أسرة تحدت مصاعب الحياة وأثبتت أن طاقة الإنسان وقدرته على الإبداع لا تقفان عند إعاقة أو مرض، تعيش في ولاية الجزيرة وسط السودان وجميع أفرادها "مكفوفون"، لكن خرج منها شيخ يعلم القرآن وتاجراً. وكسائر الأسر السودانية البسيطة نشأت أسرة البشير أحمد في قرية أبو فروع بمحلية الحصاحيصا نموذجاً للأسرة الصابرة الراضية بقضاء الله وقدره، بعد إصابة أبنائها بالعمى، وفقدان البصر منذ ولادتهم، كما هو حال الشيخ عبدالوهاب البشير الذي لم يمنعه فقدان البصر من حفظ القرآن وتجويده ومن ثم إنشاء خلوة لحفظ القرآن وتدريسه، يؤمها نحو 100 دارس من مختلف أرجاء الولاية وتخرج منها نحو 54 شيخاً. إرادة لا تلين ويقول الشيخ عبدالوهاب لقناة الشروق في برنامج "كاميرا الشروق" التي زارته في قرية أبو فروع، إنه أسس الخلوة في العام 2000م والمسجد في 1999م وإن الطلاب بدأوا يتوافدون على الخلوة من مختلف مناطق ولاية الجزيرة. ويعمل الشيخ عبدالوهاب تاجراً ويمتلك متجراً صغيراً في القرية الصغيرة ويعمل على طحن الغلال وتعبئتها وتجهيزها لأهل المنطقة الذين يتوافدون على طحنه من قرى نائية، وزاده في ذلك بصيرة قلبه التي اكتسبها من حب الناس. ولم يقتصر تواصل الشيخ عبدالوهاب على أهالي قرية أبو فروع بل تعداه إلى ولاية جنوب دارفور التي وصلتها نار قرآن خلوته. التاية البشير شقيقة عبدالوهاب "الكفيفة" تقوم برعاية أبنائها الخمسة وتتحرك في منزلها الصغير بصورة طبيعية، كما المبصرين. وتكمن الدهشة في أن بابكر الشقيق الأصغر لعبدالوهاب يقود سيارته بمفرده رغم فقدانه للبصر ويتنقل بها في شوارع وأزقة القرية بمهارة يحسدها عليه المبصرون. ويقول إنه يستطيع السفر إلى أي مكان دون الاستعانة بمرافق. ويضيف: "لي مهارات في استخدام الحاسب الآلي "الكمبيوتر" والهاتف المحمول "الموبايل".