(الزعيم رقم صفر الذي لا يعرف حقيقته أحد)، بهذه الصفة والكنية – معاً- كنا نعرف في ميع الصبا - أيام كنا نقرأ بشغف ما تكتبه القاهرة - الشخص المسؤول عن إدارة مؤسسة بإمكانيات دولة، وتضم إلى جانبه (13) شاباً عربياً بمسمياتهم وأرقامهم، بهدف نشر الخير ومكافحة الجريمة حول العالم تحت لافتة (الشياطين ال 13)! ضبابية تكتنف أجواء الهيئة ؛؛؛ حالة المقاربة مع الزعيم رقم صفر سببها حالة الضبابية التي تكتنف أجواء الهيئة القيادية نفسها، وما إذا كانت تمتلك الأحقية في اتخاذ القرارات ؛؛؛ وقبل أن ترفع حاجب الدهشة من المقدمة أعلاه، دعني أقول لك قارىء (الشروق) الأكرم، إنها مدخل موضوعي، لحال (الهيئة القيادية) في الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، بحسبانها المشجب الذي علّق عليه قادة الحزب ممن ولجوا لدور الحكومة بكل مساحاتها (طولاً وعرضاً وارتفاعا) قرارهم الأخير بالمشاركة في منظومتها، معللين لذلك باستيفائهم كامل أسس الديمقراطية والشورية وعدم الانفراد باتخاذ القرار، عبر آلية المؤسسة المنوط بها إعلان وتصدير مواقف الاتحادي للعلن. أما حالة المقاربة مع الزعيم رقم صفر فسببها حالة الضبابية التي تكتنف أجواء الهيئة القيادية نفسها، وما إذا كانت تمتلك الأحقية في اتخاذ القرارات نيابة عن حزب الحركة الوطنية، والمشاركة في حكومة تُنعت في بعض جزئيات حزب الوسط ب(الشمولية) رغم أنف انتخابات العام 2010م التعددية، وهو الأمر الذي يتنافى عند ذلك المكون مع دستور الحزب، ومعلقات فخره الدائمة والمانعة لمد الأيادي للأنظمة القادمة على صهوات الدبابات، أو مشايعة أياً من تكويناتها في مختلف مراحل نموه وتطوره. وبادئاً ذي بدء، يلزمنا تقليب بعض دفات كتاب تاريخ الوطن، الذي وقف شاهداً على مناهضة قادة الاتحاديين لكل حكومات (العسكرتاريا)، وكان طبيعياً جداً أن يقف الزعيم الأزهري رمز الاستقلال وصاحب (الطريق إلى البرلمان) بقوة ضد تغول الفريق إبراهيم عبود على برلمان الاتحاديين الأول، ولذا وما أن غادرت حكومة الفريق على أيادي ثوار أكتوبر 1964م، حتى عاد الأزهري وصنوه بحزب الأمة محمد أحمد المحجوب لإدارة حواراتهما الرفيعة يمكن أن نطلق عليها – بالمناسبة - بحسب الماركسيين (بولوتيكا)، داخل قبة برلمان الديمقراطية الثانية. الاستجابة للمطلوبات الوطنية وما هي إلا سنوات فقط وتحديداً عام 1969م، حتى عاد العسكر لممارسة هواية الأفارقة التليدة في الخروج من ثكناتهم للانقلاب على مؤسسات الديمقراطية، هذه المرة على يد جعفر محمد نميري، ليؤوب الاتحاديون – تارة أخرى- لخندق الدفاع عن الديمقراطية بقيادة الشريف حسين الهندي صاحب بند العطالة، وذلك في أعقاب موات قائدهم الأزهري نتيجة اختناق ونقص في الأوكسجين بأقبية نظام مايو، ومع الشريف والجبهة الوطنية عرف الاتحاديون لأول مرة طعم المقاومة المسلحة من خارج الحدود. ؛؛؛ الاستجابة للمطلوبات الوطنية ومقابلة الهجمات التي يتعرض لها الوطن، أجبرت قائد الاتحاديين للدخول في مصفوفة حكومة القاعدة العريضة وشعاره (الإصلاح في الأرض) ؛؛؛ والمقاومة المسلحة نفسها، قادت مولانا محمد عثمان الميرغني، لقيادة التجمع الوطني الديمقراطي الذي تعهد بإسقاط حكومة 1989م بكل الوسائل المتاحة، وعلى عجالة نقول إن التجمع فشل في غايته تلك لدرجة دفعت أحد مناصريه لتدبيج مقال عنونه ب(التجمع.. الميتة أم رماداً شح) ليتفرق قادة الحلف عقب اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا)، منحازين لطريق العودة من البوابات الضيقة صوب الداخل الذي غادروه جملة، وعادوا إليه آحاداً بكثيرٍ من الرضوض وغير قليل من الكسور. المهم، أن تصاريف الأيام، وما أسماه مولانا الميرغني، الاستجابة للمطلوبات الوطنية وضرورات الوقوف بنياناً مرصوص في قبالة الهجمات التي يتعرض لها الوطن، أجبرت قائد الاتحاديين وزعيم الختمية للدخول في مصفوفة حكومة القاعدة العريضة وشعاره (الإصلاح في الأرض). الهيئة لاتتخذ القرارات بعض رفاق الميرغني وجدوا في أنفسهم منة، ليس نتيجة ممالة نظام قدّم نفسه ببزات العسكريين، وإنما بناء على تشكيكهم في مدى التزامه بالمواثيق، ومقدار قدرته على تقبل جرعات الإصلاح، والعبور دون التكسر على جدار المقاومة التي كونها جسد (الإنقاذ) ضد هاتيك قيم وفي الصدد يهرعون لتحضير تجربة الشريف زين العابدين الهندي وحزبه المسجل. ؛؛؛ هيئة القيادة من بنات أفكار اللجنة المفوضة عن المكتب السياسي في إيجاد هيكل حزبي له القدرة على استيعاب (فسيفساء) الحركة الاتحادية حال قرر قادتها الاندغام في جسم موّحد ؛؛؛ ولأن المقام طبقاً لتقدمتنا الأولى، مقام قانوني دستوري، وليس مقام مقارعة حجج رهط المشاركين وثلة الرافضة (على حلاوته) سنلج مباشرة لتكوين الهيئة القيادية ولنعرف بداية من أين جاءت؟ ونرد ونقول إنه وفقاً لمصدر مطلع تحدث ل(الشروق) وطلب حجب اسمه، تبلورت فكرة هيئة القيادة كبنتٍ من بنات أفكار اللجنة المفوضة عن المكتب السياسي (أعلى سلطة حزبية) في إيجاد هيكل حزبي له القدرة على استيعاب (فسيفساء) الحركة الاتحادية حال قرر قادتها الاندغام في جسم موّحد، شريطة ألا تتعدى السبعة أفراد، فيما أدوارها محصورة في مواءمة الهيكل (الحزب مكون من رئيس، ونائب أول يختار نائبين، ومكتب سياسي وقطاعات) فضلاً عن وضع التخريجات الدستورية واللائحية اللازمة لاستقبال القادمين، علاوة على معاونة وتقديم الاستشارات لرئيس الحزب، وصاحب الحق المفرد في دعوتها للانعقاد، حول مختلف القضايا وبالتالي يحق لنا إطلاق صفة الاستشارية كملازم للهيئة أنّا ذكرت، ما يجردها كلية من صفة اتخاذ القرار، هذا إذا إعترفنا بأنها جزء أصيل من مكونات صناعته. المشاركة في السلطة ولاحقاً، لمقابلة الانشطارات الفتيلية داخل الفصائل الاتحادية، عمدت الهيئة لتجاوز شرط العدد، وفتحت الباب على مصراعيه أمام الوافدين بوضع شرط جديد يقول ب(ألا تقل عضويتها عن السبعة) لينضم لها كل عضوية المكتب السياسي، ومشرفي الولايات، ومن يعينه مولانا الميرغني، وهو ما دفع مصدرنا لتوصيف اجتماعهم إبان التشاور حول موضوع المشاركة في السلطة ب(حفل التعارف) في دلالة واضحة على ترهل الجسم الوليد (فاقت عضويته في الاجتماع الأخير الثلاثين فرداً دون مشاركة قائد فصيل اتحادي باستثناء ميرغني عبد الرحمن حاج سليمان)! وبحسرة بالغة، شيّع مصدرنا الهيئة بحسبانها فكرة نبيلة، جراء تجييرها التام لصالح خدمة رغبات مولانا الميرغني الناحية لتجاوز مؤسسات الحزب بضم كل من يشايعه لصفوف الهيئة وعزل كل من يعارضه من هياكلها، ليخرج من بعد ذلك للملأ ويقول بملء فيه بممارسة الديمقراطية داخل أروقة الحزب، وعقب تنهيدة حرى ملأت على سماعة هاتفي شرع المصدر في سرد رواية المشاركة وأهم ما أورده هو اعتراضهم الشديد في الاجتماعات الأخيرة على طرح موضوع المشاركة للتصويت لجهة استشارية الهيئة، وتفويضهم لجنة الحوار مع حزب المؤتمر الوطني لمعرفة نواياه الحقيقية تجاه مطالب الحزب حول برنامجه المقترح ونسب مشاركته، ومن ثم العودة من جديد لطرح مخرجات الحوار على عضوية الهيئة. ؛؛؛ الهيئة ضمت كل عضوية المكتب السياسي، ومشرفي الولايات، ومن يعينه مولانا الميرغني، لدرجة وصف اجتماعها ب(حفل التعارف) ؛؛؛ غير أن تأكيدات جلّ عضوية اللجنة –والحديث ما يزال للمصدر- بعدم جدوى الحوار مع الحزب الحاكم قادت أحمد سعد عمر، وعثمان عمر الشريف إلى قيادة حوار ثنائي باسم اللجنة، انتهى بإقرار المشاركة دون الرجوع إلى الهيئة القيادية حسب ما تم التوافق عليه. صراع اللوائح والقرارات وفي الضفة الأخرى، شدد مصدر مأذون – طالب هو الآخر بحجب اسمه- على أن قرار تكوين الهيئة القيادية، قرار رئاسي يكفله منطوق المادة (7) من دستور الحزب الموضوع في مؤتمر المرجعيات بالقاهرة سنة 2004م، وتخوّل المادة السابقة لمولانا الميرغني التشاور مع من يشاء أو انتخاب من يريد لاتخاذ قرار معين تنزيلاً للأمر القراني (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله)، بمنأى عن التقاطعات الدستورية بحسبان أن الدستور نصّ صراحة على أدوار الرئيس ومهام بقية المؤسسات فيما الخلط والتخليط منبعه فتوى الشانئين بغير علم. وبإسقاط ذلك على قرار المشاركة يقول المصدر إن الرئيس طلب انعقاد الهيئة لمعرفة رأيها في مسألة المشاركة، في اجتماع تطاول وكانت خلاصته وجود خلاف على نسبة المشاركة المطروحة واتفاق جمعي بأنه لا خلاف على المبدأ ذاته، وكان الرأي أن تستمر محاولات زيادة حصة الحزب ورفض إنهاء الحوار وهو ما فعلته اللجنة المكلفة التي دفعت مقرراتها الحزب –فيما بعد- للمشاركة بعد موافقة الرئيس. ؛؛؛ الأشقاء دوماً تتعدد مستويات صراعاتهم، فمن السياسة إلى القانون تدور الرحى، طاحنة حزب الحركة الوطنية بين تجاذبات أقطابه وحنينهم بالعودة إلى مربع الزمن الجميل ؛؛؛ وغير بعيد عن جدالات القانون، احتدم النقاش بين المصدرين داخل الحزب، حيال إمكانية الطعن الدستوري في قرار الحزب بالمشاركة لدى سلطة المحكمة الدستورية أو عند مجلس شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية، فأقر الأول بإمكانية الخطوة، وقال بوجود شواهد دالة على تعطيل الرئيس لمؤسسات الحزب، وزاد بأن المكتب القيادي انعقد مرة واحدة في العام 2004م خارج البلاد وبجزء من طاقمه، بينما اعتبر الثاني أي طعن قانوني بمثابة محاولة يائسة لا تمت للقانون بصلة وتنم عن عدم اطلاع كافٍ على اللوائح والدستور وختم بمطالبة المعترضين بالتزام روح الديمقراطية والنزول عند رأي ورغبة الأكثرية. وأياً يكن من أمر، فإن صراعات (الأشقاء) دوماً ما تتعدد مستوياتها، فمن السياسة إلى القانون وحتى عتبات بوابات الاجتماع يدور الرحى، طاحناً حزب الحركة الوطنية بين تجاذبات أقطابه وبذات الوقت حنينهم بالعودة إلى مربع الزمن الجميل، وبالتالي على الحزب اليوم اختيار إلى أي جهة يميل.