سجون ولاية الخرطوم تشارك في تدشين حملة النظافة وإصحاح البيئة التي إنتظمت ولاية الخرطوم    زيادة حصة الحجاج السودانيين بنسبة 100% موسم حج 1447 ه    اجتماع مهم بين بنك السودان المركزي والشركة السودانية للموارد المعدنية حول عائدات الذهب ودعم الاقتصاد الوطني    شاهد بالفيديو.. "بقى مسكين وهزيل".. ماما كوكي تسخر من الفنان شريف الفحيل بعد تعرضه لهجوم شرس وإساءات بالغة من صديقته التيكتوكر "جوجو"    شاهد بالفيديو.. أطفال سودانيون يدهشون الجميع ببراعتهم الفائقة في ركوب الخيل وسباق الفروسية بالقاهرة    توجيه مهم لوزير بالخارجية السودانية    شاهد.. ناشط مصري يعقد مقارنة بين عملاقي الكرة السودانية "الهلال" و "المريخ" عبر التاريخ ويمنح الأفضلية المطلقة للأحمر: (الموضوع اتحسم بالنسبة لي الصراحة)    إجراءات عاجلة لتشغيل مستشفى "التمييز" و"التركي" بالطاقة القصوى    شاهد بالصورة والفيديو.. حاج سوداني يفاجئ الحاضرين في حفل زفاف ويدخل في وصلة رقص طريفة على أنغام موسيقى "الزنق" والجمهور: (عسل والله ودمه خفيف)    شاهد بالصورة والفيديو.. بفستان زفاف مثير.. عروس سودانية تتبادل الرقصات مع فنان حفل زواجها محمد بشير في حضور عريسها    الخميس.. قرعة دوري أبطال أوروبا    (كل من فشل في حياته صار شرطياً)    ترامب يشعل جدلاً قانونياً وسياسياً    خسارة غير متوقعة امام مدغشقر …    المسكوت عنه أخبث ما في الدعاية السياسية    الهلال يواصل تحضيراته.. و يبدأ اولى تجاربه الودية في تنزانيا    إضاعة الفرص... ودرس الإرهاق والبدائل    (المحللاتية والشرطة السودانية)    البهتان الخام أو الشيطنة بعكس التميُّز!    روايات خاصة: حين تنساب الدموع    عثمان ميرغني يكتب: شركة كبرى.. سرية..    المنتخب السوداني يودع"الشان"    مجلس الوزراء يعقد أول اجتماع في الخرطوم    الشرطة تلقي القبض على أحد المتهمين بحادثة نهب أستاذة في أم درمان    محمد بن زايد يصل مصر    شاهد.. "دا منتخبنا برانا وقوم لف يا جنجا قحت".. الإعلامي السوداني حازم حلمي يتعرض لهجوم إسفيري واسع بعد مباركته تأهل المنتخب لنصف نهائي الأمم الأفريقية    مسلحون تابعون للجيش ينهبون مُعلّمة تحت تهديد السلاح في أم درمان    ما حكم شراء حلوى مولد النبى فى ذكرى المولد الشريف؟    كيف يخدع الذكاء الاصطناعي موظفي الشركات؟    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    انتشال جثث 3 شقيقات سودانيات في البحر المتوسط خلال هجرة غير شرعية    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    كامل إدريس: دعم صادر الذهب أولوية للدولة ومعركة الكرامة    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    (للخيانة العظمى وجوه متعددة ، أين إنت يا إبراهيم جابر)    الذهب السوداني تحوّل إلى "لعنة" على الشعب إذ أصبح وقودًا لإدامة الحرب بدلًا من إنعاش الاقتصاد الوطني    اتهام طبيب بتسجيل 4500 فيديو سري لزميلاته في الحمامات    طفلة تكشف شبكة ابتزاز جنسي يقودها متهم بعد إيهام الضحايا بفرص عمل    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    عفيف محمد تاج .. شاهد بالفيديو كيف حقق هذا المقطع أكثر من 16 مليون مشاهدة للطبيب الإثيوبي الذي درس في السودان    وزير الزراعة بسنار يبحث مع مجموعة جياد سبل تعزيز الشراكات الذكية في العملية الزراعية    تطول المسافات لأهل الباطل عينا .. وتتلاشي لأهل ألحق يقينا    الشرطة في الخرطوم تعلن عن إنهاء النشاط الخطير    وقف تدهور "الجنيه" السوداني امام الدولار.. د.كامل يتدخل..!!    بوتين اقترح على ترامب لقاء زيلينسكي في موسكو    الموظف الأممي: قناعٌ على وجه الوطن    أقوال مثيرة لصاحب محل بقالة اشترى منه طفل نودلز وتوفى بعد تناوله    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    سوداني في المهجر يتتّبع سيرةَ شخصية روائية بعد أكثر من نصفِ قرنٍ    اجتماع في السودان لمحاصرة الدولار    ترامب: "تقدم كبير بشأن روسيا.. ترقبوا"    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. مزمل أبو القاسم: يا ملك.. ألف أهلاً يا دموع
نشر في باج نيوز يوم 17 - 09 - 2019

* في خواتيم عقد التسعينات درج الشاعر الراحل أبو آمنة حامد رحمة الله عليه على زيارتي بانتظام في مكتبي بصحيفة المشاهد الرياضية، وكان يكتب كبسولاتٍ صغيرة في الصفحة الأخيرة، فتحدثت معه ذات مرة عن قصيدته الخالدة (ما نسيناك)، التي حولها الراحل أحمد الجابري رحمة الله عليه إلى قطعة فنية بديعة، بلحنٍ شجي، وصوتٍ ملائكي طروب.
* قلت للهدندوي المبدع إنني مفتون بتلك الأغنية، ولا يكاد يمر عليَّ يوم من دون أن أشنف بها أذني، وأغسل بها دواخلي، وأمتع بها نفسي، من دون أن أملَّ سماعها.
* إعجابي بها ساوى افتتاني بقصيدة ثانية، جادت بها قريحة أبو آمنة نفسه، وكتبها بالفصحى، خلافاً (لما نسيناك)، التي حوت أجمل وأرق أشكال العتاب من المحب للمحبوب، بلغةٍ عاميةٍ بسيطة، تزخر الانكسار والوصف البديع لحال المُحب، عندما يعاني صدَّ المحبوب.
* القصيدة التي عنيتها هي (وشوشني العبير)، وقد حوت في تقديري أجمل بيت شعرٍ قيل في الغزل العفيف، بما يفوق نبوغ السابقين واللاحقين من الشعراء، منذ عهد الجاهلية بمعلقاتها، وانتهاءً بشعر الحقيبة وما تلاه، إذ قال فيه أبو آمنة واصفاً محبوبته (صبيةٌ العطر يشتهيها.. أمذنبٌ إذا أنت اشتهيت)؟
* تخيل أبو آمنة بعبقريةٍ تلامس سقف الجنون أن العطر الذي تضعه محبوبته على جيدها يفتقدها ويحنُّ إليها ويتوق، فهل يُلام هو إذا اشتهاها؟
* مضى أبو آمنة في وصف محبوبته مستفيضاً في ذكر محاسنها، ليخلِّد جمالها، ويرسم لها صورةً تفيض بالرقة عبر ريشة اتخذت من الكلمات ألواناً، إذ قال: (سافرت في عيونها دهوراً فما ارتوت عينايَّ.. ما ارتويت، جدائل الليل على كتفيها تهدلت من حولي.. فما اهتديت، حبيبتي أغرودة العذارى، ورنة الأفراح إذ غنيت، حبيبتي أغنية العطايا، تهمي هوىً إذا هميت، أجمل منها ما احتوى فؤادي، فالعبق الصادح ما احتويت، لا تسألوني كيف كان الملتقى، وكيف في دروبها مشيت، وكيف طاف الثغر في ابتهال وكيف في محرابها صليت، سرٌ عميق حبها بقلبي، ما قلته للناس ما حكيت، فإن روى القيثار سر حبي، قولوا له ما قلت ما رويت.. لكنه حين بكى حنيناً.. بكيت من رقته بكيت).
* أي خيالٍ ذاك وأي إبداع وأي ملكة شعر تلك التي حازها أبو آمنة، وترجمها مبدع آخر إلى لحنٍ لا ينسى؟
* افتتاني بصلاح بن البادية دفعني إلى دعوته لإحياء احتفالية العيد الأول لصحيفة (اليوم التالي)، ويومها غنى جالساً، بعد أن أصيب بكسرٍ في ساقه، أعاقه عن الحركة جزئياً، لكنه لم يحرم محبيه من صوته البهيج، وفنه الرفيع.
* طلبت منه (وشوشني العبير) فاعتذر برقَّة، معللاً رفضه بأن الفرقة الموسيقية لم تتدرب على عزفها، فقبلت اعتذاره، وأطلقت لنفسي العنان كي أستمتع بأدائه العالي، وأغنياته الخالدة.
* سألت أبو آمنة ذات مرة عن بيت شعرٍ آخر، في أغنية (ما نسيناك)، قال فيه (الرهيف قلبو بيعيش في شكو أكتر من يقينو.. تستبيهو نظرة جارحة وتحترق بالحب سنينو)، وقلت له ألم يكن من الأفضل أن يصف نظرة المحبوبة بأنها (حالمة)، بدلاً عن (جارحة)، فضحك وقال لي: (هي جات كدة)، ثم أطرق وقال بعد بُرهة (ربما كانت حالمة أوفق).
* مضى أبو آمنة إلى ربه، مخلفاً شعراً لا ينسى، وكلماتٍ لا تفنى، وتبعه الجابري رحمة الله عليه، بغناءٍ طروبٍ، وصوتٍ حريري بهيج، يتموج في حنجرةٍ ماسية، منحت الفن السوداني أجمل الأغنيات.
* أمس نعى الناعي ثالثهما، الفنان المتفرد صلاح بن البادية، الذي يمثل محطةً خالدة في مسيرة الغناء السوداني، بمجموعة من أروع الأغنيات وأعذبها، وصوتٍ لا يضاهى، أكاد أجزم أنه الأجمل والأقوى والأوفر تطريباً في العالم كله، ناهيك عن العالمين العربي والإفريقي.
* لم يكن صلاح فناناً عادياً، ويشق علينا أن ننعيه، لأن فنه لم ولن يرحل معه، بل سيبقى خالداً في وجدان الشعب السوداني إلى الأبد.
* سنذكره كلما ترددت (حسنك أمر)، وكلما شنفت آذاننا (كلمة)، و(ما عشقتك لي جمالك)، وسيضوع عطره ليفوح وسنتشر كلما حلت علينا (ليلة السبت)، وسنذكره كلما رأينا طرفاً جميلاً، وعيناً كحيلة، لنسترجع سيرته مع شاعر العيون عبد الله النجيب، الذي كتب للراحل عبد المنعم حسيب (عيونك كانوا في عيوني)، ورفد صلاح ب(من بهاك)، فحلق بها في آفاق تستعصي على أقرانه، (من هواك.. من كلام عينيك وسحرك من بهاك.. من مزايا الرقة عندك من نداك.. من ربيع الدنيا أشرق.. من ضياك كنت سابح.. كنت ناعم بي رضاك.. من كلام عينيك وسحرك من بهاك).
* سنذكر صلاح كلما أدرنا مؤشر التلفاز بحثاً عن لحنٍ بهيج، وصوتٍ ساحر، وكلماتٍ تريح النفوس، وتشحن الصدور بالجمال.
* رحل تاجر العطور، بعد أن نثر عطر صوته علينا بالمجان، وظل يشنف الآذان على مدى نصف قرن من الزمان، ليضع نفسه بين أساطير الغناء السوداني والعربي والإفريقي.
* رحل الفنان الشامل، الذي غنى فأجاد، ومثَّل فأبدع، ولحَّن فصنع فنياً إرثاً لا يقبل النسيان.
* رحل (الملك).. (ألف أهلاً يا دموع).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.