وذلك حين سُئل – وهو في منفاه الإجباري بمصر – عن خلو السودان من مظاهر الإرهاب.. رغم إن الذين يُصمون بالإرهاب هذا يحكمون.. فأجاب (طيب ما ده هو السبب) ؛ لأنهم يحكمون…ولكن انتظر حتى تتخلى السلطة عنهم.. ولم يقل : حتى يتخلوا هم عن السلطة.. وما ذاك إلا لأنهم لا يمكن – أبداً – أن يتركوا السلطة بمحض اختيارهم…أو عبر انتخابات.. سيما بعد أن ذاقوا حلاوتها…وأسرفوا في ذلك ؛ فساداً.. حينها – يقول – سترون العجب العجاب ؛ وستزيد محاكماتهم بالفساد نيران غضبهم تأجيجياً.. فلا يمكن لهم تحمل فقد السلطة…والعز…وما اكتنزوه من مال حرام.. ثم فضلاً عن ذلك ؛ فقد حتى حريتهم وقد قبعوا في السجون جراء ما اقترفوه من جرائم.. والقائل هو صديقي الحاج وراق.. والذي – كما ذكرت قبلاً – كان مؤهلاً ليكون نبياً من الصالحين لولا انقضاء عهد النبوة.. وهو الآن من الصالحين…والصادقين…والزاهدين.. وفوق ذلك أُوتي قدرة على استقراء الأحداث – وما وراء السطور – لم أرها عند أحد غيره.. وذلك باستثناء أنيس منصور الذي تنبأ بثورات الربيع.. تنبأ بها قبل اندلاعها بأعوام ؛ بل وبأدق أحداثها… وتفصيلاتها… ومجرياتها… و مآلاتها.. كما كان تنبأ بانفصال جنوب السودان في العام (2000).. والبارحة فُوجئنا – والعالم كله – بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء حمدوك بأسلوب إرهابي.. وسبب التفاجؤ – داخلياً وخارجياً – هو الأسلوب هذا.. فبلادنا لم تعتد عليه طوال تاريخها السياسي…..وكان هذا مصدر فخر لنا بين الأمم.. وعلماء الجريمة يقولون لك أبحث عن المستفيد.. وذلك حين تشكل عليهم ملابساتها…ودوافعها ؛ وينطبق الأمر نفسه على جرائم السياسة.. والآن ما من جهة مستفيدة من قتل حمدوك ؛ عدا واحدة.. لا قحت – طبعاً – الحاضن السياسي لحكومته…ولا الحركات المسلحة المنخرطة في السلام.. ولا أيضاً الشيوعي ؛ وإن حاول البعض إظهاره بمظهر المعارض.. وسيحاولون ذلك قطعاً ؛ تلميحاً أو تصريحاً ؛ ومنهم إسحاق صاحب الخيالات الجامحة.. وربما يقول إن هدفه من ذلك تجريم جماعته الإخوانية.. ولن تُجدي كل هذه المحاولات نفعاً ؛ فما من جهة مستفيدة أكثر من التي فقدت كل شيء.. ولم يبق لها ما تحرص عليه حتى أخلاق السياسة.. وأعني – تحديداً – أخلاق السياسة السودانية التي تنأى عن أسلوب تصفية الخصوم غدراً.. وقبل سنوات قال وراق : دعهم يُفطمون من ثدي السلطة ، وسترون.. وقد صدق !!.