مدير الإدارة العامة للمرور يدشن أعمال نحت الشاسيهات بعطبرة ويشيد بشركة الوكيل لدورها في تطوير الخدمات المرورية    رسالة رونالدو بعد تسجيله في أول مباراة لجواو فيلكس مع النصر    بقانون الوجوه الغريبة.. الإعدام لقيادي ب "الأمة القومي"    أمجد فريد الطيب يكتب: حكومة "تأسيس" الموازية في السودان… صناعة الوهم السياسي وشرعنة العنف    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    ترامب يعلق على عزم كندا الاعتراف بدولة فلسطين    عثمان ميرغني يكتب: «زوبعة» الحكومة الموازية في السودان    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    دبابيس ودالشريف    الدولي إسحاق آدم يشكر أكاديمية المشعل ونادي الشباب    الجزولي (شخط) فيني.. وكرشوم (غشاني)..!!    شاهد بالفيديو.. "خريج" سوداني يختار النشيد الوطني كأغنية رسمية في حفل تخرجه..يهدي والدته "مصحف" ويوشح والده "المساعد" بالجيش بعلم السودان والجمهور يشيد: (لا رقيص ولا فارغة خريج محترم لانو طلع من أسرة محترمة)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    حكومة الأمل: ما هي مهامها الاستراتيجية الكبرى    تعرّف على موعد ومكان إجراء قرعة كأس العالم 2026    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    رئيس الوزراء يدعو الاتحاد الإفريقي للتعامل مع رفع تعليق عضوية السودان كحق مكتسب وبحيادية    بعد ضغوط متزايدة.. استقالة جماعية لمجلس إدارة نادي المريخ    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    تحذر: جسم غامض يتجه نحو الأرض قد يكون مصدره كائنات فضائية    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    اتحاد الكرة يفرض عقوبات جديدة على نادي المريخ    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    يتضورون جوعا.. ترامب يرد على نتنياهو بشأن "مجاعة غزة"    لجنة الانضباط باتحاد كرة القدم السوداني تصدم المريخ الخرطوم    غوتيريش يحذر من "سلاح الجوع"    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    شاهد بالصور.. الممثلة المصرية الشهيرة رندا البحيري تهنئ فريق الزمالة أم روابة السوداني بتدوينة جميلة لهذا السبب (!!!)    «ملكة القطن» للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني يشارك في مهرجان فينيسيا    وزارة المالية توقع عقد خدمة إلكترونية مع بنك النيل الأزرق المشرق    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    السودان..الإعلان عن إنزال البارجة"زمزم"    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    تحرك الدولار الجمركي من 2096 الى 2400 مامؤثر شديد    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    د.ابراهيم الصديق علي يكتب: *تقييد اتصال الواتساب: قضية أمن أم اتصالات؟*    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    لجنة أمن ولاية الخرطوم تؤكد دعمها للخطة التفصيلية لضبط الوجود الأجنبي بولاية الخرطوم    المباحث الجنائية تضبط عربة بوكس تويوتا وسلاح ناري وتلقي القبض على المتهم    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    عاجل..اندلاع حريق جديد في مصر    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    ((مختار القلع يعطر أماسي الوطن بالدرر الغوالي)) – غنى للعودة وتحرير مدني وغنى لاحفاد مهيرة – الدوحة الوعد الآتي (كتب/ يعقوب حاج أدم)    تدشين حملة التطعيم ضد الكوليرا بمحلية سنار    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلامويون وصناعة المعاناة وعذابات الناس!!
نشر في الصيحة يوم 30 - 07 - 2025


خالد أبو أحمد
منذ أن نجح ذلك الانقلاب المشؤوم في 30 يونيو 1989، فإن الإسلامويين قد سرقوا الدولة، وأحالوها إلى ملك شخصي يتحكمون فيه على طريقتهم الفاجرة، فلم تعد السلطة تعني خدمة الناس أو حفظ كرامتهم، بل تحولت إلى منظومة عذاب تتقن التخويف، وتُحسن التجويع، وتتفنن في تحويل أبسط الحقوق إلى مطالب مستحيلة، ولم يعد المواطن يشتكي من فساد عابر أو نقص مؤقت، بل يعيش داخل شبكة مصممة بعناية لتُحكم عليه الحصار، وتسلب منه ما تبقى من صبر، وتنفي عنه الشعور بأنه جزء من وطنٍ له معالم، الكهرباء والماء لم تعد خدمات تُقطع لأسباب فنية، بل صارتا أدوات قهر يومي يُسلَّط على الأحياء الهامشية والأسر البسيطة، بينما تُخصّص الشبكات لأهل النفوذ، وتُوجَّه الفوائض نحو نُزل السياسيين والمستفيدين. حين يحلّ الليل لا تنيره الدولة، وحين يشتد الحرّ لا يُبرده الماء، وحين يُطلب العلاج لا يُوجد إلا في السوق السوداء .
في مملكة البحرين، يعيش العديد من السودانيين واقعًا معلقًا، إذ تعرقل مشكلة تجديد الجوازات المنتهية صلاحيتها قدرتهم على تجديد الإقامات، مما يؤثر مباشرة على سير حياتهم الطبيعية، السفارة السودانية في المنامة كانت فيما مضى تلجأ إلى إجراءات يدوية لحل هذه الأزمة، خصوصًا حين تتأخر فرق إدارة الجوازات عن الحضور من السودان. لكن الآن، وبحسب تأكيد القائم بالأعمال في السفارة، صدر قرار من رئاسة السلطة في بورتسودان يمنع استخدام الأختام اليدوية، ما جعل السفارة عاجزة عن تقديم أي حل مؤقت .
النتيجة هي أن العائلات السودانية تُترك لمصيرها، مع وعود متكررة منذ أكثر من عام بوصول الفريق المختص دون أن يتحقق ذلك، رغم أن الظروف اللوجستية تسمح بالوصول بسهولة، ويبدو أن السلطات في بورتسودان تفضل إبقاء هذه الأزمة قائمة، متغافلة عن تبعاتها العميقة: تعطيل مستقبل دراسي، تأجيل سفر إنساني، وحرمان أفراد من حقوقهم الأساسية في التنقل والعيش الكريم. وكأن معاناة المواطن السوداني باتت حالة مريحة لمن يتخذ القرار، لا تُحرّكه واجبات ولا تستوقفه ذمّة .
إذا تحدثنا عن الجواز السوداني نفسه فهو لم يعُد يحمل صفة الوثيقة التي تفتح أبواب السفر، بل تحوّل إلى ورقة تثبّت إذلالًا ممنهجًا يُستخرج بعد مشقة، ويُثقل بكلفة مالية تفوق قدرة غالبية المواطنين، بينما تتسلّل نُسخ أخرى منه إلى أيدي من يدفعون في المكاتب الخلفية، في مشهد يختزل انهيار منظومة كاملة، لم يعد الإجراء يمثل ضمانًا للكرامة أو للحماية، بل صار عبئًا ثقيلًا يرفد آلة سلطة قررت أن تتاجر بهوية الناس، وتحوّل مؤسسات الدولة إلى صناديق جباية لا تجيب ولا تُحاسب .
في مراكز الغسيل الكلوي يموت الناس ببطء، لا لأن المرض قاتل بطبعه، بل لأن منظومة الرعاية الصحية تفككت بفعل الإهمال المتعمد، ونقص التمويل، وغياب الضمير، وماكينات لا تعمل، أدوية مفقودة، كهرباء غير مستقرة، وأطباء يكابدون من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بينما المرضى يُختصر لهم الزمن، وتُقلَّص الجلسات، ويُخيَّرون بين ألم الغسيل الكامل أو التسمم التدريجي، لا وجود لمراكز متخصصة للأطفال، ولا نظام عدالة في توزيع الفرص الطبية، في بلد يُعامَل فيه المريض كرقم، ويُقرأ فيه نبضه من خلف حاجز البيروقراطية.
وسط هذا الانحدار، يقف المواطن دون تفسير. كل ما حوله يوحي بأن الدولة التي يُفترض أن تكون مأوى له قد اختارت أن تكون خصمه، وأن تتحوّل من سندٍ إلى عبء. حتى في بلاد الاغتراب، حيث يُنتظر من النظام أن يُراعي خصوصية المغتربين وظروفهم، تتواصل المعاناة: كلفة استخراج الجواز الواحد تلامس حاجز ال 300 دولار، رقم يصعب تحمّله من مواطن عادي، فكيف إذا كانت الأسرة مكوّنة من أربعة أفراد؟ إنها ليست مجرد رسوم... إنها عقوبة جماعية تُمارَس بلا محاكمة .
أما الاقتصاد، فليس سوقًا تُنظّمها العدالة، بل حلبة تتحكم فيها شبكة الإسلامويين الذين فرضوا أنفسهم تجارًا وسماسرة في كل ما يدخل ويخرج من البلاد. السكر والدواء والقمح والوقود، كلها تمر عبر المعابر التي يحرسها المنتفعون، ويحركها الصامتون الذين يتعاملون مع المعاناة كفرصة للربح. كل من لا ينتمي إلى الشبكة يُقصى من السوق، ويُغلق له الميناء، ويُمنع من الاستيراد، ويُهدم له المصنع أو المتجر، وتُترك له البلاد إن أراد الخروج منها بشرط أن يدفع ثمن الهروب .
السلطة الأمنية ليست جهازًا لحفظ النظام، بل ذراع تُشهره الدولة في وجه الأحلام. كل من يكتب يُلاحق، وكل من يُغني يُراقب، وكل من يشكو يُصنّف. لم يعد الخوف طارئًا، بل صار مكوّنًا أساسيًا من الحياة اليومية، وصار المواطن يختار كلماته كما يختار طعامه، بحذر، وبحسابٍ لما قد يُرتّب عليه من استدعاء أو اختفاء أو تشهير .
في معسكرات النزوح، لا شيء يُشبه الحياة. لا ماء، لا طعام، لا حماية، لا دفء. آلاف العائلات تعيش في خيام لا تقي من البرد أو الحرّ، أطفال ينامون على الأرض، ونساء يُقسّمن الرغيف، وشيوخ ينتظرون القوافل التي لا تأتي إلا على فترات متباعدة، بعد أن تمرّ بسلسلة طويلة من الحواجز الرسمية وغير الرسمية. في زمزم وحدها، تُسجّل حالات مجاعة، ليس كحدث طارئ، بل كواقع دائم، وكأن هؤلاء البشر خارج نطاق الإنسانية .
حتى بورتسودان، المدينة التي اختارها الإسلامويون مقرًا للسلطة، صارت اليوم ساحة عذاب حراري لا يُطاق. درجات حرارة تتجاوز الخمسين، كهرباء تنقطع، ماء لا يُوجد إلا في صهاريج تباع على أبواب المستشفيات، وثلج يُسعّر بالعملة الصعبة. ضربات الشمس تحصد الأرواح، والمستشفيات تعمل بأدوات من زمنٍ مضى، بينما الناس يبحثون عن الظلّ فلا يجدون سوى وهم اللجان، ووعد الطوارئ، وبيانات تُمجّد الصبر وكأنّه حلٌ لكل شيء .
هذا هو السودان في غرفة العذاب، تحت سلطة لا ترى في الناس إلا أرقامًا يجب ضبطها، وأصواتًا يجب إسكاتها، وأحلامًا يجب دفنها قبل أن تُزهر، لكنه أيضًا بلد لا يزال يحلم، رغم كل شيء، بمن يكتب لأجله، ويشهد باسمه، ويُضيء له الطريق ولو بسطرٍ واحد، إن الإسلامويون الأشقياء لا يتذكرون بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا ربه سبحانه وتعالى في الحديث:
" اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.