ربما تعج الخواطر بشتى الذكريات حلوها مرها .. لكن للبطولات الوطنية عبق خاص.. ولهذا كانت ذكرى 6 أبريل ليوم استثنائي، في تاريخ كل سوداني!! حيث شكلت نقطة فارقة في مسيرة حراك (ثورة ديسمبر المجيدة) ..كيف لا… وقد تحققت فيها أهم نبوءتين، أولها انهيار أسطورة جهاز النظام القمعي السابق أمام السيول البشرية التي انحدرت من كل فج عميق وتدفقت نحو القيادة العامة، لتسليم مذكرة التنحي، ولتشهد على بداية غروب شمس الإنقاذ البائد ، ثم حدثت وللمره الثانية المعجزة بالتحام الشعب مع الجيش (شعب واحد جيش واحد). واكتملت الملحمة باعتصام الثوار أمام القيادة العامة حتى السقوط .. تاركين منازلهم ومتاعهم وملبين نداء الوطن ..ولتظل ذكرى هذا اليوم التاريخي تتناقلها الأجيال كان لابد أن نقرأ إرهاصات هذا اليوم والأسباب التي دفعت إلى نجاحه.. الصيحة استعرضت قراءة تحليلية مع عدد من الرموز لملحمة 6 ابريل ..عن أهم الأحداث والإرهاصات التي شكلت يوم 6 أبريل.. ذكرى شبيهة ولعل اختيار التاريخ لم يكن وليد الصدفة حيث ظل عالقاً بذاكرة الوطن، ثورة الشعب قبل 35 عاماً على نظام مايو والتي أزاح بها حكمومة الراحل جعفر نميري عن سدة الحكم . إذ أجبِر على التنحي بعد وقوف القوات المسلحة إلى جانب المتظاهرين الذين قادهم وقتذاك "التجمع النقابي" الشبيه ب " تجمع المهنيين السودانيين" الحالي . وإزاء ذلك اعتبر التجمع أن التظاهر أمام القيادة العامة انتصارًا للحرية والكرامة، وكسرًا لما وصفه ب " أنف الطغيان "، داعيًا إلى مواصلة الاعتصام حتى سقوط البشير، وقالوا في بيان " جاءت ساعة الحقيقة، حيث لا جبار بقادرٍ على دحر إرادة شعب السودان" . واستعار المتظاهرون هتافات ترددت في انتفاضة أبريل 1985 ، مثل " جيش واحد .. شعب واحد " ، بالإضافة إلى شعارات خصصوها ضد نظام البشير مثل " تسقط بس " ، و "ما همانا جيشنا معانا "، و "سقطت يا كيزان (الإخوان المسلمين) و "حرية، سلام، وعدالة.. الثورة خيار الشعب ." وقال أحد المتظاهرين لوكالة يومها المُحتجون نجحوا في إيصال رسالتهم إلى الجيش، مُضيفًا " لم نحقق بعد هدفنا، لكننا أوصلنا رسالتنا إلى الجيش ومفادها : تعال شاركنا ." التنظيم القيادي بتجمع المهنيين د. إبراهيم حسب الله، قال (للصيحة ) إن يوم ستة أبريل كان يوماً نضالياً مختلفاً … حيث كانت أغلب قيادات الصف الأول من سكرتارية التجمع كانوا داخل معتقلات النظام السابق … وكنا نتابع مع قيادات (الظل ) للتجمع التي كانت تنقل لنا مجريات الأحداث ونتلقى تقارير من اللجنة الميدانية عن الموقف بالشارع، وأردف: خرجنا من المعتقل صباح ذات اليوم .. وكنا نعلم أن الشارع الذي انتفص وخرج لن يعود، وقال ذهبت إلى منزلي للسلام على أهلي ثم عدنا إلى القيادة العامة للاعتصام مع الثوار . أما فيما يخص تداعيات يوم السادس من أبريل قال: إن التنظيم العالي من قبل تجمع المهنيين كان القشة التي قصمت ظهر الإنقاذ، وأردف كان التجمع يحرك الشارع بالبيانات المنظمة. ساعات حاسمة وقرأ محللون بأن هنالك عدة إرهاصات وأسباب ساعدت الثوار كان من بينها نجاح ستة أبريل والذي جاء مصادفة لتلبية أشواق المناضلين لذكرى انتفاضة سبقت، ثم كان أن وجدوا المناخ السياسي صالحاً بعد الأزمة الاقتصادية الطاحنة والتي تسببت بخروج المواطنين للشارع. هذه التداعيات هأت وصول المتظاهرين إلى مقر القيادة العامة للجيش للمرة الأولى منذ بدء الحِراك الشعبي في ديسمبر الماضي، وأعطى الفرصة للمئات لاقتحام بيت الضيافة الخاص بالرئيس عُمر البشير . وساهم في تعاطف القوات المسلحة للسماح للثوار بالاعتصام أمام القيادة ومن ثم وبدأوا في تشييد المتاريس، وبدأوا في خوض معارك الكر والفر مع سلطات الأمن حتى أجبروا على إغلاق الجسور المؤدية للخرطوم " جسر النيل الأزرق، وجسر القوات المسلحة، وجسر النيل الأبيض " في الاتجاه المؤدي إلى الخرطوم، وأعلن حظر التجوال. الإصرار والعزيمة يرى القيادي بقوى الحرية والتغيير د. محمد المهدي حسن أن هنالك أربع إرهاصات وعوامل ساهمت في نجاح يوم السادس من أبريل وقال (للصيحة ) إن اعتصام الثوار أمام مقر القيادة وتمسكهم وإصرارهم وعزيمتهم في العبور بثورتهم وقولهم " لن نغادر هذا المكان حتى ننجز مهمتنا .. لن نغادر المكان حتى السقوط ، ثانياً استجابة القوات المسلحة لمطالب الشعب .. وإعطائه الضوء الأخضر للاعتصام أمام القيادة مع حراسة الثوار، ثم إن الثورة يومها كانت مكتملة النضوج مما سهل من إعداد المسرح للحدث الأكبر، رابعاً وهو الأهم يأس الأجهزة القمعية التي استمرت في الكر والفر مع المتظاهرين لقرابة الأربعة شهور كل هذه العوامل ساهمت في عبور ستة أبريل. ذروة الثورة وصف المحلل السياسي والمؤرخ د. الفاضل عباس محمد علي (للصيحة) السادس من أبريل بذروة الثورة، وقال إن هنالك الكثير من الأحداث التي صنعت في هذا اليوم وظهرت نتائجها لاحقاً من نصر مؤزر للثورة لاسيما تدافع الشعب ناحية القوات المسلحة حيث وجدوا السند والدعم من قبل الجيش، وتجاوب الضباط مع الثوار وفتحوا لهم الأبواب، حتى إن كل منظمات المجتمع المدني والقطاع العام هبوا مع الثوار، وأردف: ستة أبريل موقف تاريخي وإلهام ونصرة ربانية.