بعد جلسة واحدة فقط حكمت "جنايات المنيا" في مصر بإعدام 529 من جماعة الإخوان المسلمين، وإحالة أوراقهم إلى المفتي، وبرأت 16 آخرين اتهموا بارتكاب أعمال عنف وحرق مقار شرطية بمحافظة المنيا، عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة. ومن المقرر أن تبدأ محاكمة 683 متهماً في أحداث العنف بمركز العدوة بنفس المحافظة أيضاً، وبينهم الدكتور محمد بديع المرشد العام للجماعة وتستمر حتى الخميس القادم. ووفقاً لأحكام محكمة الجنايات، فإن رأي فضيلة المفتي عادة ما يكون رأياً استشارياً، إلا أن المحكمة عادة ما تعوّل على رأيه إذا كانت القضية متعلقة بواقعة قتل مع سبق الإصرار والترصد. ؛؛؛ القرار الذي قضي باعدام قادة الأخوان تمت مواجهته بإدانات دولية واسعة، واحتجاجات واسعة النطاق بعدة مدن مصرية، وتنديد بما وصفوه تسييس القضاء ؛؛؛ إجراءات أمنية مشددة وشهدت مدينة المنيا إجراءات أمنية مشددة خلال المحاكمة التي انعقدت بدون حضور وسائل الإعلام، وسط تواجد أمني مكثف وغير مسبوق بميدان مجمع المحاكم. حيث تم نشر فرق وتشكيلات من قوات الأمن المركزي المكافحة للشغب، وفرق قتالية. وعدد كبير من المدرعات والمصفحات تم نشرها بجميع الشوارع المحيطة بمجمع المحاكم، وتم غلق جميع الشوارع المحيطة والمؤدية للمجمع. ونبهت السلطات جميع أصحاب المحال التجارية بغلقها. وبالتزامن مع ذلك شهدت محطة سكة حديد المنيا إجراءات أمنية لم تشهدها من قبل. وتم نشر عدد كبير من رجال الشرطة السريين، حيث كان يتم تفتيش أمتعة الركاب القادمين إلى المحطة والتحقق من هوياتهم. قرار المحكمة تمت مواجهته بإدانات دولية واسعة، واحتجاجات واسعة النطاق بعدة مدن مصرية، وتنديد بما وصفوه تسييس القضاء. ووجهوا انتقادات لأعضاء السلك القضائي الذين يصدرون أحكاماً قالوا إنها "تهدف لإرهاب المتظاهرين الداعمين للشرعية المنتخبة". ؛؛؛ الغرض من اصدار هذا القرار هو التوصل إلى اتفاق مع الإخوان لضمان إقامة الانتخابات بسلاسة وهدوء، وسيكون التفاوض معهم على إعفاء المحكوم عليهم بالإعدام ؛؛؛ بالونة اختبار قرار إعدام 529 من منتسبي جماعات الإخوان وبينهم قيادات بارزة، من الصعوبة بمكان تنفيذه. ولعل الجهة صاحبة القرار تعلم ذلك جيداً، وربما أصدرته كبالونة اختبار. ولكن مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، يحاول قادة الانقلاب العسكري على حكومة الرئيس المخلوع محمد مرسي، التوصل إلى اتفاق مع جماعة الإخوان لضمان إقامة الانتخابات بسلاسة وهدوء، بعيداً عن العنف. وسيكون التفاوض مع الجماعة على إعفاء المحكوم عليهم بالإعدام والمشاركة في الانتخابات حتى تأخذ صفة الشرعية. لأن توقيت إصدار الأحكام لا يمكن قراءته بعيداً من التطورات التي برزت على الساحة السياسية، بعد إبداء قائد الانقلاب وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي رغبته في الترشح لمنصب الرئاسة، استجابة لما سماها "الغالبية" من الشعب المصري. وقال المشير السيسي إنه لا يستطيع أن يدير ظهره عندما يجد "غالبيةً" تريده أن يترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة. ارادة الأغلبية السيسي حاول أن يقدم نفسه بأن أمر ترشحه فُرض عليه لرغبة الشعب المصري، وقال في خطابه الأخير أثناء تخريج طلاب من الكليات العسكرية، إن الوطن يمر بظروف صعبة تتطلب تكاتف الشعب والجيش والشرطة، لأن أي شخص لا يستطيع وحده أن ينهض بالبلاد في مثل هذه الظروف. وقال: (لا يوجد إنسان محب لوطنه ويحب المصريين، يتجاهل رغبة الكثير منهم أو يدير ظهره لإرادتهم). ؛؛؛ السيسي حاول أن يقدم نفسه بأن أمر ترشحه فُرض عليه لرغبة الشعب المصري، وقال إن الوطن يمر بظروف صعبة تتطلب تكاتف الشعب والجيش والشرطة ؛؛؛ وواصل السيسي محاولاته المستميتة لتبرير خطوته الانقلابية في يونيو 2012 وإشارته إلى أنه قدم النصيحة للنظام السابق "بكل أمانة وانضباط" للتوافق مع القوى السياسية والوطنية. وحذره من تحول الخلاف السياسي إلى خلاف ديني، وأنه دعاه كي يترك القرار للمصريين في استفتاء شعبي، ولكنه "قوبل بالتعنت والرفض". صعوبة الإقصاء ويدرك قادة الانقلاب أن إقصاء جماعة الإخوان المسلمين من المشهد المصري، لا يمكن تحقيقه على النحو الذي تسير به الأحداث في مصر الآن. وربما تشهد الفترة القادمة حواراً مع الجماعة للوصول لاتفاق يمهد للسيسي الترشح والفوز بانتخابات الرئاسة المصرية مقابل إطلاق سراح قادة الجماعة، بمن فيهم الرئيس السابق محمد مرسي. ؛؛؛ الفترة القادمة ربما تشهد حواراً مع الجماعة للوصول لاتفاق يمهد للسيسي الترشح والفوز بانتخابات الرئاسة مقابل إطلاق سراح قادتهم، بمن فيهم الرئيس السابق مرسي ؛؛؛ وتشير قرائن الأحكام الأخيرة بإعدام قيادات من الجماعة، بأنها عبارة عن كرت ضغط لجأت إليه الحكومة الحالية، وربما مساومة مع الجماعة لإنهاء حالة الاحتقان التي تسود الشارع المصري. وما يمكن أن يقوم به تحالف دعم الشرعية من توسيع لنطاق الاحتجاجات، وخلق حالة عدم استقرار ربما تقود إلى تأجيل الانتخابات المرتقبة. ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية المصرية، يعتبر أبرز المرشحين حتى الآن هما المشير عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي، أما اللافت والأبرز فهو غياب مرشحين عن التيار الإسلامي. مشهد مختلف المشهد السياسي ومرشحو الرئاسة لعام 2014 جاء مختلفاً اختلافاً جذرياً عن قائمة طويلة ضمت 13 مرشحاً من تيارات متنوعة في انتخابات عام 2012. وتأتي أيضاً وسط حالة من الاستقطاب غير المسبوق في المشهد السياسي والمجتمعي. ؛؛؛ المشهد السياسي ومرشحو الرئاسة لعام 2014 جاء مختلفاً اختلافاً جذرياً عن قائمة طويلة ضمت 13 مرشحاً من تيارات متنوعة في انتخابات عام 2012 ؛؛؛ وانقسمت الأحزاب الناصرية وحركة "تمرد" حول دعم المشير السيسي أو حمدين صباحي، أما "جبهة الإنقاذ الوطني" التي تضم عدداً من الأحزاب الليبرالية والمدنية فلم تعلن موقفها حالياً. محاولة إقصاء جماعة الإخوان المسلمين من المشهد المصري، لن تكون في مصلحة جميع الأطراف. وهو ما حذر منه الاتحاد الأوروبي وأميركا لخطورة الخطوة على استقرار البلاد، ويبقى المحك والامتحان الصعب الذي سيواجهه السيسي، كيف سيستطيع إنهاء هذه الأزمة المعقدة، والدخول في اتفاق مع جماعة الإخوان المسلمين عبر طرف ثالث حتى يجد الطريق ممهداً للرئاسة. وإلا فإن مصر موعودة بصراع دموي سيقضي على الأخضر واليابس، ويزيد من تعقيد الأزمة المعقدة أصلاً.