بايرن ميونخ يتغلب على تشيلسي    نادي دبيرة جنوب يعزز صفوفه إستعداداً لدوري حلفا    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان يكشف عن انتهاكات خطيرة طالت أكثر من 3 آلاف شخص"    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    سيناريوهات ليس اقلها انقلاب القبائل على المليشيا او هروب المقاتلين    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. خلال حفل بالقاهرة.. فتيات سودانيات يتفاعلن في الرقص مع فنان الحفل على أنغام (الله يكتب لي سفر الطيارة) وساخرون: (كلهن جايات فلاي بوكس عشان كدة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    حياة جديدة للبشير بعد عزله.. مجمع سكني وإنترنت وطاقم خدمة خاص    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    هدف قاتل يقود ليفربول لإفساد ريمونتادا أتلتيكو مدريد    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    مبارك الفاضل..على قيادة الجيش قبول خطة الحل التي قدمتها الرباعية    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    السودان يستعيد عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيصل محمد صالح يكتب: حرب إذلال المواطن السوداني
نشر في باج نيوز يوم 25 - 05 - 2024

كتبت من قبل مقالين عن بعض التصرفات غير الإنسانية التي حدثت في الحرب الجارية الآن في السودان، وكانت تلك ربما تعتبر أحداثاً فردية، لكنَّها مؤشرُ خطورةٍ على المنحى الذي تتَّجه إليه الحرب. وقد تكرَّرت الأحداث والمواقف التي تقول إنَّ الأمر لم يعد حوادثَ فردية، وإنما اتجاه عام نحو التوحش ومجافاة الفطرة والقيم الإنسانية، وما تعاهدت عليه الأمم من قوانين ومعاهدات إنسانية لحماية المدنيين والأسرى والأماكن المدنية في حالات الحرب.
خلال الأسبوعين الماضيين ارتكبت «قوات الدعم السريع» مذبحتين مروعتين في قرية الحرقة بشرق الجزيرة، وفي منطقة التكينة الصغيرة الواقعة جنوب الخرطوم، وكان الضحايا عشرات من المدنيين الذين استُبيحت بيوتُهم وممتلكاتهم، وقبل ذلك إنسانيتهم، ونزلت فيهم المجموعات المسلحة التابعة ل«الدعم السريع» قتلاً وسلباً وتشريداً. في الأسبوع الماضي أسرت «قوات الدعم السريع» الملازم (م) محمد صديق، الضابط الشاب الذي عصى أوامرَ قيادته العسكرية أيام الثورة، ووقف مع وحدته الصغيرة ليحمي المعتصمين أمام القيادة العامة، وتحول لأيقونة من أيقونات ثورة ديسمبر (كانون الأول) التي أطاحت حكمَ البشير. وقد دفع محمد صديق ثمن ذلك فصلاً وتشريداً. ثم عندما اندلعت الحرب لبَّى نداء قيادة الجيش وذهب متطوعاً مرتين، لترفض قيادة الجيش قبوله، وبعد حملة إعلامية انضم للمتطوعين المستنفرين. خلال الأسبوع الماضي أسرته «قوات الدعم السريع»، ونشرت مقطع فيديو له تحت الأسر حين حاول جنود «الدعم السريع» استفزازه وإهانته فلم يستجب لهم وقام أحدهم بصفعه. بعد ساعات نشرت «قوات الدعم السريع» صورته مقتولاً وملقى على الأرض.
قبلها عرض الإعلام صوراً لأشخاص اشتبهت قوات الجيش في تبعيتهم ل«قوات الدعم السريع»، فذبحتهم وعرضت رؤوسهم للجمهور، ووقف قائد أمني كبير ليقول للجنود إنه سيدفع مليون جنيه سوداني (نحو ستمائة دولار) مقابل أي رأس من «الدعم السريع». في واقعة أخرى، تم بقرُ بطن أحد جنود «الدعم السريع» وعُرضت الأحشاء للإعلام. في الوقت نفسه، وعقب خسارة الجيش لأي معركة، يرسل طيرانه ليدك أي منطقة على رؤوس ساكنيها، ولا يهم إن كانوا جنوداً، أو نساء وأطفالاً، ولا تنجو المستشفيات من ذلك.
غير ذلك تنتشر فيديوهات تصور إذلال الأسرى من الطرفين بطريقة تحط من الكرامة الإنسانية وتستبيح إنسانيتهم وضعفهم. وليس ذلك كل الأمر، لكن تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي صفحات ورسائل من الجمهور تشجع ذلك، أو تضحك عليه، بل هناك رسائل تحريض لمهاجمة المدنيين ودك وتدمير القرى والمناطق التي تمثل حاضناً اجتماعياً لمجموعة أو قبيلة معينة.
عقب فشل هجوم الجيش على مصفاة البترول بالجيلي، شمال الخرطوم، واغتيال الملازم محمد صديق، انتشرت رسائل وفيديوهات تحريضية تدعو الجيش لتدمير المصفاة، والتي هي أحد ممتلكات الدولة والشعب، ولم يقصر طيران الجيش، فاستجاب للدعوات وقصف المصفاة وأحدث بها أضراراً كبيرة.
ملخص الأمر أننا وصلنا إلى مرحلة من التوحش تحتاج لوقفة حقيقية ممن تبقى من العقلاء من بين أبناء السودان. الحرب بشكلها التقليدي يمكن أن تتوقف في أي لحظة، وقد يتم التوصل لاتفاقٍ ما على المستوى السياسي، هذا كله جيد، لكن ماذا نفعل مع الدمار الذي حدث لأخلاقنا وقيمنا وإنسانيتنا؟!
في حالات كثيرة من الحروب التي تنتهي باتفاق سلام، وبعد معالجة الجرائم والانتهاكات التي وقعت، يتجه الناس لبرامج المصالحة وبناء السلام وإعادة الثقة بين المجموعات المختلفة. لكن في الحالة السودانية الحالية فمن المؤكد أن روح الثأر والانتقام والكراهية التي زرعها سلوك قادة الحرب، ثم الاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي، ستصعب هذه المسألة، ما لم تضعها المكونات الاجتماعية السودانية والأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في برامج عملها وتبدأ فيها منذ الآن.
حجم المعاناة التي مر بها المواطن السوداني، سواء داخل السودان، أو في مناطق النزوح واللجوء، لا يمكن وصفه، وقد تركت آثاراً نفسية واجتماعية خطيرة ستنعكس على حياة الناس وسلوكياتهم وتصرفاتهم، وعلى علاقة المكونات الاجتماعية والسياسية مع بعضها البعض. في إحدى مدن اللجوء سجلت المنظمات ست محاولات انتحار في شهرين، بجانب عشرات الوقائع الأخرى التي توضح حجم القهر والإذلال والمعاناة التي يشعر بها السودانيون. مؤكد أن جهود وقف الحرب لها الأولوية، لكن برامج العمل الأخرى يجب أن تكون جاهزة وحاضرة، وقد نحتاج أن نحول الوطن لمصحة علاج نفسي كبيرة بحجم الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.