توفي الصادق المهدي بعيداً عن أم درمان في السودان، بينما يقبع العسكري الذي أطاحه في سجن أم درمان، بعيداً عن الحكم وعن الناس وعن الثروات النقدية التي جمعها بكل أنواع العملات وفئاتها. وكما هي العادة في جميع العسكريات العربية، أطاح عسكري مجهول زعيم أكبر (...)
عثر في منزل السيد عمر البشير على بضعة ملايين نقداً من الدولار واليورو، للأيام الصعبة. المبالغ النقدية التي عثر عليها في مكتب زين العابدين بن علي لم تكن بهذا الحجم. والشاحنات التي نقلها أبناء صدام حسين من البنك المركزي في الأيام الأخيرة مثل الشاحنات (...)
عندما بدأت الاحتجاجات في السودان، قام عمر البشير بجولة على السعودية وقطر وسوريا. وبصرف النظر عما قاله في الدوحة عن السعودية، لأنه مضحك جداً، فإن خريطة الرحلة في حد ذاتها، أكدت أن «الرئيس المزمن» قد فقد حسن التوازن السياسي. شاهد الملايين يهتفون ضده (...)
بدأ الرئيس عمر البشير الرد على مظاهرات التنحي بالقول إن وراءها أميركا والصهيونية. ثم ازدادت، فقال إنهم المندسّون، منتبهاً إلى أنها تهمة كبرى لشعبه… ثم أطلق الوعود، ثم فجأة أحال السودان إلى حالة الطوارئ والأحكام العرفية لمدة عام، حماية للشرعية التي (...)
يخطئ كل من يفرح لأحداث السودان، الطيب والعزيز. ويخطئ من يفلسف الأزمة ويكثر من المقارنات التي تفرض نفسها في مثل هذه الحالات. المطلوب ليس رحيل النظام، بل بقاء السودان. وانتقال الخرطوم إلى ما سماه المشير «إصلاحات حقيقية». وأول مثل هذه الإصلاحات، أن (...)
خواطر ومخاطر: أحمد سعيد
يروي سايمون هيرش، أشهر صحافيي أميركا، أنه ذهب لمقابلة حاكم قطر آنذاك الشيخ حمد بن خليفة في قصره، وفوجئ بأن القصر الفسيح مبني كله تحت الأرض. المفاجأة الثانية كانت عندما قال له الشيخ حمد إن ثمة 12 صحيفة كبرى في الولايات المتحدة (...)
منذ اللحظة الأولى لصدور بيان الدول الأربع حول مقاطعة قطر، اعتقدتُ أن في الأمر خطأً جسيماً. هذا كل ما تشتهيه الدوحة: أن يثار من حولها العواصف. وأن يتكرر اسمها في الأخبار. وأن يطبق في حالتها مثل فرنسي قديم: «فليقولوا ما يشاءون ولكن فليستمروا في الحديث (...)
كانت «الأيام» أول صحف السودان، الذي كان يومها يعيش مرحلة من الهدوء بعد عاصفة. وكان رئيس تحريرها رجلاً محترمًا، ولا ضرورة للقول: طيب السريرة، فلم ألتقِ سودانيا لا تنطبق عليه هذه الصفة. وأكثر ما أذكر عنه أنه كان يشبه إلى حدّ بعيد رئيس الوزراء السابق (...)
دعانا الدكتور منصور خالد، وزير خارجية السودان الأسبق، إلى الخرطوم للمشاركة في احتفال يتحدث فيه أصدقاؤه المنتشرون في العواصم. وقد اعتذرت عن عدم الحضور «لظروف خاصة»، بينها، بصراحة، أنني لا أعرف وقع الزيارة على الخرطوم الرسمية ومدير لوائح المنع في مطار (...)
ظُلِم الشعر السوداني ظلمًا صلفًا. المرحلة التي برز فيها شعر الفيتوري دون سواه، كانت مليئة بكبار وأجمل الشعراء في السودان، لكن وهجهم ظل خلف ظلال الغابة في بلاد النيلين، فيما عَبَر شعر الفيتوري بلاد العرب، بادئًا من المنصّة الطبيعية، مصر. وفيما بقي (...)
في نهاية هذه الحلقات، إني مدين باعتذار عميق. فقد كنت مسافرا لا أليق بهذه الصفة. اكتشفت الآن أنني لم أسافر إلا في المدن والعواصم. لم أغامر مرة في الذهاب إلى مصر الداخلية. لم أتجاوز نيروبي إلا مسافة ساعتين، عدت بعدها خائفا إلى الفندق حاملا صورا لا (...)
كان عملاق الأدب الفرنسي الحديث جان كوكتو يقول لزميله أندريه جيد كلما التقيا: »هات اسحرنا«. سحرتني مكتبة الكونغرس. يومان في رحابها الهائلة بدعوة من الأستاذ رجا صيداوي، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمناء، من محاضرة إلى معرض، ومن معرض إلى لقاء مع (...)
أحيانا - والحمد لله ليس غالبا - تتعثر الذاكرة في اللحاق بدأب الكتابة اليومية. ومهما كان الخطأ هيِّنا، فالخطأ لا يهون، لا على صاحبه ولا على قارئه. الواقع فيه والواقع عليه. ومن حسن الحظ كثرة المصحِّحين والمحبين.
كتبت، يوم الأربعاء الماضي، مشاعر (...)
في التاريخ العربي الحديث رجلان اختارا ترك الرئاسة والحكم، على أن يتركا البلاد في دمار وحروب أهلية: الجنرال عبد الرحمن عارف والفريق سوار الذهب. كلاهما كان عسكريا. لكن سوار الذهب طبعا وسلوكا وأخلاقا يختلف تماما عن الذين جاءوا إلى الحكم بانقلاب وذهبوا (...)
لا شك أن «الاتجاه المعاكس» من أكثر البرامج مشاهدة. بل ربما كان في بداياته الأكثر مشاهدة. وصيغة البرنامج وفكرته مألوفتان في الغرب، حيث يتقابل ممثلون عن الأحزاب المختلفة ويدافعون عن وجهات نظرهم. لكن المشكلة في «الاتجاه المعاكس»، منذ اللحظة الأولى، لم (...)
اعترض فريقان على تصرف مصر غير الديمقراطي في عزل الرئيس محمد مرسي: إيران، والاتحاد الأفريقي الذي كان معروفا بمنظمة الوحدة الأفريقية، وغيّر إلى الاتحاد خجلا من الفارق بين الاسم والمسمى. غيرة إيران على الديمقراطية لا داعي لشرحها. لكن يا أيها الاتحاد (...)
أطرح دائما على المعارف الجدد سؤالا حول من يقرأون في الصحافة، لعلهم يدلونني إلى من فاتتني معرفته. غالبا ما يكون الجواب متوافقا مع الانطباع العام، مدحا أو استبعادا، وبعض الأجوبة يتجاوز الإعجاب إلى المحبة والتقدير.. وأشعر بفرح عندما يتلاقى موقفي مع من (...)
كنا جيلا رومانسيا، والحمد لله. نحب بلا حساب، ونتحمس بلا حساب، ونأمل بلا حدود لأي سذاجة. ثم نتطلع إلى الأشياء كما تطلع إليها الواقعيون والعارفون، وأيضا الحمد لله، لأن ذلك جعلنا نعيش أيامنا كما نحلم وليس كما نخدع. وإذا ما شعرنا بالندم على خيبة ما، فقد (...)
سبقت النكتة كل شيء آخر في مصر، وثمة من سمى الرئيس محمد مرسي محمد «مورسيلني». ولسنا نعرف إن كان الرئيس المصري يريد الاقتداء بنموذج معين في الحكم، أم يفضل أن يؤسس لنموذجه الخاص في بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. الأنظمة التي ألغتها 25 (...)
وصلت القاهرة أوائل المساء، وقبل أن أفك حقيبتي جلست إلى الهاتف أتصل بأحمد بهاء الدين لأرى إن كان غير مرتبط، قال: إنه ذاهب إلى العشاء عند آل الجندي وسوف يمر بي لنذهب معا، وهناك كان بين الضيوف السفير البريطاني، ومراسل «الفايننشيال تايمس» في المنطقة، (...)
....
أدى خطأ مطبعي صغير في صحيفة عربية إلى نتيجة عبقرية. فقد سقطت النقطة من الغين في كلمة الشغب، فورد الخبر هكذا: «قامت شرطة مكافحة الشعب» بتفريق المتظاهرين في المدن السودانية. وقد سماهم البشير «فقاقيع» و«شذاذ آفاق»، وفي المرة المقبلة «جرذان» على (...)
أدى خطأ مطبعي صغير في صحيفة عربية إلى نتيجة عبقرية. فقد سقطت النقطة من الغين في كلمة الشغب، فورد الخبر هكذا: «قامت شرطة مكافحة الشعب» بتفريق المتظاهرين في المدن السودانية. وقد سماهم البشير «فقاقيع» و«شذاذ آفاق»، وفي المرة المقبلة «جرذان» على جاري (...)
كان الدكتور محمد أحمد المحجوب سياسيا وشاعرا وأديبا ورجل صدق. حضرت مجالسه مع صديقه سعيد فريحة، فكانا إذا اجتمعا حل الظرف ثالثا، وكان محجوب، وقبله سودانيون كثيرون، يحاولون تقليد غاندي ونهرو في النضال من أجل الاستقلال عما كان يسمى الحكم البريطاني - (...)
مزق الأميركي ذو الحذاء، بول بريمر، العراق، يوم أعلن حل الجيش وفرط الدولة. وترك الليبي ذو الأوسمة الصدرية بلده من دون جيش ولا دولة.. والنتيجة واحدة. الآن يقول الوزير علي الترهوني إن ليبيا سوف تقع في أيدي الميليشيات، كما أن ميليشيات الحرب اللبنانية (...)
"الاستقلال هو الحساب. هو القدرة على إجراء الحساب مرّة بعد مرّة، والجرأة عليه".
أحمد بيضون
تعلّم تجربة عام الثورات العربية – ولن نتعلّم – درساً تاريخياً تلقنته أوروبا من قبل: الفارق الهائل بين الحاكم والمسؤول، بين الرعونة والمسؤولية. الحكم يمكن ان (...)