السودان يتأهل إلى ربع نهائي بطولة أمم أفريقيا للمحليين بتعادله مع السنغال    اللاعِب من المريخ قَبل أن تسجِّلوه (عوِّقُوه)    اعترفت ببيع ملابسها.. أول ظهور لكيم كارداشيان في برنامج حواري    بوتين اقترح على ترامب لقاء زيلينسكي في موسكو    والي الخرطوم يعلن البدء في تأهيل مسجد الشهيد بالخرطوم    الباشا طبيق يكشف خفايا التحركات الأمريكية لوقف الحرب    المؤتمر السوداني يرفض مذكرة تفاهم بين شركة السكر السودانية و"رانج" السعودية    4 حالات تحكيمية مثيرة في مباراة النصر والاتحاد    "المشتركة": نرفض أي قرار آحادي من قائد الجيش    الموظف الأممي: قناعٌ على وجه الوطن    برفقة خالد أحمد المصطفى..السلطات السودانية تعتقل قائد عسكري شهير    أقوال مثيرة لصاحب محل بقالة اشترى منه طفل نودلز وتوفى بعد تناوله    شاهد بالصور.. السلطانة هدى عربي تشعل مواقع التواصل وتبهر جمهورها بإطلالة ملفتة من القاهرة    شاهد بالصور.. السلطانة هدى عربي تشعل مواقع التواصل وتبهر جمهورها بإطلالة ملفتة من القاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. طفلة الشهيد محمد صديق تدمي قلوب المتابعين وترثي والدها بقصيدة مؤثرة: (سطر يا زمن وأكتب يا تاريخ إنو محمد قالها من ياتو ناحية)    شاهد بالصورة والفيديو.. طفلة سودانية تبهر مذيع سعودي بلباغتها وتحدثها باللغتين العربية والإنجليزية بطلاقة والجمهور يفخر بها    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية تحتوي عريسها بحب وحنان ورومانسية وتعتذر له بعد أن قامت ب"رش" الحليب على وجهه والجمهور: (نحنا لينا الله وقعاد المظلة)    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    سوداني في المهجر يتتّبع سيرةَ شخصية روائية بعد أكثر من نصفِ قرنٍ    بعد أن اباها مملحة في مينسك واسطنبول، هل ياكلها زيلينسكي ناشفة في ترمبستان؟    التوسع نحو أفريقيا..إسرائيل تفتح سفارة في زامبيا    لواء ركن (م) د. يونس محمود محمد: حول قرارات الاحالة    اجتماع في السودان لمحاصرة الدولار    السودان..اختطاف الشرتاي    الهلال السوداني يبدأ تحضيراته للموسم الجديد تحت قيادة ريجيكامب    على سبيل المزاح.. مقطع فيديو يوثق إطلاق ليبي «أسدًا» على عامل مصري يُثير موجة من الغضب    قائمة الأندية الأوروبية التي اعتمدت على اللاعبين الشباب    وزارة الداخلية المصرية تبعد سوداني خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام    المركزي ينفي صحة الخطاب المتداول بشأن تجميد حسابات شركة تاركو    ترامب: "تقدم كبير بشأن روسيا.. ترقبوا"    غوارديولا: فوز واحد لا يعني أن سيتي عاد لمستواه    عقوبة غريبة.. منع أستون فيلا من "جامعي الكرات"    قمة نارية.. تعرف على مواعيد مباريات اليوم    كاتب مصري: أفيقوا من غيبوبة السلام إسرائيل تجاوزت الحدود    انعقاد مجلس إدارة الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    الشرطة السودانية تشكل مجلس تقصي حقائق حول ما تمت إثارته عن صلة لأحد ضباط الشرطة بخيوط مقتل الطبيبة روعة    شغف غناء الحماس والسيره. الفنان القادم في سماء الغناء الشعبي .بكري الخامسة    مدير عام قوات الجمارك يقف على ترتيبات افتتاح جمارك الحاويات قري    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    شاهد بالصورة.. إدارة مستشفى "الضمان" تصدر بيان تكشف فيه تفاصيل جديدة حول مقتل طبيبتها "روعة" على يد طليقها    الشرطة تنهي مغامرات العصابة الإجرامية التي نهبت تاجر الذهب بامدرمان    أكشن في شارع فيصل.. لص يدهس 3 أشخاص وينهي حياة سودانية أثناء الهروب    إرتفاع التمويل الزراعى إلى (59.3) ترليون بالقضارف بزيادة (80%) عن العام الماضي    الفاشر تمنحنا شارة إشارقة الغد المأمول    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    قواعد اشتباك جديدة : الإمارات تنقل الحرب إلى ميدان الاقتصاد.    كارثة تحت الرماد    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    عَودة شريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خدعة الجيش.. واستبدال التماسيح بالثعابين
نشر في الصيحة يوم 19 - 08 - 2025


منعم سليمان
ليس لي أدنى تقدير أو احترام لأولئك الذين يُفرطون في الغفلة إلى حدٍّ يثير الرثاء، فيكررون أخطاءهم الكارثية بلا بصيرة ولا ذاكرة، وكأنهم تلاميذ أغبياء لا يستوعبون، وكأن التجربة المريرة السابقة لم تترك في وجدانهم أثراً ولا في عقولهم عبرة.
أولئك السُّذَّج المغفَّلون، إن كانوا معك في مركب واحد – وهم في مركبنا لغاية الأسف – يصبحون أخطر من العدو المتربص بك في لجّة البحر، ذاك الذي ينتظرك ليحول بينك وبين شاطئ الأمان.
وأقصد هنا بعض المنتسبين إلى القوى المدنية الديمقراطية، الذين انطلقوا بالأمس وهم يصفقون للقرار الذي أصدره قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بل بلغت السذاجة بأحدهم مبلغاً بئيساً، إلى درجة أنه صرّح بأن قرار البرهان إنما يعكس جدّيته في تحقيق السلام!
أيُّ خِفّة ودهشة هذه، وأيُّ سذاجة مقيمة بيننا يا الله؟! البرهان والسلام مرة واحدة؟! قل غيرها يا رجل!
ومع ذلك، تعالوا نقرأ بصفاء ما جاء في القرار، والذي يحتوي شقين: أولهما إحالة نحو تسعين ضابطاً من رتبة الفريق إلى العميد إلى التقاعد. أمّا ثانيهما – وهو الأخطر – فقد نصّ على إخضاع جميع التشكيلات المسلحة لسلطة الجيش، أي تقنينها لتغدو قوات رسمية ذات شرعية.
وإذا علمنا أنّ تلك التشكيلات المسلحة المقصودة في القرار ليست سوى الميليشيات والكتائب المتناسلة من رحم الحركة الإسلامية، مثل: البراء بن مالك، والعمل الخاص، والبنيان المرصوص، والبرق الخاطف، وأسود العرين، وكتائب النخبة وغيرها من الميليشيات الإسلامية، والتي يُقدَّر عددها- في أدنى التقديرات- بخمسة عشر ألف مقاتل، يتبيّن لنا أن البرهان بقراره ذاك قد أخرج (90) ضابطاً إسلامياً من الباب ليُدخل (15) ألفاً دفعة واحدة من الشباك!
إن عبد الفتاح البرهان يمثّل أنموذجاً ساطعاً وبشعاً على مدى قدرة الإنسان على نسج الأوهام وإبداع الخداع!
أما الذين فرحوا وهلّلوا بدعوى أنّ هؤلاء الضباط المسرّحين إسلاميون، فهؤلاء أكثر سذاجة وبؤساً من سابقيهم.
كأنه يوجد غيرهم في قيادة الجيش! وكأن قيادة الجيش لم تكن منذ عقود حكراً عليهم إلا نفر قليل لا يُذكر! وكأن هذا الجيش لم يُصغَ على أعينهم ويُربَّ على مناهجهم! وكأنه جيش السودان لا جيش الإسلاميين!!
وأما تسمية قرار البرهان إصلاحاً عسكرياً، فذلك عين الخبل والعَتَه ومستنقع الوهم. إذ الإصلاح العسكري الحق هو ذاك الذي طرحته قوى الثورة وحكومتها المدنية من قبل، فرفضه وانقلب عليها البرهان وأشعل حرباً مدمّرة، ليعيد البلاد إلى أزمنة الهبل والجهاد، وعسكرة الميليشيات، و"مليشة" الجيش، وتحويله إلى ذراع للفاسدين من تجّار الدين!
إن من يراهن على البرهان في صناعة السلام وترسيخ الحرية والديمقراطية، كمن يراهن على وضع جاك السفّاح حارساً على باب ملجأ للنساء. وهي مراهنة لن تفضي إلا إلى الحسرة التي ستلتهم أوّل ما تلتهم السُّذَّج والبُلهاء، وليت خطورتها تقف عند حدودهم، ولكنها ستمتد لتسوق الوطن بأسره نحو هاوية مؤكَّدة.
إن تكرار التجربة مع رجل كهذا ليس إلا مقامرة بالدم والهوية والمستقبل، مقامرة لن يخرج منها أحد منتصراً، ولن تجلب سوى الخراب.
ويا لفرط المفارقة: إننا نعرف الخديعة بأعيننا، ونلمسها بقلوبنا، ثم ما نزال نجد بيننا سُذَّجاً يتلقفونها مبتهجين كأنها بشارة! تلك هي الكارثة الحقيقية التي تفوق قرارات البرهان نفسها فتكاً، لأنها تهيّئ الأرضية لانبعاث الوهم مرّة أخرى .. وتكرار المأساة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.