تعهَّد الرئيس عمر البشير بإجراء إصلاحات في الدستور والقوانين واتخاذ إجراءات وترتيبات، تضمن سلامة سباق الانتخابات، ووعد خلال خطاب تابعه ملايين السودانيين بإتاحة الحريات، وحدد أربعة مرتكزات تجعل مما أسماه "الوثبة" ممكنة وبالغة. وقال الرئيس، في الخطاب الموجه للسودانيين، مساء الإثنين، إن المؤتمر الوطني الحاكم -الذي يترأسه- "مُقرٌّ بأن مزيداً من الترتيب والإصلاح مطلوب للتقدم بأجندة العمل السياسي طوراً آخر على مستوى الدستور والترتيبات والإجراءات التي تضمن سلامة السباق وإفساح آفاق التهيؤ له والإقبال عليه أمام الجميع". وفيما يلي نص الخطاب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وعلى سائر الأنبياء والمرسلين الإخوة والأخوات الحضور الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخاطبكم في هذه الليلة وأُخاطب من خلالكم، جميع المواطنين والمواطنات. أُخاطبكم إذ يستشرف السودان مرحلته الجديدة، ظل يستشرفها منذ توقيع اتفاق السلام الشامل عام 2005. الفترة الانتقالية وكان لا بد أن تكون سنوات الفترة الانتقالية الست، فترة تمّهل في الوثوب إلى غمار هذه المرحلة الجديدة. سبب هذا التمّهل، هو أن الحزب وحكومته، وقد بذلا للجنوب، عقداً منصفاً وكريماً وناظراً للمستقبل. كان ينتظر نتيجة هذا العرض الأصيل في وطنيته، بعد أن يُقّومَهُ إخوانُنا ومواطنونا في الجنوب. ولأن العهد معهم كان قائماً على حرية اختيارهم، هل يقبلونه أم يختارون دولتهم الخاصة في الجنوب؛ لم يكن الإقبال على وثبة سودانية كاملة تشمل الجنوب ممكناً، حتى يقول الجنوبيون كلمتهم، وقد قالوها، والواقع أن خيار الجنوب الانفصال، قد أدى أيضاً إلى امتداد التمّهل ثلاثة أعوام أخرى، بسبب عدم انخراط مفاوضي الجنوب في محادثات منتجة بعد الانفصال. وكان لا بد من التأني، حتى لا تضع صعوبة هذه المحادثات، الدولتين على بداية مسار مغاير لا يتوافق مع غايات السلام، والاستقرار اللازمين للدخول في تحدي النقلة النوعية، التي تفرضها على حزبنا وشعبنا سنن التاريخ، كان التمهل فعلاً لازماً للتهيؤ للوثوب. كان عاما ستة وعشرة من هذه الألفية، توقيتيْن مؤمليْن لإعلان هذه الوثبة، ولكن بسبب ماسبق التلميح إليه، استمر تقبض أعضاء الجسم الوطني، انتظاراً وترقباً. القضايا العالقة " نتوجه لأنفسنا، وللذين يستخفون بمنافسيهم وخصومهم، أن بعض هذا الاستخفاف، موجه إلى الشخصية السودانية في الحقيقة، تقليلاً من شأنها، ودافعاً بها إلى شيء من التردد بدأت مظاهرهُ تغزو عقول أجيالنا " ورغم أن حالنا اليوم يشهد بعض القضايا العالقة، إلا أن الانتظار فترة أخرى على هذا التقبض، يوشك أن يحيل هذه الطاقة الكامنة للوثوب إلى طاقة غير مسددة. لا بد من التوكل على خيار الانطلاق في عالم غير مثالي، لأن الزمن الذي يمر هو وقتنا، هو وقت الشعب السوداني، الذي أفلتت من يديه الفرصة بعد الفرصة خلال ستين عاماً من عمر الاستقلال. على كريم صفات السودانيين يكون التعويل، في اجتراح وثبة تضع أهدافها عند منتهى نظرها، لا تحت الأقدام. إن تشخيص واقعنا على حقيقته، والتّعرف الدقيق، على ما فيه من مشكلات، يجب ألا يتحول إلى إساءة ظن مُقعِدة، في مقدرة السودانيين على الارتفاع إلى مستوى التحدي لحل هذه المشكلات. ونتوجه لأنفسنا، وللذين يستخفون بمنافسيهم وخصومهم، أن بعض هذا الاستخفاف، موجه إلى الشخصية السودانية في الحقيقة، تقليلاً من شأنها، ودافعاً بها إلى شيء من التردد بدأت مظاهرهُ تغزو عقول أجيالنا. ركائز الوثبة إن نفض الغبار عن المعدن السوداني الأصيل، لهو أحد أهم ركائز هذه الوثبة، فضلاً عن كونه هذا المعدن هو الضامن لتحقيق إنطلاقة راشدة، قاصدة ثم بالغة إن شاء الله مقاصدها. هذه الوثبة، ليست ولا ينبغي لها أن تكون حزبية محضة، لكن الحزب يرى أن الوقت قد نضج لوثبة سودانية، وطنية، شاملة، طموحة ولكنها ممكنة. من أجل هذا، نحن نتوجه بالخطاب لشعبنا كله، لا لعضويتنا وحدها، ولا نستثني من هذا الشعب أحداً، حتى ولا منافسي المؤتمر الوطني من القوى السياسية الأخرى، إذ لن يكون انطلاق وطني واسع وهُمام ممكناً بدونهم. لأنصادر حقهم في التنافس، ولكننا نريده تنافساً من أجل السودان لا ضد المؤتمر الوطني فحسب، ونأخذ أنفسنا بنفس الإلزام، ألا يكون سعينا الحزبي، إلا عملاً من أجل السودان، وليس ببساطة تسابقاً ضد المنافسين السياسين. إن التحدي الماثل أمام الطبقة السياسية والأحزاب، هو أن يعلو الولاء الوطني المستنير على الولاء الحزبي الضيق. إدارة الخلاف " ما تستوجبه هذه الوثبة، من نهيٍ أو إيجاب، يتوجه الأمر بهما إلى المؤتمر الوطني قبل أية طائفة أخرى، ترويضاً للذوات الناشطة كلها، أن تأخذ متطلبات النهوض مأخذ الجد " وأن تمحو الغيرة على السودان، الغيرة من الحزب الآخر، وأن يدار الخلاف السياسي، بحيث يمكن إزالة السلطة من الذي يتولاها، بثمن يدفعه هو، ولا يكون السودان غارماً، بل يجني ثمرة هذه الإزالة رشاداً وتمكناً من أمره، سيداً على قراره. فإن يكن هذا النداء موجهاً إلى جميع السودانيين، فلا غرابة في ذلك، لأن السودان هو المناديَ المدعو للوثوب، القادر عليه بإذن الله. وخطابنا إلى عضويتنا قبل ذلك وبعد ذلك وأثناءه أيضاً، دعوة لهم أن يحققوا بالعمل والاستجابة، دعوىَ الِحزب الناهض في الوطن الناهض، لا لحِزب المُدَعِي النهوض بالوطن. إن ما نطلبه اليوم من السودانيين، منظمين أو غير منظمين، هو عمد غيرُ سهل، ولكنه لا يمكن أن يوصف بأنه غيرُ منصف، لأن المؤتمر يبدأ فيه بنفسه أولاً، ما تستوجبه هذه الوثبة، من نهيٍ أو إيجاب، يتوجه الأمر بهما إلى المؤتمر الوطني قبل أية طائفة أخرى، ترويضاً للذوات الناشطة كلها، أن تأخذ متطلبات النهوض مأخذ الجد. إعلاءً للولاء الوطني على كل ولاءٍ جزئي عداه، تسليك قنوات الولاءات الجزئية، لتكون رافداً مشروعاً للولاء الوطني، ترحيباً بسباق من أجل السودان لا فقط من أجل الكيانات الجزئية... تأهيلاً للكيانات الجزئية، لتنال حظها من جائزة السباق التي يستحقها الوطن كله، لا كيان دون آخر. فكر صادق إقبالاً على ترتيب أمور السودان بفكر صادق، غير منتحل أو مستوهب من الأباعد أو موروث عن كلالةٍ، أو مستلهم من غير عين الولاء للوطن، أو مذعن لليأس المفضي إلى التعلق بضعيفات العُرى. وكي نحقق أملنا الوطني، يجب أن نستحقه أولاً، ولكن فلا بديل عن العمل الذي يبدأ بقبول مبدأ التعاون أصلاً لكل نجاح؛ تعاون، لا يسلب أحداً حقه في انتداب نفسه لأيّ واجب وطني، يجعله الدستور حقاً لكل سوداني وسودانية. ولنذكِّر أنفسنا جميعاً، أنَّ الزمن لا ينتظرنا لاهياً، يقصي بعضنا بعضاً، ويرهن بعضنا ولاءهُ لغير الوطن، ويتبع بعضنا غير سبيل السودانيين، ويؤذي بعضنا السودان كيداً لمنافس لأنه عندما يفرغ الجميع من هذا، يكون الزمن الذي لا يلهو معنا قد مضى. النظرة المتأنية، التي لا تَعْمي عن كل المظاهر المشكِلة، تكشف عن صورة كامنة، تختلف عن كل ما تُنبئ به المظاهر التي يُعايُنها ويُعَانيها السودانيون جميعا. ضيق المعيشة الضيق بالمعيشة هذه المرة، ليس حنيناً إلى ماضٍ بسيطٍ سهل، ولكنه تطلع إلى الأحسن، إذ إنه بدون الإدعاء أنْ ليس في السودان فقرٌ، إلا أن فقر المجتمع السوداني بالمقياس المطلق، ليس أشد من فقر الماضي، ولكنه بمقياس مستوى المعيشة الراهن والمأمول أظهر. ولو تأملنا في هذه الجزئية، فإن هذا الضيق، الضيق بمستوى المعيشة لا ضيق المعيشة، لهو فرصة كبرى، مفتاح اغتنامها، هو العمل والسعي الجاد، وعلى الدولة دور في جعل سبيليهما ممكنين والجدل بين الحال القاسي، والتطلع المشروع ليس فردياً، بل هو اجتماعي واسع. ولذلك، فهو في قلب اهتمام الدولة يجب أن يكون، وهو إذاً فرصة، لأن التسليم بقسوة الحال غير متنازع عليه وكون التطلع فرصة حقيقية أمام السودان هو رؤيا صادقة يجب ألا نختلف عليها. واستعظامها، يكون بالإقبال عليها كفرصة أمام السودان المجتمع يهزم الفقر جماعياً، أما خروج الأفراد من دائرته أفذاذاً، فلن يغيره أبداً، هذه الكيفية هي موضوع لحوار وطني واسع بين الحكومة وحزبنا والناس كل الناس. الطبقة السياسية والاحتقان السياسي الذي يعاني منه بناء الطبقة السياسية الفوقيَ مشكلة، ولكن كونه لا يعكس حال الأساسات الوطنية العريضة يظل مشكلة أكبر... تحليلية وتنفيسية وموضوع لحوار بين الفاعلين السياسيين والناس كل الناس. فرصنا وتحدياتنا مع المحيطات الثلاثة: الأفريقي، والعربي، والعالم ثالثي أكثر، والاستعداد للحوار فيها أظهر، وترتيب أولوياتنا وعلاقاتنا فيها وبها، موضوعان للحوار بين القوى السياسية والحكومة والناس كل الناس. هذا هو الواقع منظوراً إليه. تحت سطحه بقليل من التأمُّل التردد في الريب، والاستسلام إما لليأس أو لبطر الحق وغمط الناس، لن يغيرا شيئاً في واقع غير برئ من المشكلات. ويمكن أن يعصف بالوعد الحسن الكامن فيه، والإخلاد إلى الأرض يحيل صاحبه إلى مثل ردئ. فحريُّ بنا جميعاً، أن نحسن قراءة هذه الآيات التي أوتيها السودان في هذا الواقع، عسى أن نُرفع بها. أما الإنسلاخ عنها، وعن هذا الواقع والاستسلام للوهم أو اليأس، فقد أذهب ريح كثيرٍ من الأمم والأوطان والأقوام. المناظرة السياسية نشاهد ذلك بأعيننا يتكشف في حال بعضٍ يوماً بعد يوم إن واقعنا هو المنصة التي منها نثب، بغير هذا التعّرف، ستستمر المناظرة السياسية عقيمة، في كثير من وجوهها. والفعل السياسي متباين الغايات، وتباين الغايات لن يخدم السودان، المؤتمر الوطني إذ يتحدى نفسه أولاً، أن يصدر عن فهم سليم لهذا الواقع. ومن ثم استفراغ الطاقة، في جعله منصة للوثوب يدعو السودانيين للتهيؤ، بعد استكمال الجهد والإسهام في تعّرف هذا الواقع لهذا الوثوب، كلنا معاً. إننا، إذ نتوجه في نفس الوقت، بهذا الخطاب لحزبنا وللشعب السوداني، نفعل ذلك كما أُشير إلى ذلك آنفاً، لنعلم أن الإصلاح الذي يراد به بناء الحزب، أي حزب، ليس من أجل الحزب وحده. بل هو من أجل أن يكون الحزب في أفضل هيئة للمشاركة في إصلاح وطني شامل يؤمن به ويعمل له ولا يهدف للإنفراد به. ولكنه موّطن نفسه على القيام بدوره فيه كاملاً، فكما لا يغتصب الحزب حق أحد في الإسهام، فإنه يتمسك تماماً بحقه كله في النهوض بدوره. وعند إقبال السودانيين بأزوادهم للإسهام في هذه المكرمة، يكون هذا مدعاة استبشار، وترحاب من المؤتمر الوطني. الولاء الوطني أما إذا تقاعس البعض، وهذا ما لا نرجوه، فلن يكون هذا مدعاة تثبيط وتوهين لعزيمتنا، ولا لعزائم الذين يحفزهم الولاء الوطني، واستشعار المسؤولية عن المضي قدماً نحو ضرورات الوطن ما نجريه من تهيؤ حزبي، هو شأن المؤتمر الوطني. كل ما نطمع إليه، أن تأخذ بقية القوى أنفسها بمثله ولكن الغرض من هذا التهيؤ، هو وثبة وطنية شاملة، لا وثبة حزبية لأي شيء إذاً نهيئ أنفسنا؟ ماهي الضرورات التي يجب أن يتوجه نحوها الإنشغال، وبها الاهتمام، حتى تصير الوثبة الوطنية ممكنة وبالغة مقاصدها. أولاً: السلام مبدأً عقدياً فكرياً، إيمانياً وطنياً، ومنتهى واقعياً إرادياً للحالة السودانية، وترتيباً عملياً وضرورةً للنهضة. ثانياً: المجتمع السياسي الحر، الذي يحتكم لحكم المشروطية متصرفاً في شأنه الوطني بالحرية، ومشاورة الناس كافلاً لحقهم في إدارة هذا الشأن، نابذاً لحسم الخلاف إلا بهذ الوسيلة، راعياً لحقوق الجميع بالسوية، غير متولٍ إزاء ممارسة السيادة غير الجماعة السودانية. ثالثاً: الخروج بالمجتمع السوداني من ضعف الفقر إلى أفُق إعداد القوة المستطاعة". رابعاً: إنعاش الهُوية السودانية التاريخية، التي تعيش التاريخ، تحترم أبعاضها وتتوحد بهم. أولاً السلام: "وقف الحرب الأهلية خطوة نحو سلام المجتمع، خطوة ضرورية لا غنى عنها ولا يمكن إسقاطها أو اعتسافها إذا كان للسودان أن ينهض حقاً". لذلك، فإن إبتدار النهضة، لا يمكن تصوره إلا بجعل السلام أولوية غير تالية لسواها، على أهمية الثلاث الأولويات الأخريات، فهن يأتين ترابطاً وتراتباً مع العمل لترسيخ السلام وترسيخ السلام. لن يتم بالإجراءات فقط، بل لا بد أن تصدر القوى السياسية والناشطون والفاعلون في الحياة العامة عن السلام فكراً ومبدأً، يشكل نشاطهم، ويرسم مسار سائر انشغالاتهم. هذا تحدٍ يبدأ فيه المؤتمر الوطني بنفسه، ويطرحه للآخرين جميعاً من الفَعَلة السياسيين، إذ إن الشعب في حياته العريضة، لا يتصور أن هذه الأولوية محل جدل. بل يتطلع إليها كغاية ويريدها واقعاً وليست هناك من حاجة لتبيان أن هذه الدعوة إلى التعاقد على الوثوب إلى الأمام تكون ناقضة لنجاعتها إن هي لم تضع السلام أولوية مطلقة، في هذا يقول المؤتمر الوطني إنّ القتال حصنٌ لحماية الحق والكرامة وسيظل، لا يحتاج السودانيون ولم يحتاجوا قط إلى كثير شحذ عند تعُيّنه... فنشيدنا الوطني صادق إذ يقول: "إن داعا داعٍ للفداء لم نهن" هو إذاً وسيلة، إن تكن لدفع الضيم، أو رد المعتدي، أو الأخذ بيد الجاني، هو وسيلة أساسية، وسيلة إلى السلام، والسلام هو الغاية هذه الوسيلة الفاعلة الضرورية لا يجوز تعطيلها ما دعا داعٍ اما الغاية. فلا تجوز الغفلة عنها أبداً، لأن الغفلة عنها، تحويل للعراك عن تعينه بغايته النبيلة، إلى كونه رياضة أو إدماناً، أو وسيلة لغايات أخرى، تتعلق بالمصالح الخاصة، حزبية أو فئوية أو قبلية. تحدٍ كبير إن هنالك تحدياً كبيراً لكل الأحزاب، وعلى رأسها المؤتمر الوطني، أن يوُضع السلام موضعهُ، الذي لا يُعلي عليه في منظومة القيم. وألا تطغىَ دواعٍ وحوافز وأمزجة، أصلُها اجتماعي ثقافي، على قيمة أصلها إيماني فكري. الدعوة إلى السلام والعمل من أجلهِ بجد ليس ضعفاً، بل هو إيمان إذا كانت هناك آيديولوجيا سودانية واسعة تلتزم بمقضياتها كل الأحزاب. فالسلام هو حجر الزاوية فيها، ويجب أن تكون هذه الآيديولوجيا إن المؤتمر الوطني يؤمن بأنه قدم أنموذجاً باهراً في السعي للسلام للعالم كله بتوقيع اتفاقيات السلام الشامل وسلام دارفور. ولن يثبطه عن المُضي في مسيرة السلام، إخلال طرف أو آخر بهذه الاتفاقيات، مؤدياً إلى تقصير نتائجها عن المؤمل منها ولكن النجاح المجتزأ نفسه حافز كبير على توطين النفس على الوصول بالسلام إلى غايات الاستفاضة على البلاد كلها وعلى الجوار. الركيزة الآيديولوجية غني عن القول إن السلام، لن يستفيض أو يثبت إذا جاء نتيجة تفريط في حق الشعب. هذا جزء أصيل من هذه الركيزة الآيديولوجية التي ندعو حزبنا والآخرين لإرسائها في فكرنا السياسي وفي مواثيقنا الحاكمة ما تستتبعه من عمل، هو جوهر الركيزة الثالثة من ركائز الإصلاح. أما هنا، فإن التأكيد ينصب على أن الخيار الأول في إحراز حقوق الشعب هو الخيار السلمي السياسي الواعي، كانت هذه الحقوق عند جوارنا القريب أو العالم الأبعد، تطلعاً إلى يوم تستتب جميع علاقات السودان مع محيطاته الأدنى على مبادئ التكامل والتعاون والتعاطي والتعارف والمصلحة المشتركة. فرق كبير بين الدعوة لأن يكون السلام أساساً مشتركاً لآيديولوجية سودانية هو حدُّها الأدنى، تصدر عنها المدارس السياسية المختلفة كل إلى وجهته القصوى، وبين الدعوة للسلبية في الفكر والعمل. إن السلام غاية مبتغاه، لا يأتي إلا بجهد أكبر من جَهد العراك، وقد يستوجب عراكاً، أو معارك، فإذ يتبنى كل السودانيين السلام أساساً، يكون قرار هذه المعارك قراراً موحداً، لأنها يستوجبها السلام، لا لأنها خروج على السلام. الحرب العادلة وفي هذا تحرير لمفهوم الحرب العادلة يجب أن يتناوله بالنظر المليّ، كل ناسنا، لا فقط فلاسفتنا أو مثقفونا أو سياسيونا السلام إيجاب، ولن يتحقق كنتيجة، إلا إذا كان كذلك، السعي إليه قصد، لا اضطرار، وهذا يُخرج أية صفقة ضعف أو طمع من كونهما سلاماً. ثانياً: حرية الترتيب السياسي المؤتمر الوطني لم يقم منذ أن قام بمختلف التسميات التي تسّمى بها إلا على أساس الحرية السياسية. وأن الأمر شورى، يستوي في هذا شأنه الداخلي (ممارسته) والخارجي (خطابه وتصديه وانبراؤه) وإذ صار إليه أمر الحكم، فإن هذا المرجع الرئيسي، لا ينبغي الإنحراف عنه أبداً وإذا قُدر له، برأي السودانيين وطوعهم، مواصلة الحكم فبهذا العهد، وإلا، فهو عهد أيضاً. الظرف الداعي لتعطيل ركن مهم يُقّدَّر بقدره، ويُتَوصّل إليه بمناظرة داخلية مؤلمة وصعبة ولا يصار إليه إلا بعد إنسداد السبل إلا منه، ثم يُعدَل عنه فور زوال الاستثناء الذي الجأ إليه، بل يشتد العمل ويتضافر الجهد. ويجب ذلك، لإزالة الاستثناء حتى يؤوب الشأن إلى استقامته والمؤتمر الوطني، وإن يكن قد طرح ممثليه للانتخابات المرة الفائتة، مع حرية وافرة للآخرين كذلك. حرية التسابق وقد أخذ بهذا التحدي بعض هؤلاء الآخرين ومنهم من فاز على مرشحي المؤتمر الوطني، إلا إن الثقة في حرية التسابق للمقعد الدستوري ليست تامة بعد، والقبول بهذا الاستباق ليس كاملاً بعد. والمؤتمر الآن يتحدث عن ترسيخ هذا النهج ويستعد لأن يبادر فيه وأن يقبل تفاعل مبادراته مع مبادرات الآخرين... نعم. إن عدم ثقة الآخرين في مصداقية هذا الفعل السياسي، عائدة أساساً لأسباب ذاتية عندهم، وعدم قبولهم الانخراط فيه أيضاً كان خياراً تكتيكياً، ولكن مع ذلك، فإن المؤتمر الوطني، مُقِرٌّ بأن مزيداً من الترتيب والإصلاح مطلوب للتقدم بأجندة تحرير العمل السياسي طوراً آخر والتقدم بهذه الأجندة يعني على مستوى الدستور. وعلى مستوى آخر الترتيبات والإجراء الذي يضمن سلامة السباق وإن فساح آفاق التهيؤ والإقبال عليه أمام الجميع يعني الدستور الكافل والقانون المنظم والحَكَم المستقل والشاهد العَدَل، والمجتمع المشارك بغير قيدٍ أو وصاية، الذي يعلم أنه مالك هذا الأمر في النهاية، وأن قراره هو الفيصل قبل أن يصدر حكم من الآخرين، سواء كان الآخرون هم بعض المتنافسين أو آخرين من عدول شهود العالم. نية صادقة هذه النية كلها صدق، والمرجو أن يُقبل عليها السودانيون بصدق، الذين سوف يترددون في الريب، يستقيلون عن فرصتهم في رفد المناظرة الوطنية برؤاهم، ولكنهم أيضاً يضّيعّون على شعبنا فرصة مواتية لإجماع الحد الأدنى. فالنداء موجه لهم ألا يغّلو ماعندهم عن الإسهام به وشأن حرية الفعل السياسي، ليس كله متعلقاً بالانتخابات وإدارتها وإمضائها بالطبع، وإن تكن أكبر مظهر، أو قُلْوسيلة للمشاركة من لدن أدنى القواعد. وهو أمر مطلوب ودعامة كبرى ولكن هناك أيضاً فضاء واسعاً للحديث عن حريات كُثُر فردية وجماعية سياسية واقتصادية وتعبيرية وخاصة، ينبغي الحديث عنها والمناظرة بشأنها لأجل إطلاق هذه المناظرة وإثرائها، نحن ندعو المؤتمر الوطني أن يهيء نفسه عقداً وفكراً وبناءً ونيةً. ولكننا لا نغفل أن ندعو الأحزاب الأخرى لهذا التهيؤ، وهو يكون بأخذ نفسها في خاص شأنها بنفس العزائم التي تتطلع على مستوى الخطاب، أن تأخذ بها السودان. لن يستطيع المجتمع أن يدخل في طور من الحرية السياسية بعد طور، إلا إذا أخذت الأحزاب نفسها بضرورات الدخول في طور بعد طور. لحظة تاريخية والمسؤولية في لحظتنا التاريخية هذه أكبر من أن يُتَوَجّه إليها بغير الصدق الكامل ونفي التناقض والارتفاع فوق التعامل التكتيكي مع أمهات القضايا على أن المخاطب الأصيل في هذا، مرة أخرى، هو الشعب السوداني كله. اللحظة التاريخية لحظته وعليه اغتنامها ولا ننسى أن نقول، إن هذه المناظرة المفضية، إن شاء الله، إلى إجماع على أمهات القضايا لا يستثنى منها أحد، حتى الحركات المسلحة شريطةَ أن تُقبِل عليها عالمةً أنها تُولّى ظهرها أسلوب العنف. فالانخراط في السيرورتين معاً مستحيل في المنطق وفي العقد الوطني وفي الترتيب العملي ليكن بسطنا لحجتنا في أمر الحرية في السياسة أو الحكم توعية لا (فهلوة) اقترابا من الناس لا علوّا عليهم، امتزاجاً بهم لا تميزاً عنهم اندغاماً في وطننا وتاريخه حباً صحيحاً لا انبتاتاً عنهما بسبب مرض الأنفس وأهوائها، هذه المناظرة، والسباق نفسه، غايتهما التي يراها المؤتمر الوطني ويحرص عليها هي مجتمع حر وغايتهما التي يراها ويحذر منها أهي (السلطة للسلطة) فهيا يا جميع السودانيين إلى كلمة سواء. ثالثاً: من الضعف إلى القوة غني عن القول، أن النهضة الاقتصادية لن تكون انطلاقتها ممكنة إلا في إرساء الركيزة الأولى (السلام) لأن السلام يثمر الاستقرار اللازم لهذه الانطلاقة والذي بدونه لا تكون، إلا بمشاق هائلة، كما أن الركيزة الثانية (حرية السياسة وسداد الحكم) تزيل من أمام طريق النهضة عقبات الاصطفاف ضد الوطن بحجة المعارضة، ولذلك قدمت تلكما. ركائز وأولوية الركيزتان في الأولوية، مع هذا التقديم الهرمي، إلا أن شيئاً لا يمنع أن تبدأ هذه السيرورات متزامنة لأن الوقت الذي يضيع على بداية النقاهة الاقتصادية لا يضيع فحسب وإنما يضيع أواقات آتية، فضلاً عن الضعف المجتمعي يتجلى في معاناة فردية لا يسوغ التأخر عن رفعها عن كاهل الضعفاء كواجب من أوجب واجبات الحكومة أي حكومة حتى ولو كان لبعض النفر عليها تحفظات نفر قريب ونفر غريب. وللنفر القريب نقول إن في إقبالكم على مناقشة هذه الأولويات وارتضائها أقبال غير مباشر على معالجة هذه المعاناة لأنه يصح أن نختلف سياسياً ولا يصح أن نجعل من خلافنا السياسي كابحاً لتحقيق تطلعات شعبنا. وإذ نجعل قتل الفقر هدفاً يسامي الأهداف الثلاثة الأخرى لا نصدر عن دافع سلبي بل إن عين رفع الفقر هو محرك النهضة الاقتصادية فنحن نجعله لها جوهراً لأن هدف مجتمعنا هو إعداد القوة والفقر ضعف. والقوة المجتمعية تبدأ بالأخلاق، ولكن مظهرها الملموس هو الاقتصاد القوي هذا هو الشأن في عالم اليوم ورفع الفقر عن الناس راد لكراماتهم إذ الفقر يمتحنها محنة قاسية مذهبة لها بالمرة عند بعض وهو بذلك حرب على أخلاقنا أيضاً. مشاكل الاقتصاد المشاكل التي تستعصي على اقتصادنا كثيرة، ولكن لا بد من الإشارة ليس بغرض الفخر ولكن بغرض معرفة الواقع، إلا إن ظرف العقدين الماضيين الذي ظلت هذه المشاكل عصية عليه قد شهد مغالبة اقتصادية لا يجب أن يضيع مغزى النجاح فيها على أحد. فهناك موارد اقتصادية نُبِّهتْ من سُباتها وسرت في شرايين اقتصاد السودان كما أن مستوى المعيشة الراهن الذي نتطلع جميعاً (الناس والحزب) لتجاوزه لا يقارن بمستويات عقود سالفة. ومع هذا فالفقر نسبي ويجب أن يقاتل والحزب لا ينظر إلى تطلع الناس للخروج منه على أنه تذمر مزعج بل على إنه حافز قوي للعمل. رفع كفاية القوة العاملة وقدرتها التنافسية توفير الطاقة الرخيصة التركيز على إنتاج القوت.. الغذاء الرخيص. نفض الغبار عن جودة إنتاجنا الزراعي والحيواني ومن ثم صنع العلامة التجارية الاستثمار في تميز موقعنا التجاري استراتيجيا الانفاق على مشروعات البنى التحتية العملاقة هذه مؤشرات وتوجهات عامة لنهضة اقتصادية هدفها مقاتلة الفقر. فقر المجتمع وهي توجهات منطقية ومشروعة وممكنة تقتضي برامج جذرية كما تقتضي التغلب على عقبات بنيوية، ومصنوعة مثل حق السودان في إعفاء دينه السيادي ورفع عقوبات جائرة متنوعة والشراكات الاستثمارية والتكامل الإقليمي... ألخ. عمل وتوافق وكل هذا ممكن ولكنه يتطلب عملاً وتوافقاً لتحقيق هذا الإمكان، والاقتدار عليه بإذن الله لا سيما على مشروعات التنمية في البنية التحتية يؤذن مباشرة بمصرع الفقر بما يصنع من فرص عمل وفيرة ولشبابنا على حكومته حق إنشاء الفرص وتيسير سبل الرزق، وعليه واجب الإقبال على العمل ببصيرة لا بأنانية وبكرامة لا بأنفة بتقدير له لا باستسهال وركون إلى الدعة. إن تحقيق هذه الأهداف يتطلب إجراء إصلاحات في سياساتنا الاقتصادية الكلية وفي هياكل القطاعات الإنتاجية وفي سياسات وآليات إعادة توزيع الدخل لتمكين الدولة من القيام بهذه المهمة، بدأً بالعمل على مراجعة الأجهزة والمؤسسات المعنية بشأن وضع وإنفاذ السياسات الاقتصادية بهدف رفع كفاءتها وتحسين أدائها وتقوية وتفعيل دورها وإحكام التنسيق بينها. ويشمل ذلك إصلاح الوضع المؤسسي والتشريعي للاستثمار وتأسيس وكالة للتخطيط الاقتصادي في إطار وزارة المالية. وتقوية وضع البنك المركزي وتفعيل دوره وتأسيس جهاز قومي للإيرادات وإعادة النظر في أسس قسمة الموارد بين مستويات الحكم الاتحادي لتحقيق مزيد من العدالة والكفاءة. ومراجعة السلطات الاقتصادية المشتركة بين مستويات الحكم الاتحادي لضمان التنسيق والكفاءة الاقتصادية. السبيل الأمثل إن السبيل الأمثل لمحاربة الفقر هو تحقيق التنمية المتوازنة المستدامة ذات القاعدة العريضة، لذلك فإن معالجة محددات الإنتاج والإنتاجية والاهتمام بالمناطق الأقل نمواً وتمكين القطاع الخاص، يجب أن تظل نقطة الارتكاز الأساسية لسياساتنا الاقتصادية. ولإزالة تلك المعوقات يجب العمل على عدد من المحاور، لا شك أن المستهدف من كل هذه البرامج هو المواطن السوداني وتحسين مستواه المعيشي، لذلك ستظل قضية التشغيل وخلق فرص العمل ومحاربة البطالة هي الهم الأكبر والمتجدد ولتحقيق ذلك لا بد من اعتماد سياسة قومية للتشغيل ودعم القطاعات والمشاريع التي تتيح فرص عمالة أكبر. رابعاً: هُويتنا السودانية، إن خروجنا المجيد من قبضة الاستعمار قبل ثمانية وخمسين عاماً كان هو أوان الوثبة كان خروجاً سابقاً على كل بلد أفريقي مستعمر جنوب الصحراء. بقيت أحابيل تركها الاستعمار -ليس في طريقنا- ولكن في حياتنا السياسية والثقافية وقد تجاهلناها ليس عمداً ولكن نشوة الاستقلال أولاً ثم إدارة مجتمعنا من بعد صرفنا عن مزاوجة الثقافي الروحي بالسياسي العملي في تطوير وحدتنا المجتمعية الوطنية. ثم تفجرت عواقب هذه الأحابيل وصار التعامل الإسعافي معها صارفاً عن تدبر مآلاتها واستلهام إرثنا السوداني في تجنب ويلاتها. شخصية سودانية إن الأوبة إلى الاحتفاء بشخصية سودانية أصيلة وقديمة عاشت قبل الاستعمار قروناً، وتحته زمناً هي الصواب المعدول عنه منذ بداية القرن الماضي. إن التنوع والتمازج يجب ألا تكون شعارات غير مُسَتشَعرة، لأنها لو ظلت كذلك فلن تعدو أن تكون أحابيل مثل التي بثها الاستعمار في حياة أمتنا وليست هي مناقضة لوحدة الأمة. وجودنا في أفريقيا جزءا أصيلا منها لا ينافي وجودنا في كلّ عربيّ أفريقيّ وغير أفريقيّ، والإقبال على أحدهما باستثناء الآخر عقوق، والزهو بأحدهما دون الآخر غرور، والانتفاع بأحدهما دون الآخر حماقة لقد صارت بعض جوانب هذه المعادلة شعارات حروب في مجتمعنا آن أوان دمغها ودمغ مروجيها من هذا الجانب أو ذاك. كلهم مخطئ، وكلهم قليل العناية بالإنصاف والعدل وغير مدرك لسير التاريخ، ولا مُتَمَسَّك له في العياذ بدروع عرقية لا يشهد لها دين ولا عرف ولا مصلحة ولا مذهب فكري. إن المؤتمر الوطني يرى أن وثبة السودانيين غير ممكنة إذا استثنت أحداً قوماً أو قبيلة أو لوناً أو لساناً أو كياناً، وقوة السودان الكامنة هي في هذا التفرد الذي لم يمكن إلا بالإندغام المتسامح الواعي الذي يربط مصائرنا معاً. احتراب الهُويَّة لا يجب أن نحترب على الهُويَّة، إن الدستور الذي أرسى مبدأ المواطنة أساساً للحقوق والواجبات، آذن بالحرب على العصبية وعلى الاستئثار بالهوية أو إدعاء إعادة صنعها أو اقتطاع الجغرافي لتأيدها أو لحمايتها أو لإيذاء نقيضها لا نقيض لهويتنا الواحدة. ولكن يبقى عمل كثير على مستوى النظر والممارسة مطلوب وهو موضوع مناظرة يدعى إليها الناس كل الناس تتناول بعد معالجة رايات العنف المرفوعة في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة. استدامة السلام واستفاضته في السودان وجوار السودان يصدر عن تصحيح لمسار هويتنا السودانية. علاقاتنا الخارجية من حيث النظر والتخطيط والأولوليات عنها تصدر إعلامنا العام والخاص بها يلتزم يجب وعنها يعبر حرياتنا العملية وحقنا أفرادا في التجارة والعمل والانتقال لها يدين بمشروعيته الأخلاقية ثم الوطنية صلة الرحم القريبة عند من يدين بها من أهل السودان. وهو كل أهل السودان إليها يوسع إدراكه وبها يحتفي تأثيرنا الواجب علينا في محيطنا القاري والإقليمي بفهمها يتعاظم ويتسدد تفاعلنا المكتوب علينا مع هذا المحيط وذلك الإقليم منها يستمد القدرة على التمييز بين الواجب والجائز والمرفوض. وحدتنا الوطنية، جسد له روح حية هي التعايش الإيجابي كغاية عملية دنيا غير ممكن بدونها لذلك كانت ركيزة لها هذه الأهمية، ولذلك يكون استنقاذها وإنعاشها من أهم وأكرم ما نقبل عليه ونتداول حوله ونجمع، ثم نبتكر السياسات العملية الخلاقة لهذه الغاية، ونتحاسب عليها ونحاسب. الركائز الأربع إن هذه الركائز الأربع الجامعة لجوهر نداء الوثبة هي أهم مجالات الإصلاح الجذري الذي يضع السودان في بداية سكة الانطلاق ورغم أنها ترد متراتبة إلا أن هذا التراتب نسبي وغرضه التيسير، وإلا فهي منعطفةٌ على بعضها متداخلة. ولا يمكن فهم مغزى النقلة النوعية وتأليف متطلباتها إلا بها جميعاً وعندما يتنزل الاهتمام من النظر والمبدأ إلى العمل سياسات أو إجراءات، يتكشف أن بعض السياسات والبرامج والإجراءات تتبادر بنسق طبيعي كمطلوبات بدهية لاثنتين أو ثلاث من هذه الركائز أو لها جميعاً وقلَّهمُّ أو إنشغال من هموم الحزب أو الحكومة أو السودان أو السودانيين. هم جاد وإنشغال أصيل يخرج من دائرة نقاش إحدى هذه الركائز الأربع، أو من الدوائر التي يقتضيها بذل الجهد لإرساء هذه الركائز الحوار منهجاً. إننا نعتقد أنّ الدخول في هذه المرحلة وتقبل تبعاتها ومشاقها واجب وممكن وخيارٌ لنا كحزب، ونعتقد فوق ذلك أنه واجب وممكن وخيار لنا كشعب من أجل ذلك نتقدم بموقفنا هذا مبادرين به إلى حوار. مباردة الحوار " عازمون علي حوار لا يستنثي حتى الجماعات المسلحة إن هي أقبلت عليه مولية ظهرها العنف والاعتساف، بغير أن تتنازل عن ما تطرح من رؤى ،فالحوار السوداني هو المنهج المرتضى لنا حول كليات هذه الرؤية وجزئياتها وما تستتبعه من إقرارٍ أو تصحيح " حوار يستمر كما بدأ ليزيد الإجماع حوله إنعقاداً وهو حوار وطني عريض بين كل السودانيين قوىً سياسية وأحزاباً مجتمعاً مدنياً وفئاتٍ ومنظماتٍ حَضراً وريفاً جهاتٍ وخصوصياتٍ إقليمية مثقفين وغيرهم شباباً وكباراً رجالاً ونساءً. ولا يستنثي الحوار حتى الجماعات المسلحة إن هي أقبلت عليه مولية ظهرها العنف والاعتساف، بغير أن تتنازل عن ما تطرح من رؤى. فالحوار السوداني هو المنهج المرتضى لنا حول كليات هذه الرؤية وجزئياتها وما تستتبعه من إقرارٍ أو تصحيح. وحزبنا مستعد أن ينافح عن رؤيته وسلامتها بدون أن يصادر حق أحد في نقدها أو تقويمها كلياً أو جزئياً طالما أقبل محاوراً برأيه. ونحن عازمون على أن نقبل كل رأي مسؤول يتضمن سبيلاً إلى النهضة وصلة الرَّحم وتوثيق العروة الوطنية. نأخذ على عاتقنا أن نقبل على الحوار بمسؤولية وجدية، ولذلك ندعو غيرنا إلى التَّحلي بهاتين الصفتين حتى يخصب الحوار تجربتنا السودانية ويسددها وليكن تنافسنا بالحوار تحفيزاً لا تعجيزاً، حجاجاً لا مراءً، وأريحيةً تقدم جبر ضرر الوطن على جلب النفع الشخصي أو الخاص. وعلى الله قصد السبيل وله الأمر كله وبه التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته