شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل تحيي حفل غنائي داخل أحد الأحياء في وضح النهار وتحصل على أموال طائلة من "النقطة"    اللجنة العليا لطوارئ الخريف بكسلا تؤكد أهمية الاستعداد لمواجهة الطوارئ    إصابة 32 شخصاً بالكوليرا بينها 3 حالات وفاة بمعسكر "مسل" للنازحين في شمال دارفور    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    خطة مفاجئة.. إسبانيا تستعد لترحيل المقاول الهارب محمد علي إلى مصر    مشاهد من لقاء رئيس مجلس السيادة القائد العام ورئيس هيئة الأركان    من اختار صقور الجديان في الشان... رؤية فنية أم موازنات إدارية؟    المنتخب المدرسي السوداني يخسر من نظيره العاجي وينافس علي المركز الثالث    الاتحاد السوداني يصدر خريطة الموسم الرياضي 2025م – 2026م    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. لاعب المريخ السابق بلة جابر: (أكلت اللاعب العالمي ريبيري مع الكورة وقلت ليهو اتخارج وشك المشرط دا)    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم
نشر في باج نيوز يوم 17 - 06 - 2025

تدخل الحرب في السودان مرحلة جديدة، ليس على مستوى القتال على الأرض داخل حدوده الترابية، ولكن بوصول شظايا الحرب وتداعياتها إلى دول جوار السودان والإقليم.
وهذا ما حذّر منه قادة سودانيون غداة اندلاع الحرب، إلى جانب قادة إقليميين ومنظمات دولية يتابعون من كثب تطورات الصراع المسلح وآثاره. وبدا واضحًا خلال الأشهر الماضية أنّ تلك التحذيرات قد لامست الواقع لتقف المنطقة كلها على شفير الهاوية.
ولا يساورنّ أحدًا شكٌ في أن المواجهة السودانية مع قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا باتت حتمية، بعد تورط قوات حفتر التي تعمل في الجنوب الشرقي لليبيا، عندما هاجمت مع قوات الدعم السريع نقطة حدودية سودانية عند (جبل العوينات)، واحتلت مثلث الحدود المشتركة بين السودان، ومصر، وليبيا.
كما توغلت قوات من مليشيا الدعم السريع داخل الحدود المصرية يوم 10 يونيو/ حزيران 2025، الأمر الذي خلّف ردود أفعال قوية داخل مصر، وأصبح الوضع مفتوحًا على كل الاحتمالات، مع بدء الطيران السوداني شن غارات جوية لاستعادة المنطقة.
يجاور السودان سبع دول هي: مصر، وليبيا، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وإثيوبيا، وإريتريا، ويبلغ طول حدوده مجتمعة مع هذه الدول حوالي 7.500 كيلومتر، بينما يصل طول الساحل السوداني إلى ما يقارب 700 كيلومتر على البحر الأحمر، حيث تُضاف المملكة العربية السعودية كدولة لها جوار بحري مع السودان عند الساحل الشرقي.
وتتداخل أوضاع الدول السبع مع بلدان أخرى تتأثر بما يدور في السودان، وهي: أوغندا، وكينيا، والكونغو الديمقراطية، وهي دول كانت لها حدود مباشرة مع السودان حتى عام 2011 قبل انفصال جنوب السودان، وتقع ضمن دائرة التأثيرات الجانبية للحرب السودانية.
وتُعتبر كينيا متورطة بالكامل في الحرب، إذ تؤوي قيادات مليشيا الدعم السريع وحلفاءها السياسيين والحركات المسلحة المتحالفة معها، كما تشارك السلطات الكينية في عمليات نقل العتاد الحربي عبر مطاراتها وأجوائها لمليشيا التمرد في مطار نيالا غربي السودان.
بينما طالت أوغندا اتهامات بدعمها للتمرد السوداني، إلى جانب دخول قواتها جنوب السودان لقتال المناهضين لحكومة الرئيس سلفاكير ميارديت، ويُقدّر عدد القوات الأوغندية في جنوب السودان بأكثر من عشرة آلاف جندي.
في دول الساحل وغرب ووسط أفريقيا، وصلت شظايا حرب السودان لبعض البلدان، خاصة النيجر، ومالي، ونيجيريا، والكاميرون، وبوركينا فاسو، وغينيا كوناكري، باعتبارها منبعًا وموردًا رئيسًا للمقاتلين المرتزِقة العابرين للحدود.
وتتقاطع الأوضاع في هذه البلدان مع نشاطات أخرى لحركات مسلحة معارضة داخلية، وتفاعلات صراع دولي يعلو أواره ويخفت باستمرار، مما ينذر بمستقبل قريب محفوف بالمخاطر.
عقب الهجمات التي تمّت مطلع مايو/ أيار الماضي على مدينة بورتسودان، وجهت حكومة السودان اتهاماتها لأطراف إقليمية باستخدام قواعد تابعة لها في جمهورية أرض الصومال لإطلاق المسيرات التي نفذت الهجوم، الأمر الذي يضيف بُعدًا إقليميًا آخر يضم منطقة القرن الأفريقي.
وتقف الخلافات الإثيوبية – الصومالية، والكينية – الإثيوبية، والإريترية – الإثيوبية، شاخصةً تنتظر قدح زنادها في أي وقت، وتنشأ معها تحالفات وتدابير إقليمية من خارج منطقة القرن الأفريقي لها صلة بما يدور في السودان، أيضًا بسبب الاصطفافات وتداخل المصالح في المنطقة مع مصالح قوى أخرى.
وتشير معلومات في العاصمة الكينية نيروبي خلال الأيام الماضية إلى أن قائد القوات الأميركية المخصصة لأفريقيا (AFRICOM – القيادة الأميركية في أفريقيا) قد أبلغ عددًا من وزراء الدفاع في المنطقة بأن بلاده تطلب منهم الاعتماد على أنفسهم في مكافحة الإرهاب، وأن الدعم الأميركي سيتوقف عدا تبادل المعلومات الاستخبارية.
وهذا يعني أن قدرات هذه الدول، بدون الولايات المتحدة التي كانت تتحكم وتضبط الأوضاع في الإقليم، ستتجه إلى حالة من الفوضى والاضطراب إذا تصاعدت الاضطرابات الداخلية والخلافات بين هذه الدول المتخمة بالحركات المعارضة والجماعات المسلحة.
على كل، تقفز الآن تداعيات الحرب السودانية على جوارها إلى الواجهة، مقرونة بالتورط المباشر لليبيا حفتر في الصراع السوداني، وتُجرى عملية تصنيع حرب إقليمية شاملة، لا بدّ من النظر إليها عبر عنصرين أساسيين:
انحسار الحرب وتمركزها في غرب السودان
يتقدم الجيش السوداني نحو تلك المناطق، مع نذر الانهيار العسكري والمعنوي لمليشيا التمرد وحلفائها، بجانب فشل المشروع السياسي بتكوين حكومة موازية وإنشاء سلطة في غرب البلاد، وتراجع الدعم القبلي لصالح مليشيا الدعم السريع.
كما أسفر ذلك عن هروب أعداد كبيرة من المرتزِقة الأجانب، ما جعل داعمي المليشيا يستعجلون فتح جبهات قتال أخرى، خاصة على بعض النقاط الحدودية لتأمين تدفق الإمداد، وإشعال المنطقة، وتخفيف الضغط على مسارح العمليات الحالية في غرب البلاد، وتحقيق نصر عابر وسريع عند منعرج الحرب الضيقة.
استشعار دول الجوار دقة الأوضاع
تراجع الدعم السريع، وفشلها في إدارة الحرب، وخطر تمددها غربًا أو شرقًا، دفع ذلك دولًا مثل أفريقيا الوسطى، وإثيوبيا إلى إرسال مديري مخابراتها إلى السودان؛ (زيارة مدير مخابرات أفريقيا الوسطى كانت في 29 مايو/ أيار الماضي، وزيارة مدير المخابرات الإثيوبي ومستشار رئيس الوزراء في 2 يونيو/ حزيران الجاري).

كما وردت إشارات إيجابية من تشاد، اعتبرها بعض المراقبين محاولة لتدفئة الخطوط، وتلمس الطريق نحو تطبيع العلاقات. تمثل هذه التحركات انتكاسة للتمرد قد تدفعه نحو الهروب إلى الأمام، ونقل حريق الحرب إلى الجوار وَفقًا لتحالفاته المريبة مع جماعات وحركات متمرّدة على السلطة في بلدانها.
تعود التوقعات بتدهور الأوضاع في المنطقة إلى أن حرب السودان أنعشت الكثير من المجموعات المسلحة المتمردة في هذه البلدان، وفتحت شهية بعضها لتقوم بدور مماثل لما قامت به الدعم السريع في السودان. خاصة أن دولًا مثل تشاد، وأفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وإثيوبيا تضم عددًا كبيرًا من الحركات المتمردة (تشاد: 9 حركات مسلحة أساسية – ووقّعت 34 حركة على اتفاق الدوحة عام 2022. أفريقيا الوسطى: 12 حركة. جنوب السودان: 5 حركات. إثيوبيا: 7 حركات من الأقاليم الأخرى).
وتعيش ليبيا بدورها تحت نذر الحرب والمواجهات في الجنوب والشرق والغرب، وسط تفاعلات سياسية وعسكرية دقيقة قد تجرّ ليبيا كلها إلى دُوامة عنف.
بين هذا وذاك، تبرز نذر حرب إقليمية سيكون جنوب السودان المرشح الأقرب لاندلاعها، ومسرح عملياتها الأول، وذلك بسبب التنافس بين إثيوبيا وأوغندا حول النفوذ في المنطقة الأفريقية، وهو تنافس قديم.
بيدَ أنه، مؤخرًا، رفضت إثيوبيا تدخل الجيش الأوغندي في أراضي جنوب السودان في مارس/ آذار الماضي، ووصوله إلى ولايات أعالي النيل المتاخمة للحدود الإثيوبية (أعالي نهر السوباط)، ضمن صراع قوات حكومة جوبا مع فصائل النوير، وهي قبيلة مشتركة بين جنوب السودان وإثيوبيا.
سارعت أديس أبابا إلى تعزيز قواتها على الحدود مع جنوب السودان، وراجت معلومات عن نية الجيش الإثيوبي التدخل عسكريًا في مناطق أعالي النيل إذا لم تنسحب القوات الأوغندية. كما أرسلت أديس أبابا وفدًا أمنيًا عسكريًا رفيعًا مطلع يونيو/ حزيران الجاري إلى السودان، وجنوب السودان، وأبلغت موقفها من التواجد الأوغندي في الجنوب، وتركت الباب مواربًا أمام أي رد فعل من جانبها.
كذلك أبلغت إثيوبيا العواصم المجاورة بتطورات الأوضاع بينها وبين جارتها إريتريا بشأن جبهة التيغراي، حيث تقول أديس أبابا إن نشاطًا مزمعًا لمتمردي التيغراي المدعومين من أسمرا قد يقود إلى نزاع مسلح طاحن، بينما تستضيف إثيوبيا حاليًا جماعات من المعارضة الإريترية.
كما أن التنافس الكيني – الأوغندي حول جنوب السودان، سيعقد الأوضاع، وقد يدفع بمزيد من التوترات. ولكل من البلدين حلفاؤه في جوبا، الملبدة سماؤها بغيوم سوداء، تحدد نوع تطوراتها حالة الاستقطاب الحالية والتنافس الإقليمي.
في ذات الإطار، تجري في أوساط المعارضة التشادية المسلحة والسياسية اتصالات مكثفة ما بين عدة عواصم في بلدان الساحل، تمهد لانطلاق موجة جديدة من الصراع المسلح في تشاد. فقد استفادت بعض حركات المعارضة المسلحة التي شاركت في القتال بالسودان لصالح الدعم السريع من العتاد الحربي، والسيارات القتالية، والأموال المتدفقة، والتجهيزات المختلفة، وستنتهز الفرصة لبدء معركتها الرئيسية في تشاد.
لم تكن حرب السودان سوى فرصة للتحضير لهذه المعركة. وبدأت هذه المعارضة تجهيز معسكرات لها غربي أفريقيا الوسطى وجنوبها، وربما داخل إقليم دارفور، بينما تنشط حركات أخرى في اتصالات سياسية وتحركات دبلوماسية في عواصم أفريقية وأوروبية.
وعلى ضوء ما يجري على الأرض، والخسارة الفادحة لمليشيا الدعم السريع لأعداد هائلة من قواتها، وخاصة المرتزِقة القادمين من الجوار السوداني وأفريقيا جنوب الصحراء، فإن انتقال الحرب، لعوامل موضوعية، إلى هذه المناطق لم يعد احتمالًا مستبعدًا، بل أصبح واقعًا يتجسد في وقائع بعينها، تصدّق ما كان يُقال عن الأبعاد والامتدادات الإقليمية لحرب السودان، وعوامل تمددها السياسية والاجتماعية والجيوسياسية في بيئة عامة لا تقبل المراهنات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.