقاط إلا أن التجربة كانت مفيدة ودعمها تطور المنافسة المحلية (الدوري الممتاز)، وكان نتاج هذا التطور العودة من جديد لنهائيات الأمم الأفريقية بعد الغياب دورة كاملة 2010 ليظهر منتخبنا في 2012 بغينيا والجابون وبلاعبين أيضاً من البطولة المحلية. نجاح الممتاز ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ولكن المنتخب نجح هذه المرة في الوصول إلى مرحلة متقدمة بالوصول إلى دور الثمانية. ؛؛؛ الدوري الممتاز لم ينجح من فراغ ولم يكن طريقه معبداً ومفروشاً بالورود، فقد تعرضت التجربة لحرب شرسة لإجهاضها لتنتصر الفكرة في النهاية ؛؛؛ وهو مؤشر آخر على قوة منافسة الدوري الممتاز أن تصل بمنتخب كل لاعبيه من الدوري المحلي لهذه المرحلة مع ملاحظة أنه المنتخب الوحيد في البطولة الذي يحمل هذه الصفة لأن كل المنتخبات الأخرى معظم نجومها من المحترفين خارج بلدانهم وفي أكبر دوريات العالم. وهناك منتخبات مثل المنتخب الزامبي معظم عناصره الأساسية محترفين في الدوري الكنغولي وهناك أيضاً منتخبات (كامل العدد) لايوجد بها لاعب من الدوري المحلي. قوة منافسة الدوري الممتاز لم تأت من فراغ ولم يكن طريقها معبداً ومفروشاً بالورود، فقد تعرضت تجربة الدوري الممتاز في بدايتها لحرب شرسة استخدمت فيها كل الأسلحة والأساليب لإجهاضها ولكن قوة الاتحاد العام بقيادة الدكتور كمال شداد تمكنت من إفشال كل المحاولات لتنتصر الفكرة في النهاية ليصبح لدينا منافسة قوية وجاذبة. ويؤكد ذلك التنافس الحامي هذه الأيام في بطولة الدوري الممتاز ورغم أن المنافسة في بدايتها إلا أن مستوى الفرق عالٍ والندية موجودة بين كل الأندية بالدرجة التي أصبح معها من الصعوبة بمكان التكهن بنتائج المباريات ولا يخرج من ذلك الناديين الكبيرين الهلال والمريخ.