أعلن المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أمن مهندس محمد عطا، إيقاف صحيفة "رأي الشعب" وحجز ممتلكات شركة الندوة للصحافة والإعلام المحدودة المالكة للصحيفة، وتأسَّف مجلس الصحافة للقرار، نافياً مساسه بالحريات الصحفية في البلاد. وقال مصدر أمني رفيع ل"المركز السوداني للخدمات الصحفية"، إن حيثيات القرار جاءت على خلفية التناول الصحفي المضلل لصحيفة "رأي الشعب" والمُضر بالأمن القومي للبلاد من دون مراعاة لأسس التناول الصحفي المهني والموضوعي، بجانب استهدافها المستمر لمقدرات الوطن ومكتسباته وإشاعتها الفتنة والإساءة لعلاقات السودان بأشقائه وجيرانه والأسرة الدولية. وأضاف أن معظم الأداء الصحفي للصحيفة ينبني على معلومات كاذبة ومفبركة لا يوثقها مصدر، ومن نسج خيال القائمين عليها، ما جعلها أكثر الصحف التي تواجه إجراءات قضائية وإدارية لا حصر لها، الأمر الذي يستدعي صدور قرار الإيقاف "حفاظاً على مكتسبات الوطن وأمنه". واعتقل جهاز الأمن والمخابرات الوطني زعيم المؤتمر الشعبي حسن الترابي ليلة أمس، وتعد الصحيفة الموقوفة لسان حال الحزب. الأمن يبث التطمينات وأفاد المصدر الأمني بأن القرار لا علاقة له بالتطور الدستوري والسياسي ولا يعني نكوصاً عن التحول الديمقراطي أو تضييقاً للحريات العامة، مؤكداً احترام الجهاز للدستور ودعمه الحرية الإعلامية "إذا روعيت المصداقية والمهنية الصحفية". وجاء القرار وفق أحكام المادة 25 (د) من قانون الأمن الوطني لسنة 2010م، مقروءاً مع المادة 26 (أ) و(ب) من قانون الصحافة لسنة 2009م. من جانبه، أبدى المجلس القومي للصحافة أسفه لصدور قرار إيقاف صحيفة "رأي الشعب"، مؤكداً أنه سيقوم بدراسة تداعيات القرار مع الأطراف المعنية تمهيداً لما يمكن القيام به. وقال الأمين العام للمجلس العبيد أحمد مروح ل"المركز السوداني للخدمات الصحفية" إن "المجلس يأسف لقرار الجهاز من حيث المبدأ"، مبيناً أن المجلس لم يكن طرفاً في القرار الخاص بإيقاف الصحيفة. وفي السياق ذاته، قال بيان للاتحاد العام للصحافيين السودانيين إن المرحلة الحالية تتطلب من الصحف قدراً من المسؤولية في نشر الأخبار، وتجنب الإضرار بأمن البلاد وسيادتها. وأشار إلى تجاوزات مهنية للصحيفة، إلا أنه طالب الأمن بإطلاق سراح الصحيفة واللجوء إلى القضاء، وهو قادر على إخضاع القضايا للمعايير القانونية والمهنية. حريات مصونة حتى الآن ووصف الأمين العام لمجلس الصحافة القرار بأنه "حتى الآن" لا يمس مساحة الحريات التي أتاحتها اتفاقية السلام والدستور حول التعبير المسؤول. وأشار العبيد إلى أن المجلس نبه الصحيفة أكثر من مرة بإجراءات يمكن أن يقوم بها المجلس تتعلق بالرصد والشكاوى وإجراءات أخرى في إطار علاقات المجلس بالمجتمع الصحفي. وأضاف: "لفتنا انتباههم أكثر من مرة أن ينتبهوا للمعالجات الصحفية التي من شأنها إثارة الفتن في المجتمع وهي مسألة متصلة بالإساءة للدولة ورموزها". من جانبها، أصدرت وزارة الإعلام والاتصالات بياناً أكدت من خلاله حرص الدولة على بسط الحريات وحمايتها لقوانينها المعتمدة في أجهزتها الدستورية وعلى رأسها قانون الصحافة والمطبوعات. وأبانت حرص الدولة في نفس الوقت على مسؤوليتها تجاه دماء المواطنين وأموالهم وأعراضهم، وأن لا تجعلها محل نهب لأشخاص لا يقدرون مسؤولية الحرية ولا الحق العام. وقال البيان إن الدولة لن تسمح بمخالفة القوانين وإثارة الكراهية والكذب الضار وإساءة علاقات السودان الخارجية.